المرأة العربية تصرخ :
جنسيتي حق لي ولأبنائيمطالبة المرأة في البلدان العربية بالمساواة بدأت منذ القرن الماضي، اجتازت فيها مراحل عديدة و ما زالت أخرى في طور الانتظار و المطالبة، و يبقى موضوع تمرير جنسية الأم للأطفال، من بين المواضيع التي تصدرت الواجهة في هذه السنوات الأخيرة.
لن نبالغ إذا قلنا أن الحديث عن الحق في الجنسية يعني الحديث عن الحق في الحياة، فالجنسية رابطة قانونية سياسية تربط شخصاً ما بدولة ما مما يجعله واحداً من مواطنيها له حقوق وعليه واجبات في إطار قانون هذه الدولة ودستورها.
لذا فمن الطبيعي أن تثور المرأة المواطنة المتزوجة برجل لا يحمل جنسية بلدها حين ترى أبناءها الذين تجري في عروقهم دماؤها يعاملون في وطن أمهم كالغرباء.
من هذا المنطلق الرافض لكل أشكال التمييز ضد المرأة والأطفال، انطلقت حملة "جنسيتي حق لي ولأبنائي" سعيا للإنصاف وإقرار المساواة بين حواء و آدم في الوطن العربي.
إن هذا الموضوع اخذ صبغة حملة في عدة دول عربية في وقت واحد، و من اجل تقريبكم أكثر من هذا الموضوع و لكي نساهم كنساء فاعلات في هذه الحملة النبيلة و المشروعة، ارتأت مجلة "فرح" أن تقوم بجولة حول العالم العربي للوقوف عند عدة محطات لملامسة معاناة الأم العربية "المتزوجة برجل لا يحمل جنسية بلدها"، ومرافقتها في مسيرتها النضالية من أجل تعديل قانون الجنسية.
فمن سوريا، حيث المعاناة مستمرة و الضحية أطفال غرباء في وطن الأم، و لبنان الذي أعطى حقا باهتا على شكل مرسوم إقامة المجاملة، إلى الأردن حيث انطلقت حملة" أمي أردنية و جنسيتها حق لي" إلى المجتمع الذكوري السعودي حيث الكاتب "سالم بن احمد سحاب" "يضم صوته...و بشروط" لدعم "جنسيتي حق لي و لأبنائي".
في حين حققت هاته الحملة تقدما ملموسا في البحرين و الكويت، أما بالإمارات و إلى حد كتابة هاته السطور، ما زال أبناء أمهات هناك يحلمون بالحصول على جنسية بلد ينتمون إليه و يتواجدون به منذ أن رأوا النور.
المغرب خرج من هذه المعادلة و انصف المرأة و الأسرة المغربية، حيث أعطى صاحب الجلالة محمد السادس يوم 30 يوليو 2005، حق لكل أم بمنح جنسيتها لأبنائها، و التحقت تونس بالمغرب الني كانت قد أعطت هذا الحق باكرا و لكن بشروط سحبت مؤخرا لتصبح كاملة...
و في ليبيا أخذت المبادرة جمعية "واعتصموا" التي تقودها الدكتورة عائشة القذافي...عدة تساؤلات تطرح نفسها إذن...
أليس من حق المرأة العربية أن تنقل جنسيتها لأبنائها؟ أليست مواطنة كالرجل لها ما له وعليها ما عليه؟
ولماذا تستسلم المرأة العربية لسلطة بعض المجتمعات الذكورية التي تحمل نظرة دونية للمرأة وتصر على اعتبارها مواطنة من الدرجة الثانية؟
المرأة السورية "المعاناة مستمرة والضحية الأولى أطفال غرباء في وطن الأم"
السيدة "أم احمد"، 60 سنة "من سوريا قالت لفرح :"تزوجت رجلا مصريا وأنجبت منه ابنان هما من مواليد دمشق، وبعد وفاته اهتممت بتربيتهما وهما يتابعان الآن دراستهما بإحدى الجامعات السورية، ورغم أني سورية أبا عن جد إلا أن ابناي لم يتمكنا لحد الآن من الحصول على الجنسية السورية. تقدمت بطلب لوزارة الداخلية فاخبروني أن ملف أبنائي سيظل معلقا لحين حصولي على موافقة من رئاسة الجمهورية. لا اعرف لماذا كل هذه العراقيل والإجراءات المعقدة في سبيل أمر مشروع أقرت به عدة دول عربية كالمغرب وتونس والجزائر ومصر وليبيا ؟"
ليست "أم احمد" وحدها من تعاني فكثيرات هن النساء اللائي يعانين من تبعات الزواج المختلط وتنكر الوطن لأبناء المواطنة، لذا ومنذ سنة 2003 أخذت رابطة النساء السوريات على عاتقها مهمة العمل من أجل تمكين المرأة السورية من منح جنسيتها لأبنائها عبر نشاطات مكثّفة ومتعددة نذكر منها: العمل على تسليط الضوء على الموضوع إعلاميا ورفع عريضة لمجلس الشعب لأجل مناقشة موضوع جنسية المرأة السورية ...
وفي جلسة علنية نظمتها هذه الرابطة بالمنتدى الاجتماعي بدمشق يوم 18/5/2010 تم الاستماع لقصص نساء سوريات تزوجن من أجانب وأنجبن أبناء كبروا ومازالوا يعيشون معاناة رفض منحهم جنسية الأم.
