أنتِ الحياة ُوفيكِ الفنُّ قد خُلِقا
وغيرُ حُبِّك ِ هذا القلبُ ما عَلِقا
بحرُ العُلوُم ِ وفيكِ الكلُّ مُكتِملٌ
علمًا وخلقاً ومجدًا ظلَّ مُسْتبقا
وأنتِ…أنتِ مدى الأيّاَم ِأغنية ٌ
تسبي الفؤادَ َوُتذكي السُّهْدَ والأرَقا
إن تسألي الشَّمسَ من أهدابِنا ارْتسَمَتْ
أو تسألي الفجرَ من أنوارَنا انبَثقا
مهما نلاقي منَ الدنيا وقسوَتِها
فالحُبُّ يبقَ مدى الأيَّام ِ مُؤتلِقا
إني أحِبُّكِ يا سُؤلِي ويا أمَلِي
من قيدِ حُبكِ هذا القلبُ ما عُتِقا
انا المُتيَّمُ نارُ الحبِّ تشعِلني
وكيفَ يصبرُ أو يسلوُ الذي عَشِقا
وزورقي تاهَ عبرَ الموج ِ مُندَفِعًا
ببحر ِ حُبِّكِ كم أهوى أنا الغَرَقا
كيمياءَ روحي فلن أنساكِ يا قمري
لو انَّ كوني على مَنْ تحتهُ انطبَقا
كوني على شفتيَّ النورَ يا قمري
يا خمرة َ الروح ِ ُتجلِي الهَمَّ والحُرُقا
يا توأمَ الروح ِ يا دنيا مُلوّنة ً
بالحُبِّ والسحر ِكم فكري بها ارتهَقا
ضَحَّيتُ بالعمر.. بالآمالِ ِأعذبَهَا
قربانُ حقِّ أنا.. شمعٌ هنا احترَقا
وكانَ شعري إلى الأوطان ِ أرْسِلهُ
حتى عشقتك صرتِ العَينَ والحَدَقا
الحُبُّ من قبلِنا صاعَتْ مَعَالِمُهُ
حتى أتيتِ فعادَ السِّحرُ إذ خَفَقا
نحنُ المبادِىءُ والأيَّامُ شاهدة ُ
والعالمُ الرَّحبُ من إبداعِنا ُصعِقا
أسَّسْتُ في عالم ِ الإبداع ِ مملكة ً
شعارُهَا الفنُّ كم بابٍ لها ُطرقا
أركانُها العلمُ والآدابُ قاطبة ً
يأتي الجميعُ وبابُ العلم ِ
ما غُلِقا منها تخرَّجَ أجيالٌ أساتذة ٌ
من نبعِها العذبِ كم شخص ٍهنا ارتَزَقا
وكم حَسُودٍ وشعرور ٍ هنا قزَم ٍ
مثلُ الحمار ِ طوال الدهرِ كم نهَقا
يبقى وَبالا ً على أهل ٍ ومجتمع ٍ
كالبوم ِ فوقَ رسُوم ِ الدار ِ قد َنعِقا
لمَّا رآني غدا بالذلِّ مُنتكِسًا
لم يُجدِهِ الكذبُ من سهمي لقد رُشِقا
سيفي صقيلٌ رهيفُ الحدِّ مُسْتعِرٌ
فيهِ العلاجُ يداوي الغُبنَ والحَمَقا
وغاية ُ النفس ِ صفوٌ في نسَائِمِنا
ويَرتعُ الحُبُّ في جوٍّ لنا اغتبَقا
نورُ النبوَّةِ من فودَيَّ مُؤتَلِقٌ
أظلُّ دومًا لسيف ِ الحَقِّ مُمتَشِقا
كانَ ” امرؤُ القيس ِ” ربَّ الشعر ِ ” والمُتنبِّي “.
