تحية للقابضين على جمر إبداعهم

مدير التحرير المشاركات : 218 . :

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]كتب :صبحى موسى
هل نحن مجتمع مريض بالفصام والهوس والاكتئاب والهذيان والوساوس القهرية والخوف من المستقبل وعدم القدرة على الخروج من عباءة الماضى؟ هل كشفت الثورة العديد من أمراضنا النفسية التى اختمرت تحت وطأة القهر والاستقرار الذى غازلنا به نظام مبارك لسنوات طويلة، وهل أمراضنا النفسية لا سبيل لعلاجها سوى الاعتراف بها ومواجهتها كما يقول علماء النفس؟ العديد من الأسئلة التى دارت فى أذهاننا ونحن نتحدث مع رئيس قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة حلوان الروائى والباحث الدءوب الدكتور محمد حسن غانم، والذى أبدى حماسا كبيرا فى اقتراح المحاور وأسماء المشاركين والاتصال بهم، كانت فكرتنا تتجسد فى أن المجتمعات فى حالتها العامة تتشابه فى الأفراد، وأنها تصاب بالمرض النفسى الذى يسيطر عليها ويدفعها نحو خيارات محددة، واتخاذ خطوات وقرارات غير صائبة، لا لشىء سوى أنها فى حالة عدم اتزان نفسى، إما بسبب التغييرات الكثيرة التى تعيشها مما يجعلها تعانى القلق أو الخوف أو الاغتراب، وهو ما يتسبب فى زيادة انتشار أمراض كالفصام والهلاوس والاكتئاب والخوف من المستقبل. كانت فكرتنا أيضا أن الصفوف فى مثل هذه اللحظات يجب أن يتقدمها علماء النفس وأطباؤها، وليس أستاذة التنمية البشرية أو غيرها، فرغم أهمية هذه العلوم إلا أن الطب النفسى هو الأليق للتعامل مع الجمهور فى تلك اللحظة، فضلا عن أننا لن نجد توقيتا أفضل من هذا كى نعيد الاعتبار لعلماء النفس وحضورهم الثقافى، فطالما ما زلنا نخاف من الاعتراف بمرضنا النفسى فإننا سنظل نناور ولن نصل إلى العلاج الناجع، ومن ثم فكرنا فى أن تأخذ الثقافة الجديدة على عاتقها الدعوة العملية للاهتمام بعلم النفس، وجعله فى مقدمة العلوم التى تتعامل مع الجمهور العام فى هذه اللحظات المضطربة، لكن أساتذة علم النفس أنفسهم لم يكونوا على قدر الطموح، فكثير منهم اعتذر، وأغلبهم لم يكن ابن منطقة الكتابة، مما جعلنا نقتصر على خمس دراسات فقط، ليكون هذا الملف هو الأقل فى عدد الدراسات المشاركة، وإن كان الأكثر دهشة فى المناطق التى يرصدها. فى هذا العدد ننشر نصا مسرحيا من فصل واحد للكاتب المسرحى العظيم محمود دياب، وهو نص “الغرباء لا يشربون القهوة”، وذلك تحية منا إليه كواحد من أبرز المبدعين الذين قدموا طرحا وخيالا مختلفاً، وتذكيرا بضرورة نشر أعماله المسرحية الكاملة، فى خضم ما تنشره مطابعنا من أعمال تحمل هذا المسمى رغم أن أصحابها ما زالوا أحياء بيننا، وقوس إبداعهم لم يغلق دائرته بعد. ننشر أيضا لأول مرة قصصا لخمسة عشر قاصا، احتفاء منا بهؤلاء القابضين على جمر إبداعهم الرهيف، رغم ما يدور حولهم من لغط عن زمن الرواية، وجوائزها التى تملأ كل مكان، وحضورها الدائم فى الملتقيات والندوات، وصراعها الدائم فى مضمار الأكثر رواجا والأكثر مبيعا والأكثر شهرة، رغم أن أن القصة القصيرة هى الأكثر كثافة ووعيا وانتباها للحظة الأكثر إنسانية، القصة هى التى تنوعت الآن ما بين الطويلة والقصيرة واللمحة، مستفيدة من الشعر وفى إيقاع اللغة وانتظامها، ومن المسرح فى درامية الحدث وتصاعده، وطرحت أفكارا وتقنيات وخيالا يستحق التوقف أمامه، ورد الاعتبار لأصحابه من القديسين الزاهدين المرابطين فى محراب الفن الأكثر قدرة على تشريح النفس البشرية وخلجاتها ونقاط قوتها وضعفها فى لحظتنا هذه.

صبحى موسى