من بين هؤلاء النساء الفنانة السورية عزّة البحرة المتزوّجة من أردني، و التي تحدثت عن معاناتها وابنتها من قانون الجنسية الجائر، وحكت عن حادثة مؤلمة بشأن تجديد الإقامة، حيث كانت ابنتها قد أجرت عملية جراحية منعتها من تجديد الإقامة في الوقت المحدد، فما كان من الشرطة إلاّ أن اقتادتها إلى المخفر رغم ظروفها الصحية. وأشارت الفنانة السورية إلى قانون التوريث رقم/11/ للعام 2008 والذي لن تتمكن بمقتضاه من توريث ابنتها شيئا من أملاكها رغم حقها الشرعي في الإرث، وأضافت بأسف:"إن هذا الوضع جائر وظالم إذ يمكن أن تأخذ أملاك الدولة حق ابنتي في أموالي فقط لأن والدها غير سوري. "
ويقول عضو مجلس الشعب السوري "الدكتور محمد حبش"، بخصوص مسار مطلب تعديل قانون الجنسية في مجلس الشعب:"إن هذا المطلب ينسجم تماماً مع الدستور، كما ينبغي إنجازه بأسرع وقت ودون توقف حتى تحصل المرأة السورية على هذا الحق خاصّة وأن دولاً عربية ست سبقتنا في هذا المضمار. وأضاف "أننا لا نريد أن يكون تنفيذ هذا الحق(التجنيس) دون ضوابط، ومن هنا لم يبقَ أمام سوريا إلاّ الموافقة، لأن الوضع القائم حالياً عارٌ يجب أن ينتهي، ويجب أن تصل المرأة السورية إلى حق أبنائها في جنسيتها، حيث هناك 37 مليون إنسان في العالم يحملون الجنسية السورية قسم كبير منهم مغتربون لا يعرفون من سورية إلاّ اسمها فقط. "
كما يؤكد الدكتور محمد حبش على "عدم وجود مانع ديني فالدين يتحدث عن النسب أي أن الولد يجب أن يكون للأب لكن النسب شيء والجنسية شيء آخر، الشرع لم يتكلم عن الجنسية أبداً والجنسية تكتسب ليس فقط بالأبوة أو الأمومة ,قد تكتسب الجنسية بعدة طرق كالعمل أو الإقامة الطويلة ,هذا لا علاقة له بالنسب ولا أعتقد أن هناك من علماء الشريعة من يعارض منح هذا الحق للأمهات السوريات".
مرسوم إقامة المجاملة لزوج اللبنانية وأبنائها
الحديث عن لبنان يقودنا للحديث عن "سميرة سويدان" التي صارت قضيتها قضية رأي عام، وأثارت العديد من ردود الفعل العربية والدولية.
"سميرة سويدان"، لبنانية تزوجت من مصري سنة 1985، ورزقت منه أربعة أطفال: "زينة، فاتن، سمير ومحمد". كان الزوج يعمل ويسدّد بدل إقامته في لبنان إلى أن توفي سنة 1994. وهنا بدأت هذه المرأة تعيش حياة مأساوية حين وجدت نفسها عاجزة عن منح أولادها جنسية البلد الذي ولدوا وعاشوا فيه.
تحملت سميرة مسؤولية إعالة أولادها فعملت في تنظيف المكاتب مقابل أجر يومي. وعندما بدأ الأطفال يكبرون أصبح عليها تسديد بدل إقامة يصل إلى 250 ألف ليرة سنوياً عن كلّ طفل.
تحكي هذه الأم المكافحة عن حادثة مؤلمة حصلت معها حين تأخرت ذات مرةً عن تسوية أوضاع أبنائها نظرا لظروفها المادية الصعبة فهدّدوها بترحيلهم, تقول:"بكيت كثيراً، وصرت أخاف أن أموت قبل تسوية أوضاع أولادي."
وصرخت سميرة رافضة الظلم، ورفعت قضية للمطالبة بحقوق أبنائها في الجنسية, وتكلفت بالقضية المحامية "سهى إسماعيل" التي قالت: "أعرف أن لا نص في القانون، لكن المعطيات تتيح الاجتهاد. لم أشعر ولا مرة بأنني قد أفشل، بل كان أملي كبيراً بالنجاح فيها حتى قبل أن أعرف أن القاضي هو الرئيس "جون قزي"، وعندما عرفت أنه هو تفاءلت لأنه مشهور بإنسانيته وقراراته الجريئة".
وصدر الحكم العادل باعتبار أبناء سميرة لبنانيين ومنحهم بطاقة هوية لبنانية.
لكن لم تدم فرحة سميرة طويلا إذ لم ينفذ القرار بل استأنفت هيئة القضايا في وزارة العدل ممثلة الدولة اللبنانية الحكم لاحقاً، لانتزاع الحق الذي كادت "سويدان" تصله، وهو.. منح الجنسية لأولادها.
و انعقدت جلسة الاستئناف يوم 13 ابريل 2010, ونظمت "جنسيتي" اعتصاماً أمام قصر العدل في منطقة جديدة المتن ـ البوشرية. ورفع المعتصمون شعارات "جنسيتي حق لي ولأسرتي...سآخذها ولن أظل غريبة ببلادي" يوم 13 ابريل، "سميرة سويدان" ليست وحدها تحت قوس العدالة"، كما هتفوا مرددين على مسمع قوات الأمن ورجال القانون"بدنا الجنسية، هايدي حقوقنا الوطنية".
