مواقف الضباط المصريين وعملية تبادل الضباط
أحمد منصور: توقفنا في الحلقة الماضية عند كتيبة الصاعقة التي أرسلها جمال عبد الناصر بقيادة جلال هريدي وكيف تم القبض عليهم أو استسلامهم بعد هبوطهم في اللاذقية، وقرار جمال عبد الناصر ألا يرسل المزيد من القوات. كيف تعاملتم مع هؤلاء الذين يعتبرون أسرى لديكم؟
عبد الكريم النحلاوي: كنا نعتبرهم إخوان ما نعتبرهم أسرى لأنهم مغلوبون على أمرهم أساسا هم. احتجزوا في ثكنة بحمص، بالنسبة للرائد جلال هريدي إجا لدمشق كمان احتجزناه بالسجن بشكل مؤقت لنطلع على تفاصيل العملية اللي ممكن تتبعها، أرسلت له الملازم أول توفيق جدعان وكان عنده كمان بنفس الصاعقة بمصر وكان في صحبة قوية بيناتهم وجلال هريدي أسر لتوفيق جدعان، الله يصلحكم لو تأخرتم شوي كنا سبقناكم نحن في العملية.
أحمد منصور: أن المصريين كانوا عملوا انقلابا؟
عبد الكريم النحلاوي: أن المصريين كانوا جاهزين للقيام بعملية ضد عبد الناصر، قال له لو انتظرتوا شوي كنا نحن سبقناكم وطلب منه يجيب له كشف ضباط الجيش الثاني الجيش المصري، إجا لعندي توفيق جدعان وعم يقول لي الخبر، أعطيته كشف ضباط الجيش الثاني كان عندي وراح اجتمع معه وحدد له على أسماء الضباط اللي بدهم يقوموا بالانقلاب ضد عبد الناصر، منهم عقداء ومقدمون وخلافه، أذعنا نحن الخبر في إذاعة دمشق وإنما امتنعنا عن ذكر أسماء الضباط.
أحمد منصور: يعني كان هناك محاولة للانقلاب على عبد الناصر في العام 1961 من الجيش المصري؟
عبد الكريم النحلاوي: جاهزة، كانت جاهزة للتنفيذ وإنما نحن سبقنا بدون علم أنه توجد عملية في مصر.
أحمد منصور: جلال هريدي.. من اللي كان بيقود المحاولة دي طيب؟
عبد الكريم النحلاوي: يقود؟
أحمد منصور: من اللي كان حيقود المحاولة للانقلاب على عبد الناصر سنة 1961؟
عبد الكريم النحلاوي: ما ذكر مين وإنما أشر على عدد الضباط اللي كانوا موالين للي بدهم يقوموا بالعملية.
أحمد منصور: ما مدى صدق هذا الادعاء من جلال هريدي؟
عبد الكريم النحلاوي: والله النتائج هي بتدل على صدق قوله بدليل أنه مجرد ما رجع لمصر كان في لجنة خاصة أرسلوها على حدود لبنان سوريا وكمشوه حطوه رأسا بالسجن في مصر.
أحمد منصور: ما قدروش يكمشوه لأن المشير رفض أن يُقبض على جلال هريدي وعبد الناصر.. أنا عايز قبل ما أجي لدي أسألك عن حاجة عملتوها مع جلال هريدي تعتبر يعني نوعا من الخداع لجلال هريدي أنكم سجلتم الحوار اللي بينه وبين الضابط جدعان وبثيتوه في الإذاعة بدون علم جلال هريدي.
عبد الكريم النحلاوي: بثيناه في الإذاعة بدون ذكر الأسماء وأنا هالكلام هذا قلته لجلال هريدي وقت استدعيته لعندي عالمكتب..
أحمد منصور (مقاطعا): بعد كده.
عبد الكريم النحلاوي: (متابعا): عن تبادل الضباط، نعم.
أحمد منصور: طبعا صوت العرب كانت فاتحة النار عليكم من أول الانقلاب اللي قمتم به وبالتالي حبيتوا تردوا على عبد الناصر بالتسجيل اللي بثيتوه لجلال هريدي.
عبد الكريم النحلاوي: لا، هو عم نحكي نحن الواقع بدون أي خداع يعني ما كنا نلجأ لخداع عبد الناصر أو غيره وإنما صدقا المعلومات اللي اخذناها أذعناها دون ذكر أسماء الضباط.
أحمد منصور: المعلومات اللي أخذتوها أذعتوها ولا سجلتوا لجلال هريدي وأذعتم بصوته؟
عبد الكريم النحلاوي: والله أذكر أنه ما سجلنا عليه إطلاقا، بدون تسجيل.
أحمد منصور: يعني فقط أخذتم المعلومات وبثيتوها؟
عبد الكريم النحلاوي: فقط المعلومات أذعنا المعلومات بدون تسجيل إطلاقا.
أحمد منصور: بعض المصادر قالوا إنكم أذعتم الحوار معه وسجلتم بدون علمه وظللتم تكررون هذا عدة مرات مما أثار عبد الناصر لأن جلال هريدي في هذا الكلام تحدث عن أسرة عبد الناصر وعن إخواته وإنهم يقومون بعمليات فساد وغير هذا..
عبد الكريم النحلاوي: هذا كله مختلق من مصر وإنما اللي أذيع بدمشق أنه في محاولة كانت يقوم بها بعض الضباط فقط لا أكثر ولا أقل ولم يسجل أي شيء عن لسانه.
أحمد منصور: أنا لقيت معلومة في مذكرات عبد اللطيف البغدادي صفحة 123 في الجزء الثاني لا أدري إذا حطيناها يعني لأن أنا طريقتي في القراءة أنني أقرأ من مصادر وأحاول أركب مربعات الصورة كما يقال، إذا وضعناها جنب الرواية اللي حضرتك بتقولها الآن عما ذكره جلال هريدي، "اتصل بي جمال عبد الناصر تلفونيا يوم السبت 30 سبتمبر وطلب مني مقابلته في اليوم التالي لنتحدث في الموقف وعن المستقبل أيضا ومبديا شكوكه وتخوفه من أن ما حدث في سوريا ربما يشجع بعض الضباط من الجيش في مصر على القيام بمثل ما قام به الجيش السوري، ولما أيدته في هذه الشكوك ذكر أنه اجتمع مع عبد الحكيم ووضع خطة أمن تفاديا للمفاجأة" معنى ذلك أن عبد الناصر كان متخوفا فعلا من قيام انقلاب ضده في 1961.
عبد الكريم النحلاوي: كان في هناك ضباط ناقمين على عبد الناصر وفي قسم منهم مدربين في الكلية الحربية وأحدهم أساسا تكلم مع العقيد مهيب الهندي اللي كان مدربا في نفس الكلية.
أحمد منصور: تكلم وقال إيه؟
عبد الكريم النحلاوي: قال له إنه في نقمة عارمة بالنسبة للضباط ولكن لا يستطيع أحد أن يعمل أي شيء.
أحمد منصور: ده السر الذي كان وراء قيام عبد الناصر في ذلك الوقت وفي مراحل كثيرة بعمليات تنظيف دائمة في الجيش وعمليات إبعاد كثيرة لكثير من الضباط؟
عبد الكريم النحلاوي: في سوريا؟
أحمد منصور: في مصر في الجيش المصري.
عبد الكريم النحلاوي: عقب العملية الحركة اللي قمنا بها في سوريا عقب اعتقال عدد كبير منهم أعتقد مدير مكتب المشير عويس كان.
أحمد منصور: عويس كان عمل بيانا سريا، مدير مكتب المشير، ووزع هذا البيان على نطاق واسع، صلاح نصر وعبد اللطيف البغدادي وكل رجال الثورة، صلاح نصر يقول إنه استدعاه عبد الناصر وأراه المنشور وطلع المنشور مشترك فيه مجموعة من الضباط الأحرار، طبعا عبد الناصر معظم الضباط الأحرار أبعدهم من الجيش لكن طلعت مجموعة من الضباط الأحرار وكان بيتكلم عن دكتاتورية عبد الناصر وانفراده بالسلطة وشيء من هذا القبيل والقصة كلها ذكرها صلاح نصر لكن برضه كانت.. وكان في أحد رجال صلاح نصر بيعملوا في مكتبه كان عضوا فيها، القصة كانت بنتنبئ إنه في تذمر في الجيش من عبد الناصر.
