بنت فلسطين محرر
المشاركات : 110 . :
| موضوع: ملاحظات حول الصوت النسائي في الأدب العربي 16.06.12 15:29 | |
| من المواضيع التي طرحت للدراسة والبحث في الآونة الأخيرة ؛ موضوع الأدب النسائي , إذ سال فيه الكثير من المداد ؛ بحثا عن سمات خاصة أو مميزات واضحة ؛ تخص الإبداع الأدبي للمرأة المبدعة ( شعرا أو نثرا) وقام بعضهم بالبحث عن طبيعة الأصوات الأدبية النسائية وغاياتها , وهو ما يجعل الدارس يتساءل عن جدوى البحث في هذا الموضوع , وهل هناك فعلا خصوصية محددة تميز الأدب النسوي عن الأدب الرجالي.. مـقـدمــة :
من المواضيع التي طرحت للدراسة والبحث في الآونة الأخيرة ؛ موضوع الأدب النسائي , إذ سال فيه الكثير من المداد ؛ بحثا عن سمات خاصة أو مميزات واضحة ؛ تخص الإبداع الأدبي للمرأة المبدعة ( شعرا أو نثرا) وقام بعضهم بالبحث عن طبيعة الأصوات الأدبية النسائية وغاياتها , وهو ما يجعل الدارس يتساءل عن جدوى البحث في هذا الموضوع , وهل هناك فعلا خصوصية محددة تميز الأدب النسوي عن الأدب الرجالي..
في البداية نؤكد بأننا لم نكن من المتحمسين أو المهتمين بالبحث في هذا الموضوع , بل وكنا نعتقد بأن لا وجود لفرق جوهري يستدعي الانتباه بين الإبداعين , وحجتنا في ذلك : أن مادام المصدر المعرفي واحدا ( لدى الجنسين ) أي أن التكوين المعرفي ( العلمي والأدبي ) واحد وملابساته البيئية بمؤثراتها المختلفة ومحفزاتها الإبداعية واحدة ؛ فبالتأكيد ستكون الأصوات الإبداعية منسجمة أو متشابهة , وإن وجد فرق بين الإبداعين فهو لا يرتقي إلى مستوى تصنيف إبداع الجنسين إلى أدبين مختلفين....
ومع مرور الوقت ومع التخمين في هذا الموضوع والعودة إليه كل مرة؛ ألحت علينا فكرة التوقف عند بعض النقاط والملاحظات والتي قد تغير في بعض القناعات لدينا ...
الأدب النسائي عبر العصور الأدبية :
كان علينا– بداية – أن نعود إلى تاريخ الأدب العربي لنلتمس الأصوات الأدبية النسوية عبر عصوره الأدبية حتى نتوقف عند بعض المبدعات وإبداعهن ؛ علنا نمسك بالخيط المميز لإبداع المرأة العربية (شعرا أو نثرا)..
لم يعرف الأدب العربي قديما أسماء كبيرة من الأديبات اللواتي لهن من الإنتاج الوفير الذي يمكن أن يكون محل دراسة وتمحص واستنتاج , مثلما هو متوفر الآن من الأصوات النسوية على امتداد البلاد العربية , ومع هذا علينا أن نتوقف عند بعض الأسماء الأدبية على قلتها أو على قلة مصادر أخبارها وإبداعها..
