للنشر....ملتقى المصباح الثقافي
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة شارك معنا بجمع المحتوى الادبي والثقافي العربي وذلك بنشر خبر او مقال أو نص...
وباستطاعت الزوار اضافة مقالاتهم في صفحة اضف مقال وبدون تسجيل

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الموقع
او تريد الاطلاع والاستفادة من موقعنا تفضل بتصفح اقسام الموقع
سنتشرف بتسجيلك
الناشرون
شكرا لتفضلك زيارتنا
ادارة الموقع
للنــــشـر ... ملتقى نور المصباح الثقافي
للنــــشـر ... مجلة نوافذ الادبية
للنشر....ملتقى المصباح الثقافي
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة شارك معنا بجمع المحتوى الادبي والثقافي العربي وذلك بنشر خبر او مقال أو نص...
وباستطاعت الزوار اضافة مقالاتهم في صفحة اضف مقال وبدون تسجيل

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الموقع
او تريد الاطلاع والاستفادة من موقعنا تفضل بتصفح اقسام الموقع
سنتشرف بتسجيلك
الناشرون
شكرا لتفضلك زيارتنا
ادارة الموقع
للنــــشـر ... ملتقى نور المصباح الثقافي
للنــــشـر ... مجلة نوافذ الادبية
للنشر....ملتقى المصباح الثقافي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أدب ـ ثقاقات ـ مجتمع ـ صحة ـ فنون ـ فن ـ قضايا ـ تنمية ـ ملفات ـ مشاهير ـ فلسطين
 
الرئيسيةاعلانات المواقعالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلحوار مع الروائي الفلسطيني الساخر رشــــــــاد أبو شــــــــاور 610دخول
نرحب بجميع المقالات الواردة الينا ... ويرجى مراسلتنا لغير الاعضاء المسجلين عبرإتصل بنا |
جميع المساهمات والمقالات التي تصل الى الموقع عبر اتصل بنا يتم مراجعتها ونشرها في القسم المخصص لها شكرا لكم
جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في الموقع تعبر عن رأي أصحابها فقط
هــذا المـــوقــع

موقع وملتقيات أدبية ثقافية منوعة شاملة ، وسيلة لحفظ المواضيع والنصوص{سلة لجمع المحتوى الثقافي والأدبي العربي} يعتمد على مشاركات الأعضاء والزوار وإدارة تحرير الموقع بالتحكم الكامل بمحتوياته .الموقع ليس مصدر المواضيع والمقالات الأصلي إنما هو وسيلة للاطلاع والنشر والحفظ ، مصادرنا متعددة عربية وغير عربية .

بما أن الموضوع لا يكتمل إلا بمناقشته والإضافة عليه يوفر الموقع مساحات واسعة لذلك. ومن هنا ندعو كل زوارنا وأعضاء الموقع المشاركة والمناقشة وإضافة نصوصهم ومقالاتهم .

المواضيع الأكثر شعبية
عتابا شرقية من التراث الشعبي في سوريا
تراتيل المساء / ردينة الفيلالي
قائمة بأسماء خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية.. سوريا
موسوعة المدن والبلدان الفلسطينية
الـنـثر في العصر الحديث.
"الشاغور".. الحي الذي أنجب لــ "دمشق" العديد من أبطالها التاريخيين
سحر الجان في التأثير على أعصاب الانسان
مشاهير من فلسطين / هؤلاء فلسطينيون
قصة" الدرس الأخير" ...تأليف: ألفونس دوديه...
كتاب - الجفر - للتحميل , الإمام علي بن أبي طالب ( ع )+
مواضيع مماثلة
    إحصاءات الموقع
    عمر الموقع بالأيام :
    6018 يوم.
    عدد المواضيع في الموقع:
    5650 موضوع.
    عدد الزوار
    Amazing Counters
    المتواجدون الآن ؟
    ككل هناك 399 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 399 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

    لا أحد

    أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 1497 بتاريخ 04.05.12 19:52
    مكتبة الصور
    حوار مع الروائي الفلسطيني الساخر رشــــــــاد أبو شــــــــاور Empty
    دخول
    اسم العضو:
    كلمة السر:
    ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
    :: لقد نسيت كلمة السر
    ***
    hitstatus

     

     حوار مع الروائي الفلسطيني الساخر رشــــــــاد أبو شــــــــاور

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    للنشر
    الإدارة
    للنشر


    المشاركات : 3446
    . : ملتقى نور المصباح الثقافي

    حوار مع الروائي الفلسطيني الساخر رشــــــــاد أبو شــــــــاور Empty
    09102009
    مُساهمةحوار مع الروائي الفلسطيني الساخر رشــــــــاد أبو شــــــــاور

    حوار مع الروائي الفلسطيني الساخر رشــــــــاد أبو شــــــــاور

    حوار مع الروائي الفلسطيني الساخر رشــــــــاد أبو شــــــــاور PrintButton
    الكاتب عيــــــسى الســــــــعيد
    حوار مع الروائي الفلسطيني الساخر رشــــــــاد أبو شــــــــاور Rashad%20Abu%20Shawer(( ونحن في سيارة الشحن ،نجلس فوق العفش ونغادر قرية "بيت جبريل" إلي الخليل العام 1948،وخلفنا قرانا ...التين والزيتون والعنب والصبّار،والكلاب والقطط النائمة...،لوى عمي عنقه، ورفع صوته بحشرجة وقال :مع السلامة يا دورنا ،ومع السلامة يا تراب جدودنا،اللقاء يوم اللقاء....)) وطوى عمي جسده ووارى وجهه بكوفيته واخذ ينتحب ببكاء حار مر،ووراءنا ارتفعت زخات الرصاص المدوية ،وازت طائرة في الفضاء...ووصلنا الخليل ...


    تلك الأيام : عرفنا فيها الموت والخوف والجوع ،والغربة...

    آنذاك : تعلمنا فيها كلمة "يتسلل" اى عودة الآباء والإخوة والأعمام والأخوال إلى القرى والأرض لإحضار بعض الفراش ،والقمح والأنعام الذي ترك في قرانا ..وهناك سقطت طائرة ،أو قنبلة ..وشب حريق..

    وتسلل عمي عثمان ،ولم يعد....!!؟؟

    وخالد ابن عمي لم يعد...........!!؟؟

    وكثيرون لم يعودوا لنا ، ولم يتسللوا جميعا ليحضروا القمح والأغطية...لقد قاتلوا وقتلواـ بفتح القاف ـ ثم استشهدوا..وذات يوم تزنر والدي بحزامه وشبر يته"خنجره" وسألته:

    ـــ هذى !! لا ايش يابا؟؟؟(هذه! !لماذا يا أبي ؟؟)

    قال :هي للأيام السوداء....

    عفوا نحن لسنا أمام مشهد سينمائي ،أو مسلسل متلفز؟! ،ولكن بهذه الكلمات المتواضعة

    تداعى حوارنا وحديثنا مع الكاتب والروائي رشاد أبو شاور لذلك حين التقيت وإياه آنذاك بمنفاه التونسي ،تجمعت في تلك اللحظات شريط طويل مــرّ من الذكريات المشتركة لنا في بيروت عروس العواصم والثقافة ،الحاضرة على الدوام دون فكاك!!

    ولقاءي الأول به العام 1979 بعد العاصفة التي كان قد أثارتها روايته ومقالاته التي تدين وتعري الفساد والمفسدين من القيادات الفلسطينية ما بعد الانسحاب من الأردن ؟؟ وقد رفض نشر الحوار في الصحافة الفلسطينية الذي أجريته وإياه حول أعماله، ولكن إصراري على تقديم قلم حر ، لا رجل سياسة أو مخابراتي ،تم نشر الحوار ولكن بعد أن قررت الانتشار في ارض الله الواسعة الحرة،و بعد أن أكدت لهم مقولة الرسام الفذ الشهيد ناجي العلي الذي قالها لياسر عرفات :( إذا لم نأخذ حــــريتنا في ثورة لن نأخـــــــذها في دولة) ولم يكن أحسن مما كان؟؟ وها بعد ثلاثين عاما الحرية شاهدة على كل الضحايا؟؟؟

    إن الأحداث التي تركت - ومازالت – بصماتها واضحة على أبو شاور قياسا إلى عمره ،والذي دفع ثمنها غاليا من صحته وحياته في جسده المتعب ،والتي كانت تهزه بعنف وصلت في كثير من الأحيان (خصوصا بعد كل عمل روائي فاضح لكل الفساد والارذال إياهم بعد كل كارثة تحيق بحراس الوطن/ الروح في كل الثغور والمدن الأولى المرابطة في مواجهة المخرز الصهيوني البشع .وعند كل بوابات التخوم باتجاه الوطن الفلسطيني )!!