عبد الكريم النحلاوي: كان في تذمر وفي استياء كمان في الجيش المصري نفسه.
أحمد منصور: جلال هريدي ظل هو ومجموعته والضباط المصريون اللي أخذتوهم من القطاعات يعني معتقلين إلى أن تمت عملية تبادل..
عبد الكريم النحلاوي: تبادل ضباط.
أحمد منصور: الضباط السوريون اللي كانوا في مصر رجعوا والمصريون اللي كانوا في سوريا رجعوا، كيف تمت عملية التبادل؟
عبد الكريم النحلاوي: عملية التبادل تشكلت لجنة من مصر كان فيها الدكتور سيد نوفل من الجامعة العربية وضابط آخر رتبة عقيد اسمه حسن -أذكر- من مدربي الضباط مدرب الضباط العظام ومن سوريا كان في الدكتور عبد الكريم العائدي والعقيد ظهير جندلي كانوا هم عم يتناقشوا في هالموضوع ونسقوا العمل فيما بينهم وكان تبادل الضباط عن طريق لبنان عن طريق البحر طبعا بالبواخر ومشيت الأمور بشكل سليم وعادي ما عدا جلال هريدي أرسلت لجنة خاصة لاستلامه على الحدود السورية اللبنانية.
أحمد منصور: غير كل الضباط، غير البقية.
عبد الكريم النحلاوي: غير كل الضباط، بس جلال هريدي.
أحمد منصور: أنت التقيت مع جلال هريدي قبل أن يتم الإفراج عنه؟
عبد الكريم النحلاوي: أنا التقيت، بعثت جبته لعندي على المكتب واستقبلته ورحبت فيه وكرمته وقلت له نحن أذعنا -ما خدعناه- قلت له نحن أذعنا الكلمات اللي أذعناها في الإذاعة حتى يكون على بينة ويأخذ احتياطاته وعرضنا عليه أنه إذا بيريد يبقى في الجيش عنا كضابط مكرم معزز أهلا وسهلا..
أحمد منصور: عرضت عليه أن يبقى عندكم في الجيش؟
عبد الكريم النحلاوي: نعم.
أحمد منصور: يعني برضه بتحرضه يتمرد على عبد الناصر.
عبد الكريم النحلاوي: والله هذا اللي صار والعقيد حسن كمان كان موجودا..
أحمد منصور: العقيد حسن اللي جاي مع سيد نوفل؟
عبد الكريم النحلاوي: مع سيد نوفل كان لحاله مختلين لحالهم وتكلم كلاما مؤثرا جدا وأقسم على أن كل العمل اللي قمنا فيه نحن كنا محقين فيه لأن الأعمال اللي قاموا فيها بعض الضباط المصريين أساؤوا لهالوحدة وأساؤوا لمصر..
أحمد منصور: بيجاملكم طبعا ما هو خائف تأخذوه هو كمان.
عبد الكريم النحلاوي: نعم؟
أحمد منصور: بيجاملكم يعني مجامله منه.
عبد الكريم النحلاوي: لا، لا، ما مجاملة، كان متأثرا جدا حتى دمعت عيونه وبعدين خليناه يختلي مع جلال هريدي في غرفة مجاورة..
أحمد منصور: من اللي طلب الاختلاء، هم ولا أنتم اللي عرضتوا عليهم؟
عبد الكريم النحلاوي: لا، هم اللي طلبوا الاختلاء.
أحمد منصور: هما الاثنان.
عبد الكريم النحلاوي: نعم واختلوا في الغرفة المجاورة على أساس إما يبقى أو يروح، بعد نصف ساعة عادوا قال لا، فضل أن يروح إلى مصر.
أحمد منصور: يعني جلال هريدي فكر شوية أن هو يفضل عندكم في سوريا؟
عبد الكريم النحلاوي: أنا عرضت عليه.
أحمد منصور: بعد ما عرضت عليه ما رفضش مباشرة وإنما..
عبد الكريم النحلاوي: بعد تفكير يعني فكر.
أحمد منصور: يعني خاف أن عبد الناصر ممكن يغدر به لما يرجع أو شيء.
عبد الكريم النحلاوي: محتمل، كان محتملا.
أحمد منصور: وهذا ما حدث بالفعل لكن عبد الحكيم عامر رفض وأرسله عبد الحكيم عامر في مهمة إلى الخارج وبعد ذلك هو كان من الضباط اللي وقفوا مع عبد الحكيم عامر بعد 67.
عبد الكريم النحلاوي: محسوب على عبد الحكيم عامر.
أحمد منصور: لكن يقال إنه أبلى بلاء حسنا في حرب عام 67 وكان يعمل خلف خطوط العدو وكان ضابطا متميزا يعني على حسب ما قرأت عنه.
عبد الكريم النحلاوي: ما في شك أنه كان ضابطا محترما يعني.
أحمد منصور: عايز أسألك عن عبد الحميد السراج عملتم فيه إيه بعد الانقلاب؟
عبد الكريم النحلاوي: عبد الحميد السراج يوم 28 أيلول أراد أن يستغل الحركة لصالحه خرج بسيارة مع أعوانه من القوميين العرب والاتحاد الاشتراكي وصار يوزع بيانات وصوره في الشوارع..
أحمد منصور: صوره هو وبياناته؟
عبد الكريم النحلاوي: نعم أن الناس فكروا أن هالحركة هذه قائم فيها السراج، إجاني خبر أنا بعثت دوريات من الشرطة العسكرية لاعتقاله واستطاعوا بعد ثلاثة أيام أن يعتقلوه في أحد البساتين في شمال دمشق.
أحمد منصور: كان هدفك إيه من اعتقاله؟
عبد الكريم النحلاوي: اعتقاله لأنه أراد يستغل الحركة أولا وثانيا للأعمال السيئة اللي قام فيها هو والمباحث.
أحمد منصور: طيب أنتم الآن يعني لم توجهوا له اتهامات ولم تحاكموه ولم تفعلوا أي شيء بل استطاع السراج أن يهرب من السجن بعد ذلك وان يذهب إلى مصر ولا يزال يقيم فيها إلى اليوم.
عبد الكريم النحلاوي: كنت أنا خارج دمشق عندما هرب من السجن عن طريق بعض القوميين العرب اللي هيئوا له هذا.
أحمد منصور: نذير رشيد مدير المخابرات الأردنية بعد ذلك ووزير الداخلية الأردني أنا سجلت معه شاهد على العصر وروى التفاصيل بالكامل كيف تمكن من تهريب السراج عبر السجان الذي كان معه وكيف أخذوا مفتاح الزنزانة ونسخوا نسخة منه، قصة طويلة حول هذا الموضوع بتدل على أن الوضع كان مهلهلا عندكم بعد الانقلاب.
عبد الكريم النحلاوي: صح، صحيح.
أحمد منصور: الوضع كان مهلهلا.
عبد الكريم النحلاوي: كان الوضع.. لأن عبد الناصر ما هادن وإنما كان بالإعلام يعني يثير الإعلام ليلا نهارا ضدا والوضع الداخلي بعد ما صار في حكم ديمقراطي كمان الحكم الديمقراطي ما كان على هالمستوى هذا حتى يقدر يصمد ويقف أمام عبد الناصر.
أحمد منصور: أنا للأمانة وللتاريخ حاولت طوال عشر سنوات أن أجلس مع عبد الحميد السراج أو أسجل معه ولكنه كان يعتذر دائما وحاولت عبر وسطاء كثيرين حتى من أقاربه. عبد الناصر ما الذي جعله يستبعد قيام انقلاب ضده رغم كل ما كنتم تقومون به؟
عبد الكريم النحلاوي: أعتقد أن عبد الناصر.. بمصر؟
أحمد منصور: لا، في سوريا.
عبد الكريم النحلاوي: بسوريا لأنه أخذوا إجراءات شديدة جدا من ناحية الاتصالات السلكية واللاسلكية وخاصة الإخوان الضباط المصريين والقطعات اللي كان فيها ضباط مصريين أيضا ووضعوا يوميا حراسة مشددة ومناوبة لبعض القطعات ليلا نهارا، كمان بنفس الوقت كان يتناوب الضباط في قيادة الجيش إلى بعد منتصف الليل ولكن كل الإجراءات هذه ما أجدت لأنه كان الاستياء عاما وشاملا للضباط السوريين.
