مقلب وشربتموه! / بقلم ليلى بديع

الإدارة المشاركات : 3446 . :

[img][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/img]

بقلم ليلى بديع

حكايات أهل القرى الجبلية النائية.. تأخذك إلى مطارح العِبر والحِكم.. سواء أكانت تلك الحكايات من جلسات «المصاطب» في الصيف.. أو من حكايات سهرات الليل الطويل في الشتاء.. حيث لا مفر لرجال تلك القرى إلا السهرات عند بعضهم البعض.. أما إذا أثلجت وكان المطر غزيراً.. فإنّهم ينامون عند بعضهم البعض حول الموقد.. في الغرفة الشتوية.. حيث يكون مجلسها.. عبارة عن فراش مبسوط مع مساند دائر ما دار الغرفة..
من حكايات القرية.. سنعطيكم عِبرة الفلاح اللبناني أبو محمود.. كانت السهرة في منزله.. وقام ليُعِد الشاي لزوّاره من الأهل والأصدقاء (وعادة سكّان القرى أقارب أو أبناء عمومة أو خالات أو أخوال).. لكنه اكتشف أنّ السكّر مفقود من البيت.. والمطر في الخارج غزير.. وبالطبع دكّان القرية مُقفل.. فأعدَّ الشاي بعدما خمّره وصبّه في الكبّايات.. وجاء يقدّمه للحاضرين قائلاً: «هناك كبّاية من غير سكّر.. فمَنْ تكون من نصيبه يكون صاحبها رجل نحس»..
ودار الشاي على الحضور.. فشعر كل واحدٍ منهم بأنّه هو الشخص النحس.. لكنهم جميعاً صمتوا، ولم يقل أحدهم للآخر بأنّه هو النحس..
مضت السهرة وتفرّق الجمع.. وفي اليوم التالي صباحاً بعدما أشرقت الشمس.. اجتمع البعض منهم في ساحة القرية.. وراح كل واحدٍ منهم يحدّث صديقه الأقرب.. بأنّه هو الذي كان النحس.. فيعارضه المستمع بل هو النحس.. حتى اجتمع الجميع واكتشفوا أنّهم جميعاً شربوا الشاي من دون سكّر.. فأخذوا كيلوغراماً من السكّر وذهبوا إلى بيت أبو محمود قائلين له.. «جعلتنا نتخوّف جميعاً من أنْ تكون قُرعة النحس قد وقعت على كل منّا.. قُل يا رجل بأنّ السكّر انتهى في بيتك ولا تجعل واحدنا يفكّر بأنه النحس».. فضحك أبو محمود قائلاً: «مقلب وشربتموه!».