    محاولة إجباره على الانهيار ،بل والإقدام أكثر من مرة على محاولة تصفيته جسديا!!كما فعلوا ، مع ناجي العلي خوفا من رسوما ته الفاضحة الجارحة بلسان أل"حنظل"!!

    لذلك ليس مستغربا وإياه حين يقدم أعماله الإبداعية(منذ "البكاء على صدر الحبيب"، و"أه يا بيروت "،و"الرب لم يسترح في اليوم السابع" ،وليس آخرا"سفر العاشق")!!

    أن يثير حوله الكثير من الإثارة الواعية و النقاش الحاد ،كما طرح سؤال كبير لا يصل إلى إجابة !! وعلى الرغم من معرفته المسبقة للنتائج الوخيمة ،التي هو مقبل عليها؟؟!!

    خصوصا حين يتقدم لمكاشفة وتعرية بعض جوانب حياة الفاسدين والمفسدين الفاسدة من القيادات التي فرضت فرضا على ظهر الشعب الفلسطيني تحت مسميات وعناوين مخادعة ومضللة!!والشواهد لام المهازل ماثلة للعيان على كل صعيد!

    لعل في حوارنا مع رشاد أبو شاور الذي ليس للمجاملة فيه من مكان كما رواياته المثيرة والصاخبة صخب كل المبدعين الرواد من أمثاله،يحمل أكثر من دلالة ،وأغنى من معنى يجيب فيه على كل التساؤلات والانتقادات كما الاتهامات التي طرحت حول أعماله؟؟

    كما يكشف لنا الكاتب عن طفولته،وشبابه في مدينة أريحا ومخيماتها،وأحزان المنافي ،وأثرها العميق في أعماله الروائية ،خاصة رواية "العشاق" حيث أفتتن بناس أريحا ،وحياة الناس العاديين اليومية في المخيم الفلسطيني في مواجهة الموت اليومي ،كما حياة وعواطف المرآة الشعبية المغدقة،وتقديمها أغلى ما تملك :زوجها وأولادها فداء للوطن؟!وكانت من ضمن قائمة أفضل مائة رواية عربية نشرت.



    كنت على الدوام أحاول أن أتذكر وجه أمي التي افتقدتها قبل النكبة؟

    فرأيت بياضا بلا حـــــــدود !!





    *هلا حدثتنا عن طفولتك،وكيف كان لقاؤك الأول بالكتابة؟؟

    -- عشت طفولتي في أكثر من مكان ،وبداياتها المبكرة جدا كانت في قريتنا "ذكّرين"قرب مدينة إبراهيم "الخليل"،التي اجبرنا على الرحيل عنها يوم جمعة من شهر تشرين أول /اكتوبرمن العام 1948غادرنا إلى قرية "بيت جبريل"ثم إلى "الخليل"ومنها واصلنا الرحيل إلى "بيت لحم"،حيث عشنا والأهل ثلاث سنوات ونصف في (مخيم الدهيشة)قرب المدينة ــ الذي أصبح رمز الانتفاضة الاولى1987ــ ؟!

    كنت على الدوام أحاول أن أتذكر وجه أمي التي افتقدتها قبل الرحيل بسنوات،ولكن لم اعي الصراخ والبكاء والندب على الصبية زينب محمد صالح ،أمي ،التي مزق جسدها الحنون (وأبور الطحين ) عندما تكسر تحت قدميها لوّح خشبي هش ،بينما كانت تمازح صاحبتها.

    ولازلت اذكر كيف فوجئنا بالثلج وقد غطى المخيم؟ ولم اك آنذاك اعرف ما هو الثلج ؟!

    لذلك حين استيقظنا في الصباح وفتحنا "أبواب"الخيمة ،رأيت بياضا بلا حدود.....!!!

    ومازلت اذكر كيف كان يلتمع؟وكنت حافيا وارتدي ما يشبه سروال "الشورت"القصير،

    وركضت في هذا البياض ثم بعد بضعة أمتار لم استطع أن انتزع ساقاي من هذا البياض العجيب فبدأت بالصراخ فجاءوا وانتزعوني من الثلج، وعادوا بي إلى الخيمة .وظلوا يحاولون إضرام العيدان المبتلة بالنيران لتدفئني،ولكن الخيمة امتلأت بالدخان ،ولم تمتلئ ساقاي بالدفء !!!

    بعدئذ نقلونا وسكان المخيم إلى داخل مدينة "بيت لحم" لإنقاذنا من الثلوج والموت بردا!

    وكان من حظنا أن نقلت عائلتنا إلى كنيسة قبالة( كنيسة المهد)،وبقينا ثمة عدة أيام ومازلت اذكر تلك الراهبات وهن يدلكن أقدامنا،ويقدمن لنا الطعام الساخن لندفئ به أجسادنا.....!!

    آنذاك كما اذكر تم إيقاف الصلوات في الكنائس والمساجد من اجل جموع اللاجئين..الذين كانوا يتجمعون بالمدينة .....



    من فم جدتي تعلمت نسج الحكايات!

    فيما بعد انتقلنا بسبب الثلج والبرد القارص إلى مدينة أريحا ،فكانت ثمة معركة مع الطبيعة ولكن بشكل مختلف حيث الأفاعي والعقارب ومسببات الملا ريا من جراء الطقس الحار الصحراوي....فعدنا مرة أخرى إلى مدينة "بيت لحم"..لفترة قصيرة !! إلا أن بقية العائلة قد تجمعت من "الخليل"و"بيت لحم"،واستقروا ب(مخيم النويعمة) بمحيط مدينة "أريحا" وأرسلوا لوالدي وناشدوه بالعودة إلى المخيم ؟ولما كان وجيه العائلة ــ كما يقولون ــ فقد عاد بنا إلى( مخيم النويعمة) واستقر بنا المقام حتى العام 1958حيث انتقلنا إلى داخل المخيمات المحيطة ب"أريحا"(عقبة جبر وعين السلطان)......

    آنذاك لم تك ثمة سينما ،ولا تلفاز !! في حين كان الراديو بمقهى المخيم ..أما في الليل فكنت أصغي لحكايات جدتي فاطمة ،ومعها تعلمت أن أصغي جيدا ،حيث من فم جدتي تعلمت نسج الحكايات ،ومن حزنها وأشواقها تعلمت الحزن والصوفية العفوية ،وشجي الروح...

    لذلك وبالرغم من تجوالي وترحالي الدائم في العديد من أنحاء فلسطين ،فان أريحا بالنسبة لي لم تك مكانا عشت فيه بل إنها المكان الذي عاش دائما في دو اخلي،ثم صارت تتضح أكثر فأكثر خلال وجودي في الشام / دمشق...

    إلى أن عدت ووالدي وأسرتي بعد حوالي ثماني سنوات اى في العام1965... وقد أصبت بحالة من الدهشة والذهول،يوم عودتي لأريحا،كما طغى علىّ إحساس بضرورة البحث والتقصي لدرجة وصلت بي لحالة شعورية من الصعب التحدث عنها،وذلك طيلة سنتين ، خاصة بعدما رفضت السلطة الأردنية منحنا جواز السفر ،بل ومنعنا من السفر أو حتى مغادرة المخيم وأريحا؟؟!!!(يقيم أبو شاور حاليا في عمان بعد مغادرة تونس ).

    وعندما اعتقل أبي في أريحا تعذبت جدتي ،وتلوعت على ابنها الوحيد،لذا كانت تتشمم رائحة ملابسه التي كانت تحضرها من السجن لتغسلها وتعيدها له وقت الزيارة اللاحقة!!

    ثم ما لبثت أن ماتت حزنا عليه!!!

    آنذاك تنقلت في أعمال عديدة بسيطة لتامين لقمة العيش لأسرتنا ...

    ذات يوم فكرت في البحث عن الآثار ،والتنقيب عن الحفريات حول مدينة أريحا ،وأتذكر باحث أثار هام جدا من عائلة "الدجاني"ذهبت إليه في أحد الأمكنة بعد أن قطعت مسافات ليست قليلة ،ثم أصبت بحالة من الشك !! لأنني كنت أجول في أماكن مهجورة ومليئة بالصخور السوداء وما شابه ذلك!!

    آنذاك قررت العودة للبحث عنه والمجموعة المرافقة له مرة أخرى .

    ما كنت لأبحث ــ كما يفعل الصهاينة ــ عن مبررات أن فلسطين لي ،ففلسطين الوطن لنــــا،ولكن كنت أسعى للتعرف عليها أكثر لأنني كنت من جيل عاش منفيا ،ومهجرا،ومضطهدا بل ولاجئا فوق أرضه!!!!!!

    ومنذ ذلك الحين تحولت أريحا ،وفلسطين لدى إلى فكرة كي تكون واقعا ،تراثا ،وتاريخا وقيما من لحم ودم ؟!

