مقال زائر
| موضوع: المرأة.. الطرف الأضعف في حياة "المساكنة".. 16.03.09 4:32 | |
| المرأة.. الطرف الأضعف في حياة "المساكنة".. ربا الحمود وهنادي زحلوط
المساكنة ليست مصطلحا غريبا على مجتمعنا برغم إنكاره لهذا الصيغة والتي أصبحت امرأ شائعا في المدن. ويمكن تعريفها بأنها اتفاق بين الطرفين على العيش معا ضمن منزل واحد ولكن خارج إطار مؤسسة الزواج..ويندرج تحت هذا الرابط علاقة زوجية كاملة ولكن بدون أن يترتب على هذه الرابط أي التزام ناجم عنه.. ففي حال حدوث حمل وإنجاب طفل وهذا ليس مستبعدا فأن هذا الطفل لايمكن نسبه إلى والده إلا إذا تم إجراء عقد زواج فيما بينهما, كونه ناتج عن علاقة غير شرعية, وكون المساكنة غير معترف عليها قانونيا. بتحليلنا للمساكنة كأمر واقع وموجود في السنوات العشر الأخيرة, نجد من الخطأ نسب هذا الوضع إلى الحالة المادية للشباب وذلك لأن هذا الشاب قد أوجد مسكنا ويمتلك حدا أدنى من المال القادر بموجبه على تحمل مصاريف منزل وفواتيره أيضا.. يأتي هذا التصرف نتيجة تراكم زمني من الكبت الجنسي الذي يمارس على الطرفين, وكذلك الفصل بينهما على مدار سنوات المدرسة, وتأتي فيما بعد المرحلة الجامعية التي تسمح بكل ماتم منعه خاصة بأن هذه الحرية المفاجأة تأتي في غياب رقابة الأهل, فيصبح أي تصرف يقوم به الطرفين هو ناتج عن رد فعل نتيجة الفصل القسري لهما فيلجان إلى مخالفة المجتمع بفعل المساكنة باعتبار أنهما أصبحا بالغين راشدين يستطيعان الاعتماد على نفسيهما بعيدا عن قيود المجتمع التي تحكمت بهما فيما مضى..عدة آراء نستعرضها لشباب وشابات يعشن معا تحت مسمى المساكنة: - (فرح) فتاة في العشرين من العمر, تدرس في دمشق, استأجرت منزلا مع شاب تعيش معه, وتقول: "إننا نتعاون في أجرة المنزل, كما في المصاريف" وعن حياتها مع شريكها "أيمن" أهو الجنس أم الحب؟ تقول : "لا ليس الجنس, فهو نتيجة للحب وليس العكس, ما دفعنا للعيش سويا هو أننا نحب بعضنا, رغم أننا نعلم بأننا لن نتزوج, على الأقل في المدى المنظور". وحول ما يمنع زواجهما: "أهلي يرفضون ذلك, والسبب هو اختلاف الطوائف, كما أن أهله كذلك رافضون, لكننا لسنا قادرين على العيش منفردين" لكنها تؤكد: "أنا سعيدة جدا معه, ولا أريد التفكير بأي شيء آخر في الوقت الحالي"
- (أماني) في الثانية والعشرين, تسكن مع أحمد, لكنها أبلغت أمها وإخوتها بعلاقتها به, تقول: "إن الأهل هم من يدفعوننا لإخفاء ذلك عنهم عندما يعتبرون الأمر فضيحة, لكنني أبلغت أمي وأخواتي بحبي له" وحول ردة فعل أهلها: "هم رافضون لوجودنا معا, لأنه من جنسية عربية, لكنهم يعلمون أنهم غير قادرين على أن يفرقونا طالما أن الحب يجمعنا". وعن نظرة المجتمع لهم بخصوص قبولهم العيش ضمن مساكنة قالت: "المساكنة أمر واقع, ولو تم الاعتراف بأنها أمر طبيعي كما هي حقا, ومن حق أي شخصين بالغين وراشدين, فعندها لن تري الكبت الذي تلاحظينه عند معظم الفتيات والشبان, والذي يجرهم إلى الشذوذ, ولن تجدي الأمراض التي تسببها الحاجة لارواء الرغبة الجنسية في الأماكن المظلمة".