وجاء الحكم الجائر يوم الثلاثاء 18 مايو 010 ، إذ أصدرت محكمة الاستئناف حكما نهائيا بحق "سميرة سويدان" يجردها من حقها في منح الجنسية لأولادها. ليتم بذلك فسخ بنود الحكم الابتدائي.
وتساءلت الأمهات الموجودات أمام قصر العدل بعد إصدار الحكم: "كيف لا تكون رابطة الدم موجودة بيننا وبين أبناء حملناهم تسعة أشهر؟ كيف لا يحق لنا أن نمنح الجنسية، فيما نمنح الحياة؟". وطالبن الحكومة اللبنانية بالسير على خطى دول عربية "تفوّقت على لبنان" حين قامت بتعديل قانون الجنسية لديها كالمغرب ومصر والجزائر.
أجهضوا أحلام "سميرة" وحرموا أبناءها من حقهم في الجنسية اللبنانية لتصبح هذه المرأة رمزا لكل لبنانية بل عربية تعاني من انعدام الإنصاف.
وتتكرر نفس المأساة مع العديد من اللبنانيات وتتعدد وجوه المعاناة، ويتواصل النضال من اجل تحقيق المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة.
وأخيرا، أقرّ مجلس الوزراء بتاريخ 31 مايو 2010 مرسوم إقامة المجاملة. ويقضي التعديل الذي اقترحه الوزير "بارود" بإضافة بند إلى الفقرة الثالثة من المادة 21 من المرسوم رقم 10188 الصادر بتاريخ 28 تموز 1962 والمعدلة بموجب المادة الأولى من المرسوم 10955 الصادر بتاريخ 17 سبتمبر 2003، على أن يحصل على إقامة المجاملة أيضاً "زوج اللبنانية الأجنبي بعد انقضاء مدة سنة على زواجه منها وأولاد اللبنانية من زوج أجنبي سواء كانوا راشدين أو قاصرين من جهة، يعملون أو لا يعملون من جهة أخرى." ويلاحظ هنا أن التعديل لم يستثني الفلسطيني كما كان الأمر عليه سابقا.
ولم يكن إصدار مرسوم المجاملة ليرضي تطلعات حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي» التي نظمت يوم الأحد 20يونيو 2010، مسيرة للمطالبة بحق المرأة اللبنانية في منح الجنسية لزوجها وأولادها، مسيرة شاركت فيها عدة عائلات، وردد المتظاهرون عدة شعارات ورفعوا اللافتات وتحدثت الأمهات عن معاناتهنّ للحصول على الإقامة لأولادهنّ أو لتجديدها، وعبر الأبناء عن إحساسهم بالغربة في الوطن.
وقالت "رولا المصري" منسّقة حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي»، "إن المطلب الأساس هو تعديل قانون الجنسية وليس إصدار مرسوم للمجاملة، فهذا حل جزئي للمشكلة بل حل مهين". وأشارت إلى أن "هذا التحرك يختتم مرحلة المطالبة أمام القضاء في مواكبة لحالة "سميرة سويدان" ويفتتح مرحلة جديدة من العمل المطلبي الجاد والضاغط من أجل تغيير القانون المجحف بحق المرأة".
نعمة الحباشنة من الأردن :"أنا امرأة عربية تهمتها الزواج من عربي آخر أسميتموه أنتم الغريب "
تقف الكاتبة والحقوقية الأردنية "نعمة الحباشنة" بوجه التشريعات الجائرة و تناضل من اجل إعادة تشكيل مجتمع أردني تتمتع فيه المرأة بحقوقها كاملة بعيدا عن جميع أشكال الحيف والتمييز. وقد قامت مؤخرا بإطلاق حملة (أمي أردنية وجنسيتها حق لي) على احد المواقع الاجتماعية الالكترونية الشهيرة تقوم فيه بترجمة كل ما تكتبه من أجل إيصال الفكرة للجميع و دعم ومساندة أبناء الأردنيات. وتنصب جهود "الأستاذة نعمة" حاليا على البحث عن هيئة استشارية قانونية تطوعية قادرة على مساندتها لرفع قضية ضد الحكومة الأردنية في محكمة العدل الدولية من أجل مطالبتها بتطبيق بنود الاتفاقيات التي قامت بالتوقيع عليها والتي ترفض مثل هذه الممارسات العنصرية ضد المرأة مثل اتفاقية "سيداو" والميثاق العالمي لحقوق الإنسان سعيا منها لتفعيل قانون منح أبناء الأردنيات الجنسية الأردنية .
وفي لقاء لنا مع السيدة "نعمة الحباشنة" يوم 23 سبتمبر 2010 قدمت لمجلة فرح تقريرا مفصلا عن الوضعية الراهنة لأبناء المواطنة الأردنية من أب غير أردني، كما حدثتنا عن آخر مستجدات مسيرتها النضالية من اجل إقرار مبدأ المساواة والإنصاف .
