[img(300,202):5556]http://m3loma.com/news/newsgfx/1_896613_1_34[1].jpg[/img:5556]أدباء موريتانيا يؤبنون الأديب الراحل الطيب صالح
المصدر:الجزيرة نظم الكتاب والأدباء الموريتانيون أمس أمسية تأبينية للأديب السوداني وعبقري الرواية العربية المرحوم الطيب صالح وسط حضور رسمي بارز من الجانب الموريتاني ومن البعثة الدبلوماسية السودانية في نواكشوط وتحدث الأدباء كثيرا عن الراحل أخلاقا وشمائل، وثقافة ومعارف، كما توقف العديدون عند ذكريات خاصة جمعتهم مع الرجل، لكن الكل أجمع بشكل خاص على أن للراحل علاقة خاصة بموريتانيا واهتماما فريدا بأرض المليون شاعر.
وزير الثقافة الموريتاني سيدي ولد صمبا رأى أن اللقاء التأبيني يشكل انعكاسا له قائلا إن الفقيد "جمعنا اليوم وهو غائب كما كان يجمعنا حيا على مائدة كتاباته".
وشدد على أنه وحتى وهو بعيد عن عالمنا فإنه سيبقي حيا في قلوبنا وبين ظهرانينا خاصة أنه "لم يترك مناسبة إلا أثنى فيها على الموريتانيين الذين كانت رواياته مسرحا حيا لحياة مطابقة لحياتهم اليومية".
وغير بعيد من ذلك أكد السفير السوداني بنواكشوط ياسر خلف أن الراحل ينحدر في الأصل من أسرة شنقيطية (موريتانية)، كما أنه بالنسبة للسودانيين مثل ثالث النيلين حيث كان بمثابة نهر من العلم والثقافة المتدفقة في ربوع السودان وفي كل أرجاء عالمنا العربي وحتى العالمي.
وأثنى السفير كثيرا على أخلاق الطيب، مشيرا إلى أنه رغم سعة إبداعه وتمرسه الثقافي فقد عاش بسيطا متواضعا، وكان يحمل قلبا كبيرا يتسع لكل الآلام والآمال ويمتلئ بحب الآخرين، وهو ما جعله يقول ذات مرة إن "الناس عندما يأتون يوم القيامة يحملون أعمالهم الصالحة إلى ربهم فإن الطيب صالح سيقول يا ربي عبدك الطيب صالح جاءك لا يحمل إلا المحبة".
أما نقيب الأدباء الموريتانيين كابر هاشم فقال إن أدباء موريتانيا عاكفون على إصدار كتاب عن المرحوم الذي كان قلما مبدعا وإنسانا طيبا بحق، داعيا الجميع وخاصة الأجيال الشابة إلى الحفاظ على الثروة الغالية للرجل والاهتمام بها دراسة ومتابعة.
واعتبر الشاعر والأديب الموريتاني الشهير أحمدو ولد عبد القادر أنه عندما رأى التراب ينهال على الجسد الطاهر للأديب الطيب تأكد أن الرجل ولد ولادة جديدة، لأن عمق أدبه وثراء فكره وذكره الحسن بعد رحيله سيستفز المهتمين وأرباب الأدب فيكتبوا عنه وسيدفع الأجيال الجديدة لقراءة تراث الرجل فيكون بذلك أكثر حضورا وأنصع إشعاعا.
وقال ولد عبد القادر إن "موسم الهجرة إلى الشمال" مثلت غرة روايات الطيب صالح، ونالت أهميتها من جملة اعتبارات من ضمنها أنها طرحت موضوع صراع الحضارات بشكل يختلف تماما عما يطرحه اليوم منظرو اليمين المسيحي الصهيوني في أميركا.
واختتم قائلا "رحمك الله يا أيها الطيب فقد عرفناك فأحببناك، وفقدناك وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر".
ظلم
واستعرض الباحث والأستاذ الجامعي السيد ولد اباه العديد من ذكرياته مع الراحل التي تمتد عبر فضاء زمني واسع، مشيرا إلى أنه عاش مظلوما حين تختصر معارفه وتحصر في زاوية الرواية التي لم تمثل سوى جزء بسيط ومحدود من دائرة اهتمامه ومن قدراته المعرفية وإنتاجه الأدبي الثر الواسع.
فقد كان رحمه الله -يضيف ولد اباه - ناقدا متميزا ذا رأي صارم في وجه نزعات النقد الحديث وخصوصا البنيوية والتفكيكية، كما كان حكواتيا مبدعا رغم محدودة انتشار هذا النوع الأدبي، كما جدد أيضا أدب الإمتاع والمؤانسة، هذا فضلا عن كونه من الكتاب المميزين لأدب الرحلات، وهو إلى كل ذلك قمة في الخلق والتواضع لا يرغب في الحديث عن نفسه وكثيرا ما يخفي نفسه تواضعا خلف بعض الأقنعة، وما قصة مصطفى سعيد بطل روايته "موسم الهجرة إلى الشمال" إلا خير دليل على ذلك.