يا أيها الإنسان ،يانسمة أودعها الخلّاق أبدع ما أراد،وأراد أن تحيا الحياة كما أراد،وأنا الرّوح أودعني أوردتك وأسكنني جسدك ،وأنا سرّه المعجز ،المبثوث فيك ،أسري في اوردتك فأملئها حياة ،فلم يابن آدم لا تقوم على الحياة وبالحياة ،كما ارتضى ربّ الحياة ؟
رحبة آفاقي فلا تقيدني إليك،ورائعة مراتعي فلا تأسرها برغائبك،وبديعة إمكاناتي فلا تحدّدها بضيق أفقك ،خلقت لأحلّق في مدى الإبداع،لأذرّ مسك وجودي في كل الفضاءات الطاهرة ،لأملأ الصباحات المشرقة بالتسابيح البهيجة ،لأوقظ الطّاقات النائمة في حنايا النفوس المتخاذلة،لاقول للأرواح يا صحبي وأهلي،يا رفاقي!النوم قيد ،والجهل قيد ،والتنطع قيد ،والشرك قيد ،والكسل قيد والجبن قيد والبخل قيد،والدنيا الحلوة النضرة قيد ، والشهوات قيد ،والمعاصي قيد ،والقيود المتراكمة ،خلفها قيود،فحتام يا صحبي نتألفها القيود،وعلام تحتفظ أرواحنا بالقيود ،وإلام تأخذنا القيود ،؟لا للقيود،وألف لا للقيود.
الورد عذب بين قرآن ترددّه القلوب المؤمنات ، وترقّ حتى تستهام بحب خالقها العظيم ،وتئن ترجو رحمة الرّحمن،يا رحمن ،يارحمن، إيّاك نرجو،فاعف عنّا ،نحن خلقك عبيدك وإماؤك،أوردنا موارد الرّحمات وأنزلنا بفضلك منازل الأبرار، وبين قول للحبيب المصطفى ،يعلو على ميل الهوى ، يستنهض الههم والعزائم ،ويرتقي بالاذواق العذبة،ويلقي الحكم لمن التقطها ففاز،ويرسل الأحكام بيّنة جلية،تخفف قيود الجاهلية،وتعتق بها النفوس من قيود الظلم الحمقاء،والجهالة الخرقاء.
يا ايها الإنسان !اتريدني ان أبقى أراوح بين جهلك والقيود ،أتريد أن أمضي ورائك في الجهالة ،فما انا إذن ؟وما أنت مني ؟ استودعني فيك ربّي فأحسن اليّ ،فلا تقيدني إليك ،أرسلني لأرفع من عطاءك،ولأرتقي بك في سماء الطاعات ،ولأقودك إلى المغانم الطيبات ،لا تقيدني إليك فأعاف ذنبك،وأعاف غرورك واغترارك بالذي سوّاك ،تؤذيني حماقات المعاصي
،لا تقيدني إليك ،وانطلق بي نحو أروقة المعالي ،نحو الحياة الخالصة من التدنّي والتردي في متاهات الخطايا،فأنا وأنت إذا ارتقينا فوق السفاسف والمآسف،وحلقنا بدنيا المكرمات ،طفنا على جنان الطاعة والحكمة والرضى والعمل ،تلك الجنان الوارفات ،هي لنا في الدنيا أمن وأمان وراحة وهداية ورضى ،وهي لنا في الاخرى سلامة ودرجات وارتقاء وعليين، وفوق الرضى ،فلا تقيدني إلى دنياك لا ترهق رهافة خاطري بذنوبك الخرقاء ، لا تقيدني ،وأطلق لي عنان الذكر والشكر الجزيل ،لمن بقدرته انا أحيا وأنت صرت بفضله يا ايها الإنسان إنسانا ،فسبحان الذي سواك فعدلك ،وخلقك في أحسن تقويم وكرّمك على كل ما خلق،فاطلقني أسبح بحمده وأدعوه وأرجوه ،ولا ترديني بحمقك وجهلك واغترارك،واسمع قول ربّك اليوم قبل الغد {يا أيها الإنسان ،ماغرّك بربك الكريم الذي خلقك فسوّاك ،فعدلك ،في أي صورة ما شاء ركبك }
أيها الإنسان إسمع لروحك واتبعها حين ترتقي في آفاق الطاعات ولا يغرنّك بالله الغرور
{واسجد واقترب }
بقلم رقية القضاة