تقول السيدة نعمة:
في الأردن جاءت القوانين الوضعية وتحت الكثير من المبررات لتخترق الدستور وتناقضه وتناقض الكثير من الاتفاقيات الدولية التي أقرتها الأردن والتي تعطي للمرأة الحق بإعطاء جنسيتها لأبنائها حيث تنص المادة السادسة من الدستور الأردني على أن:
(الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين)، والتمييز بحق إعطاء الجنسية لأبناء الرجل ومنعها عن المرأة هو مخالفة صريحة للدستور ولقانون الجنسية أيضا والذي تنص المادة التاسعة منه على ( أبناء الأردني أردنيون أينما ولدوا ) وهنا السؤال هل المرأة الأردنية غير أردنية ولهذا منع أبناؤها من الحصول على الجنسية ؟؟ وأين المنظمات الدولية مثل منظمة "اليونيسيف" مما يحدث في الأردن ولماذا لا تطالب الحكومة الأردنية بتنفيذ بنود الاتفاقيات الموقعة معها مثل اتفاقية ( سيداو ) والتي تنص المادة(2) منها على : تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة وتتفق على أن تنتهج بكل الوسائل ودون إبطاء سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة وتحقيقاً لذلك تتعهد بالقيام بما يلي:
- إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى إذا لم يكن هذا المبدأ قد ادمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة.
-اتخاذ المناسب من التدابير تشريعية وغير تشريعية بما في ذلك ما يناسب من جزاءات لحظر كل تمييز ضد المرأة.
- فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل وضمان الحماية الفعالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد من أي عمل تمييزي.
- الامتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد المرأة، وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام.
- اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة.
- اتخاذ جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التشريعي منها لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة.
- إلغاء جميع أشكال الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة.
وتنص كذلك المادة الخامسة من الاتفاقية، على الاعتراف بكون تنشئة الأطفال وتربيتهم مسؤولية مشتركة بين الأبوين على أن يكون مفهوماً أن مصلحة الأطفال هي الاعتبار الأساسي في جميع الحالات. ... فأين هي مصلحة الأطفال من أبناء الأردنيات بما يحدث ؟؟
وتضيف السيدة نعمة:" لنرى ماذا يعني ... أن تكون ابنا لأردنية من أب غير أردني؟؟
1- أنت محروم من حقك الطبيعي بالعيش بجوار أمك، إلا بعد حصولك على إقامة سنوية تصنف حسب حالة طالب الإقامة وتبدأ من الالتحاق بعائل إذا لم يدخل المدرسة بعد ليكون طالبا بعدها وعندما يتخرج عليه البحث عن كفيل في سوق العمل ليحصل على الإقامة أو العيش بدون إقامة .
2- حتى تحصل على إقامة سنوية يجب أن تكون كل أوراقك الثبوتية كاملة وتحصل على موافقة الجهات الأمنية المتمثلة بوزارة الداخلية ودائرة المخابرات العامة واستكمال إجراءات الحدود والأجانب .
3- الموافقة الأمنية قد تتطلب في كثير من الأحيان الاستدعاء إلى دائرة المخابرات العامة وخصوصا إذا كان طالب الإقامة ذكر.
4- يجب على أبناء الأردنيات الحصول على شهادة خلو من الأمراض حتى لو كانوا مولودين في الأردن ولم يغادروها، ويتم تعريضهم للوقوف في طوابير مع أشخاص يحتمل إصابتهم بأمراض سارية وافدة مع خدم المنازل وغيرهم من القادمين من مناطق قد تكون موبوءة وعليكم تقدير الحالة النفسية لهؤلاء الأطفال ومدى شعورهم بالغربة والذل بسبب هذا الموقف .
5- أبناء الأردنيات وخصوصا الذكور منهم، معرضون للتوقيف بأي لحظة إذا لم يكونوا حاملين لتصريح الإقامة مما يصيب الأمهات بالخوف والهلع ويحرمهن من الاستقرار النفسي.
6- عندما تكون ابنا لأردنية فأنت محروم من حقك الطبيعي بالدراسة في مدارس الدولة الرخيصة التكاليف لأنها تشترط حصول ابن الأردنية على إقامة سنوية سارية المفعول لينتمي إليها وهو ما يفتقده الكثير من أبناء الأردنيات، وما يترتب على هذا من تسرب خارج الدراسة ليكونوا عماله مستهدفة ورخيصة في سوق العمل مما يتعارض مع غالبية القوانين الدولية بحق الأطفال بالتعليم وعدم استغلالهم في أسواق العمل . والبديل الوحيد هنا هو الدراسة الخاصة المرتفعة التكاليف والتي لا تقدر على أقساطها غالبية النساء في الأردن بسبب سوء الوضع الاقتصادي والذي يرمي بظلاله على الجميع .
7- أن تكون ابنا لأردنية يعني وببساطة أنه لا يحق لك التنافس على مقاعد الجامعات الحكومية واللجوء إلى الكليات والجامعات الخاصة حتى لو كنت من الأوائل على المملكة أو في التخصص الذي درسته ومن لا يقدر على الدفع سوق العمل ينتظره .
8- أن تمرض وأنت ابن لأردنية، ويكون مرضك من الأمراض التي تتطلب العلاج السريري المكثف والمتابعة كأمراض القلب والسرطان والكلى، فهذا يعني وبكل بساطة أن تموت حيث أنت إذا كنت فقيرا أو تنتظر من المحسنين والجمعيات الخيرية مساندتك لأن أبناء الأردنيات ليس لديهم أي استثناء أو إعفاء أو حتى تأمين صحي ويعاملون معاملة الوافد الغريب عن البلد ومطالبين بدفع أضعاف الرسوم التي يدفعها المواطن الأردني .