    لذلك فأنني كــــــروائي أو قاص معني جدا بالتعرف على جغرافية وطني وتاريخه كما عادات ناسي وأهلي...حيث أن الجغرافيا كانت مؤثرة جدا بالنسبة لعادات الناس في أريحا .



    أريحا أعطتني إمكانية كبيرة جدا للكتابة!!



    لقد افتتنت بالناس في أريحا ،ومن الصعب علىّ إذ بدأت التحدث عن ذلك،لأنني سأتوغل بعيدا !ولكن دخلت عوامل كثيرة في علاقتي بهذه المدينة التاريخية ، وهنالك نقطة أظنك تقصدها خلف سؤالك؟ على نحو ما أجيبك عنها بقدر استطاعتي كما يلي:

    إن أريحا أعطتني إمكانية جبارة ،شاملة وكبيرة جدا للكتابة عن الوطن والشعب والتراث و الحياة،والتاريخ كما الجغرافيا،ــ وأعتقد ان كل ذلك كان مخزوني العميق ،الذي شغلني كثيرا فيما بعد كذكرى خصبة واعية ،وخيال رحب أسس لي الخطوات الاولى نحو عالم الكتابةــ .



    *ولكن كيف كان لقاؤك الأول بالكتابة ،وكيف بدأت....؟؟؟

    تنهد بتأثر :

    ــــ آآآخ...ذات يوم جاء إلى مدرستنا أستاذ/رحمه الله/ مازلت أذكره وسيظل كذلك. فقد علمني القراءة على الرغم من انه لم يك أستاذي مباشرة !! ولكنه كان يعلم تلاميذ الصف الذي يسبقني ،أي الأول إعدادي ، كان ذاك الأستاذ قد تخرج حديثا من الدراسة الثانوية وكانت تسمى آنذاك أل(( مترك)) آي رابع ثانوي ،وكان نظام الدراسة آنذاك،إذا دخل التلميذ المدرسة وعمره سبع سنوات يحصل على أل((مترك)) ويكون في عمره ثمانية عشر سنة !

    الأستاذ كان اسمه عـــــــــدلي عــــرفات من القدس ،التي يأتي منها إلى أريحا ،ومن أريحا إلى "مخيم النويعمة " ثم يعود كل مساء إلى القـــدس !! كان لا يتعدى العشرين من عمره !! ويأتي كما أجده في ذهني الآن شاحبا على نحو ما ،بعدئذ وأنا استذكره ،اكتشفت إن ثمة وجه شبه بينه والكاتب الفذ الشهيد غسان كنفاني،والشبه الأكثر بينهما :انه كان مصابا بمرض السكري،والمؤلم والمحزن أنه توفى العام 1961 وعمره دون الخامسة والعشرين .(وكنت حينها في الشام/دمشق/ وعائلتي).

    كان الأستاذ عدلي ...يأتي إلى المدرسة في فصل الشتاء منتعلا جزمة(حذاء) سوداء ثقيلة من النوع الرخيص ـــ اذكر أن سعرها كان أربعون قرشاــ !

    كان يدس فيها طرفي سرواله ويلبس حطة /كوفية/ مرقطة وعقالا ،وهو أميل إلى النحافة ،عندما، كان يلعب كرة القدم على ساحة ملعب المدرسة أو الكرة الطائرة كان يشاغب على الأساتذة الآخرين ــ عز الدين ،وعاشور الرياضي المدهش ، والأستاذ جاك لاعب كرة الطائرة المذهل...... ــ فكان عـــدلي عرفات يضرب الكرة بطريقة بهيجة حيث تطير معها "الجزمة "وتسقط الكوفية والعقال ،ثم كان يغمى عليه من الضحك،فيعم الفرح العارم ساحة الملعب التي تحتشد بالأساتذة والطلاب.....

    لقد قام الأستاذ عدلي بمشروع هام جدا بكل المقاييس ــ على ما اعتقد ــ حيث جمع من كل تلميذ من الصفوف التي يدرسها (خمسة قروش )،وبعد أيام أحضر معه من القدس عدد كبير من الكتب لأعمال أدبية شهيرة وعلى ما أذكر منها للمنفلوطي: (ما جدولين،بول وفرجينيا،النظرات والعبرات )وغيرهم الكثير ....من الكتاب العرب والعالميين !

    كان عند بن عمي الذي كان يسبقني بعام كتاب "مجدولين"،وكانت حصته مع الأستاذ عدلي ،يومها رجوته أن يعيرني إياه لقراءته،إلا انه ناكفني يومها ولم يوافق ؟! إلا أنني تربصت به حتى خرج من البيت وأخذت الكتاب إلى بيتنا ،وبدأت في قراءته وحيدا في الليل،حيث إن والدي كان أيامها مطاردا من السلطات الأردنية ــ وأمي متوفيةــ وليس لي أخ أو أخت، ووالدي لم يك متزوجا بعد .!!!

    في تلك الليلة أشعلت "السراج في زجاجة" لأتمكن من الرؤية والقراءة لعدم وجود الكهربا ء في المخيم آنذاك ،وفعلا أنهيت قراءة "ما جدولين" ثم فجأة انفجرت ببكاء هائل جدا!!؟

    وكأن القصة حقيقية التي قرأت :وكيف ان اثنين يحبون بعضهم ؟؟!ويلتقون تحت أشجار الزيزفون؟؟!كنت اعرف الأشجار !أما "الزيزفون"فلم اك اعرفه!!

    ثم استعاد بن عمي الكتاب ، ولكنه لم يستعد مني لذة القراءة وحكاية "ما جدولين"!!!



    وبدأت رحلتي بشراع الكتابة ..



    يومها اذكر حدث أن أخذت طبلية /تربيزة/ طاولة صغيرة منخفضة للغسيل من عند امرأة عمي ،وخرجت شرقي(مخيم النويعمة ) وهناك وجدت الفضاء الرحب على مدى النظر ،وكنت شعرت بالسرور الغامر والبهجة ،لأنني كنت ثمة عند القمة المنبسطة للجبل المطل على مخيمنا كما مدينة أريحا التاريخية الخالدة ،أغني بصوتي أغاني شجية لامي الفتها بنفسي ،وكنت اجلس وأمامي الطبلية واصفنّ ؟! واشرد بخيالي!!

    أما لماذا صافنّ؟؟!! ولماذا جئت ومعي الطبلية ؟؟ ولماذا أغني ؟؟ هذا ما أربكني يومها !!

    ولم اعرف الإجابة على أسئلتي ؟؟! ولكن عرفت بأنه يجب على فعل شئ ما !!

    أذكر يومها إنني كتبت أول رسالة لوالدي الذي كان منفيا إلى دمشق /الشام كتبت فيها :

    (والدي العزيز ..اكتب إليك هذه الرسالة من على هذه المنضدة ......)!! وقد حيرته الرسالة ــ كما عرفت فيما بعد، حيث صارحني فقال لي يومها :" ما هذه الثقافة الغريبة التي كونتها...؟؟! ".

    في تلك الأيام بالمخيم على ما اذكر ،اختارني الأستاذ(جمال) لتمثيل دور "بروتس"! وكان ثمة أيضا عدة أساتذة آخرين أتذكرهم جيدا بكل الحب والفخر والحنين لأن أراهم ذات يوم ؟؟ هؤلاء الذين اعتبرهم المؤسسين الأوائل لإبداعاتنا ،كما هم الآباء الروحيين لحياتنا الثقافية . أين أنتم يا أساتذتي ألان؟؟؟ وقد قدمتهم باعتزاز كما ترى ،وفي رواية ""العشــــــــــاق"".

    اذكر أن والدي أيضا ،وهو رجل أمي !! عندما عاد إلينا من منفاه في دمشق ،احضر لي معه روايات لمكسيم غوركي ،منها رواية "ألام" وغيرها ،وطلب مني أيامها أن اقرأهم له ليملا بهما وقته ويتعلم ( حيث كان امميا منذ أيام عصبة التحرر الوطني في فلسطين قبل العام 1948 )!

    وحينما كان يأتي الليل كنت أبحث عن الجدات والعجائز الحنونات المغدقات عطفا وحنانا في أطراف المخيم لأجلس إليهن واستمع لحكاياتهن بشغف ولهفة وتلذذ!!

    أما السينما فأصبحت تعرض أفلامها على جدران المخيم أو في المدارس ،واذكر أول مرة شاهدت ـ فيلم ـ اعتقدنا أن الممثلين سيهجمون علينا ،فصار كل واحد منا يتراجع للوراء!

    واعتقد إن الحكايات التي كانت ترويها لي جدتي والجارات من العجائز والجدات ،مطرزة وموشاة فيها من الدهاء والحنكة القصصية على الرغم من أميتهن،إلا أن تلك الطريقة المدهشة من القص،كانت تفتح شهيتي للتأمل ،وانتظار الليل لسماع الحكايات ،ومتابعتها بشوق ، خصوصا وتلقى على مسامعنا تحت ضوء القمر وسكّون الليل ،والسكينة الغامرة تخيم عليها تخيلات الصبا !!

