[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]نسي حقائب السّفر الملعون وافترش بقايا أحلام متلبّدة برأسه العنيدة .سبح في خياله القريب من قلبه البعيد عن ذهنه... طفح بهما المكان ذاك العشيّ والتهم نبضها المعدّل على الرّجوع ...لا بدّ من الرّجوع .وإحياء العرس بين الأهل والأحبّة .
وأزفّك إليّ يا"فارحة"، يا عمري النقيّ بعد كلّ سنوات الكدّ ...انتصب في محلّ أخيه المعدّ لتصليح السّيارات
- مابك يا أشرف؟ انفخ جيّدا
المطاّط
يتشكّل ليسع جوفه أكثر هواء ...لم ينتبه لتحريض أخيه صاحب المحلّ المنسجم
والغربة بين نفخ الأطر ودندنة محرّكات السّيارات ...ظلّ سابحا في حلمه
وأجواء العرس المرتقب ...اشتعلت خراطيش الألعاب النارية في الفضاء بينما
واصل أخوه لكزه كي ينفخ الإطار المطاطيّ أكثر وهو يضغط على مسدّ الإطار
ويدفع بالهواء أكثر بواسطة النافخ وذهنه يغلي كالنرجيلة مزدحما بطقوس الفرح
زغاريد تخالط تواشيح المالوف التونسيّ وأصوات النّسوة المدربكات وهنّ
يردّدن "حنّي يا داده مريم "مدّت العروس يدها ، وزّعت العجوز السمراء عجين
الحناء على كفّها مراعية حدودا رسمتها سلفا ينتشر العجين الأخضر في نضارة
زاهية ،بينما أشرف يواصل النفّخ أكثر وأكثر ،والإطار يزداد صلابة ...النسوة
يزغردن والإطار تنتفخ بطنه أكثر مختزنة ههواء وليد حركة أشرف اللاإراديّة
.يستنهضه أخوه "علينا بإنهاء نفخ أكثر عدد ممكن هذه الأطر أمّا أحد
الحرفاءفقد انتصب عند راسيهما ومن ملامحه تبدو عليه علامات القلق والعجلة
أيضا من خلفه سيّارته وقد شحنت خلفيتها سلعا مغطاة بغطاء سميك يحجب محتواها
...العرسعلى أشدّه حركة هنا وهناك وأناس يملؤون المكان يلوح أشرف ماثلا
وسط "جنّادته " وهم يتراشقون بباقات الياسمين وتنهض البلد على مرمى نفخ من
الاخوين المكدودين من اللهاث وقد نفذ صبر الحريف فبدأيزعق "عجّلا , املآ
إطار المطّاط هواء فالمسافة مامي وعليّ أن اصل قبل هجوم الليل
يتقدّم
لعريس المحفل بلباسه الأصيل ...تطالعه" فارحة " العروس مصدّرة على منصّة
مرصّعة الأضوء ...أشرف ينفخ ،والهواءيتشكّل داخل الإطار وأخوه يعجّل بإنهاء
المهمّة "اسرع يا اشرف الحريف بدا عليه القلق "
والحريف ...ماذا أصاب الحريف ؟؟؟؟
إنه
يتقدّم ...يكشف عن جانب الحمولة ...إنه ينحرف عن موضعه ثمّ يبتعد ...وظلام
كثيف يتجمع بذهن اشرف ،تتلبّد سحب دكناء فوق المحفل ،تبرق ثمّ تزعق غضبا
بل نارا ...أحمد يا أحمد ينادي اشرف أخاه ...الدم يغمّ وجه أحمد ...ينفجر
الإطار بين يدي أشرف ...تخرّ العروس مغشيّا عليها ...ظلال سوداء تمنطقت
إبطه وهو مشدوه ,,,لقدشقت المحفل صاعقة ...فزع الناس ...وسكت الطبال لكن
أين أخوه ...تبخرت العروس ...تماثل من هوله المفاجئ ..نظر حوله ...فرقة
معتّمة وظلال تكبّله وألام متفرّقة زرعت بكافة أعضاءجسمه ،رضوض برأسه تحرس
أحلامه المتشظيّة ...إنها الحرب في القطر الشّقيق
بقلم :خيرة خلف الله –كاتبة وشاعرة من تونس