9- إذا قرر ابن الأردنية الدخول إلى سوق العمل ولم يكن حاصلا على إقامة سنوية تتيح له الحصول على تصريح عمل برسوم مفروضة، فهو يعتبر من العمالة الرخيصة التي لا تتمتع بأي ضمان اجتماعي ولا حتى حقوق عند أصحاب العمل لهذا هو مضطر لتقبل أي وضع وتحمل كل أنواع الاستغلال من أجل ألا يفقد عمله .
10- إذا كنت ابنا لأردنية وأردت الزواج من أردنية فعليك الحصول على موافقة من وزير الداخلية على عقد القران وهو اعتداء سافر على حقوق الإنسان.
11- من أجل الحصول على رخصة قيادة يجب أن يكون ابن الأردنية حاصلا على إقامة سارية المفعول ويتم استدعاؤه لدائرة المخابرات العامة من أجل الحصول على موافقتها ."
وتستنكر السيدة "نعمة الحباشنة"، تجاهل الدولة لهذا الكم الهائل من المعاناة التي يتجرع مرارتها أبناء مواطنة أردنية تسري في عروقهم دماؤها التي هي دماء أردنية بالأساس، وترى أن سبب كل ما يحدث هو النظرة الدونية للمرأة في المجتمعات الشرقية التي ترى أن المتزوجة من غريب امرأة ناشز وخارجة عن العادات والتقاليد.
وفي إشارة لما يروج حاليا بالأردن عن إمكانية إسقاط الأقساط المدرسية الحكومية عن أبناء الأردنيات والتي هي أضعاف الأقساط العادية لأنهم من الوافدين، تقول السيدة نعمة:" لو نظرنا بموضوعية للموضوع سنجد أن الأمر وحتى لو أقرته اللجنة لا يتعدى ذر الرماد بالعيون عما يحدث لأن غالبية أبناء الأردنيات لا يحملون إقامة سنوية وهو الشرط الأساسي للالتحاق بالدراسة وهذا يعني أن قلة قليلة فقط من النساء ستستفيد من هذا القرار . .. هناك من يبرر عدم إعطاء الجنسيات لأبناء وبنات الأردنيات بسبب ظروف الأردن السياسية وهي مبررات غير موضوعية، لأنه وكما هو معروف الحقوق الإنسانية لا تسيس ومن الممكن إيجاد وسيلة للتخفيف من معاناة تلك النسوة بتخفيف الشروط المفروضة للإقامة ومنحهم بطاقات هوية تعطيهم الحق بالعيش والعمل والعلاج في الأردن، دون تلك العقبات التي تقتل طموحاتهم وتعرض الآلاف منهم للتشريد والتفكك الأسري وانتهاكات حقوق الإنسان المتعمدة بحقهم وحق الآلاف من النساء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين ".
الكاتب السعودي سالم بن احمد سحاب يضم صوته لطالبي الجنسية السعودية شرط السيرة الصالحة
نشرت صحيفة المدينة السعودية مؤخرا مقالا للكاتب السعودي "الدكتور سالم بن أحمد سحاب" بعنوان "وأضم صوتي... بشرط" يعلن فيه تأييده لمطالب مواليد المملكة في الحصول على الجنسية السعودية. واقترح أن يتم إخضاع المتقدمين لنيل الجنسية السعودية لفترة تجربة لا تتعدى الثلاث سنوات للتأكد من مدى التزامهم بالقوانين وتمتعهم بسمعة طيبة.
ويأتي موقف "الدكتور سحاب" المتضامن مع أبناء المواطنات المتزوجات برجال غير سعوديين بعد أن قرأ في إحدى الرسائل البريدية الإلكترونية نداءً موجّهًا من عدد ممّن وُلدوا في المملكة إلى الملك يناشدونه التفضّل بالأمر بمنحهم وأمثالهم الجنسية السعودية، لاعتبارات أهمها أنهم منذ وُلدوا لم يعرفوا غير هذه البلاد، فجذورهم في هذه الأرض ضاربة، شربوا ماءها، والتحفوا سماءها، وتنفسوا هواءها، ولم يدينوا بالولاء أبدًا لغيرها. يقول الدكتور سحاب: "وإذا كان لي صوت، فإني لن أتردد في ضمه لهم، لكن بشروط من أهمها السيرة الصالحة"،
ويؤكد الكاتب السعودي على ضرورة تحديد معنى السيرة الصالحة وإخضاع مفهومها لقوانين دقيقة ومضبوطة، يقول: "وأعلم أن شروطًا متعددة، قد وُضعت منذ سنوات مضت تعتمد على نظام النقاط المبنية على اعتبارات متنوعة، منها الشهادة العلمية، والمهنة، والعمر، وغيرها، وأعلم أيضًا أن درجة تفعيل هذه الشروط ليست بالدرجة المأمولة التي كانت متوقعة إثر الإعلان عنها آنذاك." وأضاف "وربما كان من المناسب بحث خيارات أخرى تبدأ بفترة تجربة، يخضع خلالها الراغب في الجنسية من المولودين في هذه البلاد لفترة قد تمتد لسنوات قليلة، لا تتجاوز الثلاث، على أن يتم حسم نقاط من سجله عند ارتكاب مخالفات من النوع الثقيل، مثل الغش، أو التزوير، أو حتى قطع الإشارة المرورية، وعلى أن تُضاف إلى رصيده نقاط مقابل أعمال اجتماعية إيجابية، مثل الأنشطة الكشفية، أوالتفوّق الدراسي، أو المساعدة في أعمال البر والإنقاذ وغيرها".