    أما الجانب الآخر من التكّون والتأثير فلربما وجدته أيضا: في أن والدي كان كثيرا ما يقص علّّىّ رأيه في مقاومة الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية في فلسطين وذكرياته مع ثوار 1936في جبال الخليل والقدس ونابلس وجنين..وكيف انه لابد من العودة لقرانا وأرضنا مهما كلفنا ذلك من تضحيات لنزرع أرضنا ونبني الوطن ...فكان كل ذلك مزيجا من التربية الداخلية في نفسه :التربية الفلاحية ،الدينية ،الشهامة ،والوجاهة، والمخترة،والكثير من الثقافة الشعبية السياسية...وهذا ما كان يدهشني حقا !وهو الأمي!

    لعله باختصار في هذا المحيط وتلك العوالم بدا تكوني ....

    لكن على ما اعتقد ،تكونّي الهام والحقيقي تم بعد انتقالي إلى الشام/دمشق ،حيث بدأت علاقتي بالقراءة والكتاب اطل عليها من على بسطات "بوابة الصالحية "حيث اشتري الكتب ،للمطالعة ،ومتابعة دراستي ، وخلال فترة قصيرة كنت قد قرأت الكثير ،كما تنقلت من المنفلوطي والشرقاوي وعبدا لرحمن الخميسي ،ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم كما المتنبي وأبي العلاء المعري وبشار بن برد وكذلك الأعمال المترجمة لكبار الكتاب سار تر ،وكولن ولسون،وألبير كامو ، وروجيه غارودي ومكسيم غوركي ،تشيخوف ،وتولستوى،وباسترناك ....كما الروائي الأمريكي ارنست همنغواي...

    وانخرطت في قراءة الشعر ،وقد حفظت منه الشئ الكثير ،وتوقفت عند السياب ،وخليل حاوي ، وابوسلمى ،وابراهيم طوقان ،ومحمود عبد الرحيم،والكثير الكثير من الإبداعات ، خاصة "شعر المهجر":إيليا أبي ماضي ،وجبران خليل جبران ،وميخائيل نعيّمة وغيرهم..

    وقد كتبت الشعر مبكرا كما تابعت قراءتي للكتب المترجمة عن الآداب الروسية والأوروبية،وأمريكا اللاتينية ،ما لبثت أن تدفقت علينا موجة "الوجودية"،وتابعنا قراءة مجلة "الآداب"الببيروتية لمؤسسها الأديب الراحل سهيل إدريس،التي مازالت مستمرة!!

    ومجلة "الطلــــــيعة"اليسارية المصرية ويرئسها الكاتب لطفي الخولي وغيرهم ....

    واندمجت في الحوارات الثقافية على الساحة الشامية ،والكتابة في الصحافة ،ومتابعة النشاطات الثقافية ... وأذكر إنني حين قابلت الكاتب المصري/ المسرحي عبد الرحمن الخميسي (رحمه الله)لأول مرة حدثته كيف بدأت قراءة أعماله خصوصا :"لن نموت"..وغيرها ؟!



    *هل حاولت الكتابة قبل تلك الفترة من القراءات...؟؟



    ــــ طبعا ..طبعا فقد حاولت .وكتبت الشعر المنثور ،وأحيانا أغاني شعبية ،كما كتبت للمسرح في وقت مبكر جدا أيضا ....



    *هل نشرت ما كتبت آنذاك؟؟

    ـــ الحقيقة لم انشر الشعر أو غيره.وقد انتظرت وتريثت كثيرا قبل أن أنشر ،على الرغم من أن زملائي كافة سبقوني في نشر أعمالهم ولكنني تمهلت أكثر لأكون نفسي ،وأعمق ذاتي وقراءاتي ،وأعد نفسي للكتابة بشكل يرضيني ،رغم أنني نفذت بعض الأعمال للمسرح......

    * هل يفسر لنا ذلك ما نجده في بعض أعمالك الروائية من نسيج مسرحي أكثر منه روائي؟؟

    ــ حين أقلعت عن كتابة الشعر ،تعلقت بالمسرح ،كما أحببته، وكنت مشاهدا للمسرح بشكل متواصل و"مدمن" في سوريا .حيث كان ثمة نهضة مسرحية مبكرة ،كما اهتممت كثيرا بمجلات المسرح العربي والعالمي القادمة من العراق والقاهرة والكويت وبيروت.

    ولكن الظروف لم تساعدني على دراسة المسرح . ومع ذلك شاركت في النشاطات المسرحية وقد كنت غالبا ما أمثل ( فلسطين) خلال تلك المهرجانات المسرحية.

    لقد كتبت مسرحية لفرقة هواة في بلدة "جوبر" قرب دمشق ،فيما أذكر العام 1960.....ــ عندما كنت في الثامنة عشر من عمري ــ كما قدمت لي فرقة (المسرح الوطني الفلسطيني)في العام 1970مسرحية "الحلم الفلسطيني" ولاقت شئ من الصدى الطيب آنذاك . وفيما بعد كتبت مسرحيتي "الغريب والسلطان "التي قدمت على المسرح كثيرا في دمشق ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين حولها ،ولاقت اهتماما طيبا !!
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

    حوار مع الروائي الفلسطيني الساخر رشــــــــاد أبو شــــــــاور :: تعاليق

    القصة القصيرة فيها خلاصة فن النثر؟



    *هل يعني ذلك أنك بدأت كتابة الشعر/القصيدة والنص المسرحي،قبل القصة والرواية؟؟



    ــ الحقيقة إنني كتبت القصيدة المنثورة والموزونة والمباشرة كما الصاخبة الضاجة ولكن كما يحدث عادة ،كنت ابحث عن نفسي وأدواتي الفنية،وبالضبط أين أكــــــــــــون أنــــا؟؟

    إلى أن بدأت أكــــــتب القصة القصيرة ،وتمرنت عليها،وتعلمت الجملة القصيرة ،أللقطة القصيرة ،والقوية،المشحونة ،المعبرة بالتفاصيل ،والجزئيات والحوار المكثف....

    توقفت أمام القصة القصيرة ،ورأيت فيها خلاصة فن النثر ..(...)

    آنذاك عرفت بأنني سأكتب القصة بشكل حاسم مع بداية العام( 1964)،حيث أنني كنت قد قطعت شوطا من البحث والإعداد لهذه المهمة الشاقة ؟؟ وقرأت باستمرار وبجدية متواصلة وبشغف لإثراء وغنى ثقافتي ،ثم نشرت قصصي القصيرة الأولى على صفحات مجلة "ألآداب " البيروتية منذ العام (1967) وقبل ذلك نشرت قصتين في صحيفة "الجهاد" التي كانت تصدر في القـــــــــدس....



    *لحظـــــة الكتابة لديك هل تخطط للفكرة أم أنها تتشكل خلال الكتابة ..سواء على مستوى القصة ...أو الرواية؟؟؟؟

    ـــ طوال عمري . أخطط لعملي الأدبي كما أتريث ،حتى على مستوى القصة القصيرة ،أفكر فيها ،أتمثلها في ذهني ،انشغل بها ،كما أعيشها ،وأقلب كل الاحتمالات فيها ،اسمع بحوارات صغيرة ثم أدوّ نها في مفكرتي الخاصة ،وغالبا حينما أكـــــتب لا أعود إلى تلك الأوراق والمفكرة ،لأنني أعيش كل التفاصيل ومن كل الجوانب ،خاصة نقطة الدخول والبداية للشروع بالعمل الكتابي أي الشـــــــــــــرارة الأولى حيث أنها الأصعب !!

    لذلك صرت أكتب قصصا بكثرة ،مرات أسعى أن أكون رمزيا ،ومرات وجوديا،ولكن في كل كتاباتي لم يتغير هاجسي أو يتبدل : الغربة ،المنفى ،الاضطهاد ،الظلم، الموت،القمع السلطوي بكل أشكا لهما البغيضة والبشعة!!؟؟ أي جـــــــــــــــــوهر المأســـــــاة داخــــــل الإنسان ،والعربي الفلسطيني خاصة . ومع تطور وعيّي الذاتي والموضوعي ،وخبراتي الحياتية،وتجربتي الاجتماعية ،صقلت كــــــتاباتي....



    * هذا ما قصدته بدقة من سؤالي أنفا: لحظة أن تبدأ بالكتابة كيف تأتيك ...؟؟؟؟

    ـــ أستطيع القول إن نقطة الشروع بالعمل الكتابي تهمني كثيرا ،وتشغلني أكثر، خاصة وان الخاتمة لــــــديّ تكــــون واضحة المعالم في ذهني،والحوارات يمكن أن يكون جزء منها في ذهني ،ولكن البداية تمنحني الدقة وأبعادا تلقائية للدخول في بدء لحظة الكتابة..



