"ميدوزا" صاحبة الأسطورة الإغريقية القديمة ذات العيون التي ما إن نظر إليها إنسان إلا و تحول إلى حجر، ذات الرأس الإفعوانية ، قرأت عنها و لكن أبى قلمي أن ينقل قصتها مجرد نقل ، فقررت إعادة كتابه قصتها بطريقتي و بكلماتي التي أتمنى أن تنال إعجابكم و عنونتها بـ " أخر كلمات ميدوزا" .
أخر كلمات "ميدوزا"
"بيجاسوس" يا صغيري المجنح فلتصعد إلى السماء و تنفلت من فخ الموت في عنقي و من بين أحشائي التي غادرتها الروح ، هيا اخرج يا ابن ملك البحار "بوسيدون" ، و حين تمل من الطيران اهبط للحظات إلى الأرض و ليرسم حافرك حدود بحيرة "هيبوكريني" ليشرب كل الشعراء من فيض إلهامها ، ثم ليعتلوا ظهرك الأبيض صعودا ً إلى السماء فلن ترجمهم النجوم و لن تخونهم مقاعدهم بين السحب و الشهب ...
فالأرض لا تتسع لهم و للقاتل "بيرسوس" و ليأخذ رأسي في كيس " أثينا" الغيورة التي أهدته الدرع و بسيف "هرمز" البتار ، "هرمز" قائد الأرواح و صانع الأحذية و القبعات الطائرة ، اقتلع "بيرسوس" رأسي ذات الأفاعي ليقدمها قربانا ً للتنين كي يحظى بحبيبته "أندروميدا" قبل أن يبتلعها ذاك التنين.
لن أنسى يا "بيجاسوس" الرعب الذي تلاعب في عيون "بيرسوس" و هو يتفادى النظر إلى عيناي لكي لا يتحول إلى حجر أصم لا يتفتت ، و يلقى المصير ذاته الذي تجرعه كل من تجرأ و اقترب من كهفي من البحارة في تلك الجزيرة النائية الغائبة في أحضان البحر المتوسط ؛ حيث نفاني إليها "زيوس" الظالم أنا و أخواتي الجرجونات _العظيمة "ستينو" و ذات الهروب الربيعي "ايرليو"_ و قد صارت أيدينا نحاسية و ألسنتنا مشقوقة كألسنة الأفاعي و تحولت خصلات شعرنا إلى ثعابين رقطاء تصدر فحيحها طوال الوقت ،هكذا حولت غيرة "أثينا" و حماقة أبيها "زيوس" خصلات شعري الذهبية التي عشقها في َّ أباك "بوسيدون" ملك البحار الأعظم .
رأيت ارتعاش "بيرسوس" الوسيم حين دلف إلى الكهف بين رفاقه المرعوبين،و قد حولتهم جميعا ً إلى صخور تصطف بين آلاف الأجساد التي حجرتها نظرات عيني، و رأيت صورتي لأخر مرة منعكسة على درع "أثينا" و الذي أهدته إلى "بيرسوس" كي يراني فيه دون النظر إلى عيوني الجبارة .
ستظل رأسي المعلقة على ذراع أثينا " الإيجس" ترعبهم و تبني من تحجرهم جبالاً من الخوف و الهزيمة..
ليس خطئي يا "بيجاسوس" أن خصلات شعري الذهبية و فتنة عيوني ووجهي و جسدي البديع جعلت من أبيك "بوسيدون" العظيم مغرما ً بي، ليلقاني في معبد الغيورة "أثينا" ؛ و أسقط صريعة هواه و ارتضيه حبيبا ً و زوجا ً لي ، منذ متي يا "بيجاسوس" أصبح العشق خطيئة تدنس حرمة المعابد !!
و لتبقى يا " بيجاسوس" و أخاك الشاهق "كريسيور" ما بين الأرض و السماء كأخر أيقونات "ميدوزا" التي أرعبتهم و لتحفل بالبحار التي ملكها أبوك "بوسيدون" ، و لن يعرف "بيرسوس" طعم الهناء مع حبيبته الخرقاء "أندروميدا" ، و ليفرح "زيوس" و ابنته "أثينا" بما جنته أيديهم من ثأر و انتقام ...
كانت تلك هي أخر كلمات "ميدوزا " إلى ابنها "بيجاسوس" و هو يتابع تحليقه إلى السماء منطلقا ً من عنقها المذبوح....
[b]شيرين حسن يوسف
قاصة