مسلســـلات الموســـم الجديـــد
توقعات والملاحظات


يبدو أننا لن نشاهد في رمضان الكريم القادم ما يُشبع فضولنا، ويحقق أملنا في تحسين نوعية إنتاجنا الدرامي التلفزيوني، سواء من حيث الأفكار والمواضيع، التي يتناولها، أو في مستواه الفني والتقني، الذي وعدتنا به شركات القطاع الخاص ومديرية الإنتاج التلفزيوني، على الرغم من أن هذه المديرية جددت شبابها قبل أيام، وسلّمت زمام أمورها إلى فنان شاب مثقف طموح موهوب، هو المخرج فراس دهني.
وإذا لم نكن متفائلين بما سوف نشاهده في رمضان هذا العام من مسلسلات سورية، فلأننا نقرأ عناوين الأعمال القادمة، التي يجري تصويرها الآن، وقد تشكّلت لدينا من الأعوام السابقة خبرة حول مستويات الكتّاب والمخرجين والمنتجين والمنفذين والشركات المموّلة وهي: خليجية أو أجنبية تجارية، أو هي معادية للعرب أو ساعية إلى إلهائهم بمشاكل دينية أو غرامية فارغة، وتكريس التخلف والغيبيات وأحكام القضاء والقدر على إدارتهم شؤون حياتهم وتقرير مستقبلهم، الذي تهدده أخطار جسيمة.



سوف تُعرض على الشاشات العربية مسلسلات هي: إما أجزاء ثانية أو رابعة لمسلسلات قديمة، لا حظنا بأسف شديد إقبالَ جمهور الفضائيات على مشاهدتها مثل: باب الحارة وبيت جدي وأهل الراية وبقعة ضوء وغيرها... وقد تأكدنا العام الماضي من فشل إنتاج الأجزاء العديدة، وبدا لنا الجزء الثالث من باب الحارة، أسوأ بكثير من الجزأين اللذين سبقاه، وعرفنا أن القناة المنتجة والمخرج (ب.م)، راحا يستبدلان أبطال العمل بسواهم، ويختلقان في النص قصصاً مقحمة تتحدث عن الثورة السورية... فهل صارت الثورة السورية ملحقاً على السقف أو مستودعاً في القبو أو مادةً احتياطية إضافيةً، يمكن منها افتعال المشاهد ومطّها، وإقحام الأحداث والشخوص والمواعظ الوطنية المباشرة في الدراما السورية؟!.
أما شركة أوربيت، التي تموّل وتنتج أعمالاً مشابهةً، مثل الحصرم الشامي بأجزائه الثلاثة، حتى الآن فهي كما أعلمتنا قناة «دراما سورية» على شاشتها مستمرة بهذا النوع من الإنتاج، الذي ينشر أوساخَ تاريخ دمشق، اعتماداً على ثرثرات ونزوات الحلاق أحمد البديري، بعد أن أثبت كذبه وافتراءاته العديد من كتّاب الفترة التاريخية المعاصرة، التي يُفترض أن أحداث المسلسل المذكور جرت فيها، يُضاف إلى ذلك انخفاض مستوى هذا المسلسل الأخلاقي، وتركيزه على أحداث اجتماعية لا أخلاقية، حسب ما رواه الحلاق البديري في كتابه الأصفر المشؤوم.. كما أن المخرج والمنتج المنفذ يوسف رزق، الذي يظهر باستمرار على شاشة الدراما، فيمدح نفسه وعبقريته، ويذمّ زملاءَه بمن فيهم المصريون، الذين تعلّم المهنة على أيديهم، فهو ماضٍ أيضاً بخط الإثارة المجانية والعنف الدموي الكريه، ويدّعي الآن في عمله الجديد تقديم خدماته للقضية الفلسطينية في مسلسل بعنوان: «سفر الحجارة»، الذي تدور أحداثه كما قال المخرج حول الانتفاضة الثانية والثالثة، وسوف نرى على الشاشة مدى نجاحه أو فشله في هذه الخدمات القومية، بعد أن كرّمته قناة دراما سورية بعرض أعماله الرديئة، الدموية الموبوءة بكاملها، وفقدت بذلك من قد بقي مخلصاً لها من جمهور المشاهدين، الذين فرحوا بإنشائها.. وتجتهد شركة سورية الدولية في إنتاج أجزاء جديدة من أعمالها القديمة، مثل أهل الراية، على الرغم من اعتذار بطله جمال سليمان، وكذلك عدد من المخرجين عن الاستمرار بعد فشله الذريع في جزئه الأول، اضف إلى ذلك الخلل، الذي يحدث في الجزء الثاني من بيت جدي، والذي لا يختلف عن الضربة، التي تلقّاها باب الحارة بقتل أبي عصام، لأنه رفض شروط المحطة المنتجة والمخرج المغوار، مع أن الخلل في بيت جدي، كان لأسباب طبيعية لم تكن بيد أحد، وأهمها وفاة الفنان النجم ناجي جبر، البطل الحقيقي للمسلسل... ثمّة بالمقابل أعمال قادمة سمعنا، ونتوقع أنها جيدة نسبياً مثل «الدوامة» من إخراج المثنى صبح، وإنتاج سورية الدولية عن نص لممدوح عدوان، وكذلك «زمن العار» لحسن سامي يوسف، بتوقيع رشا شربتجي، وإنتاج شركة عاج، سمعنا أيضاً عناوين كئيبة سوداوية مثل «قاع المدينة» و« أصوات خافتة» و« الخوف والعزلة» و«وقلبي معكم»، وبوليسية مثيرة مثل «على قيد الحياة» و«رجال الحسم»، وعناوين لأعمال مكررة ودينية مباشرة مثل «صدق وعده» عن السيرة النبوية بإنتاج فني كبير، ولا ندري ما سوف تضيفه إلى معلوماتنا عن بزوغ فجر الإسلام.
ولا ننسى أن القطاع العام بإدارته الجديدة، سيكون حريصاً على عرض أفضل أعماله وعلى قنواته الأربع، وهي: الأولى والثانية والفضائية ودراما السورية، ولا نظن أنه سوف يعيد عرض أعماله الجديدة الرديئة مثل: «خبر عاجل» و«جريمة بلا نهاية»، بل هو يعدّ أعمالاً جيدة تُعرض لأول مرة مثل «على موج البحر» من إخراج أسعد عيد، عن نص إذاعي لإلياس الحاج، ومسلسل ««الموعود» من تأليف رنا إبراهيم وإخراج محمد اسماعيل آغا، ومسلسل بعنوان «صور عائلية»، يروي في كل حلقة منه قصة اجتماعية منفصلة معاصرة، وهو من تأليف عدنان حبال وإخراج غازي إبراهيم، ويشارك في أعمال القطاع العام معظم النجوم، الذين تحوّلوا في فترات سابقة إلى العمل لدى القطاع الخاص، وعادوا الآن إلى شاشتهم الوطنية الرائدة ليساهموا في الإدارة الجديدة في تطوير الدراما السورية وتجديدها، وترك المجال لقيام منافسة شريفة بين القطاعين سواء في الإنتاج أو التسويق أو الترويج، بهدف الابتعاد عن المتاجرة، أو العمل لحساب التجار وعملاء المحطات المموّلة، التي ذكرنا أسماء بعضها، ونرجو ألا تخضع الدراما السورية لسياساتها أو تحتاج إلى رؤوس أموالها.

عدنان حبال
جريدة البعث السورية