خرجت باكرًا أسعى في مناكبها بعد أن قذفت في البحر بهمومي، وقررت هذه المرة وأنا في طريقي للعودة من عملي أن أتخذ "الترام الأزرق" أو التراموي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وبالمناسبة اسم مخترع الترام "جيمس أوترام"، وهو أول وسيلة نقل جماعية في مصر وأفريقيا وذلك حين بدأ تشغيلها في عام 1860 بالإسكندرية، وكان الأكثر شعبية فهو يربط ما بين مناطق عديدة في قلب الاسكندرية.
حيث كان في البداية يُجر بالخيول ثم اصبح يسير بالبخار وأخيرًا يتحرك بالكهرباء منذ عام 1902م إلى الآن، حقيقة هو وسيلة جميلة وآمنة فإذا كنت برولتاري أو برجوازي أو أرستقراطي، اسكندراني أو غير اسكندراني. تستطيع أن تنتظر على أي محطة ترام شيك ليمنحك جولة في الأحياء الراقية بعروس البحر المتوسط، مثل محطة الرمل والقائد ابراهيم كذلك رشدي وباكوس وصفر وشوتز وزيزنيا وجناكليس، ومعظم هذه الأحياء التي استمدت أسماءها من أسماء الأجانب من البارونات والباشوات، الذين كانوا يقيمون بها، فتصعد على سلم الرشاقة إلى عربة الجماهير بالدور الثاني دون إخلال بهويتك الاجتماعية لتستمتع بانتقالك في علو وهدوء.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]بالفعل شعرت بالأنس حينما تقابلت مع مجموعة من الفتيات والنساء في عربة السيدات المتصلة (بكابينة محمد محمود عبد العزيز) السائق الشاب وهو في العقد الثالث من عمره، الذي تخرج من المعهد العال للتعاون َالزراعي (بشبرا) وهو سكندري أصيل، بدأت معه حوار طويل فقص علي: في البداية كنتُ مضطرًا للعمل كسائق ترام تحسبًا الوقوع في براثن البطالة إلا أنني بمرور الوقت أصبحت أحمد الله على وظيفتي واستمتع بها، خاصة بعد أن تدربت جيدًا على قيادة الترام في مركز تدريب بمحرم بك، والآن أبدأ يومي في الخامسة صباحًا وأفرغ من عملي في الثالثة ظهرًا، يضيف محمد قائلاً: بالرغم من أنني لا أرى البحر أثناء عملي إلا أن طريقي من محطة الرمل إلى فيكتوريا يتسم بالجمال، حيث استمتع بمناظر الخضرة على جانبي الطريق والفن المعماري العتيق الذي أعشقه المتمثل في الطراز اليوناني والإيطالي، والأهم أنني أتقابل مع صنوف من البشر يوميًا بشكل يُكسبني خبرة الحياة، وأحيانًا أجد ممن هم أصحاب إعاقة خاصة يعبرون شريط الترام، لدي إمكانية الفرامل فانتظر حتى يمرون، وتنفرج أساريره بابتسامة خضراء كالظافر المنتصر قائلاً بالزهو السكندري: أشعر أن الترام أصبح فلكلور في الإسكندرية يميزها عن باقي المحافظات فهو مختلف عن المترو في القاهرة، ويقطع حوارنا الكمسري حينما وصلنا محطة سبورتنج _مجسّدًا خفة الظل المصرية_ مازحًا مع محمد (إرضى عني يا محمد عشان أعرف أنام) فضحكنا جميعيًا.
وجدير بالذكر أنه حتى قيام ثورة 23 يوليو عام 1952، كان سائقو الترام من الإيطاليين، ومحصلو التذاكر (الكمساري) من المالطيين، كذلك تلحق بالترام عربة لنقل الموتى ذات لون أسود وبدون أبواب أو نوافذ، وكانت تستغل لنقل الموتى من مختلف الديانات على السواء.
الترام كوسيلة مواصلات تخدم قلب المدينة تعين فئات متنوعة وشرائح متعددة على الإنتقال بشكل سريع وآمن، الطلبة والموظفون يستطيعون عمل إشتراك شهري (أبونيه) ليوفر في الميزانية.لذلك تقول هناء محمد شحاتة وهي (موظفة) تعمل مدرسة بمدرسة المشير أحمد اسماعيل (ابتدائي تجريبي) بمنطقة الابراهيمية: الترام هو وسيلتى اليومية في الانتقال للمدرسة ذهاباً وإيابا، فهو وسيلة سهلة وآمنة وزهيدة الثمن، واستخدمه دائمًا في قضاء حاجاتي لأنه لا يقف في إشارات مرور مثل التاكسي فهو الأسرع خاصة في فصل الصيف.
عبير عطية طالبة بكلية الآداب _ جامعة الاسكندرية_ غالبًا ما استخدم الترام لأنه وسيلة انتقال متوفرة طوال الوقت، ودائمًا ما أستقل العربة المخصصة للسيدات مما يشعرني بالأمان، ولا أتزاحم على باقي وسائل المواصلات العامة خاصة وقت الذروة، علاوة على أن التذكرة فقط بخمسة وعشرون قرشًا.
وتقول دينا طالبة بالمرحلة الإبتدائية في ختام رحلتي، والداي تراجعا في اشتراكي بحافلة المدرسة وجعلوني استقل الترام يوميًا كي يشعرا بالإطمئنان تجاهي ضد الحوادث.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]