عصر ما قبل الإسلام :
بداية بما يعرف بالعصر الجاهلي والذي سوف نلتقي فيه بصوت نسوي مميز - يكاد يكون الوحيد شهرة وإنتاجا - ألا وهو صوت رائدة الرثاء العربي الشاعرة الخنساء , وعندما نتحسس مظاهر إبداع هذه الشاعرة وميزة شعرها فسوف نجد أن أغلبه منحصر في غرض الرثاء وبخاصة في رثاء أخويها : معاوية و صخر... ففي رثاء أخيها معاوية
تقول الخنساء(1):
ألا مـا لعـيـنيـك أم مـا لـها لقد أخضل الدمع سربالها
وقالت في أخيها صخر(2) :
أمن حدث الأيام عينك تهمل وتبكي على صخر وفي الدهر مذهل
وبعد قراءة متأنية في شعر الخنساء - وقد لا نأتي بجديد بقولنا - : نستخلص أن شعرها هو وليد عاطفة أنثوية متفجعة طغى فيه البكاء والنحيب عن التعقل والتفكير , وهو ما نستنتجه من تتبع أشعارها لا من أخبارها ؛ إذ أن أخبارها تؤكد أنها شاعرة مخضرمة , قد أدركت الإسلام وأسلمت , وأثر إيمانها بعقيدتها الجديدة عن تفكيرها الذي مال نحو الرجاحة والتعقل , واتسمت عاطفتها بالصبر والتحمل عند الشدائد.. مع التوقف عن قول الشعر
العصر الراشدي والأموي :
قد يصعب عن الباحث في تاريخ الأدب العربي –في العصور الأولى - أن يجد اسما لشاعرة لها من الأشعار ما يستريح إليه الدارس فيقلب إنتاجها بحثا ودراسة ؛ كما هو الحال بالنسبة للشعر الرجالي , فقد تجد نفسك مترددا وأنت تقبل عن اسم شاعرة كرابعة العدوية - مثلا – نظرا لقلة إنتاجها ثم لتفاوت مستوى بعض ما نسب إليها من مقطوعات شعرية ,إضافة إلى كتابتها في غرض محدد , ومع هذا فسوف نأخذ بعضا مما وصل إلينا من شعرها الديني التصوفي .
تقول رابعة العدوية : وزادي قليـل مـا أراه مُبلغـي أللزاد أبكي أم لطول مسافتي
أتحرقني بالنار يا غاية المنى فأين رجائي فيك أين مخافتي
مما يستخلص من أشعار رابعة العدوية أن مضامينه تصوفية دينية بعاطفة إيمانية فيها تضرع وشكوى وفيها عشق إلاهي به شوق للمغفرة وتقرب من الله بالطريقة الصوفية ...
ولا نستطيع أن نعبر العصر الأموي دون التوقف عند الشاعرة والفارسة ليلى الأخيلية نظرا لجودة أشعارها ولاهتمام الرواة بأخبارها , فهي الشاعرة العاشقة صاحبة الشاعر:" توبة بن حمير الخفاجي" والذي قتل دونها , وكانت قد رثته ببكائيات كثيرة وهي كذلك المرأة الشجاعة التي تدخل عن الخلفاء والأمراء ، تساجلهم الشعر,وتقضي عندهم حاجتها , وقد تمدح بعضهم .. ينتمي شعر ليلى الأخيلية إلى الشعر العفيف الذي عرف في البوادي العربية في عصرها . وهو الشعر الذي عرف بعفة غزله ورقة أسلوبه وصدق عاطفته , إلا أن شعرها يختلف عنهم من حيث غلبة غرض الرثاء عن أشعارها وممن رثتهم ليلى الأخيلية صاحبها : توبة بن حمير, تقول الشاعرة(4):
أتتـه المنـايـا حيـن تم تمـامــه وأقصر عنه كل قرن يناضله
وصار كليث الغاب يحمي عرينه فترضى به أشبالـه وحـلائلـه
عطوف حليم حين يطلب حلمه وسم زعاف لا تصاب مقاتله
رثائيات الشاعرة ليلى الأخيلية لا تختلف كثيرا - في بكائياتها وفي عرضها لفضائل المرثي - عن الشاعرة الخنساء فكلاهما يبكي صاحبه بحرقة ويثني عن مكارمه ويعرض لأثر فقده , إلا أن شعر الخنساء - في بنيته – أكثر سبكا وأقوى عبارة وأبلغ دلالة , أما شعر ليلى الأخيلية ففيه كثير من رقة اللفظ وجودة العبارة مع تنوع في الأغراض , فبالإضافة إلى الرثاء فهناك المدح والفخر والغزل في شعرها ..