تداعيات الانفصال والحرب الإعلامية ضد قادة الانقلاب
أحمد منصور: صلاح نصر في صفحة 214 من الجزء الثاني من مذكراته رئيس المخابرات المصرية يقول "أصاب الانفصال جمال عبد الناصر بطعنة نجلاء فقد ظل فترة من الزمان بعد الانفصال يبدو كنمر جريح وأصبح عبد الناصر كسيف البال حزين الفؤاد يئن من طعنة الرجعية والإمبريالية ويرى دوحة الوحدة تتساقط أوراقها أمام عينيه فتبددت أحلامه في الوحدة العربية". عبد الناصر كان يئن من طعنة الرجعية والإمبريالية بتاعتكم.
عبد الكريم النحلاوي: والله أعتقد أن هذا كله شعارات كانت شعارات مزيفة ما فيها واقع لأنه لو كان موضوع القومية العربية عن صحيح كان أقدمت بعض الدول العربية وانضمت إلى هذه الوحدة ومنشوف أثر ذلك في بعد زمن البعث وقت صارت الوحدة الثلاثية مصر وسوريا والعراق كيف نفروا من الوحدة بسبب تصلب عبد الناصر واستبداده في الحكم يعني هذا واقع.
أحمد منصور: عبد الناصر كان في خطاباته بعد ذلك كان يتهمكم بأنكم حركة رجعية تستهدف إلغاء القرارات الاشتراكية.
عبد الكريم النحلاوي: هو شعار الرجعية والديمقراطية والحرية كلها شعارات كانت غير واقعية عمليا.
أحمد منصور: أنا الحقيقة الخطابات كلها من أول خطاب..
عبد الكريم النحلاوي: (مقاطعا): هو كان هاجمنا بصباح 28 أيلول عندما هاجمنا بصباح 28 أيلول قال عبارة عن طغمة من الخونة العملاء، الضغمة الخونة العملاء كان آباء بعضنا من كان من الثوار والضباط اللي قاوموا الاستعمار الفرنسي ومنهم والده لمهيب هندي ووالده لسعيد عاقل وهدول من الضباط الأشراف اللي قاموا آباؤهم بمقاومة الاستعمار الفرنسي.
أحمد منصور: بعد رحيل عبد الحكيم عامر من دمشق يقول صلاح نصر في 205 "أحس الانفصاليون بأن الأمور استقرت لهم وبدؤوا اتصالاتهم الفورية مع القوى السياسية الانفصالية لتشكيل حكومة تطلب الاعتراف بها تدعيما لموقف سوريا". كيف بدأتم خطواتكم أنتم بعد ما عبد الحكيم عامر مشي وقال لك أنت الحاكم الفعلي لسوريا الآن، بدأتم خطوات مباشرة وفعلية لتشكيل حكومة، أنت لم يكن لديك أي رؤية سياسية للموضوع.
عبد الكريم النحلاوي: صحيح أنا لم أتعاط السياسة في حياتي وإنما اكتفيت بالاتجاه العسكري.
أحمد منصور: أي حركة عسكرية تقوم بدون رؤية سياسية أليست كارثة على الشعب الذي قامت من أجله وعلى الجيش الذي قام بها؟
عبد الكريم النحلاوي: الكارثة تعود على المسبب اللي سبب لهذه العملية يللي ما أدرك على أن أعماله تماديه في أعماله واستثماره لبعض العناصر الانتهازية هو اللي سبب بهالمصير اللي وصلت له سوريا.
أحمد منصور: لكن كان ينبغي أن تكون لك رؤية سياسية، أنت تقوم بحركة ليس فقط مطالب للضباط..
عبد الكريم النحلاوي: (مقاطعا): أنا قمت بالحركة..
أحمد منصور (متابعا): حركة من أجل البلد.
عبد الكريم النحلاوي: (متابعا): من أجل تصحيح الوحدة وليس من أجل فصل الوحدة ولكن عبد الناصر ركب رأسه وقال هو لا يقبل بالمهادنة ولا بشكل من الأشكال.
أحمد منصور: أنت لم تكن تعرف شخصية عبد الناصر، كنت تعتقد أنه سيستجيب لمطالبكم؟
عبد الكريم النحلاوي: والله أنا ما بأعرف، أنا أعرف أن كثيرين في التاريخ، وقت اللي بأذكر أن علي بوتو رئيس وزراء باكستان وقت انشقت منه باكستان الشرقية لبنغلادش وكان في عبد الرحمن عوامي، علي بوتو طار من باكستان من كراتشي إلى باكستان الشرقية وطلب منه العودة وعمل الإصلاحات اللي بيريدها وإنما عبد الرحمن عوامي رفض الوحدة وتم الانفصال. لو عبد الناصر كان عنده الحكمة الكافية أن ينظر للأسباب العميقة اللي أدت لهالحركة هذه كان ممكن يعمل حوارا أو يعمل اجتماعا أو يعمل تداولا مع هالعناصر أو عن طريق المشير، أساسا المشير اتفقنا نحن وإياه ورفض أي عمل قام فيه المشير، لو بقيت العملية يعني للمشير أنا أعتقد أنه كانت الوحدة استمرت وما حصل انفصال.
أحمد منصور: أنا يعني لقيت حد من السوريين بيتوافق معك في الكلام ده وهو يعني كان ضدكم، أكرم الحوراني نائب رئيس الجمهورية في عهد الوحدة في صفحة 2914 من مذكراته استعرض بشكل مفصل أسباب الانفصال وأحداثه وقال "الخلاصة يمكننا أن نؤكد أن هدف ضباط حركة النحلاوي هي الاشتراك في حكم سوريا تحت قيادة المشير عبد الحكيم عامر ولو قبل جمال عبد الناصر بما اتفقوا عليه مع المشير عامر لما أدت حركة النحلاوي إلى الانفصال".
عبد الكريم النحلاوي: صحيح، كلام صحيح.
أحمد منصور: لكن بقى في حد بيختلف معك اختلافا جذريا وصب عليكم عددا كبيرا من الاتهامات، عبد المحسن أبو النور في صفحة 178 يقول "إن حجج الذين قاموا بالانقلاب كانت واهية فكانت استغلالا لتصرفات تحدث بين السوريين أنفسهم"، كل اللي أنتم قلتم القائمة الطويلة لأسباب الانفصال كانت بتحصل بين السوريين أنفسهم ولم يكن هناك داع للانفصال.
عبد الكريم النحلاوي: أعتقد أن العميد عبد المحسن أبو النور هو أول من دق مسمار نعش في الوحدة في سوريا.
أحمد منصور: كيف؟ عبد المحسن أبو النور بيبان أن هو اللي وقف وراء الوحدة وهو اللي دعمها.
عبد الكريم النحلاوي: عبد المحسن أبو النور أول رئيس أركان للجيش الأول الجيش السوري هو من قام في موضوع نبش الإقليمية البغيضة وعمل على أساس تسريح الضباط ساهم في تسريح الضباط وإحالتهم الضباط إلى التقاعد وبنفس الوقت انتداب أعداد كبيرة من الضباط إلى مصر.
أحمد منصور: عبد المحسن أبو النور يقول إنكم قبضتم أموالا من السعودية من دول الخليج -لم يحدد- ولكن من دول أجنبية لتنفيذ هذا الانفصال وبعد ذلك نشرت الصحف المصرية أنكم قبضم عشرين مليون دولار من السعودية.
عبد الكريم النحلاوي: هذا شيء مضحك وشيء..
أحمد منصور: مضحك ليه؟
عبد الكريم النحلاوي: يدعو للسخرية لأن الضباط اللي قاموا بالعملية معظمهم راحوا انتسبوا للجامعة وتخرجوا وفي منهم حاليا خمس ضباط أطباء بيتعاطوا المهنة في روما في إيطاليا والقسم الآخر يتعاطى أعمال التجارة الحرة وقسم كبير..
أحمد منصور (مقاطعا): من العشرين مليون.