وللإشارة فقد انضمت السعودية مؤخرا لحملة "جنسيتي حق لي ولأبنائي", وتتأسف الناشطة "فوزية العيوني" التي تمثل الحملة بالسعودية لعدم تمكنها من تحقيق شيء يذكر في القضية، منذ مشاركتها في الحملة قبل عام. وأشارت إلى أن «دور الممثلات في الحملة اقتصر على محاولة العمل على طرح المشكلة إعلاميا ومناقشتها»، إضافة إلى«كتابة تقارير حولها، والعمل على رفع توصيات نهاية كل عام، والمطالبة بإيجاد أنظمة وحلول لها».
حملة "جنسيتي حق لي ولأبنائي" تحقق تقدما ملموسا بالبحرين والكويت رغم أنف المعارضين
انطلقت حملة "جنسيتي حق لي ولأبنائي" بدول مجلس التعاون الخليجي قبل ستة أعوام، وتبذل رئيسة الحملة "وجيهة البحارنة" جهودا متواصلة من اجل تعديل قانون الجنسية كما تهتم في برنامجها بتقديم الدعم النفسي للأمهات المتزوجات من أجانب، لأنهن يعانين من تأنيب الضمير اتجاه أبنائهن المحرومين من حقوق المواطنة، وترجع معاناتهن إلى محيطهن الأسري الذي يمارس عليهن المزيد من الضغوط ويضعهن في قفص الاتهام على أساس أن ماسأتهن هي ثمن لاختيارهن الخاطئ المتمثل في الزواج بأجنبي بدل المواطن.
وتستفيد الأمهات المتضررات من ورش عمل تساعدهن على اكتساب مهارة التغيير حتى يكون لهن دور ايجابي في الحملة.
وفي لقاء مع شركاء منظمة التضامن النسائي للتعلم من أجل الحقوق والتنمية والسلام WLP الذي عقد في جامعة "جون هوبكنز" بواشنطن مؤخراً، بينت "وجيهة البحارنة" من خلال استعراضها لملف الجنسية جهود الحملة الوطنية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية للضغط باتجاه تعديل القانون. كما تحدثت عن بعض المبادرات الرسمية في هذا الجانب والتي كان آخرها القانون رقم (35) الذي يعفي أبناء البحرينية من رسوم الإقامة، والخدمات الصحية والتعليمية، إضافة إلى منح الجنسية إلى 376 من أبناء البحرينيات، ومنح الكويتية حق كفالة زوجها وأبنائها إلى الأبد.
وترى "وجيهة البحارنة" أن "القانون 35" هو خطوة يجب أن تتبعها خطوات أخرى باتجاه تحقيق الهدف الأساس للحملة المتمثل في تعديل المادة رقم 4 من قانون الجنسية الحالي لتصبح كالتالي:
(يُعتبر الشخص بحرينياً إذا ولد في البحرين أو خارجها وكان أبوه بحرينياً أو أمه بحرينية عند ولادته)، هذا التعديل الذي من شأنه أن يحقق العدالة والمساواة للمرأة البحرينية ويمنحها الحق في منح جنسيتها لأبنائها.
وبخصوص الحقوق التي ظفرت بها المرأة الكويتية تشير الدكتورة "معصومة المبارك" في مقال لها إلى الأقلام المعارضة التي استنكرت القرار الذي يقضي بإعطاء المرأة الكويتية بعضا من حقوقها، تقول الدكتورة معصومة في مقالها الذي نشرته صحيفة الوطن يوم 26 يوليو 2010:" يفترض هؤلاء المعارضون أن المرأة قاصر في معرفة مصلحتها وبأنها ستقع عرضة لإغراءات الزواج من أجنبي يستهدف الإقامة في الكويت، أين هؤلاء من زواج الكويتي من أجنبية ولماذا لم ينظروا في انه زواج مصلحة ليس فقط ممن تريد أن تقيم في الكويت بل ممن تريد الجنسية الكويتية لأن القانون يسمح بتجنيس زوجة الكويتي؟ تناقض وازدواجية في المعالجة منطلقها الأساسي القصور في النظرة للمرأة وعدم الثقة بقراراتها حتى قرارها بالزواج، وعدم الاهتمام باستقرارها الأسري واطمئنانها على فلذات كبدها."
وتضيف "الدكتورة معصومة":" المعارضون لهم مبرراتهم الفكرية فهم لا يرون في المرأة إلا جسدا وقد شغلوا أنفسهم بكيفية حراسة وحماية وحجب هذا الجسد والخشية من ظهور أية بقعة منه حتى ما حلل الله من وجه وكفين، فالمرأة بنظرهم من رأسها حتى أخمص قدميها عورة بما في ذلك صوتها، لذا فمن الطبيعي أن يهاجموا أية قرارات لتفعيل دور المرأة في المجتمع وفتح مجالات عمل جديدة لها، فالمرأة بنظرهم تحتاج إلى حماية والى رجل يوفر لها الأمن فكيف تتحول إلى حامية للشخصيات «الهامة» وكيف تقوم بدور حماية الأمن والنظام."
وتستخلص الدكتورة معصومة في نهاية مقالها أن معارضة المعارضين تعكس خوفهم من سرعة التغيير التي ستؤدي إلى تراجع سلطتهم في المجتمع .