العصر العباسي :
لا نكاد نلمس أسماء مشهورة في بداية العصر العباسي , وإن ذكرت بعض الأسماء فهي لم تحض بالدراسة والتقييم مثل )) ..فضل الشاعرة .. جارية الخليفة المتوكل وكانت تمدح الخلفاء و وتجالس الوزراء والشعراء والأدباء...توفيت في 260 هـ (5)..)). ومن شعرها قولها(6) :
وأبحتـني, يا سيـدي, سقما يجل عن السقم
وتركتني غرضاً فديـــ ـتك للهوان وللتهــم!
وتقول أيضا :
قـد بدا شبـهـك يــا مولاي يحدوه الظلام
قم بنا نقض لبانــا ... ت التـثـام والتـزام
أما في العصر العباسي الثاني فسوف تستوقفنا الشاعرة الأندلسية "ولادة بنت المستكفي" بنت آخر ملوك الدولة المروانية , ويبدو أن الأحداث التي شاهدتها أسرتها قد أثرت عن حياة "ولادة" كما أثرت في شعرها حيث جاء كرد فعل , بل وتعويض فقد , واستبدال حسرة وأسى ؛ حيث شهدت ولادة – وهي شابة – مقتل آبائها وسقوط دولتهم واستباحة ممتلكاتهم من طرف ملوك الطوائف , وهو ما جعل الشاعرة تبحث عما يعوضها عن مكانتها الاجتماعية فأنشأت البديل عن طريق ( صالونها الأدبي ) الذي تستقبل فيه الأدباء والعلماء وكذا الملوك والوزراء , وهو ما يفسر استخفافها في البداية بالوزير أبي عامر بن عبدوس ثم إعراضها في النهاية عن ابن زيدون ...
ومن ذلك قولها(7): تعتز بنفسها(تنشد مكانتها) : أنا والله أصـلـح للمـعـالي وأمشي مشيتي وأتيه تيها
وأمكّن عاشقي من لثم خدي وأمنح قبلتي من يشتهيـها
وتقول ولادة أيضا(8): وفي نفس السياق ..: إني وإن نظر الأنام لبهجتي كظباء مكة صيدهن حرام
يحسبهن,من الكلام , فواحشا ويصدهن عن الخنا الإسلام
وإن كنا نلتمس التعالي والنرجسية في قولها , فإننا أيضا نسجل التمرد عن التقاليد التعبيرية عند المرأة في المجتمع العربي المحافظ , وتفسير ذلك أن البيئة أندلسية , وقد كان العرب حينها أوروبيين قبل أوربا ..
أما المسحة الحزينة في بعض أشعارها ( لاحظ القسم وما يليه في الشطر الأول )والثورة عن الواقع والاستهتار بالتقاليد المحافظة ( في البيت الثاني خاصة ) فمرده إلى ما ذكرناه سابقا أي تعويضا عما فقدته من عز ومجد ؛ تبكيه الآن بصور وأساليب مختلفة تنفيسا عما تعانيه من أسف وحسرة .....
وقـفـة أولـى :
ما عودتنا عنه البحوث والدراسات التي تتناول تاريخ الأدب العربي في جانبه النسائي ؛ أن أصحابها يبدؤون بالشاعرة الخنساء مرورا "بولادة بنت المستكفي" ويتوقفون عند الأديبة "مي زيادة" في العصر الحديث ( لا غير ) , ولهم حجتهم في ذلك , فعلى امتداد " عصر الضعف" فإننا لا نلتقي إلا ببعض الشعراء(الرجال)أو بأصحاب الموسوعات المعروفين.وإن بداية حركة النهضة العربية الحديثة لا تكاد تشمل أسماء نسائية وصولا إلى الأديبة اللبنانية"مي زيادة"
العصر الحديث:
وكما ذكرنا فسوف نبتدئ العصر الحديث بـ : "مي زيادة"..وهي أديبة عربية عرفت بنهجها التجديدي ووقوفها إلى جانب تحرر المرأة العربية في الثلث الأول من القرن العشرين, كما عرفت بإبداعاتها الأدبية المجددة وبصالونها الأدبي الذي كان يرتاده كبار الأدباء والمفكرين(في مصر) .عاشت الكاتبة – سنواتها الأخيرة - حياة مأساوية مؤسفة بعد فقد والديها وصاحبها " جبران " في فترة متقاربة , وانفضاض من كانوا حولها , إضافة إلى سوء ما تعرضت له من معاملة أقاربها في لبنان..
