تحية تليق بنصر الله أولاً ،
هذا الرجل الذي كان تعثري بما كتب من أجمل الأشياء اللي حصلت لي في الفترة الأخيرة
إنّ من يبدأ بقراءة هذا الرجل لا يمكن أن ينتهي أبداً ..
سأُخصص هذه المساحة لأتحدث عن شيء من هذا الرجل
إنها الملهاة الفلسطينية المكونة من 6 روايات حتى الآن - 6 فصول - بلغني أنها ستكتمل بفصل سابع قريباً ..
- طيور الحذر
- طفل الممحاة
- زيتون الشوارع
- أعراس آمنة
- تحت شمس الضحى
- زمن الخيول البيضاء
وهذا ترتيبها حسب صدورها ، أمّا حسب تسلسلها الزمني
حيث تبدأ من فلسطين أبان الحكم العثماني ثمّ إلى 150 عاماً من الوجع بعد ذلك
- زمن الخيول البيضاء
- طفل الممحاة
- طيور الحذر
- زيتون الشوارع
- أعراس آمنة
- زمن الخيول البيضاء
في هذا الصّدد يقول نصر الله : ( في عام 1985 كنتُ أظن أنّ هذه الرواية ( زمن الخيول البيضاء ) هي الملهاة الفلسطينية ، ولهذا بدأت العمل عليها إعداد وتسجيل شهادات وتكوين مكتبة خاصة بها .
ولكن أفضل ما يحدث أنّ الأمور لا تسير حسب رغباتنا دائماً ، إذ أصبح العمل الطويل عليها هو الباب الذي ستدخل منه خمس روايات ضمن هذا المشروع
وبهذا فالرواية التي كان من المتوقع أن تكون الأولى ، أصبحت الأخيرة ! )
أمّا عن بدايتي التي كانت مع ( أعراس آمنة )
( أذكر أنّي حكيت لأختي بدي رواية قصيرة لإني كنت مخلصة من رواية طويلة جداً وبدي شي خفيف )
و لم أكن أعرف أنني فتحت على نفسي باب لن يُغلق من جمال هذا الرجل ..
سأتكلم عن كل واحدة على حدا من رؤيتي الشخصية ، مقتبسة من جمالها ما أستطيع .
إنها البداية وهي النهاية أيضاً ..
تبدأ بفلسطين أبان الحكم العثماني ثم فلسطين أبان الإستعمار الإنجليزي .. وتنتهي بفلسطين المُهودة !
أكثر ما يلفت في هذه الرواية هو الحديث عن علاقة الإنسان بالخيل ، علاقة الفلسطيني- يجسدها خالد- بخيله تلك العلاقة التي تنسل من خلالها علاقته بكل ماحوله .. علاقته بأهله ، علاقته بالمرأة ، علاقته بالفارس الآخر وعلاقته بالأرض
ثمّ علاقته بكل هؤلاء مجتمعين ( فلسطين ) مُمثلة بحربه ضد المحتل التركي والإنجليزي واليهودي
وكذلك قصة استمرت على مدى زمن الرواية كاملاً تقريباً - وهي قصة حقيقية - قصة الدير المقام على أرض القرية - الهادية - والقرية ! القصة تحمل تصوير جميل لتعامل المسلمين مع النصارى في ذلك الوقت ..
إنها تأريخ حقيقي للوجع لا يخلو من رائحة الأرض وجمال الفرس وجمال الفارس والثائر ..
بعضٌ منها :
" كان والدي رحمه الله يردد دائماً : لايمكن لأحد أن ينتصر إلى الأبد
لم يحدث أبداً أن ظلّت أمة منتصرة إلى الأبد . ودائماً كنت أفكر فيما قاله
لكنني اليوم أحس أنّ شيئاً آخر يمكن أن يُقال أيضاً وهو إنني لستُ خائفاً من أن ينتصروا مرة وننهزم مرة أو ننتصر مرة وينهزموا مرة
أنا أخاف شيئاً واحداً ، أن ننكسر إلى الأبد ، لأن الذي ينكسر للأبد لايمكن أن ينهض ثانية
قل لهم : احرصوا على ألا تُهزموا إلى الأبد . "
‘‘
" كلما كان الحاج محمود يسمع أنّ أحد رجال القرية الذين يُعرَفون بسوئهم في طريقة لمغادرة الهادية
كان يقول لرجالها : ألحقوه وأعيدوه ، لأنه سيسيء إلى سمعة بلدنا بين الناس .
وكلما سمع أنّ أحد رجال القرية الأصيلين يغادرها كان يقول :
أتركوه ، سينشر رائحة مِسْكِها حيثما وصل . "
‘‘
" كما لو أنها سقطتْ من السماء ، استيقظوا صباحاً فوجدوها تغطي رأس التل الغربي
ببيوتها وأسلاكها الشائكة وأبراجها الخشبية العالية .
كان ينادي الواحد منهم الآخر بصمت كما لو أنهم ضيّعوا الكلام
ولحظة بعد أخرى تجمع أهالي الهادية غير مصدقين أعينهم .!