    *هل كنت تنشغل أو تفكر وتحلم بما ستكون عليه مستقبلا حين بدأت الكتابة...؟؟؟

    ـــ بصــــــــــــراحة ارتبط بذهني دائما هذا الهاجس،فاعتقد إنني ككاتب يجب أن أوثر في تفكير قــــــرائي ( بشكل أو آخر) الذين اكتب إليهم ..(...)،والذين أتوجه إليهم...(...) ،

    وبصراحة أيضا إن كل كاتب لا يفكر بغير ذلك اعتقد انه كاتب "أي كلام"!!(...)



    أحيانا لااستطيع أن أكتب كل ما أريده!!



    · الترحال المتواصل ،والمنفى ،كما عدم الاستقرار الإنساني ، هل آثر ذلك في مسألة كيفية معالجتك للنص الروائي ؟؟



    ــ بكل تأكيد ،لقد آثر بشكل كبير ،وشاق،حيث لا أستطيع مثلا أن أحتفظ بمكتبتي الخاصة التي أريد!! ففي كل بلد أو عاصمة أرحل أليها أترك فيها كتبي و"أرشيفي" حين مغادرتي إياها، حيث من الصعب أن أحملها معي؟!!

    الآن في تونس لدي مكتبة ( وقت إجراء الحوارـ آب/أغسطس1989)،في حين تركت في دمشق مكتبة العمــــــــر كله،وقبلها مكتبة كبيرة في بيروت" زرتني أكثر من مرة وتناولنا معا فطوري المقدس الزيت و الزعتر في حضرتها " قبل الرحيل عنها العام( 1982)،إضافة لمكتبتي في عمان/الأردن العام (1971)بعد مجزرة أيلول وخروج المقاومة منها؟؟!!وقبلها تركت مكتبتي الأولى في (أريحا)!!

    فقط موضوع المكتبة الخاصة بي ،لقراءاتي ،ومطالعاتي وبناء ثقافتي الخاصة بي وأعمالي ،ولا أريد الحديث عن قيمتها المادية التي كنت انفق عليها الجزء الأكبر من دخلي وما تحصلت عليه في حياتي بعد جهد وتعب لا احسد عليه !!

    ولكن ككل كاتب عامة وفلسطيني خاصة يعيش في المنافي والترحال المستمر قــــد ّ اشتري الكتاب ثلاثة أو أربع مرات ، وبالمناسبة تركت كتب لي في قبرص، وطرابلس/ليبيا ،والجزائر ،واليمن ، وغيراهما من البلاد والعواصم التي عشت فيها بعض الوقت.....؟؟!!!

    ذلك الشئ بصراحة أجـــــــــده غير معقولا على الإطلاق ،وغريب جدا !! ولربما يحدث ذلك مع زملائي الآخرين من الكتاب أيضا؟!!أما إجابتي على الشق الثاني من السؤال :

    في حين يمكن للشاعر أن يتغلب على هذه المعضلة من المسألة، لأنه لا يحتاج إلي"أرشيف" ،ومراجع أو ما شابه ذلك ...إلا أن الكاتب الروائي يحتاج إلى "أرشيف" (محفوظات) خاصة بأعماله .

    وشخصيا حين أبدأ في كتابة رواية احتاج ل"أرشيف"(مخطوطات ومحفوظات)،حيث لابد أن اعد للعمل بدقة :معلومات ،وأبحاث، ودراسات ،ومراجع تاريخية ومصادر أدبية وفنية ودينية....وغيراهما ، لإنجاز النص بشكل يليق به ، على الرغم من كل المنغصات المحيطة؟؟!!

    نتيجة لذلك ،فأنني بصـــــــراحة ،أحيانا لا أستطيع أن اكتب كل ما أريده !!؟ وبشكل واضح ودقيق ، لأنني أكون أحيانا في مواقع وعواصم أو بلاد ليست حــــــــــــــــــنونة!!



    *هذه المعاناة الحقيقة فعلا لتجربة إنسانية(نعاني منها جميعا)،لماذا لأنجدها بارزة مثلا في عمل من أعمالك ؟؟؟

    ــــ لقد تطرقت إلى ذلك ،في رواية " ااه يا بيروت "، وكانت واضحة تماما، حيث المكتبة وما تحتويه ؟ ولحظة الرحيـــــل عن بيروت بعد حصــــار ها واحد وثمانون يوما،وتخيلت كيف سيدخل إليها جندي صهيوني ،ليجد هذا الكم الهائل من الكتب العربية ثم يطلق عليها الرصاص كما فعل كل الغزاة عبر التاريخ!!!

    وكما حدث معي ،حين كتابة روايتي ما بعد مغادرة بيروت "الرب لم يسترح في اليوم السابع " حيث تنقلت وإياها من دمشق إلي بودبست /المجر ،والى موسكو ،ثم إلى عــــدن ،أي إنني تنقلت كما ترى في ثلاث قارات !!

    ويحدث أحيانا أن أبدأ قصة في تونس ،وانهيها في النمسا أو الجزائر؟؟!!



    الذي يريد الشهرة على حساب الإبداع !ذلك شأنه؟!



    *في تلك الحالات وفي غياب أل "أرشيف" الخاص أو المكتبة الخاصة؟ كيف يمكنك أن تهيئ المناخ الملائم لكتابة نصك الروائي أكثر دقة ووضوحا ؟؟؟!

    ـــ الحقيقة إنني اكتب دائما في مفكرات صغيرة خاصة ،احتفظ بها ،حيث أسجل فيها الانطباعات ،والملاحظات ،والخواطر ،والأفكار التي تشغلني وتأتيني كما تتداعى في مخيلتي وذهني حول فكرة معينة مثلا ،أو شكل حوار أو قصة ....

    وعندما أبدأ في كتابة النص ،والشروع في التنفيذ يكون قد اكتمل لديّ أرشيف معقول من المعلومات ،تمكنّي من إنجاز خطة العمل ،في حال نص روائي ....

    لذلك وبناء عما سبق ،لست أثق بالإحكام والوصايا والتعاليم والنصائح التي ( تدلك )إلى كيف تكتب رواية ناجحة ؟؟!! وذلك لأمر في غاية البساطة ،وهو إن الذين يكتبون الكتب النصائحية ؟؟! ويدبجون المقالات التعليمية لم يقدموا لقرائهم روايات ناجحة معترف بها!! لهذا لا ارتاح لتوجيه النصائح.

    ولكنني اعتقد وأقول بالجدية والمسئولية ، والذي يريد الشهرة على حساب الإبداع !!ذلك شأنه!! أما الذي يقدم رؤية للحياة فيحتاج للجدية والمسؤولية ،للصلابة والتضحية أيضا. فالحياة موقف و((وقفة عــــــــز ))وقبل كل شئ الموهبة ،والمواظبة والدأب المتواصل...



    *هل تفكرون بالقارئ حين الشروع في كتابة النص ...؟؟



    ـــ أسعى دائما لإعادة النظر في حياتنا وفي عملية الحوار الداخلي ،حيث كنت دائما أريد أن اخلق حوارا بيني والقارئ لنصل معا من خلال التأمل إلى رؤية لفلسطين الشعب،والقضية ،والتراث ،ولم أحاول اللجوء إلى الشعار المستهلك والجاهز ،وقد استفدت كثيرا من الوقائع المعاشة ،والحكايات على لسان العاديين من الناس ،لأقدم عبرها ما أريد.



    *خلال حديثنا ،ذكرت بأنك حينما فرغت من قراءة "مجدولين" بكيت بحرقة ؟ هل تعتقد إن فقدانك للاّم وحنانها قد دفعتك إلى توجه أو نوع محدد من الكتابة...؟؟



    ـــ بكل تأكيد . لو قرأ المرء روايتي "العشاق" بانتباه،سيجد إنني قدمت الأمهات بما يليق بهن، أما الآباء فقد كانوا غائبين؟! ربما تفسر المعادلة إن الأم :هي فلسطين وما شابه كما يقول النقاد؟!! ولكن تجدني قدمت الأمهات ،وأنا ليس لديّ أم !! وغاب الأب (في العمل الأدبي ) ،على الرغم من أنه موجود في الحياة !!ولكنني قدمته بشكل فاضل وشامل أيضا .

    أما شخصية الأم لديّ فقد كانت فيها دائما نوع من العلاقة النفسية والعاطفية والاجتماعية الجميلة والمغدقة !! حتى إن علاقتي بأمهات بعض أصدقائي كنت أشعر وإياهن بنوع من التعويض عن حنان الآم المفقود ،في تعامل تلك الأمهات معي ،لأنه كان شيئا مدهشا ومذهلا وغير معقول ؟؟!! خصوصا وتعرف إن المرآة الفلاحة والشعبية مغدقة في العواطف بشكل حــنوّن وأخاذ من الصعب على المرء تعويضه..... .



