حكايات القرية المصرية تتجلى في 'حينئذ' / بقلم: محمد عطية محمود

الإدارة المشاركات : 3446 . :

يشكل عالم القرية بكافة صوره، ملمحا مهما في تكوين كتابات القاص "عبدالفتاح عبدالفضيل" يتقاطع سرديا في مجموعته القصصية الأولى "حينئذ"، الصادرة هذا العام عن مطبوعات ندوة الإثنين بالإسكندرية، التي يشرف عليها الناقد السكندري عبدالله هاشم.

حيث تلتحم لديه الصورة الكاريكاتورية الساخرة لبعض شخوصه، مع تلك المفردات المتعانقة مع المكان/ القرية، وما تلح به على وعي الكاتب، من خلال كل تلك النماذج الواقعة تحت سطوة الحكي، ومعترك الحياة، معا، بكل ما تحمله من تضادات وعلاقات متشابكة، ربما فرضتها معايشة الكاتب لها، فالكاتب بالطبع ابن لبيئته يتأثر بها، ويمتح منها، وينقل عنها، بما يسمح بإنتاج فن أو إبداع مواز لتلك الحياة؛ فتلوح من خلال أغلب قصص المجموعة هذه الدقة المشوبة بالحذر في التعامل مع الجانب الإنساني وحسه الساخر، الذي يتناول الحياة من خلال شقيها الموت/ الحياة، وما تطرحه هذه الأحوال من تناحرات واختلافات قد تقود إلى وقوع تلك النماذج فيما يقترب من مفهوم العبث، فعملية الاقتران بين الحياة على هذه الأرض/ القرية/ الوطن، تقوم بموازاتها من خلال كتابة القاص وتوجهه نحو جدل هذه العلاقات الملتبسة بين الشخوص، وهو ما يدفع للتعانق مع الموروث البيئي والتاريخي والشعبي والشفاهي من خلال طرح الأمثال الشعبية سواء في عناوين القصص أو في متونها، والذي يظهر جليا من خلال الممارسات الإنسانية المتداولة على خريطة المكان وتضاريسه الدالة عليه، والتي تلح دوما في الظهور على ساحة القص، ومن قبل كما قلنا على وعي الكاتب.

وحيث يختلط هذا الوعي بإدراك القضايا المهمة والمصيرية التي يمر بها الوطن الأكبر من منعطفات تاريخية تجد لها من خلال تلك النماذج التي يتعامل معها الكاتب في نصوصه، من مساحات التماهي والانصهار والتماثل، ما يقرب هذه النصوص من الانغماس في الشأن العام، ومما يجعلها كتابة متورطة في تسييج العمل الأدبي والإبداعي في نطاق/ حيز التعبير عن المفهوم الجذري للمكان الذي يبدأ غالبا لديه من فضاء القرية إلى الفضاء الأوسع، فضلا عن محاولات الكاتب الحيية، التي قد تحسب له، لكسر نمط الكتابة التقليدية، واستدعاء تقنيات مثل الترقيم العددي للمقاطع، وكذا عمليات التى تقترب من فن السيناريو وتقطيع المشاهد وعنونتها، والتي يقوم بها لتضفير عمله القصصي المفعم بالواقع والملتحم معه.

محمد عطية محمود ـ الإسكندرية