عبد الكريم النحلاوي: (متابعا): وقسم كبير أصبحوا محامين من الضباط اللي قاموا في العملية ولم يكونوا على أبواب القاهرة أو بغداد أو الرياض، جميع الضابط أتحدى أن يكون أحد الضباط اللي قاموا في الحركة استفاد من أي جهة من الجهات وإنما الكتل الأخرى والناصريون اللي كانوا يدعون الناصرية كانوا يختلقون الأعاذير مشان يروحوا لمصر حتى يتعيشوا على مصر وما زال عدد منهم موجودا هناك.
أحمد منصور: عبد المحسن أبو النور يقول إنكم أردتم من وراء الانفصال تحقيق نفوذ شخصي وأغراض حزبية.
عبد الكريم النحلاوي: لذلك اعتلينا الحكم نحن وأصبحنا رؤساء وزراء أو وزراء في الحكم.
أحمد منصور: لم تكن معتليا للحكم لكن كنت بتحرك الحكم من وراء الستار.
عبد الكريم النحلاوي: لم نبدل أعمالنا إطلاقا ولم تتبدل معيشتنا ولم يتغير أي شيء في حياتنا إطلاقا.
أحمد منصور: برضه يقول إن ادعاءكم أن عدد الضباط المصريين كان أكثر من السوريين وكانوا يتحكمون في القرارات في سوريا ادعاءات باطلة لأن عدد الضباط المصريين في سوريا كان محدودا للغاية ولم يكن بين الضباط المصريين لا قائد لواء ولا قائد كتيبة ولا قائد منطقة ولا قائد جبهة وإنما كانوا دائما مرؤوسين للضباط السوريين.
عبد الكريم النحلاوي: هذا كلام غير صحيح لأنه كمثال أول قائد اللواء سبعين المدرع الأساسي هو كمال حسن علي، إذاً كلام وقت إنسان مثل هذا بيتكلم كلاما غير صحيح مدان بكل الكلام اللي بيشرحه في كل الصحافة أو اللي بيدعيه فيها، كمال حسن علي قائد اللواء سبعين أكبر لواء واقوى لواء في الجيش السوري، لواء المدفعية عشرين ثلاثين ضابطا هم اللي استطاعوا يسيروا اللواء باتجاه دمشق، قيادة الجيش كان كلها من الضباط المصريين كانوا يسيرون الجيش بكامله، قيادة الجبهة ذكرت أسماءهم كلهم ضباط مصريين ما عدا قائد الجبهة، المقاومة الشعبية في كل سوريا كانوا من الضباط المصريين.
أحمد منصور: في صفحة 181 بيقول إن اقتراح تعيين العميد جاسم علوان قائدا للجيش بدلا من جمال فيصل كان اقتراحا مقدما من عبد الكريم النحلاوي وليس من العقيد أحمد علوي كما أشير.
عبد الكريم النحلاوي: أنا ما عندي القدرة أو ما عندي المسؤولية أن أقترح جاسم علوان إطلاقا وإنما هذه النظرة كانت من قبل القيادة في مصر، القيادة العليا في مصر إزاحة الفريق جمال فيصل وتعيين جاسم علوان.
أحمد منصور: أنا لقيت مطيع السمان فند كل ما قاله عبد المحسن أبو النور ورد عليه في صفحة 45 من مذكراته لكن لأن الأمر يعنيك أنت فكان لا بد أن أوجه لك كل هذه الاتهامات. أنت وجهت اتهامات كثيرة لعبد الناصر في مذكراتك المخطوطة، مطيع السمان وجه اتهامات كثيرة لكن عبد الناصر لو كان جاء إلى سوريا كما قال كثيرين من الناس كان كل هؤلاء الضباط الذين قاموا ضده كانوا ذهبوا إليه وقدسوه كما يقدسوه دائما.
عبد الكريم النحلاوي: كان ممكن يحصل في سوريا كما حصل في اليمن مذبحة أو كما حصل في لبنان أو كما حصل في العراق مذابح بين الشعب وبين الجيش هذا كان حصل في سوريا، على نطاق أوسع.
أحمد منصور: أنتم بتتهموا عبد الناصر بالدكتاتورية لكن أنتم أقمتم نظاما دكتاتوريا أسوأ من اللي كان عبد الناصر عامله لكم أثناء الوحدة بعد ذلك.
عبد الكريم النحلاوي: نحن حاولنا عندما انتهت الوحدة أن نعيد حكما ديمقراطيا للبلاد وعملنا اجتماعا في نادي الضباط دعونا فيه معظم السياسيين حوالي مائة سياسي من مختلف الأحزاب والاتجاهات وأصدروا بيانا وبعدها حددنا موعد الانتخابات وجرت انتخابات وصدر مجلس نيابي ورئيس جمهورية وحكومة، هذا الواقع اللي قمنا فيه، اللي ادعيناه في الأول واللي أعلناه كله طبقناه عمليا.
الخطوات الأولى للحركة ومواقف الدول العربية من الانفصال
أحمد منصور: هل شعرت أنك في ورطة بعد ما لقيت سوريا بقيت بين يديك وأنت لم تهيئ لهذه اللحظة؟
عبد الكريم النحلاوي: إطلاقا، إطلاقا وإنما أردت..
أحمد منصور: إيه الخطوات الأساسية..
عبد الكريم النحلاوي: أن يعود الحكم إلى الشعب، من الشعب وإلى الشعب.
أحمد منصور: إيه الخطوات اللي عملتها حتى تعيد الحكم للشعب؟
عبد الكريم النحلاوي: الخطوات تمهيد لعمل انتخابات حرة وانتخاب مجلس نيابي ويعود الوضع كما كان قبل إعلان الوحدة.
أحمد منصور: هناك انتقادات شديدة لك حول اختيارك لعبد الكريم زهر الدين أن يكون رئيسا لأركان الجيش، لماذا اخترت عبد الكريم زهر الدين؟ ومطيع السمان يقول إن اختياره كان بالصدفة البحتة أنك لقيته قدامك في وزارة الدفاع فقلت له تقبل رئيس أركان؟ قال لك أقبل.
عبد الكريم النحلاوي: بالعكس غير صحيح هالكلام هذا، كل إنسان يتكلم كما يريد, وإنما فكرت في الموضوع أنا وزملائي الضباط زهير عقيل وموفق عصاصة وحيدر كزبري وجدنا أن نفتش عن ضابط كبير الرتبة ويعين كقائد للجيش باعتبار الفريق جمال فيصل رفض يبقى في سوريا، طبعا عبد الكريم زهر الدين كان ضابطا إداريا ما هو ضابط عسكري ما هو ضابط ميداني يعني وكان الضباط الميدانيون معظمهم موجودين إما ببعثات في الاتحاد السوفياتي أو منتدبين في مصر وقسم منهم أحيل للخارجية إذاً وجدنا اللواء زهر الدين ماضيه عادي يعني ضابط عادي ما عنده اتجاه حزبي أو سياسي وهو ضابط إداري قلنا ممكن يكون رجلا معتدلا في قيادة الجيش ريثما نفتش عن ضابط أقدر منه وأكفأ منه.
أحمد منصور: لكن هناك اتهامات لك أنك اخترت زهر الدين حتى تفوت الفرصة على كبار الضباط الذين معك، أنت كنت برتبة مقدم وكان معك لواءات وكان أيا منهم يصلح قائدا للجيش.
عبد الكريم النحلاوي: ما في كان لواءات إطلاقا ما في ولا ضابط لواء..
أحمد منصور (مقاطعا): قائد منطقة دمشق الذي تحدثت عنه؟
عبد الكريم النحلاوي: قائد منطقة دمشق عميد عبد الغني دهمان كان عميدا، برتبة عميد.
أحمد منصور: مش ممكن عميد يبقى رئيس أركان، ترفعوه يبقى لواء ويبقى رئيس أركان؟
عبد الكريم النحلاوي: ممكن يكون أي ضباط وإنما تجنبت أن يكون قائد الجيش من دمشق باعتبار صار في تركيز على الضباط الدمشقيين الشوام لذلك فضلت أن يكون قائد الجيش ما هو من دمشق كما أنني فضلت أن يكون رئيس الجمهورية ما هو من دمشق.