.. ثمَّ ” شوقي” أنارَ الليلَ والغسَقا
فدَوحَة ُالشعر ِحالتْ بعدَ عصرهِمُ
أنا أعَدْتُ لها الأغصانَ والوَرَقا
ودولة ُ الشعر ِ أرسَينا قواعِدَهَا
أبقى الأساسَ وفيَّ الكلُّ قد خُلِقا
كلُّ الفنون ِ أنا ما زلتُ رائِدَها
من بعدِ موتي سيغدو نبعُهَا رَنِقا
نحوَ النجوم ِ أنا ما زلتُ في سَفر ٍ
نحوَ الخلودِ أنا ما زلتُ مُنطلِقا
تمضي الليالي وأمجادي مُخلدة ٌ
صرحي تسَامى اختيالا.. عانقَ الشَّفقا
وإننا اليومَ في عصر ٍ ُيَطبِّعُهُ
سوءُ المصالِح ِ فيها الكلُّ قد شَهَقا
الكذبُ صارَ سلاحَ الناس ِ مذ زمن ٍ
فيه ِ الخيانة ُ… فيهِ الكلُّ قد َفسَقا
والعالمُ المُنتشِي في خِزيِهِ نَهِمٌ
والجَهْبَذ ُ الحُرُّ في أجوائِهِ اختنقا
لكنني عن قذا الأوغادِ في بُعُدٍ
أنا لربِّي ومهما صَعَّبُوا الطرُقا
ربُّ المبادىءِ لم أحفلْ لطارِقة ٍ
خيرُ الأشاوس ِ مَنْ مثلي أنا اعتنقا
عنيِّ يقولُ جميعُ التاس ِ قاطبة ً
فعَن صراطِ إلهِ الكون ِ ما افترَقا
أدمَنتُ حُبَّكِ طولَ الدهر ِ في وَله ٍ
هيهات يشعرُ مثلي كلُّ من عَشِقا
يبقى هَواكِ مدى الأيَّام ِ مُؤتَلقا ً
رغمَ العواصفِ…رغمَ الريح ِ ما َنفقا
يا جَنة َ الخلدِ كم تحلو مَفاتِنُهَا
سَلسَالها العذبُ يُحيي الروحَ والرَّمَقا
يا وردة ً في وهَادِ العمر ِ يانِعَة ً
أريجُهَا الحُلوُ عَمَّ الأرضَ والأفقا
إني أنا العاشقُ الوَلهانُ فاتنتي
وليسَ لحنٌ َكمِثل ِالحُبِّ لي َطرَقا
وبينَ أحضانِكِ الأفياءُ دافِئة ٌ
إذا ضَمَمْتكِ كنتِ الوردَ والحَبَقا
وكلُّ…كلُّ نساء ِالأرض ِ تعشَقنِي
وغيرُ حُبِّكِ ، بينَ الغيد ، ما َلحِقا
وثغرُكِ العذبُ خمرٌ طابَ مَشرَبُهَا
ومن خُدودِكِ عطرٌ نشرُهُ عَبَقا
غنَّيتُ كلَّ الدُّنىَ أنغامَ قصَّتِنا
وفيضُ فنيِّ أنارَ الكونَ مُندَفِقا
يبلى الزمانُ ولن تبلى روائِعُنا
نشيدُنا امتدَّ فوقَ الغيم ِ قد بَسَقا
مدارسُ الشِّعر ِ والإبداع ِ لي سَجَدَتْ
ومن قريضِي أنا كم شاعر ٍ سَرَقا
وفي سبيل ِ العُلا والمجدِ مُنهَمِكٌ
في الفكر ِأبقى وفي التنوير ِ مُنغرقا
أيقى وَفيًّا لآرائي ومُعْتقَدِي
حتى الفناءَ إذا داعِي الرَّدى زَعَقا
فوقَ المَجرَّةِ قد أرسَلتُ قافلتي
إسمي غدا بجبينِ ِ الشَّمس ِ مُلتصِقا
“ميتافيزِكيا” وجودِ الخَلق ِ مُنطلقي
وراءَ حُجْبِ الدُّنى ما زلتُ مُخترقا
وقمَّة ُ الذاتِ في عُرس ِ الفداءِ أنا
لم يُخلق ِ الفنُّ إلا َّ كنتُ مُسْتبقا
شعر : حاتم جوعيه
المغار - الجليل
فلسطين