للنشر الإدارة
المشاركات : 3446 . :
| موضوع: الدستور الأول للدولة الإسلامية الأولي 10.09.13 18:00 | |
| [rtl] [/rtl] - اقتباس :
- [rtl] [/rtl]
[rtl]مصطلح (الدستور) ـ كما يقول اللغويون ـ من المصطلحات المعربة, أي التي دخلت إلي اللغة العربية من اللغات الأخري.. وهو يعني (مجموعة القواعد الأساسية التي تبين شكل الدولة, ونظام الحكم فيها, ومدي سلطتها إزاء الأفراد, ومنظومة الآداب العامة, والحقوق والواجبات, والمرجعية التي تحكم التفسير والتفصيل لمواد هذا الدستور).[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]وإذا كان التاريخ قد حفظ لنا نتفا من المنظومات القانونية الموغلة في القدم ـ ومن أشهرها قوانين (حمورابي) (1792ـ1750 ق.م) ـ في بابل ـ.. وبعض ما جاء في (فنون الأهرام) و(كتاب الموتي) ـ عند الفراعنة ـ و(الوصايا العشر) التي توالي ذكرها في التوراة والقرآن.. فلعل الدستور الذي وضعه رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ مع المهاجرين والأنصار لتحديد شكل دولة المدينة المنورة, ونظام الحكم فيها, ورعية هذه الدولة, وما لهذه الرعية ـ المتعددة في الدين ـ من حقوق وما عليها من واجبات, ولعلاقات هذه الدولة بالخارج, والمرجعية التي تحكم كل ذلك ـ.. لعل هذا الدستور ـ الذي وضع سنة 1 هــ سنة 226م ـ والذي سمي (بالصحيفة) و (الكتاب) ـ أن يكون أقدم دستور محفوظ بالكامل حتي الآن.[/rtl]
[rtl]> لقد صيغ هذا الدستور صياغة دستورية محكمة في مواد بلغ عددها اثنين وخمسين مادة, نظمت القواعد الأساسية لدولة المدينة ورعيتها, بعد أن نزل الوحي بقسم كبير من القرآن الكريم, فكان ذلك دليلا علي أن القرآن, بالنسبة لدستور الدولة, هو الإطار الجامع للمباديء والروح والمقاصد والغايات, وليس هو النص الذي يغني عن الدستور, الذي يضم المواد الدستورية المحكمة في صياغاتها الدستورية.[/rtl]
[rtl]> وفي هذا الدستور, الذي قامت علي أساسه دولة متحضرة في (الحاضرة) ( يثرب) التي تحيط بها بيئة تغلب عليها (البداوة) والذي جاء ثمرة للشريعة التي أخرجت العرب من الظلمات إلي النور, الكثير من المباديء والقواعد التي مثلت معالم علي درب التقدم لإنسان ذلك العصر.. بل والتي تحمل الكثير من الخير لإنسان العصر الذي نعيش فيه.. ففيه تقنين لخروج الإنسان من إطار (القبيلة والقبلية) إلي رحاب الدولة والأمة.. فبعد أن كانت القبيلة هي (الأمة والدولة) غدت لبنة في كيان الدولة الجديدة والأمة الوليدة والرعية السياسية التي أقامت بناءها الاجتماعي علي أساس هذا الدستور.. وفي ذلك مبدأ وقيمة لانزال بحاجة إليها حتي الآن...![/rtl]
[rtl]> وقبل هذا الدستور ودولته كانت شخصية الفرد ذائبة في كيان القبيلة, شرفه لها, ووزره عليها, وتبعاته مطلوبة منها, وعليها عقوبات الجرائم التي يقترفها.. فجاء هذا الدستور ليقنن لطور جديد في تطور الإنسان العربي.. (ففروض الكفاية) ـ الاجتماعية ـ جعلها الإسلام علي الأمة,[/rtl]
[rtl]> ولقد استن هذا الدستور سنن التكافل بين الرعية وجماعتها في مختلف الميادين, سواء كانت تلك الميادين مادية أو معنوية.. فالأمة متكافلة ومتضامنة في الحق, وأن النصر للمظلوم]..[/rtl]