أحمد منصور: يعني سعيت إلى اختيار رئيس جمهورية من غير دمشق.
عبد الكريم النحلاوي: من غير دمشق، من حلب.
أحمد منصور: أنت سعيت لتشكيل حكومة مدنية من اللحظة الأولى معنى ذلك أنك مباشرة قبلت بوضع الانفصال أصبحت أنت المسؤول وكان لا بد أن تختار حكومة ورئيس جمهورية حتى لا يقع هناك فراغ.
عبد الكريم النحلاوي: لم أقم بنفسي بمفردي بهذه الإجراءات وإنما كانت مجموعة الضباط اللي اجتمعنا مع بعض..
أحمد منصور (مقاطعا): ممكن تقول لي من أهم الضباط اللي كانوا بيقرروا مصير سوريا بعد الانفصال؟
عبد الكريم النحلاوي: والله كان في العميد موفق عصاصة والعميد زهير عقيل ونور الله حج إبراهيم كمان ضابط طيار من اللاذقية يعني من حلب ومن اللاذقية ومن دمشق، ضباط الجيش ما كان عنا هالإقليمية هذه وإنما اللي أثار الإقليمية ذكرتها سابقا هو أكرم الحوراني والحزب الاشتراكي.
أحمد منصور: مطيع السمان يقول إن الملك حسين اتصل عليكم بعد الانقلاب مباشرة ملك الأردن وعرض عليكم التعاون معكم، هل هذا صحيح؟
عبد الكريم النحلاوي: في منتصف الليل اتصل معي العميد رفعت خيري قائد المنطقة الجنوبية في درعا وقال لي إنه في قطعات أردنية تتحرك باتجاه الحدود السورية، استغربت أنا هالموضوع، بعد فترة بيتصل بهجت التلهوني رئيس وزراء الأردن وبيتكلم معي بيرحب فينا وبيباركنا في الحركة هذه، قلت له نحن متشكرون وممنونون كثيرا بس إذا بتريد سمعنا أنه في تحرك بعض القطعات الأردنية باتجاه الحدود السورية نأمل أن تأمروا القطعات هذه بالتراجع إلى مواقعها، بعد فترة بيتصل معي أنا العميد رفعت خيري قائد المنطقة الجنوبية بيقول لي بدأت القطعات تتراجع إلى مواقعها داخل الحدود الأردنية.
أحمد منصور: لكن لم يتصل عليك الملك حسين؟
عبد الكريم النحلاوي: وبعدها مباشرة بيتصل الملك حسين بيتكلم معه العميد موفق عصاصة بيبارك له بالعملية وبيتشكره..
أحمد منصور: طبعا فرصة عبد الناصر كان بيهدده في..
عبد الكريم النحلاوي: طبعا بس هذه جوار يعني وضع يعني بده يشتمه ولا بده.. بده يرحب فيه.
أحمد منصور: لا، هو شمتان في عبد الناصر.
عبد الكريم النحلاوي: ما في شك أنه.. ولكن العميد عصاصة شكره على شعوره الفياض وقال له الملك حسين عرض عليه أي مساعدة وأي خدمة قال له شكرا نحن ممنونون بس منريد أنه ما تقوم أي قطعات بالاقتراب من الحدود السورية لأنه بتشكل حساسية ما بين سوريا وما بين الأردن، وانتهى الموضوع عند هالحد.
أحمد منصور: لماذا لم تشكلوا حكومة من العسكريين في ذلك الوقت حتى تستقر الأمور وبعد ذلك تقومون بالخطوات التي قمتم بها؟
عبد الكريم النحلاوي: كمان هذا الموضوع بيشكل كمان حساسية بالنسبة لضباط الجيش وبالنسبة للسياسيين وبالنسبة لعبد الناصر..
أحمد منصور: فكرتم فيه؟
عبد الكريم النحلاوي: أردنا أن نعيد الوضع السياسي في سوريا إلى المدنيين حتى لا يوجد أي شك أن الضباط عندهم طموح لاستلام الحكم وخاصة أنا.
أحمد منصور: بس لم يكن لديكم أي رؤية سياسية واضحة للكيفية التي يتم بها إعادة الحكم للمدنيين.
عبد الكريم النحلاوي: الرؤية كانت إعادة حكم الديمقراطية اللي كانت موجودة في سوريا قبل الوحدة.
أحمد منصور: كيف تم اختيار مأمون الكزبري لرئاسة الحكومة؟
عبد الكريم النحلاوي: أنا فضلت أن يكون رئيس الوزراء كمان من غير دمشق لذلك بعثت العميد مسلم صباغ إلى حلب ليتصل بأحد السياسيين المخلصين الوطنيين وهو أسعد كوراني واتصل معه بالليل وفيقه وقال له القيادة بتثق فيك وبتعرض عليك مشان استلام رئاسة الوزارة، رفض وغيره بأعتقد بعض العناصر كمان رفضوا لأنه ما تجرأ أي سياسي يقوم بهالدور هذا لمواجهة عبد الناصر في ذلك الوقت.
أحمد منصور: خوفا من مواجهة عبد الناصر أم أن يكون ألعوبة في أيديكم أنتم العسكر؟
عبد الكريم النحلاوي: لا، خوفا من مواجهة عبد الناصر في ذاك الوقت، هذا الواقع. عندئذ حيدر الكزبري اقترح أن يكون مأمون الكزبري قريبه..
أحمد منصور: حيدر الكزبري مقدم كان معكم ممن شاركوا في الانقلاب.
عبد الكريم النحلاوي: كان معنا حيدر الكزبري نعم.
أحمد منصور: بعد كده أنت قبضت عليه وأدخلته السجن.
عبد الكريم النحلاوي: والله هذا في أمور ثانية بأعتقد منجي عليها منذكرها شو الأسباب.
أحمد منصور: سنأتي إليها نعم. مأمون الكزبري أستاذ في القانون كان رئيسا لمجلس النواب في عهد أديب الشيشكلي عام 1953 لكن كثيرين يقولون إنه لم يكن مؤهلا وإنه كان مسمارا في نعش النظام الذي أقمتموه حينما اخترتموه رئيسا للحكومة.
عبد الكريم النحلاوي: مأمون الكزبري رجل سياسي وطني أستاذ قانون وقام بدور مشرف سابقا وبعدين سمعته كمان في سوريا سمعة طيبة ما عليه أي غبار..
أحمد منصور (مقاطعا): في مظاهرات قامت ضده وضد اختياره.
عبد الكريم النحلاوي: كانت ضده بعد فترة من الإعلام المصري اللي كانوا يشيعون على كل سياسي أنه رجعي خائن عميل إلى آخره من الأوصاف هذه، طبعا الناس بتتأثر بالدعاية والإعلام يعني في أي بلد كان الإعلام بيؤثر، كل الكلام اللي كان عم يكتبه صلاح نصر بالنسبة لي وعشر ملايين أو 12 مليون إيه أنا كنت مررت بظروف قاسية جدا وبقية الضباط اللي كانوا يتسكعون على أبواب القاهرة أو أبواب بغداد أو غيرها كنت أنا اشتغلت 14 سنة في السعودية موظفا في إحدى الشركات حتى أستطيع أعيش وأربي أولادي، هذا الوضع تبعي كان.
أحمد منصور: يعني ما أخذتش حاجة من العشرين مليون؟
عبد الكريم النحلاوي: هذه 12 مليون حطيتهم بره ورحت أشتغل أنا ليلا نهارا مشان أعيش أولادي! كنت لحالي وعائلتي في دمشق وأولادي الحمد لله تخرجوا من جامعة دمشق وما احتجت لأي إنسان أن يساعدني.
أحمد منصور: صلاح نصر يقول في صفحة 219 إن الكزبري كان تاريخه معروفا في التآمر ولذلك سخط عليه الشعب السوري وطالب بتغييره.
عبد الكريم النحلاوي: إطلاقا ما حصل هالشيء هذا كله عبارة عن كلام غير صحيح، لذلك الدجل والنفاق في الصحافة أو في الإعلام بيكون له تأثير كثير على مسامع المواطنين يعني.