الإمارات العربية المتحدة: أبناء المواطنات في قاعة الانتظار
تسعى وزارة الداخلية بالإمارات مؤخرا لإعادة أبناء المواطنين المولودين في الخارج العام المقبل، و تعمل على إعداد برنامج تأهيلي لتعزيز هويتهم الوطنية ليتمكنوا من الانخراط في مجتمع الإمارات، وبالمقابل لازال أبناء المواطنات الذين ولدوا ويعيشون بالإمارات يحلمون بالحصول على جنسية بلد ينتمون إليه ويتواجدون به منذ أن رأوا نور الحياة.
فبالتنسيق مع وزارة الخارجية وسفارات الإمارات في هذه الدول، يتم إجراء مقابلات مع أبناء المواطنين المتزوجين من نساء من هذه الدول، و يتم التأكد من أنهم أبناء المواطنين، من خلال التدقيق في البيانات والأوراق الثبوتية، إضافة إلى إجراء الفحص الوراثي للتأكد من انتمائهم البيولوجي .
وأشار "المنهالي" رئيس اللجنة المعنية بالأمر إلى أن العمل مستمر ومتواصل في عدد من الدول التي يتواجد بها أبناء المواطنين من زوجة غير إماراتية، ومن المرتقب أن تنتهي اللجنة من حصر أعدادهم، ودراسة ملفاتهم قريبا، ليتم منحهم الجنسية وإعادتهم إلى الدولة.
وتعليقا على هذا الموضوع التقينا" أبو أيمن 40سنة مهندس "من إمارة أبو ظبي والذي قال لفرح: "أتأسف لحال أبناء المواطنات الذين ولدوا ويعيشون بالإمارات، ويحلمون منذ زمن بالحصول على الجنسية لأنهم فعلا مواطنون دما وانتماء مع ذلك لازالت أحلامهم وآمالهم بالمساواة حبيسة قاعة انتظار مملة." ويضيف: "بصراحة وبموضوعية تامة، لا ينبغي التمييز بين أبناء المواطن و أبناء المواطنة"
ويتأسف أبو أيمن قائلا:"غريب أمر بعض الدول العربية، ترفض إعطاء المسلم حقه في الانتماء إليها متجاهلة رابطة الدين والدم بينما نجد دولا أجنبية تمنح جنسيتها للعرب المقيمين بها لدرجة أن هناك شخصيات مهمة من أصل عربي تشغل مناصب حساسة ولديها الحق في القرار في دول كفرنسا و بلجيكا مثلا."
قانون الجنسية بالمغرب:تعديل جوهري ينصف المرأة والأسرة المغربية
أعلن جلالة الملك "محمد السادس" في خطاب العرش الذي ألقاه في مدينة طنجة يوم 30 يوليوز 2005 عن تخويل الأم المغربية، حق منح جنسيتها لأبنائها من زوج أجنبي، في تعديل تاريخي وغير مسبوق لقانون الجنسية، وبذلك صار بإمكان المرأة المغربية نقل جنسيتها إلى أبنائها.
و جاء هذا القانون لينصف العديد من أبناء المواطنات المغربيات ويضع حدا للمشاكل القانونية والإدارية التي طالما عانوا منها الكثير.
وبموجب هذا القانون، تنقل جنسية الأم المغربية لأطفالها بصفة تلقائية، فالمادة الجديدة من القانون تنص على أنه " يعتبر مغربيا الطفل المولود من أب مغربي أوأم مغربية".
وقد ارتبط تعديل قانون الجنسية أساسا بالملائمة مع ما تضمنه قانون الأسرة، وهو ما أعلنه جلالة الملك في خطابه حين قال : "نؤكد عزمنا الراسخ على تعزيز ما حققناه من تقدم رائد، بما كرسته مدونة الأسرة من حقوق والتزامات، قائمة ليس فقط على مبدإ مساواة الرجل والمرأة، ولكن بالأساس على ضمان حقوق الطفل، والحفاظ على تماسك العائلة، وصيانة هويتها الوطنية الأصيلة".
وبخصوص قانون الجنسية المغربي، التقينا "نادية الشاذلي" موظفة بالقطاع الخاص من البيضاء والتي قالت لفرح :"ارفض أن أكون مواطنة من الدرجة الثانية لذا أرى أن التشريع المغربي كان منصفا حين أعطى المرأة الحق في منح أبنائها جنسية بلدها."
وتضيف نادية: "لا أتصور كيف يمكن أن تحرم المرأة من هذا الحق خصوصا مع انتشار الزواج المختلط في جميع البلدان العربية فالتواصل صار ممكنا بين نساء ورجال من مختلف البلدان وغالبا ما يكون الزواج هو الهدف، وبعيدا عن الاسترسال في عالم الأحلام الوردية فإننا نعلم جميعا أن أي زواج قد يتعرض للفشل سواء كان الزوج من نفس جنسية الأم أو من بلد آخر، وهنا نتساءل: كيف تعيش امرأة عادت لبلدها بعد زواج فاشل حاملة أبناءها الذين تحرمهم قوانين متآكلة من حقهم في المواطنة؟
وشخصيا فان إحدى أخواتي تزوجت من فرنسي مسلم وقررا معا العيش في المغرب حفاظا على هوية الأبناء وانتمائهم الديني فزوج أختي الفرنسي صار يفوقها تدينا و يخشى أن يكون عاجزا عن تلقين أبنائه مبادئ الدين الإسلامي وسط مجتمع فرنسي يحمل أفكارا وقيما مختلفة.