    * لذلك نجد في أعمالك الروائية والقصصية ،حتى على مستوى مقالك السياسي أيضا .أنكم تهتمون كثيرا بالتفاصيل ،خصوصا فيا يتعلق بالمخيم وناسه العاديين،الذين نفتقدهم في كثير من الأعمال الأدبية التي تتطرق للموضوع الفلسطيني!!

    إلى أي مدى كان تأثير المخيم عليك ككاتب وفي أعمالك ؟؟وهل لديك مفهوم مكثف حوله؟



    ــ المخيم هو:الناس ،العلاقات ،والسلوك الجماعي في مواجهة النفي وسياسة التجويع المسلطة ،وبالتالي محاولات التدمير الممنهجة من الأعداء الكثر للأسف؟؟!!وهو كذلك القوة الداخلية لإنسان المخيم ،سواء في الشتات والمنافي ،أو داخل الوطن الفلسطيني المحتل ،التي تحققت من خلال الحفاظ على العادات والتقاليد ،وكل ما هو جميل ،حتى اللهجات للقرى والمدن الفلسطينية ،التي مازال يتحدث بها الأجداد والآبا ء كما الأبناء !!!!

    وكذلك أيضا: القيم والمثل الآن في داخل الوطن المحتل التي نتابعها ونسمعها في خضم الانتفاضات المتواصلة لمواجهة همجية الاحتلال الصهيوني،وهي نفس القيم التي كانت قي المخيم مــــــــثلا:

    أحدهم تمزقت خيمته وطارت ،أو سقف بيته !! تجد كل الجيران وأهل المخيم "فزعـــــوا"معه وهبـــــــوا لنجدته؟؟!! فهذا الوعي الجماعي الداخلي لهؤلاء الناس البسطاء في المخيم كان يقول : إذا جرى أي تهاون لأي إنسان منا ،فإننا جميعا سنضيع ونتلاشى !! لذلك كان الحفاظ على آي شخص هو الحفاظ على الذات ،وبالتالي الجماعة والجموع.

    - عفوا" مقاطعا":( كثيرا ما رددت ذلك وباستمرار في كل لفاءاتي والروائي أفنان القاسم)بباريس حيث نقيم؟



    تلك المسائل كنت ومازلت دائما انتبه إليها بدقة ،كما كنت دائما اعمل على تطوير معرفتي بحياة الناس في المخيم .خاصة وإنني عشت جزء هام من حياتي في المخيمات داخل الوطن والشتات:

    "الدهيشة" في ضواحي مدينة بيت لحم ،و"النويعمة " أريحا ،"اليرموك" ضواحي دمشق ،"الوحدات "و"البقعة" بالأردن ،و"صبرا وشاتيلا" بضاحية بيروت !!
    لذلك تجدني لا أتحدث عن المخيمات برومانسية أو شاعرية ،أو إنني أحب المخيم أو حياة المخيم ...كمخيم؟؟!!ولكنني أحب كما أعتز بناس المخيم الذين ينتمون إلى فلســــــــــطيننا،ويحافظون عليها، على الرغم من البؤس والمعاناة ،والقهر اليومي ،المتواصل،جنبا إلى جنب والموت اليومي ،والمجازر البشعة المستمرة ضدهم (حصار بيروت ومذبحة صبرا وشاتيلا وتل الزعتر )؟؟!!

    ربما تجد فرقا بين من يتحدث ويكتب عن المخيم برومانسية العواطف من مكاتب مرفهة ومكيفة أو لم يزوره يوما ولا اطلع على حقيقة المعاناة وهنا الطامة الكبرى ،ومن يكتب ويتحدث عن صلابة المخيم ،وجبروته في مواجهة حرب الابادة المتواصلة ضده؟؟!!

    هذه الانتفاضات المتواصلة في الوطن المحتل ،لربما كانت شرارتها الأولى قد بدأت في "تل الزعتر "و"اليرموك"أو "الوحدات" و"صبرا وشاتيلا" و"بلاطة"أو "جنين" وليست في "جـــــــــــبالــيا" فقط؟؟ وقد تكون بدأت قي "الدهيشة"في الخمسينات حينما خرجنا نتظاهر ونحرق خيام المخيم احتجاجا على الخيمة نفسها ،كــــــــرمــــــز قاهر لاقتلاعنا ونفينا من وطـــــننا؟؟!!

    أما الإجابة على الشق الثاني من سؤلك ، وتوقفك عند مسألة التفاصيل والجزئيات،هناك من يتحدث ويكتب عن حياتنا الفلسطينية وكأنه يصفها بطريقة ملساء ؟؟!!خارجية ،إنشائية ، ليست فيها خصوصيات الأشخاص وتفاصيل الحياة اليومية الغنية وعما يدور بدوا خل هذه الحياة ، وما يمور فيها من التراث الكوني الرهيب المدهش في حياتنا؟؟

    الأمر الذي يجعلني أسف كثيرا عندما أقرأ كهذي أعمال ؟؟ لدرجة تصل إلى أنني اتالم جدا!! لان المسألة ليست وصف خارجي فج؟؟؟!! بل اعتقد أننا حين نود الكتابة عن المخيم لا نرسم منظرا طبيعيا بل نحاول أن نقدم حياة الشعب من عمق أعماقه الذي هو مجموعة التقاليد والعادات واللهجات والثقافات التراثية في الوعي الشعبي لأبناء القرى والمدن الفلسطينية، التي تجمعت في مكان واحد ألا وهــــو المخـــــيم الذي نكتب عنه ومنه ؟؟



    ولا أبالغ حين أعترف إن أخطر ما قرأت عن روايتي " العشاق" ما كتبه الشاعر السوري المعروف/ ممدوح عدوان ( رحل بعد سنين من الحوار) بعد أن قرأ الرواية، ورغم انه تغزل في المدخل الروائي ( حول أريحا) لكنه قال ما يلي :

    "أنا الآن مذهــــولا لان مخيم اليرمـــوك الفلسطيني على بعد خطوات قليلة من دمشق، ولكننا لا نعرف عنه أي شئ؟!!لقد قال لنا هذا الكاتب : أنتم لا تعرفون أي شئ عن حياة الفلسطيني!!!؟؟"

    * دون شك ، لان القارئ يشعر في أعمالك أن الشخصية داخلها وكأنها من لحم ودم حقيقي وموجودة بيننا فعلا فهي تصرخ وتتألم وتبكي وتنهار كما تفرح؟بناء على هذه التفاصيل المفعمة بالشعر أو الشاعرية أحيانا ، إلي أي مدى استطعت تطــــــوير الشخصيـــة ، خصوصا في رواية "العشاق"، وهل واجهتك صعوبات في ذلك؟؟ وكيف؟

    · لقد واجهتني فعلا صعوبات كبيرة !على الصعيد ( التقني- الفني)كان أمامي هــــــمّ ضخم جدا اسمه:التعامل مع ما أريد طرحة بمستويات مختلفة من اللغة . وبصراحة إنني قصدت من مدخل الرواية – كنشــــيد أمام أسوار مدينة أريحا ، تاريخها العظيم والمجيد كما ناسها ، لذلك فالنشيد النثري النفسي الإنساني الحضاري حافظ على اللغة فيها بمهابة ، في حين كتبت عن الحياة الراهنة بلغة واقعية – أو كما تفضلت وقلت –المفعمة بالشعر – كانت ثمة عدة مستويات تقنية في التعامل مع اللغة ، أما الجانب الأخر الذي توقفت أمامه على الرغم من إنني عشت في أريحا ، وأعرف الجغرافيا المحيطة بها إلا أنني عدت وقرأت الكثير عن تاريخ المدينة ، حتى أستطيع أن أكتب بشكل أفضل لتطوير الشخصيات داخل عملي الروائي.....

    *ولكن يجد المرء أنك قدمت مدينة أريحا كما تحولت من واقع مادي وتاريخي وتراثي إلي صورة شعرية مكثفة ، هل كنت قاصــــدا عن عمــــد تقديمها بهذه الصورة والنموذج؟؟؟

    · الحقيقة إنني تحدثت عن كل شئ ، ففي أريحا بعض الشاعرية ولا أحدثك هنا من قبيل الرومانسية : كنت أسير في أيام الشتاء خارج المخيم ومدينة أريحـــا ، ترى الغيوم وندف من المطر ،الشمس ترسل خيوطها عبر الغيوم الملبدة ! رائحة الفواكه والبساتين والطبيعة تملا صدرك بالهواء العليل ،الطقس دافئ ومفرح ويهيج في نفس الوقت الذي تسير فيه بقميص نصف أكمام؟؟!!