أحمد منصور: أنا لاحظت أن الخطوات اللي قمتم بها في الانفصال خطوات سريعة جدا، 29 سبتمبر تم الإعلان عن حكومة الكزبري في اليوم التالي مباشرة للانقلاب، 30 سبتمبر رجعتم اسم سوريا كان اسمها الجمهورية العربية المتحدة يوم مصر، رجعت سوريا..
عبد الكريم النحلاوي: والعلم..
أحمد منصور: العلم والنشيد الوطني وكل شيء رجع بشكل سريع جدا.
عبد الكريم النحلاوي: رجعنا لأسباب لأن عبد الناصر رفض أي تهادن أو أي مفاوضات بيننا وبينه رغم النداءات المتكررة اللي نحن كنا ننادي فيها بالإذاعة وأرسلنا له كمان وفدا تلو الوفد لمصر مشان حتى نوقف المهاترات الإعلامية هذه ونعيد العلاقات بشكل صحيح أخوي ولكن رفض كل اتصال معنا.
أحمد منصور: كيف تدخلتم في تشكيل حكومة الكزبري؟
عبد الكريم النحلاوي: استدعينا مأمون الكزبري قلنا له الوضع بيتطلب تضحية وتشكيل حكومة مؤقتة لبينما نجري انتخابات ويتم انتخاب مجلس نيابي وانتخابات برلمانية، قبل وشكل حكومة..
أحمد منصور: تدخلتم في التشكيل؟
عبد الكريم النحلاوي: إطلاقا.
أحمد منصور: وضعتم شروطا لمن يكون وزيرا في هذه الحكومة؟
عبد الكريم النحلاوي: إطلاقا وإنما وضعنا شرطا واحدا على أساس يبدأ كمان في مناداة عبد الناصر لإعادة الوحدة.
أحمد منصور: أنتم مش باين لكم هي من وي زي ما بيقول المصريون! أنتم عايزين إيه بالضبط؟ عايزين وحدة ولا عايزين انفصال؟
عبد الكريم النحلاوي: عايزين نحن وحدة من البداية للنهاية..
أحمد منصور (مقاطعا): خلاص عبد الناصر قال أنا مش عايزكم، لسه عمالين تندبوا وتقولوا الوحدة، وأنتم بتقولوا الوحدة جابت لكم الهم والغم اللي الشعب عايش فيه!
عبد الكريم النحلاوي: نحن جايين بالحديث كيف بعثنا وفودا لهنيك واستقبلهم عبد الناصر..
أحمد منصور: أنا جاي معك واحدة واحدة بس أنتم الآن بتقولوا إن عبد الناصر اللي جاب الخراب لسوريا خلال الوحدة ليه تاني عمالين تقولوا وحدة؟
عبد الكريم النحلاوي: نحن بدنا نسجل للتاريخ أن عبد الناصر هو اللي أساء للوحدة وهو اللي سبب انفصال الوحدة بين سوريا ومصر..
أحمد منصور: خلاص أساء وعملتم انفصال ليه رايحين تترجوه تاني وتقولوا له عايزين وحدة..
عبد الكريم النحلاوي: ما عم نترجاه نحن.
أحمد منصور: والصحف المصرية كاتبة عنكم حاجات كلها -لا مؤاخذة- شرشحة، تقولوا أنكم كنتم بتروحوا..
عبد الكريم النحلاوي: هذا الإعلام لمصر..
أحمد منصور: يروحوا يندبوا ويبكوا ويترجوا عبد الناصر ويبوسوا إيده ورجليه أن يرجع الوحدة تاني، عملتم انفصال، خلاص.
عبد الكريم النحلاوي: هذا كلام محمد حسنين هيكل وقت بعثنا الوفد نطلب من عبد الناصر إعادة دراسة الوحدة على أسس سليمة ونتلافى الأخطاء السابقة اللي ارتكبت، نعم ولكن للأسف محمد حسنين هيكل بعد ما رفض عبد الناصر هذه الإجراءات بيقول إنهم بعثوا وفودا يترجوا ويستجدوا عبد الناصر لإعادة الوحدة، نحن ما بعثنا نستجدي عبد الناصر أو نترجاه لإعادة الوحدة وإنما لدراسة وحدة صحيحة وسليمة نتحاشى فيها الأخطاء اللي ارتكبت في الماضي.
أحمد منصور: هل لاعتراف كل الدول اللي كانت بتكره عبد الناصر اعترفت فيكم مباشرة السعودية والأردن وكثير من الدول اللي كان بين عبد الناصر وبينها، وهو ما كانش مخلي دولة مش عامل بينه وبينها صراعا من معظم الدول الملكية والدول اللي كان بيسميها رجعية، هل سررتم أن الدول بسرعة اعترفت بكم؟
عبد الكريم النحلاوي: والله أعتقد الاعترافات ما صارت بسرعة وإنما بقيت أياما عديدة حتى يطلعوا على الأوضاع وأسباب الحركة اللي قامت في سوريا والعناصر اللي كانوا مسؤولين عن القيام بها ليشوفوا شو الاتجاه تبعها لأن معظم الانقلابات اللي بتحصل في بلاد العالم الثالث بيكون لها اتجاه إما يميني أو اتجاه يساري أو لها مآرب خاصة أما الحركة الوحيدة اللي قامت في سوريا اللي قمنا بها نحن هي الحركة الوحيدة اللي تفاجأ فيها دول الشرق ودول الغرب ما كان عندهم أي علم فيها.
أحمد منصور: طلبتم من الزعماء السياسيين..
عبد الكريم النحلاوي: (مقاطعا): وقد أقروا بذلك بعد ثلاثين سنة من الوثائق اللي أصدرتها لندن ذكرت على أن حركة 28 أيلول في سوريا هي الحركة الوحيدة اللي فوجئ فيها العالم.
مواقف الزعماء السياسيين وأسباب عدم استمرار الحكومات
أحمد منصور: طلبتم من الزعماء السياسيين السوريين تأييدكم، اجتمعوا في دار الشرباتي وذكر خالد العظمة وأكرم الحوراني تفاصيل الاجتماع في مذكرات كل منهما.
عبد الكريم النحلاوي: الاجتماع حصل في نادي الضباط وليس في دار الشرباتي.
أحمد منصور: لا، في اجتماعين، في 2 أكتوبر صدر بيان تأييد لكم وصف ما قمتم به بالثورة المباركة وقعه كل من أحمد قمبر، أحمد الشرباتي، أسعد هارون، أكرم الحوراني، بشير العظمة، خالد العظمة، صبري العسلي، صلاح البيطار.. يعني كبار السياسيين في سوريا وقعوا.
عبد الكريم النحلاوي: كبار السياسين اجتمعوا دعوناهم دعوة لنادي الضباط، قد يجوز حصل اجتماع خاص وإنما نحن دعونا..
أحمد منصور: نادي الضباط كان في 9 تشرين الثاني لكن الاجتماع ده كان في 3 تشرين الثاني.
عبد الكريم النحلاوي: بيجوز، محتمل.
أحمد منصور: نعم، الاجتماع ده متكلم عنه الحوراني بالتفصيل ومتكلم عنه العظمة بشكل مفصل. بيانات التأييد هذه لكم من قبل السياسيين ألم تكن تنم عن خوف من السياسيين لا سيما الحوراني قال إنه رفض أن يكتب عما قمتم به الثورة المباركة؟
عبد الكريم النحلاوي: لا أعلم ذلك.
أحمد منصور: لا، ما تعلمش أن هم خائفين ولا لا؟ أنتم قلتم لهم تعالوا أيدونا.
عبد الكريم النحلاوي: جميع السياسيين اجتمعوا في نادي الضباط وبدؤوا يتبارزون في إلقاء الكلمات واستمر اجتماعهم حتى الصباح وخرجوا كلهم ببيان بتأييد العملية الكاملة على أساس عودة البلاد إلى الحكم النيابي الحكم الديمقراطي.
أحمد منصور: أنا فوجئت خالد العظمة وأكرم الحوراني في مذكرات كل منهما يقولون "حركة 28 أيلول/ سبتمبر 1961 قوبلت بالتأييد من أكثرية الشعب والجيش ما عدا مجموعات صغيرة خلفتها أجهزة المخابرات المصرية في سوريا"، هو الشعب السوري ده إيه؟
عبد الكريم النحلاوي: الشعب السوري واقعي..