في البداية اصطدمت أختي وزوجها بعدة مشاكل فأبناؤهم كانوا بحاجة إلى إذن بالإقامة ليعيشوا في بلدهم، وحتى إلى تأشيرة دخول للمجيء إلى المغرب. ولم يحسوا بالاستقرار إلا منذ إقرار التشريع المغربي الذي يمنح الأبناء من أم مغربية وأب أجنبي الجنسية المغربية ليتمتعوا بحقوق المواطنة كاملة."
قانون الجنسية الليبي الجديد لا يستثني أبناء الأزواج الفلسطينيين
وفي ليبيا ناضلت جمعية "واعتصموا" للأعمال الخيرية من اجل تعديل قانون الجنسية، وعقدت الدكتورة "عائشة معمر القذافي"، الأمين العام لهذه الجمعية وسفيرة النوايا الحسنة لدى الأمم المتحدة، سلسلة من النقاشات والندوات الحقوقية والقانونية طيلة السنوات الماضية مع كبار المسئولين الليبيين سعيا لتخويل الليبيات المتزوجات بأجانب الحق في منح جنسيتهن لأبنائهن وتمكينهن كمواطنات من نيل حقوقهن الإنسانية والاجتماعية كاملة.
واستندت "عائشة القذافي" في مطالبها إلى التشريعات الليبية التي تساوي بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات...وبعد تقديم العديد من المذكرات إلى أمانة مؤتمر الشعب العام (البرلمان الليبي ) للمطالبة بمنح أبناء المرآة الليبية جنسية والدتهم والتي عرضت على المؤتمرات الشعبية الليبية، تكللت جهود جمعية "واعتصموا" بوضع قانون جنسية جديد سنة 2010 يمنح النساء الليبيات المتزوجات من أزواج أجانب الحق في منح الجنسية لأطفالهن ((ولم يستثني هذا القانون أبناء الفلسطينيين المتزوجين من ليبيات بل شملهم الحق في منح الجنسية)).
وقد نوهت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بقانون الجنسية الليبي الجديد، ورأت فيه خطوة هامة للأمام في مجال تطبيق العدل وإقرار المساواة وتمكين المرأة من نيل حقوقها كمواطنة.
و في تقرير نشرته المنظمة على موقعها الإلكتروني، قالت نادية خليفة "باحثة قسم حقوق المرأة المعنية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" إن قانون الجنسية الليبي الجديد، رقم 24 لسنة 2010 "سييسر للنساء الليبيات المتزوجات من رجال من جنسيات أخرى حصول أبنائهن على جنسيتهن الليبية".
كما أكدت أن تمكين المرأة من حقوقها كاملة يبقى "رهن درجة عدالة تطبيق القانون الجديد".
تونس: تنقيح جديد في قانون الجنسية لإقرار المساواة الكاملة بين المرأة والرجل
يعطي قانون الجنسية في تونس منذ سنة 1993 النساء التونسيات المتزوجات من أجانب الحق بمنح الجنسية لأبنائهن شرط ولادتهم على الأراضي التونسية، وبشرط تصريح مشترك من كلا الوالدين يخوّلهم الحصول على الجنسية قبل بلوغهم سن التاسعة عشرة.
وتم تعديل هذا القانون سنة 2002 ليسمح بالاكتفاء بتصريح الأم وحدها في حال وفاة الأب أو فقدانه أو انعدام أهليته قانونًا.
ومع ذلك، لم يتمكن هذا القانون من إلغاء التمييز بين الرجل والمرأة تماما بخصوص حق منح الجنسية للأبناء، ونشير هنا مثلا إلى مسألة "عدم تمكن الابن من الحصول على الجنسية في حالة طلاق الأبوين وممانعة الأب الأجنبي الترخيص لابنه بالحصول على جنسية والدته التونسية ."
ولتجاوز هذا المشكل، تعمل تونس مؤخرا على تنقيح قانون الجنسية لديها لتحقيق المساواة الكاملة بين المرأة والرجل كما هو الحال في المغرب والجزائر.
ويهدف مشروع القانون الجديد الذي اعتمده مجلس الوزراء يوم 8 سبتمبر2010 برئاسة الرئيس زين العابدين بن علي إلى إلغاء جميع مظاهر التمييز بين الجنسين المتعلقة بمنح الجنسية التونسية للأبناء وذلك بتعديل أحكام قانون الجنسية التونسية، وبناء عليه سيصبح بإمكان الأم التونسية منح جنسيتها لابنها سواء ولد داخل الوطن أو خارجه، وستمنح الجنسية التونسية بموجب هذا التعديل "لكل طفل مولود لأب تونسي أو لأم تونسية بقطع النظر عن مكان ولادته سواء أكانت بتونس أو خارجها"، كما سيقضي "بإقرار الجنسية التونسية لمن ولد من أم تونسية وأب مجهول أو لا جنسية له أو مجهول الجنسية ولمن ولد بتونس من أم تونسية وأب أجنبي."
و من خلال جولتنا هذه، لاحظنا أن بلدانا عربية معينة كانت جريئة في اتخاذ القرار و أنصفت أبناء المرأة العربية، و أخرى تسير نحو نفس النهج لتلحق بركب الأولى و نتمنى أن تحذو باقي الدول التي ما زالت مترددة حذو من سبقتها لكي تحقق المساواة التي تحدث عنها القران الكريم بين الرجل و المرأة، و تجعل النساء العربيات يعشن بكرامة داخل أوطانهن دون خوف على مستقبل أبنائهن...
نعيمة الزيداني
مجلة فرح
02.10.10 13:46 من طرف متابعات