    لذلك حين شرعت أعد لروايتي " العشاق" التي أنجزتها في ثلاث سنوات ، فكرت فيها وأنا في أريحا ولكن هزيمة حزيران 1967هـــدمت أشياء كثيرة ، وعدلت من خطة كتابتي بعد النكسة المهزلة؟؟

    حيث بدأت في الانشغال بفكرة كتابة رواية بطلها الناس والمدينة أي رواية بلا بطل وبلا بطولة فردية ؟لقد كتبت عن واقع معاش ملموس ومشاهد، فليس ثمة اختراع أو تصنع أو افتعال ، ولكن دور الكاتب ماذا يكتب؟؟ وماذا يشاهد؟وماذا يريد؟؟وما هو دوره كفنان؟؟ لذا بدت اللغة شاعرية – ملحمية الوصف في مدخل الرواية ، الجذور ، الأسوار ، اللغة القديمة ، الحروب الرهيبة ، تحت شمس أريحا وبين بياراتها وبساتينها ، وفي ذكرى حروبها التاريخية وبين ناسها الذين انتصروا على الغربة ، والجوع ، والأفاعي ، و" أبناء الأفاعي"؟؟؟!!

    لذلك ففي " العشاق" وضعت لها خطة ، تماما كما يفعل المهندس ،لقد ابتهجت كثيرا ، وتعبت تعبا مبهجا وأنا اكتب " العشاق"، عندما انتهيت منها ، قلت لزوجتي سأحتاج لسبع سنوات حتى أكتب رواية جديدة وهذا ما حصل ،تقريبا....

    * يلمس القارئ لروايتك الأولى" أيام الحب والموت" وكأنها حكايات واقعية فعلا على لسان حال الناس العاديين على شكل قصة أو رواية ولكن لم تكتمل داخل النص الروائي أو بمعنى أخر نجدها مخطط لرواية ولكنه لم يكتمل ؟؟؟

    · لذلك بصراحة إنني أعد منذ سنوات لعمل روائي كبير – وان شاء الله- أقطع الجزء الأول منه خلال العام 1990،(سفر العاشق )أما انطباعك عن وقائع وأحداث الرواية إن هي واقعية ؟ فيمكنني أن أكشف لك الآن ، فأقول وبصراحة : إن هذا وذاك صحيح فعلا؟؟ وإنني كنت بامكاني أن أقدم ذلك العمل بصورة أشمل وأوسع وأعمق وهذا صحيح أيضا؟؟



    *" الشخوص أو الشخصيات " في أعمالك " الرب لم يسترح في اليوم السابع" الأخيرة كما في "العشاق"مثلا ، نجد أحيانا الشخصية المنمذجة تتعادل وتتمثل في معادلتها الشخصية المنعزلة ، فالأولي تبادر وتقوم بالفعل وفي نفس السياق تتماشى مع الثانية الأخرى التي ليس لها أي دور؟؟كيف تفسر لنا المفارقة؟؟



    · نحن كمجتمع إنساني، مجتمع فبل كل شئ، فألان مثلا أمامي الصحيفة وعليها صورة شخص عميل وخائن لشعبه ويحمل رشاش "عوزي – إسرائيلي" ولديه الاستعداد لإطلاق الرصاص ضد شعبه ؟؟؟!

    بالنسبة لي أجده طبيعيا ولا يزعجني جدا على العكس نظرت للصورة بنوع من السخرية بل ما دونها !!أما إذا كان الصهاينة فرحين به ، فأنهم يكشفون لنا عن مدي الخوف، الذي يسيطر عليهم وجهلهم لحظة المواجهة....

    أما أن ثمة شخصيات سلبية تصاب باليأس في لحظة من لحظات الضعف المركب والمعقد – المبرر – وهذا شئ طبيعي وواقعي، كمن يريد أن يعتني بأولاده وأسرته الذي أهملهم مثلا.....

    الحقيقة ثمة من يعطي ويضحي ويقدم ، ولكن لا ما يستطيع ، بل ما يرغب أن يعطيه؟؟ ومع ذلك ثمة نماذج حية يحتذي بها فعلا ، حيث التجار مثلا يقومون بالإضراب ويقدموا التبرعات ويخوضون فاعليتهم مع أبناء شعبهم في مواجهة حراب الاحتلال الصهيوني، لذلك وبصراحة لا أكتب "حكايات " مجردة لا أكتب للتسلية، وان كنت غير مقتنع بمسألة " العمق " المفتعل التي يدّعيها " مجددون" يطعمون القارئ صخرا وخشبا ، ويسوقون إليه كلاما فارغا في الفهم الشرقي للحكاية؟؟؟!!

    * إنني قصدت من سؤالي بمعني أخر : إن القارئ يجد لديكم بعض الشخوص المنهارة اليائسة ، التي تحاول أن تنمذجها بشكل أو أخر ، هل سعيت من وراء ذلك دفع القارئ لطرح الأسئلة؟

    ـــ دعتي أقص عليك حكاية والتي تتلخص بأن صديقي الشاعر الفلسطيني فواز عيــــد// وتعرفه// المقيم بالحجاز، أخذ نسخة من روايتي " العشاق" وقدمها لصديق سعودي له، كاتب وصحافي ومثقف وحامل لشهادة دكتوراه من الولايات المتحدة؟؟وقرأ الرواية ــ أتعرف ما قاله للصديق بعدها؟؟؟

    قال: ( أنا ألان فهمت القضية الفلسطينية !! نحن كانت علاقتنا بها عاطفية ليس أكثر ، ولم أك أعرف جوهر المشكلة وطبيعة المعاناة التي عاناها ويعانيها الإنسان الفلسطيني العادي ....)!!!

    إذا كان هذا المواطن العربي ، وخاصة المثقف الذي على مقربة مني ولا يعرف إلا أنني لاجئ فقط وطردت من بلدي بعد الحرب فقط؟؟؟!!

    لذلك فانه إذا لم يقدم الأدب معرفة ، وإذا الرواية أو القصة لم تفجر الأسئلة في ذهن القارئ بالإضافة إلى المتعة والجمالية الأدبية . في رأي يصبح الأدب كتابة تسالي وتسلية رخيصة!! أو ميلودراما مفتعلة تستدر دموع الآخرين !!

    * ولكنك قدمت في أعمالك نوع من " الكوميديا المسلية والساخرة المحرضة حيث لا يضحك القارئ إلا بعد أن تلقي في وعيه أو لا وعيه سهم نقدي لاذع جارح فنلمس المأساوي المختبئ وراء هذا الوجه الملهوي؟؟؟

    ـــــ دعنا نأخذ مثلا ، على صعيد علاقتنا حيث نعرف بعضنا البعض وبيننا صداقة منذ سنوات بعيدة في بيروت ، وتعرف إنني في الحياة اليومية أبدو مرحا وفكها وساخرا متهكما...إلي أخره..

    بعض الكتاب والنقاد كانوا يتساءلون وقد كتبوا ذلك مرارا : أنهم لا يفهمون هذه السخرية وهذا المرح داخل العمل القصصي والروائي ل "أبو شاور"؟؟؟

    في حين بعض الكتاب يوم أن كتبت ونشرت قصة اسمها " الرعب " ، وعلى ما أذكر الأستاذ مازن البندك رئيس تحرير مجلته "الجيل" اهتم بها بشكل غير عادي ، في حين أعتقد أن هذا النوع من الكتابة أعني ــ الكوميديا السوداء ـــ ينقصنا في الأدب العربي .....فيما بعد نشرت قصة بعنوان " الحكاية الحقيقية عن الولد الذي رفض أن ..." وقد نشرت في مجلة "اللوتس"و "الوحدة" و" الهدف"؟؟كما أن أحد الكتاب في الكويت كتب مقالا عن القصة فقال: " وأخيرا الكاتب الســـــــاخر كتب قصته الســــــــــاخرة " !!

    الحقيقة يمكن أن أكتب ما يجعل القارئ أن يستلقي على قفاه من الضحك ،-- كما يقولون -- ولكن يمكن أن اكتب عما يدوم وليس ما يجعله أن يتسلى ، معتمدا على الفكاهة أو خفة الدم الأدبي ؟؟

    فمثلا شيخنا الروائي ( الراحل )إميل حبيــــبي في روايته " المتشائل" ممكن جعلك أن تضحك ! ولكنه فجأة يصدمك ...ويصدمك بحرقة !!!