أحمد منصور (مقاطعا): مش واقعي، ده شكله شعب عاطفي وينضحك عليه.
عبد الكريم النحلاوي: ولا عاطفي، شعوره العام هو الوحدة من وقت بيكون طفل صغير هو بينادي بالوحدة وهي الوحدة هي قوة لهالأمة هذه خاصة أمام عدو غاصب اللي هو إسرائيل لذلك لا يمكن لدولة واحدة عربية أن تقوم بمواجهة هذا العدو إلا بالاتفاق والاتحاد مع بعض، سوريا كانت هي السباقة سابقا في دعم جميع الحركات الوطنية في البلاد العربية إن كان في العراق أو في الثورات الفلسطينية اللي قامت بعام 1933 و1936 و1939 وقتل فيها عز الدين القسام هذا كان من سوريا أساسا وسميت المنظمة حاليا منظمة عز الدين القسام..
أحمد منصور: كتائب عز الدين القسام.
عبد الكريم النحلاوي: نعم.
أحمد منصور: وعز الدين القسام سوري قام بثورة 1936 في فلسطين.
عبد الكريم النحلاوي: نعم وحتى الثورة الجزائرية جميع الأسلحة الفرنسية اللي كانت في الجيش السوري أرسلت إلى الثورة الجزائرية يعني سوريا الشعب السوري شعب سباق للوحدة مع أي بلد عربي حر مستقل.
أحمد منصور: لكن لا تكفي العاطفة لإقامة وحدة لا تكفي عواطف الناس لكي يصبح الناس في اليمين وبعد يوم في اليسار، لا بد الأمور يكون فيها تعقل وفيها دراسة، سوريا خسرت قد إيه من وراء ما حدث بسبب هذه العواطف؟
عبد الكريم النحلاوي: تكلمنا عن هالموضوع أنه كيف كانوا سباقين العسكريون وراحوا لمصر وعرضوا على عبد الناصر الوحدة الفورية وانتقد السياسيون هذا الإجراء يعني هذا السبب إذاً العسكريون هم اللي أقدموا على هذه الخطوة على خلاف السياسيين.
أحمد منصور: في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني نشرت الحكومة نص دستور مؤقت وحدد الأول من كانون الأول/ ديسمبر 1961 موعدا لإجراء انتخابات برلمانية، لما قررتم تجروا انتخابات برلمانية وترجعوا الحياة النيابية صحيح عبد الناصر انزعج وأرسل لكم يطلب منكم عدم القيام بهذا الأمر؟
عبد الكريم النحلاوي: صحيح.
أحمد منصور: فعلا؟
عبد الكريم النحلاوي: نعم أرسل لي ضابطا اسمه أكرم صفدي قال لي يا أخي أنت..
أحمد منصور: هذا سوري؟
عبد الكريم النحلاوي: سوري وكان من حرس عبد الناصر وكان سابقا من المتآمرين على عبد الناصر في الحادث اللي صار في اللواء 18 في بدء الوحدة عندما أقيل عفيف البزري، انتدب لمصر وعين في حرس عبد الناصر، يعني الأشخاص بتنقلب من حين لآخر، إجا لعندي مبعوثا من عبد الناصر قال لي بيقول لك إنه ما تعمل انتخابات خليكم أنتم في الحكم استلم أنت ولا تعمل انتخابات حرة، قلت له سوريا حرة هلق وبتعمل ما تريد وعبد الناصر ما له علاقة طالما هو رفض أن يقوم بأي دور من أجل تصحيح الوحدة إذاً ما له علاقة أن يتدخل في شؤون سوريا الداخلية حاليا.
أحمد منصور: مش القصة كده، القصة أن عبد الناصر فاهم أن العسكر هم اللي يديروا وأن السياسيين السوريين ما فيش منهم رجاء وبالتالي كانت فرصة لك زي ما حسين الشافعي قال في حد يعمل ثورة وبعدين يسيبها؟
عبد الكريم النحلاوي: أعتقد أنه عمل توريط هذا لأنه وقت بيرجع الحكم ديمقراطيا بيصعب على عبد الناصر أن يقوم بقلب هذا النظام أما وقت بيكون ضابطا عسكريا ممكن يعني يخلق الفتن والمشاكل حتى يثير بقية الضباط ضده.
أحمد منصور: سلط عبد الناصر عليكم صوت العرب وصوت العرب كانت بتسمع من المغرب إلى المشرق.
عبد الكريم النحلاوي: نعم.
أحمد منصور: وأنتم إذاعتكم يا دوبك يعني تغطي حلب أو دمشق وما حولها..
عبد الكريم النحلاوي: صحيح.
أحمد منصور: كنتم عاملين إيه مع صوت العرب؟
عبد الكريم النحلاوي: نحن ولا شيء، كنا عم نتلقى الضربات المتتالية ولكن إيماننا بوحدتنا إيماننا بشعبنا إيماننا بمبادئنا هو اللي خلانا نصمد أمام المؤامرات وأمام التيارات المعادية اللي كانت تنطلق علينا للأسف.
أحمد منصور: في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني جرى تشكيل حكومة جديدة -كل شهر ونصف حكومة!- برئاسة عزت النصف هذه المرة مهمتها الإشراف على الانتخابات البرلمانية ومن ثم الرئاسية، كنتم جادين في إعادة الحياة البرلمانية ولا عايزين حياة برلمانية على مقاسكم أنتم العسكر؟
عبد الكريم النحلاوي: عزت النصف ما شكل وزارة، هو كان نائب رئيس الوزارة، وقت أبعد مأمون الكزبري استلم بطبيعة الحال..
أحمد منصور: ليه أبعد مأمون الكزبري؟
عبد الكريم النحلاوي: أبعد بسبب كان الأسباب عديدة كان بسببها هو عبد الناصر أنه كان له صلة مع الأردن أو خلافه وثبت أنه في بعض له صلات مع الأردن..
أحمد منصور: طبعا عبد الناصر طلع عليه إشاعات وقال.. ده مش الأردن، ده قال العراق وأخذ فلوسا من العراق.
عبد الكريم النحلاوي: لا، من الأردن مو من العراق.
أحمد منصور: ما هو سهل أي حد يتكتب فيه حاجة ده بيأخذ من هنا وبيقبض من هنا ودي كانت منتشرة يعني.
عبد الكريم النحلاوي: صحيح.
أحمد منصور: الانتخابات أجريت في الأول من ديسمبر عام 1961 لكن خالد العظم في مذكراته يقول إن الجيش ظل يتدخل في السياسة وتحدث بإسهاب عن مساوئ ازدواجية الحكم. طبعا الدولة عمرها ما تدار برأسين، أنتم لا زلتم أنتم عاملين أوصياء على السياسيين وأنتم اللي بتوجهوا السياسيين وكنتم بالضبط مثل وضع سوريا قبل الوحدة، برضه مجلس عسكري كان 24 ضابطا عمال يتدخل في السياسة ويتصرف، أنتم كنتم عاملين مجلسا وأنتم بتتدخلوا في السياسة وبتتصرفوا.
عبد الكريم النحلاوي: نحن ما كنا.. كان ظرفنا صعبا جدا على أساس عبد الناصر ما هادننا وكانت إذاعات القاهرة والصحافة القاهرة والصحافة اللبنانية تشن هجمات عنيفة علينا وتتهمنا اتهامات كلها باطلة وتهاجم السياسيين كلهم بالرجعية والخيانة والعمالة يعني سوريا ما فيها ولا وطني إطلاقا كلهم عبارة عن خونة ورجعيين وعملاء، هذا كان صفات عبد الناصر لسوريا ونحن عبارة عن مجموعة كمان من الخونة والعملاء، للأسف الشعب اللي قدس عبد الناصر شيبا وشبابا ونساء أصبح بين ليلة وضحاها من الخونة والعملاء والرجعيين هذا بنظر عبد الناصر أما لو أردنا أن ننضم لعبد الناصر ونسلم البلد نصبح من أحسن المخلصين والأبطال في نظره.
أحمد منصور: إيه المواصفات التي كنتم تريدونها من نظام الحكم السياسي؟
عبد الكريم النحلاوي: كنا لا نريد أي شيء سوى عودة البلاد إلى الاستقرار والطمأنينة والحرية، الحرية المطلقة وإنما عبد الناصر لم يتح لنا الاستقرار كما لم يتح لأي بلد عربي الاستقرار.