يعرفون أنّ مايرونه مستعمـرة
ولكن كيف استطاع اليهود بناءها في ليلة واحدة هكذا ؟
كيف لم يسمعوا شيئاً ، كيف لم ينبح كلب أو تصهل فرس ؟
‘‘
" كان الشّرر يتطاير من عينيه : وقل له إنّ عمر الرجال أطول من عمر الإمبراطوريات
ولم يكن سيف الدين يعرف أنه يردُّ على تلك الجملة التي قالها ذات يوم والد ياسـمين ، وهو يقنعها بالتعقل
عُمْرُ الدُّول أطول من عمر الناس . "
‘‘
" لم ينظر الحاج خالد حوله ليرى كم بقي معه من رجال وكم ذهب
كان الضباب نعمة في تلك اللحظة ، بحيث لم يكن باستطاعة أحد أن ينظر عميقاً في عيني أحد أو يشيعه وهو يعبر جدار العتمة البيضاء الباردة
كان الحاج خالد يدرك أنّ الناس ( تعبت )، ولكن تلك الكلمة لم تكن تعني له سوى شيء واحد ، أنها هُزمت . "
‘‘
" لستُ هنا لأنتصـر
أنا هنا لأحمي حقّي . "
‘‘
" إن كان الله يحبنا كثيراً فربما نستطيع اجتياز قواتهم
أما إذا كان يحبنا أقل ، فلن يسمح لهم أن يمسكوا بنا أحياء ليمضوا بنا كالنعاج إلى حبال مشانقهم . "
‘‘
" - إنها تحاول الوصول إلى الشّمس .
- ما هذه التي تحاول الوصول إلى الشّمس ؟
- زهرة الحنون . أنظر .
- ومصفحات الإنجليز أيضاً ! "
‘‘
" من يستطيع أن يحل معادلة أطرافها كل هؤلاء :
الفلاحون الفلسطينيون ، زعامتهم في المدن وزعاماتهم في الريف ، الفقر الذي هناك في القرى والغنى الذي هنا في المدن
التفوق الصناعي الأوروبي الذي حمله اليهود معهم ، والتخلّف في كل شيء الذي تركه الأتراك لأهل هذه البلاد .
من يستطيع أن يحل معادلة فوضى عشرات الأحزاب هنا و ارتباك أهدافها وتضاربها وصراعاتها التي لا تنتهي
ودقة تنظيم المنظمات اليهودية التي تصبُّ في هدف واحد ووحيد : احتلال فلسطين وطرد أهلها منها ؟
من يستطيع أن يحل معادلة أطرافها : نحن والعرب والإنجليز واليهود ؟!
‘‘
" في أزمنة سوداء كهذه لا يرى طريقَه أحدٌ أفضل من الأعمى .! "
عن طفل الزاوية ( فؤاد ) الذي وجد نفسه فجاءة مطالب بمحي الكثير من الأشياء
بدءاً من محي خطأ والداه وانتهاءاً بمحي الإحتلال الذي بدء يمتد ويتوسع
عندما وجد نفسه أحد جنود جيوش الإنقاذ العربية !
أسلوب السرد بالرواية أكتر ما أحبتته فيه
وهي بداية الفجيعة وبداية أن تصير الأمور كما صارت عليه !
بعضٌ منها :
" إذا ما حاولنا رسم صورة لكَ عن قرب ، فلا بد أنها ستكون كالتالي :
شاب وسيم ممشوق ، قامة فارعة ، عينان واسعتان ، ربما كان سبب اتساعهما أنكَ لم تنم تماماً
طوال الزمان الذي كنت مهددًا فيه ، وقد تكون العين نفسها قد أدركت مايحيق بها !
فأبت إلا أن تظلّ يقظة ، فما كان لك إلا أن تطاوعها .
الشيء الوحيد الذي حيرني ولم يزل ، أنّ شابًا يعيش عمره متكورًا على نفسه
كيف يمكن أن تكون له قامة كقامتك ! "
‘‘
" كما لو أنّ الريح هبتْ ، وحملتْ الأخبار التي سترسم سيرتكَ ، أو على الأقل الجزء الأهم منها في ذلك الزمان .
: لا نقبل بأقل من عين الولد الشيطان .!
ها قد أصبحتَ من فصيلة لم تكن منها ذات يوم ولن تكون .! "
‘‘
" لقد مضى ذلك الزمان الذي دخلتَ فيه الزاوية ، وليس في البر سوى نخلة يتيمة
وخرجتَ منها وإذا بغابة النخيل قد عادت إلى ما كانت عليه ، أو تكاد .
لكن ولسبب ما ، لن ترى من الغابة سوى تلك النخلة . "
‘‘
" إنّ أصعب ما يمكن أن يحسّه المرء أن يعيش ، وأن تكون حياته خارجه
لغيره مرهونةً ! "
‘‘
" الأمنيات ليست الطريق التي يسير عليها المستقبل ! "
‘‘
" إذا ما سألتني عن الأثر الذي يمكن أن تحدثه أغنية في واحد من الناس ، قبل سماعك لهذه الأغنية
فإنني لن أستطيع الإجابة أبدًا ، لأنك ببساطة قد غدوتَ شخصًا آخر !
لكن أهم ما حدت لك في تلك اللحظة الخالدة ، أنّ إحساسك كله كان موجهًا للبندقية التي في يدك
وللحقيقة فإنك لم تشعر بذلك إلا حين وصلتَ في غنائك إلى ( زوّديني من حسن وجهك )
عندها أدركتَ ألا وجه يفوقها جمالًا ، ولا قامة تفوقها طولًا .. "
10.09.11 15:58 من طرف r