    الحقيقة إن الماسأة الفلسطينية بكل تفاصيلها وأبعادها ، وكما ترى هناك جانب من المسخرة السوداوية ، من أغرب ما يكون ، وغير معقولة وسريالية وكل ما يمكن أن يقال في ذلك؟؟

    أذن كيف يمكن لك / ككاتب أن تعبر عن كل ذلك بأكثر من سياق؟؟وكيف لا أكتب الكوميديا السوداء المحرضة؟؟

    كنت أرى مثلا فلسطيني في مخيم بجنوب لبنان أو صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة(( يسخ سخ))من الضحك، حينما كانت الطائرات الإسرائيلية تقصف مخيمه، لأنه يعرف أن ليس ثمة ما سيفقده سوى الخوف أو انه سيفقد أسرته وأطفاله تحت أنقاض كــوخة ألصفيحي أو الخشبي؟؟؟!! في حين تجد آخر يصاب بالهستيريا من الخوف والذعر لدرجة يمكنه من ترك أطفاله وأسرته بالمنزل ويهرب خوفا من الموت ، لحظة القصف؟؟

    *أحد النقاد(ف. دراج)قال في أعمالك Lإن ابوشاور لا يكتب عن الأحلام الكبيرة الآ بعد أن يكتب عن كل الو حول والقذارة التي تحاول أن تحتجب وراء شعارات السياسيين المخادعة والمضللة والمجردة...)؟؟؟

    ــــ إنني فهمت الإيحاء جيدا.

    · أقصد من سؤالي أنك تحاول التركيز على جانب محدد من الواقع الفلسطيني، كما البحث عن تحديدات نمطية ، تشخص وتبحث وسط هذه الفوضى السائدة ، عن تحديد مفهوم العلاقة لدى الفلسطيني المنفي مع العالم، وبذلك تطرح مفهوما ...أو رؤية؟؟ خاصة والوضع الفلسطيني ليس لديه الرؤية الواضحة والسياسي فقد البوصلة ؟



    ــــ إذا فهمت السؤال بشكل جيد أجيب: في كل حركات الشعوب دائما عبر كل

    العصور ، كما الراهن ثمة دائما ما هو مأساوي ، وأحيانا ما هو مخزي؟؟؟وخطايا كبرى !!قلقي الدائم في جانب من الجوانب ، ليس فقط من عدونا الصهيوني ولا أقلل من همجيته وشراسته وانحطاطه، ولكن من الخراب الداخلي في الساحة الفلسطينية ، الذي يمكن أن يغزونا بأشكال عديدة ويربكنا، ويشتت كل جهودنا ،ويضعف من قوانا في مواجهة العدو ؟الآمر الذي يتسبب في الإعاقة والتعطيل ومضاعفة آلامنا ومعاناة شعبنا ، والذي يمكن أن يعقد من "رحلة ألألف ميل " المتواصلة والشجاعة لتحرير الوطن؟؟!!

    بكل صراحة لديّ هاجس دائم أن يكون الوعي والفكر الإبداعي في ساحتنا الفلسطينية حاضرا وماثلا ، وان لا تتشكل في الخطاب السياسي فقط لمواجهة الهجمة العدائية التي يشنها ضدنا الجميع على كل الجبهات والأصعدة ؟؟



    * إنني قصدت ، انك فتحت الممر لوسائل تعبيرية في محاولة للتجريب وتكسير المألوف والسائد على الأقل في الساحة الفلسطينية وبالتالي التطرق إلي ما يدور من الكلام غير المبـــــــاح مابين العامة والخاصة ؟



    ـــــ حينما كتبت روايتي" البكاء على صدر الحبيب" بعد الخروج من الأردن العام 1971، لم يك واردا كشف أو مناقشة وطرح أي شئ في تلك المرحلة ،وبالتالي لم يكن واردا أن يحكى المرء أي كلمة أو كشف أي تقصير حدث ، ومع ذلك قدمت روايتي بالرغم من إنني كنت اعرف النتائج مسبقا ، وحدث كما توقعت ، حيث أثارت الرواية آنذاك ضجة كبيرة مفتعلة ، وكتب عنها بتحريض متعمد وإساءة مقصودة ، ونشرت صحيفة " المحرر" ـ أوقفت فيما بعد ـ// صــــورتي وقد طلي وجهي باللون الأسود، وزفت نبأ إحراق الرواية وإلقاء القبض على الروائي ((المعادي للثورة الفلسطينية))!!ولكن لم يجرؤا على ذكر ما كشفته؟ على الرغم أن روايتي في جوهرها رواية عذاب جيل كامل خاض الثورة بشجاعة بعد إطلاقها ودفع غاليا، ثم رأى الثورة / الأحلام بالعودة والتحرير، في خطر والمسيرة انحرفت عن اتجاهها الصحيح،بعد أن تسلق الجبناء واللصوص لقطف ثمــــارها ((والشــواهد ماثلة أمامنا من التفوا على الانتفاضة بقنوات سرية مع العدو- 1989) فكانت وقائعها مكثفة مشحونة ، مليئة بالحزن والقهر والمعاناة ، إنها على نحـــو ما : زرقاء اليمامة؟؟

    آنــــــذاك اضطررت لمغادرة بيروت لصـــــد الحملة الجاهلة ، وعدت مع أسرتي إلي مخيم " اليرموك"بدمشق؟ وقد عشت فترة عصيبة ومعقدة ورهيبة من حياتي ، مما دفعني للعودة لمشروع كتابة روايتي"العشاق"، ولقد ابتهجت كثيرا بانشغالي بها!!



    · هذا ما أردت أن تكشفه ، حيث أن القارئ يجد حيزا هاما لمفهوم القمع السلطوي، بحيث تتوازى وتتطابق مع فقدان الحرية والتعبير عن الرأي الحر ، كما سيطرة القمع حتى في إطار الوسط الثقافي المرتبط بدهاليزها؟؟
    إنني أخوض المعترك ضمن هذا الإطار منذ صدور روايتي " البكاء على صدر الحبيب"، لأنني كنت ومازلت على الدوام أقف بحزم ضد كل ما يكبح إبداع الإنسان وما يعيق تطوير الفكر الإبداعي الحــــر ّفي حياتنا الفلسطينية، ودعم كل ما هو إنساني ونبيل في ساحة الثقافة ؟

    ليس صدفة أن الرموز السافلة قد استدارت على ثورة الشعب الفلسطيني، واتخذت الموقف المعادي والنقيض، لخدمة النظام العربي ، وعلى سبيل المثال لا الحصر "أبو الزعيم" الذي تواطأ باختطاف المعارض الحجازي ناصر الســــعيد ، وكان يعمل على تصفية واغتيال بعض المناضلين الفلسطينيين،ويلاحقهم وكان يبيع ويهرب المخدرات والأسلحة والأغذية الفاسدة عبر المرافئ غير الشرعية من جنوب لبنان إلي كولومبيا وأوروبا؟؟

    لدرجة أن قادة الجيش الصهيوني حينما احتلوا بيروت بالمفاوضات بصحبة ابورغال وليس بالقتال؟قاموا بتصوير شقته الفاخرة والفخمة ، ليعرضوا الفيلم على معتقلي وأسرى شعبنا في المعتقلات الصهيونية، وفي " معتقل أنصار" بالجنوب اللبناني قبل تفكيكه؟

    (( ليقولوا لهم : انظـــروا كيف تعيش قيادتكم..!!)) فقدموا لهم مثلا: كيف كان لدى أبو الزعيم ثلاجة ضخمة يضع فيها السيجار الكوبي فقط !!من الماركة الفاخرة جدا "هافانا"؟

    من هنا ليس صدفة انه استدار وذهب لينصب نفسه..ق.. وزعيما بقرار نظام عربي وتحت حمايته ، إلا أن نهايته كانت "مســـخـــرة "وبشكل مهين ،تليق به؟ وبأمثاله؟وأغلقت مجلته؟ثم انتقل إلي عاصمة عربية أخري؟

    في حين كان في يوم من الأيام يعبر عن حالة قمع وقهر وإرهاب عفن؟؟

    وبالنسبة لي ككاتب/ لم أصارعه وفضحه وتعرية سلوكه كشخص // آنذاك ببيروت ،ولكن كتعبير عن حالة وموقف للخطــــايا والأخطاء بدرجة الخيانة التي كانت تقيم بيننا،فكان لابد من تعريتها وكشفها بكل الوسائل المتاحة ،وهذا ما فعلته؟؟ في غابة البنادق آنذاك؟وبالمناسبة لولا القمع المسيطر والدول الطائفية والعنصرية وكل ماهو إقليمي بشع، هل كانت معركة وحصار بيروت لثلاث شهور1982 ((وكما حدث في حرب تموز2006 ضد حزب الله ومحرقة غزة كانون الأول والثاني 2009 دون أدنى تحرك فاعل!!كما كانت الانتفاضة الأولى تقاتل وحيدة بل جري الالتفاف عليها بصك ( أم المهازل في اوسلو) وتحويل انتصارات الشعوب إلي هزائم))( إضافة للكاتب بعد عشرين عاما)
     

    حوار مع الروائي الفلسطيني الساخر رشــــــــاد أبو شــــــــاور

    الرجوع الى أعلى الصفحة 

    صفحة 1 من اصل 1

     مواضيع مماثلة

    -

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    للنشر....ملتقى المصباح الثقافي :: فضاءات ..أدبية وثقافية :: بانوراما .. أخبار ثقافية وفنية-
    انتقل الى: