الخلافة لإختراع , ابتداعه الصحابه , رداً علي الدكتور العوا
ذهبت إلي جمعية مصر للحوار و الثقافة في حوال عام 2001 وكان الدكتور محمد سليم العوا و هو رئيس الجمعية يلقى محاضرة في الموسم الثقافي لها , و كان موضوع المحاضرة ( المذهب الإباضي و نظرة علي أفكاره) و في ثنايا المحاضرة تكلم عن راي الاباضية في جواز تعدد الولايات الساسية في الاسلام , و علق فضيلة الدكتور علي ذلك قائلاُ ( ياريت أهل السنة تستفيد من هذا الرأي ) فقمت معقباُ علي كلامه إن أهل السنه يرفضون هذا الرأي لوجود النصوص التي تمنع أن يكون هناك أكثر من ولاية سياسية و الأحاديث في ذلك كثيرة و اكثرها ورد في صحيح الإمام مسلم تحت باب " الجهاد " فصل (الإمارة ) , و لم يخالف في رأي أهل السنة إلا من قال " بجواز تعدد الولايات السياسية إذا فصلت بينهما حدود و بحار يستحيل معها فرض السلطان و الأمن و علي ذلك كانت خلافة بين أمية في الأندلس جائزة شرعاً " أم الرأي الذي كان أكثر جرأة في هذا الأمر هي رأي الإمام محمد بن علي الشوكاني في كتابه (السيل الجرار المتدفق علي حدائق الأزهار ) و هو من أخر ماكتب متأثراً بمذهب الزيدية , و لم يجد هذا الرأي أي قبول داخل أهل السنة , حتي إن الشيخ رشيد رضا في كتابه (الخلافة ) و هو من الكتب التي ظهرت بعد كتاب الشوكاني , يعتبر أنه لاتوجد ولاية سياسية في العالم الإسلامي كله إلا ولاية بني عثمان فهو و لاة أمر المسلمين و خلافتهم الشرعية , و هو أخر ماكتب في أمر الخلافة قبل سقوطها و تكالب الشرق و الغرب عليها . و كان رد الدكتور العوا إن هذا صحيح و لكن أذكرها لمجرد إظهار آراء المذهب الإباضي فقط .و لكن العجيب أن يأتي الدكتور علي شاسة دريم في حواره في الطبعة الأولي لكي يعيد علينا ماقاله في كتابه ( النظام السياسي في الدولة الإسلامية ) ,و في المحاضرة سالفة الذكر مؤكداً في حواره علي إن الخلافة لم تكن نظام شرعي للدولة الإسلامية , بل هو نظام اختراعه الصحابه و زاد في كلامه قائلاً و لو شئت الدقة هو نظام ابتداعه الصحابه لكي يسير ركب الدولة الإسلامية و لكنه من البدعة الحسنة . هذا الرأي هو تريدد لما قاله كثير من المستشرقين أولاً ثم ردده ورائهم من المضبوعين بهم ثقافة و فكراً , بدء من كتاب علي عبدالرازق المشكوك في نسبه إليه وميل أكثر الباحثين إلي إنه لطه حسين رواية عن أستاذه المستشرق مرجليوث و هو الحاقد علي الإسلام ظاهراً و باطناً , ثم أنتشر هذا الرأي واصبح هو الرأي السائد في جميع الأوساط الفكرية و الإسلامية , و اصبح الرأي الذي يقول بخلافة و احدة لايقول به إلا بعض التيارات السياسية الإسلامية , بل و أصبح رأيها يعتبر خارج عن مجموع الأراء المتبنه داخل العقل البحثي في العالم الإسلامي , رغم مخالفة هذا للاحاديث الصريحة و الواردة في صحيح الإمام مسلم و منها أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ومَنْ بايع إماماً، فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه، فاضربوا عنق الآخر». ولما روى مسلم عن عرفجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ أتاكم وأمرُكُم جميعٌ على رجل واحد، يريد أن يشقّ عصاكم، أو يُفرّق جماعتكم، فاقتلوه». ولما روى مسلم عن أبي سعيد الخدريّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا بُويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما». ولما روى مسلم أن أبا حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين، فسمعته يُحدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلّما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فُوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم». هذا الأحاديث تعطى دلالالة واضحة عن لايجوز أن يكون للمسلمين أكثر من خليفة، وأكثر من دولة واحدة. و الثانية إن الخلافة ليس اختراع الصحابه بل هو النظام الذي تكلم عنه الرسول في الأحاديث النبوية , كلام مباشر و صريح لا يحتاج إلي تأويل أو إجتهاد في اختراع نظام سياسي للدولة الإسلامية , مادام الشرع قد أتي بنظام محدد , و تبقي الاجتهادات في كيفية تطبيق هذا النظام فيما لم يرد فيه نص أو فعل عن الرسول و الصحابه في و سط تجمع منهم و يكون دليله إجماع الصحابه , و هو الدليل المتفق عليه داخل أهل السنه .العجيب في الدكتور العوا إنه بالرغم من كلامه عن رأيه في الخلافه عند أهل السنه , يمتدح مايسمي بولايه الفقه في النظام الإيراني الحديث و اعتبر أنه ابتكار حل الإشكاليه التي مازالت مثار جدل داخل أهل السنة , و غاب عنه الفرق بين الرأيين , فالشيعة يتكلمون عن خليفة بعينه و له مواصفات , ففي الفكر الشيعي الاثني عشري : فإن الحكم يكون محصورا في الائمة من نسل علي بن ابي طالب رضي الله عنه وهم اثني عشر اماما آخرهم الامام المهدي الذي اختفي في السرداب منذ اكثر من الف ومائتي عام حين كان طفلا وهو محمد ابن حسن العسكري والذي ينتظر الشيعة الامامية ظهوره , وفي غيبة الامام الثاني عشر الذي طالت غيبته تم طرح نظرية "ولاية الفقيه" من جانب آية الله الخوميني ومهمة هذا الفقيه هي ان ينوب عن المهدي المختفي وقد لاقت تلك النظرية العديد من المؤيدين والمعارضين فى الحوزات العلمية، ووفق تلك النظرية فإنه لابد من تشكيل حكومة إسلامية بواسطة فقيه عادل، ويعهد إلى نفسه بمبادرة تشكيل هذه الحكومة فى إيران. وبناء على اعتقاد الإمام بتأثير الزمان والمكان على الاجتهاد فى الأحكام الإسلامية، وعلى أساس حصول ضرورات فى شكل الحكم الإسلامي، قدم الخوميني فكرة "الجمهورية الإسلامية" كنموذج يناسب أفكار، ومعايير المجتمع البشري لهذه الفترة.هذا الولاية ليست محل إجماع بين فقهاء الشيعة أنفسهم و رغم ذلك يمتدحها الدكتور العوا و يعتبرها بمثابه طوق النجاه للفكر السياسية الإسلامي و هذا راي جانبه الصواب كثيراً لعدم و جود إشكاليه داخل نظام الخلافة كما يراه أهل السنة , و مازالت كتب السياسية الشرعية التي كتبها فقهاء المسلمين السابقين أوالتي كتبها المسلمين المعاصرين , أم الأفكار الانهزامية و التي لا تعبر عن الإسلام الصحيح نظرا لسقوطها أمام الزحف الثقافي الغربي , و التي أدت بنا الي البحث عن حلول لمشكلة ليست موجودة من الأساس .
محمود طرشوبي