عرفت مي زيادة بأسلوبها الرومانسي الذي يكتسي مسحة حزينة لها أسبابها النفسية..تقول الكاتبة وهي تتحدث عن طيرها الصغير(9): ((..لما أبكتني الآلام أريته منديلي مبللا بالدموع فأعرض عني , إنما تستدر الدموع ظلمة الأحزان كما يستدر الندى ظلام الليل , وروح الأطيار شعاع مغرد فكيف يتفهم النور الظلام..))... وفي نفس الكتاب وفي باب " أين وطني " نجد بعضا مما يفسر التمزق النفسي الذي كانت تعانيه الكاتبة .. ونصوص مي زيادة تحمل عادة فكرة ثورية ما , وإن كانت تخاطب القلوب فهي تنفذ إلى الأذهان عن طريق التأثير العاطفي والفني , وفي أسلوبها خاصية عذوبة الحس الأنثوي الرهيف...
كان يمكن أن نقف بتأني عند شعر الشاعرة العراقية نازك الملائكة - باعتبارها تمثل بداية مرحلة جديدة في الشعر العربي - لولا اهتمامها بالجانب التنظيري في "الشعر الحر" )(10)...((. وهو ما نلمسه في مقدمة ديوانها " شظايا ورماد " ثم في مقدمة ديوانها (الثالث) :" شجرة القمر" والذي حمل مقدمة تصحيحية لمسار "الشعر الحر" بعد عشرين سنة من التجربة , فالشاعرة مركزة عن تطبيق ما نظّرته أكثر من الأمور الأخرى..ومع هذا يمكن أن نقرأ لها من ديوانها "شظايا ورماد " في قصيدة : ( لنكن أصدقاء ) تقول الشاعرة :
لنكن أصـدقـاء
في متاهات هذا الوجود الكئيب
حيث يمشي الدمار ويحيا الفناء
في زوايا الليالي البطاء.....))
وقـفـة ثانيـة:
قبل أن نتناول الشعر النسائي المعاصر يمكن أن نقف موقف تقييمي لما ذكرناه سابقا , ملخصين جملة من الملاحظات المستنتجة والخاصة بالشعر النسائي في العصور الأدبية التي توقفنا عندها , وهي :
1– قلة الإنتاج الأدبي(الشعري) النسائي,وغياب أسماء كبيرة متنوعة الأغراض الشعرية أو صاحبات قصائد مطولة
2 – ندرة الأسماء الشعرية في بعض العصور ؛ فلا تكاد تعثر عن شاعرة كبيرة في عصر ازدهار الشعر العربي
( في العصر العباسي الأول ) وإن وجدت بعض الأسماء فهي إما مغمورة أو إنتاجها محدود كـ:"فضل الشاعرة"
(جارية المتوكل) أو "علية بنت المهدي" ( أخت هارون الرشيد )...
3 – الأغراض الشعرية النسائية محدودة يغلب عليها الرثاء , وقد يخرج عنه – أحيانا – نحو الفخر أو المدح ...
4 – أغلب الإنتاج الشعري النسائي هو رد فعل مباشر أو غير مباشر لعوامل ومؤثرات أحدثتها البيئة الاجتماعية
أو السياسية أو غيرهما أثرت تأثيرا مباشرا في نفسية الشاعرة...
5 – الأصوات الشعرية "النسائية " هادئة رقيقة , تغطيها مسحة حزن مؤثرة , تحمل حس أنثوي عاطفي رهيف ؛
حتى وإن تناولن أفكار تستدعي النظر والتمعن ......
الأصوات النسائية المعاصرة :
أما فيما يخص الأسماء الأدبية النسائية المعاصرة فسوف نتناول عينتين من فترة ( الستينات والسبعينات ) فقط وعذرنا في ذلك أن أغلب الأصوات التي تنشط حاليا لا زالت في حاجة إلى دراسة وتصنيف , وقد نخطئ في حق بعضهن ؛ عندما نتناول أسماء دون غيرها ..
تجدر الإشارة في البداية إلى أن الاختيار ليس بالأمر الميسر؛ مع وفرة الأسماء النسائية على امتداد الخارطة الأدبية العربية .. لذا فقد نختار منهن الأسماء الأكثر انتشارا أو خصوصية ...
سوف نتوقف في البداية عند الأديبة العربية :"غادة السمان"..وهي المبدعة المتمردة عن قيود البيئة الإبداعية العربية , مرفرفة بدون أجنحة باحثة عن متنفس حر وعن بيئة جديدة حتى وإن استوردت من الغرب ، وهي التي أدخلت أبطال قصصها الفنادق الحمراء والملاهي الصاخبة وشربوا على النخب حتى الثمالة, تقول في قصة :"أنياب رجل وحيد" (11): ((..يسكب النار في جوفه مرة واحدة ثم يضع كأسه جانبا بالقرب من كأسها...يأخذها بين ذراعيه , طرية هشة تحب أن تسحق ....))..وهنا نسجل نقلة شاملة ( شكل ومحتوى ) للإنتاج الأدبي النسائي المعاصر , شمل الأسلوب الذي اتسم بالتجديد ميلا نحو الوضوح واليسر مع فصاحة اللفظ ورقته ؛ إضافة إلى رشاقة العبارة وجودتها . وكذا المحتوى الذي تأثر بالمدارس الحديثة الوافدة ؛ مع تغيير المناخ الاجتماعي والسياسي العربي ,مما جعل المرأة العربية في الكثير من البيئات تتنفس الصعداء من القيود التي كانت تفرض عليها , فهبت ثائرة دون قيود , موظفة الأحاسيس والمشاعر الإنسانية بما فيها عواطف المحبة المختلفة بل وقاربت الجنس ( والجنس هنا مواقف وأحاسيس وليس تعبيرا ومصطلحات) فالقاموس النسوي – حتى هذه المرحلة – ظل عفيفا حتى وإن تناول موضوع الجنس , على العكس من قاموس بعض الأدباء من الرجال .. ونشير هنا إلى أن بعض الأديبات – على قلتهن – قد استعملنا أسماء مستعارة لينطلقن دون قيود اجتماعية كما فعلت الكاتبة : " سميرة بنت الجزيرة العربية (..سميرة خاشقجي )"...
الاسم الإبداعي الثاني الذي سنتناوله هو اسم الأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي , والتي سنعرض لها في فترتها الإبداعية الأولى .. المسافة بين أحلام مستغانمي وبين "غادة السمان" ليست بعيدة , وقد تكون أكثر تهذيبا عند الثانية ومع هذا فقد نسجل الاشتراك بينهما في التحرر من القيود الاجتماعية والانطلاق في التعبير( الثوري) إلى أبعد الحدود تقول أحلام مستغانمي متسائلة(12) :((أسألكِ..هل أنتِ راهبة؟.. أم أنتِ عاهرة؟.. أأنت امرأة من نار؟.. أم أنثى من ثلج؟.))..أنت.. ((تسريحة (كليوباترا) ؟ وصمود (جميلة), وتبرّج (ولادة)، وعفة (رابعة)؟وتمرّد (الكترا), وصبر (بينيلوب, وغموض (الجيوكوندا)..أنتِ كل نساء العالم، ولكنك لست امرأة! أنتِ رذيلتي وفضيلتي، أنتِ أمي وطفلتي...))
وبهذه الجرأة التي ميزت إبداعها تتناول كاتبتنا كل المواضيع – في شعرها ونثرها – بداية بالمواضيع الوطنية والقومية مرورا بالمواضـيع الاجتماعيـة المختلفة , مستفيـدة من ثقافتـها المزدوجـة وبإقـامتها في الغرب ( فرنسـا ) وفي الشـرق( لبنان ) مع وفائها الأصيل لانطلاقتها الأم من الجزائر...وهاهي تخاطب الوطن وبكل جرأة ؛ مستعيرة شيئا من الأديب مالك حداد(12) :((..أيها الوطن الكبير، يا وجعنا الموروث."لا تطرق الباب كل هذا الطرق، فلم أعد هنا ! " يوم كتبت أحبك.. قالوا شاعرة ، تعريت لأحبّك.. قالوا عاهرة، تركتك لأقنعهم.. قالوا منافقة عدت إليك.. قالوا جبانة ، (......،)(( لا أحد يعرف تفاصيل نشرة الأخبار القادمة، مارست العادة السريّة على الورق، وعلى السرير، وفي غرفة التحقيق، فاجأني المخبر وأنا أتناول حبوب منع الحمل. سجنت بتهمة تبذير طاقتي الجنسيّة في غير صالح الوطن...))..تلك هي جرأة أديبتها وثورتها عن الأشكال التعبيرية النسوية الموروثة....
الخــاتمـة :
وما نلاحظه عن الأدب النسائي العربي – أيضا - أن كلما توفرت له أسباب الانطلاق والتحرر ثار عما كان يكبله مباشرة ؛ خاصة ثورتها عن الموروث السلبي من العادات والتقاليد وكل الممنوعات من سلط : ( العيب والحرام والممنوع ).... ومادامت بعض البيئات العربية تكبل المرأة بقيود مختلفة ؛ فثورة المرأة المثقفة مستمرة يعكسها إنتاجها الأدبي المتصاعد نحو التحرر بشكل لافت الانتباه ...
علينا أن لا نستهن بثورة المرأة العربية عن قيودها المختلفة , فقد تتجاوز ذلك إلى الخروج عن المألوف في بحثها عن حرية الفكر والتعبير (على سبيل المثال )...فقد لاحظنا أخيرا – وعلى محدودية ذلك – أن بعض الأصوات الأدبية النسائية تجاوزت الصوت الرجالي تحررا , فقد اطلعنا عن بعض الأسماء – غير المعروفة – وهي تكتب الشعر والنثر وعلى جودة أدبية مقبولة ؛ يكتبن ما يسمونه ( بالأدب الإيروتيكي ) – عبر الفضاء الافتراضي - , مما يخجل الرجل المحترم لا من كتابته بل من قراءته نفسها ..وهن ينتظرنا الفرصة السانحة لإظهار إبداعهن...
عموما فإن الصوت النسائي قد يبدو مميزا في أسلوبه ؛ إذ أننا نقرأ لمداد ناعم الملمس , أنثوي العطر, جميل في رقته وهو في الأصل رد فعل عن ضغوط مختلفة, مستعملا اللفظ الجميل واللغة الشفافة والعاطفة الحزينة المؤثرة,جذاب دائما , وطواق للتحرر إلى أبعد الحدود ...
أخيرا لا ندعي أننا قد أجبنا عن كل الأسئلة , ولا حتى عن بعض منها , بقدر ما اجتهدنا في وضع لبنة قد تلفت انتباه البعض وتشجعه على المواصلة في هذا البحث ..كما أن ما قدمناه من ملاحظات قد تستفز البعض فينبري في إصلاح أخطائنا وتكملة نواقصنا في هذا الموضوع , وهو ما نأمل من هذا الجهد المتواضع ...
المراجــع :
01 – محمد بن سلام الجمحي – طبقات الشعراء- ط 1- 1982 - دار الكتب العلمية – بيروت ..
02 – المرجع السابق ....
03-04- أحمد الهاشمي – جواهر الأدب – ط 26 – المطبعة التجارية- 1969 ....
05 – د / حامد حنفي داود – تاريخ الدب العربي في العصر العباسي الأول – د /المطبوعات الجامعية1982
06 – د/ عمر فروخ - عبقرية اللغة العربية – دار الكتاب العربي –بيروت 1981 ..
07- 80-- الروائع - ابن زيدون -- دار المشرق – 1984 ...
09 - مي زيادة - ظلمات وأشعة – مؤسسة نوفل – بيروت 1979 ..
10 – د / عيسى الناعوري – نحو نقد أدبي معاصر – الدار العربية للكتاب – ليبيا تونس 1981 ...
11 – غادة السمان – لا بحر في بيروت – منشورات الكاتبة – ط 5 – 1979 ...
12-13- أحلام مستغانمي – الكتابة في لحظة عري – دار الآداب- بيروت 1976 ..
الجيلاني شرادة
| |
|