[rtl]> وبرغم أن الحاكم للدولة كان النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ وعليه ينزل وحي السماء بالقرآن الكريم.. أي أنه قد جمع الولاية الزمنية إلي النبوة والرسالة فإن هذه الدولة لم تكن دولة دينية, بالمعني الذي عرفته مجتمعات غير إسلامية, وفلسفات سياسية غير إسلامية ـ كسروية وقيصرية وكهنوتية ثيوقراطية ـ.. فهذا الدستور قد تميز عن القرآن, وإن لم يخالف روحه ومبادئه.. ورعية هذه الدولة لم تقف عند الجماعة المؤمنة بدين الإسلام, بل كانت رعية سياسية, اتخذت من المعيار السياسي والإطار الحضاري ميزانا حددت وميزت به الرعية من الأغيار.. ولقد استخدم هذا الدستور مصطلح الأمة ـ بمعني الرعية السياسية ـ وهو يعبر عن هذا البناء السياسي ـ الاجتماعي الجديد.. فنص علي أن المؤمنين والمسلمين هم, أمة واحدة من دون الناس], فهم أمة الدين وجماعته المؤمنة به ـ ثم نص علي أن اليهود العرب أمة مع المؤمنين, لليهود دينهم وللمسلمين دينهم].. فقرر التسوية في المواطنة وحقوقها وواجباتها بين هذه الرعية السياسية, وأقر التمايز والتعددية الدينية في داخل هذا الاطار القومي ـ الحضاري ـ السياسي, وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة].. فكانت دولة إسلامية ـ قومية ـ حضارية.. القيادة والادارة فيها للمسلمين.. والاطار الحاكم والجامع ـ المانع في تحديد الرعية وتمييزها عن الغير قومي حضاري لا يستبعد غير المسلمين, الذين ارتضوا الحياة داخل هذه الدولة الواحدة.. التي يحكمها هذا الدستور.[/rtl]
[rtl]> وهذا الدستور الجديد لهذه الدولة الجديدة لم ينسخ ـ جملة وبإطلاق ـ كل أعراف الجاهلية ـ مواريث العرب ـ بل أقر منها ما هو صالح لا يتعارض مع روح الشريعة, ولا يتصادم مع التطور الجديد.. فالقبائل التي دخلت في التنظيم الجديد, وغدت لبنات في الرعية السياسية ـ القومية للدولة الجديدة, فيما يتعلق بالديات, يتعاقلون معاقلهم الأولي].[/rtl]
[rtl]> وإذا كان هذا الدستور قد مثل القانون الأعلي الذي نظم الواجبات علي الرعية, والذي ضمن ما لها من حقوق فإنه قد استثني الظلم والإثم وقرر ألا حماية لظالم أو آثم حتي ولو كان من الرعية التي ارتضت الحكم بهذا الدستور.. فنص علي, أنه لا يحول هذا الكتاب ـ الدستور ـ دون ظالم أو آثم].[/rtl]
[rtl]> وإذا كانت يثرب ـ, المدينة المنورة] ـ قد مثلت وطن الدولة التي يحكمها هذا الدستور, فلقد قرر هذا الدستور أن هذا الوطن حرم مصون آمن لرعية هذه الدولة, له الولاء الكامل والانتماء الكامل.. وقرر ـ في ذات الوقت, وفي نفس النص, ألا حصانة لظالم أو آثم, حتي ولو كان معتصما بيثرب عضوا برعية دولة هذا الدستور., وأنه من خرج أمن ومن قعد آمن بالمدينة, إلا من ظلم وأثم] فلا حصانة له..[/rtl]
[rtl]> وإذا كان تطور المجتمعات, وتعقد شئون الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية, قد فرض ويفرض التطور في الآفاق وفي الصياغات اللازمة للدساتير الحديثة والمعاصرة.. فإن قراءة هذا الدستور الأول للدولة العربية الاسلامية الأولي, والوعي بمبادئه, إنما يمثل ضرورة من الضرورات النافعة للأمة ـ رغم تجاوز واقعنا للملابسات التي قننها ذلك الدستور ـ.. فلقد حدد لنا ـ اقتداء بالقرآن الكريم ـ أن المرجع عن الاختلاف هو كتاب الله وسنة رسوله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ففيهما المباديء و الفلسفات, والأطر الحاكمة للواقع المتغير والمتطور باستمرار, وأنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلي الله وإلي محمد].. فالدولة مدنية, تحكم بالشوري.. والرعية متعددية في المعتقد الديني.. والمرجعية للإسلام, الذي أقام وقنن هذه التعددية لأول مرة في التاريخ.[/rtl]
[rtl]كذلك تعلمنا ـ ويجب أن نتعلم ـ من هذا الدستور ـ أن أمة اقترن تأسيس دولتها الاسلامية الأولي بالدستور المكتوب, لا يليق أن تنكص علي أعقابها, فيحكمها الاستبداد, متحللا من ضوابط الدستور شكلا وفعلا ـ كما يحدث حينا ـ وفعلا ـ رغم وجود الشكل كما يحدث في كثير من الأحايين!.[/rtl]
| |
|