أحمد منصور: عبد الناصر مشى خلاص.
عبد الكريم النحلاوي: أثار الفتن في معظم البلاد العربية.
أحمد منصور: إيه الفتن الآن؟ عبد الناصر خلاص تبادلتم الجنود ورجعوا السوريون سوريا..
عبد الكريم النحلاوي: ما انتهينا..
أحمد منصور: والمصريون رجعوا مصر وخلصت الحكاية.
عبد الكريم النحلاوي: ما انتهينا منه إطلاقا، لم يترك سوريا مستقرة إطلاقا، كان يرسل الأسلحة ويرسل الأموال لشراء الضمائر وبعدها صار في مؤتمر شتورة..
أحمد منصور: أنا طبعا تابعت الفترة دي عن كثب لقيت أن كان الطرفان كانا بيضربوا بعض تحت الحزام في كل المؤتمرات في المنتديات في الإذاعات في وسائل الإعلام أنتم بتخبطوا وهم بيخبطوا وكل المؤتمرات اللي كانت بتعقد كان الضرب فيها ووضح أن الحب والهيام اللي كان موجودا أيام الوحدة تحول إلى كراهية شديدة جدا زي اثنين يكونوا متزوجين بعض وبيعشقوا بعض وبعد الطلاق كل واحد يطلع البدع في الثاني، كنتم عاملين كده بالضبط.
عبد الكريم النحلاوي: عبد الناصر أثار العالم العربي والغربي على السواء، سوريا بلد صغير تريد تعيش بسلام واطمئنان ما عندها القدرات والإمكانيات اللي تواجه فيها هداك الوقت عبد الناصر في جبروته وفي إعلامه الذي كان يهاجم فيه الشرق والغرب على السواء.
أحمد منصور: عقد البرلمان انتخب ناظم القدسي رئيسا للجمهورية، مأمون الكزبري رئيسا للبرلمان، معروف الدواليبي رئيسا للوزارة من 22 ديسمبر عام 1961 لكن الأوضاع لم تستقر، ثالث حكومة خلال ثلاثة أشهر.
عبد الكريم النحلاوي: واجهنا المشكلة الثانية هي تلاعب السياسيين وعدم استقامتهم في كلامهم وفي إجراءاتهم، للأسف أردنا يكون الوضع سليما وحاولنا نفتش أو نفكر في السياسيين الوطنيين المخلصين، ذهبنا بعثنا وفدا إلى رشدي كيخيا في حلب من أجل أن يستلم الحكم كرئيس جمهورية، رفض، كمان هو عرض علينا.. بعدين في كمان رئيس المحكمة العليا عبد القادر أسود استدعيناه للقيادة استقبلناه رحبنا فيه وأكرمناه على أساس يستلم رئاسة الدولة رفض، إذاً الرجال النظاف ما بيريدوا يقدموا يواجهوا عبد الناصر خوفا من عبد الناصر..
أحمد منصور: لا، ربما تكون هناك وجهة نظر أخرى..
عبد الكريم النحلاوي: قد يجوز.
أحمد منصور: وجهة النظر الأخرى أنكم أنتم العسكر بدلا من أن تسلموا الأمر للسياسيين قررتم أن تبقوا أوصياء على الشعب وعلى السياسيين وأن تعينوا أنتم رئيس الجمهورية وان تعينوا أنتم رئيس الوزراء ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان، خالد العظم كان مرشحا ضد ناظم القدسي في الانتخابات وخالد العظم لم يعني هو كان رئيس وزراء خمس مرات لكن يقول إن الجيش والأميركان هم الذين أسقطوه في هذه الانتخابات، أنتم برضه اللي مصممون تتدخلوا وتعينوا من يبقى رئيس الجمهورية.
عبد الكريم النحلاوي: أعتقد أن الجيش لم يتدخل إطلاقا في موضوع الانتخابات وإنما أخذ الأصوات ناظم القدسي بالأكثرية وفاز برئاسة الجمهورية وعين مأمون الكزبري أو انتخب مأمون الكزبري رئيس مجلس نيابي بس كنا عرضنا درسنا نحن وناظم القدسي على أن يكون رئيس الوزراء من العناصر الحيادية اللي ما سبق لهم استلموا الحكم حتى ما يصير تشويش لأن السياسيين القدامى جربوا وكان لهم تأثير سيء في إدارة البلاد، طلبنا منه يكون رئيس الحكومة فقط شروطنا له أو مو شروطنا الاتفاق معه وهذا الاتفاق اللي حصل أن يكون رئيس الحكومة من العناصر المؤهلة الحيادية المستقلة الوطنية..
أحمد منصور (مقاطعا): أليس هذا تدخلا في شؤون الدولة؟
عبد الكريم النحلاوي: (متابعا): وأن تكون عناصر الحكومة من الشباب أيضا وبنفس الوقت الشرط الثاني أن يعمل على إعادة الوحدة مع مصر.
أحمد منصور: اسمح لي سيد عبد الكريم، أليس هناك انتخابات برلمانية أجريت؟
عبد الكريم النحلاوي: نعم.
أحمد منصور: الشعب اختار من يحكمه؟
عبد الكريم النحلاوي: صحيح.
أحمد منصور: بتتدخلوا أنتم ليه بقى؟ أنتم تسحبوا حالكم وترجعوا للثكنات بتاعتكم.
عبد الكريم النحلاوي: ما تدخلنا، لأن الظروف اللي كنا موجودين فيها بتتطلب نتعاون تعاونا كليا وليس تدخلا، في فرق بين التدخل وبين التعاون، بدليل أنه كنا منريد نتعاون مع السلطة السياسية أنه شكلنا مجلس أمن قومي خمس وزراء وخمس ضباط ورئيس الجمهورية للنظر في الأمور الشائكة اللي بتهدد أمن البلد، هذه لأول مرة..
أحمد منصور: ده تدخل من الجيش في السلطة.
عبد الكريم النحلاوي: مو تدخل إطلاقا، بالاتفاق مع السياسيين، بالاتفاق مع رئيس الجمهورية لأنه دائما كان بالأنظمة السابقة بالنسبة لسوريا كان يصير في صراع ما بين السياسيين والعسكريين، أردنا أن هالصراع هذا نزيله ويكون في تفاهم كلي بين السياسيين والمدنيين اقترحنا تشكيل مجلس أمن قومي، وافق رئيس الجمهورية وتشكل وهذا اقتراح الدكتور ناظم القدسي رئيس الجمهورية نفسه ولكن للأسف أساليب السياسيين بتختلف عن أساليب العسكريين، العسكريون كن فيكون هذا الطريق أحمر هذا اللون أبيض أما السياسيون بيتموا بيلفوا ويدوروا..
أحمد منصور (مقاطعا): ولذلك مكان العسكريين هو جبهات القتال ومكان السياسيين هو البرلمانات والساحات.
عبد الكريم النحلاوي: بس الظروف اللي بتمر فيها البلد بتتطلب من العسكريين..
أحمد منصور (مقاطعا): سيب السياسيين يحددوها، الشعب اختارهم هم يودوا البلد -لا مؤاخذة- في داهية الشعب هو اختارهم يحاسبهم، لكن أنتم العسكر روحوا ثكناتكم وروحوا الجبهة وخلاص.
عبد الكريم النحلاوي: ذكرت لك الظروف اللي عشناها كانت ظروفا صعبة جدا وعبد الناصر ما هادننا وصار يهاجم السياسيين على أنهم عملاء وخونة ورجعيين وبدأ يرسل الأسلحة ويرسل الأموال، إذا عبد الناصر هز عرش العروش في البلاد العربية مثل المغرب أو السعودية نفسها، الملك سعود كاد يطير من الحكم، والعراق كمان عمل فتن ومذابح ولبنان كمان ساوت.. إذا سوريا هي اللي يعتبر أنه هي اللي ضربته في الصميم هل يتركها تستقل وترتاح وتمشي في الحكم كما تريد؟ إطلاقا لذلك ركز كل اهتمامه من أجل زعزعة أي نظام يصدر في سوريا.
(الجزيرة)