- (محمد) شاب في الثلاثين من العمر, يرى: "المساكنة ستبقى ما دام الحب موجودا, والطرفان مستعدان لدفع الثمن مقابل أن يكونا سوية". وعن الزواج يقول: "الزواج يترتب عليه مسؤوليات, وببساطة قد يكون الطرفان غير قادرين على تحملها الآن, وفي الوقت ذاته هما غير قادرين على العيش منفصلين, فما الجريمة في أن يعيشا معا؟" "وهل من الضروري ان ندفع ضريبة حبنا بعقد زواج يقيدنا ويفرض علينا التزامات لانهاية لها, نستطيع ان نكون معا وبدون أي التزام وهذا مانحن عليه الآن". محمد يحب هبة.. فتاة في الخامسة والعشرين من العمر, ويقول عن ذلك: "أحب هبة لأنها مثال الفتاة القادرة على تحمل مسؤولية نفسها, وهي قادرة على العيش منفردة دون مساعدة أحد, سواء أنا أو أهلها أو سوانا, وأشعر بفخر حقيقي بها". وعن فرص زواجهما يقول: "قد تكون المساكنة فترة لنتعارف عن قرب أكثر ولنحضر أنفسنا للارتباط بشكل نهائي, أتمنى ذلك". وعند سؤالي للجميع هنا عن تصرفهم في حال حدوث حمل إجباري؟ كانت إجاباتهم جميعا قريبة من بعضها وتجسدت فيما يلي: "ليس من الوارد حدوث حمل.. نحن نأخذ كامل احتياطنا من ذلك.. وفي حال حدوثه يجب إنهاؤه فورا".آثار المساكنة على الطرفين: آثار المساكنة لاتكون واحدة بالنسبة للطرفين بل ان هذه العلاقة لا تظهر آثارها السيئة إلا على الطرف الثاني من العلاقة (المرأة) بالنسبة للرجل: لا يخسر أي شيء بالعكس فهو الرابح الوحيد دائما في ظل قوانيننا التي لا تحاسب على الفعل الخطأ إلا من جانب المرأة.. فالرجل قد يتحمل جزءا من المصاريف المادية التي تشاركه بها شريكته في السكن أما عن المرأة: فهي تتحمل كل الآثار السلبية التي تترتب عليها من هذه المساكنة.. - ففي حال حدوث حمل لا تستطيع ان تنسب الطفل إليها, كما لا تستطيع ان تفرض على الأب الاعتراف بطفله إلا عن طريق الدخول بمتاهات القضاء لتصل إلى ذلك وربما لاتصل.. - كما أن المرأة تتأذى بشكل معنوي ونفسي عن طريق التعرض لسمعتها في مجتمع شرقي لا يلوم إلا المرأة, كونها تعيش مع رجل بدون عقد زواج معترف به.. - اغلب الفتيات اللواتي يدخلن بهكذا تجربة ويخضن ذلك بدون علم الأهل, عادة تكون أصولهن من القرى البعيدة عن المدن وبهذا تتعرض الفتاة لنوعين من التهديد: 1- تهديد يقع على حياتها فيما لو علم أهلها بذلك مما قد يعرضها للقتل بدافع الشرف. 2- تهديد يقع على حياتها الاجتماعية عندما سيكون عليها ان تتحمل نظرة المجتمع من خلال قبولها بعلاقة مخالفة للأصول والعادات والأعراف, وتزداد هذه النظرة عندما تنفصل مع الشريك وتنتهي هذه العلاقة.. - قد تحدث إشكالات لكلا الطرفين في حال قررا إنهاء علاقة المساكنة, فما تم شراؤه خلال هذه المساكنة لا تحكمه قوانين ولا أعراف وغالبا ما تخسر المرأة كل ما وضعته في منزل المساكنة, فإذا كانت المرأة ضمن عقد الزواج الموثق غالبا تغبن حقوقها فكيف إذا بمساكنة خال من أي ضوابط!!المساكنة وفق القانون السوري لا يوجد نص في القانون السوري يسمح بالمساكنة أو يعترف بها, والبعض يفسر عدم وجود قانون صريح وواضح يعاقب على سكن العازيين هو بمثابة السماح بهذه السكن باعتبار أن الأصل في الأشياء الإباحة.. لكن لو عدنا إلى نص المادة (473) من قانون العقوبات والتي نصت على :1 ـ تعاقب المرأة الزانية بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين. 2 ـ ويقضى بالعقوبة نفسها على شريك الزانية إذا كان متزوجاً وإلا فالحبس من شهر إلى سنة.فالنص هنا جاء واضحا بأنه يعاقب المرأة الزانية بغض النظر عن حالتها الاجتماعية سواء كانت متزوجة أم لا, بينما شريكها يعاقب على الزنا فقط إذا كان متزوجا, عدا عن ان عقوبة الزانية تفوق عقوبة الشريك الزاني.. فالجرم والعقوبة هنا تطال الفتاة فقد دون الرجل..وجاء نص المادة (509) - -الفقرة الثانية منه- - تعاقب على الفعل باعتبار انه تسهيل للدعارة:1 ـ من اعتاد حض شخص أو أكثر، ذكراً كان أو أنثى، لم يتم الحادية والعشرين من عمره، على الفجور أو الفساد أو على تسهيلهما له أو مساعدته على إتيانهما عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من خمسة وسبعين إلى ستمائة ليرة. 2 ـ ويعاقب العقاب نفسه من تعاطى الدعارة السرية أو سهلها. ويتم تفعيل هاتين المادتين عند حدوث شكوى من أحد: فلو حدثت شكوى من الجيران فان الشريكان سيلاحقان بجرم تسهيل الدعارة.. ولو حدثت الشكوى من أهل الفتاة فسيلاحق الشاب بجرم خطف الفتاة ولن تبرئ ساحته إلا بإتمام عقد زواج.. ولو حدثت الشكوى من الفتاة نفسها بجرم اغتصابها من قبل الشاب فسيجد هذا الشاب نفسه بنفس المطب الذي لن يخرج منه إلا بعقد الزواج الرسمي..هذا النوع من الزواج ليس إلا استغلالا للفتاة تحت اسم مبطن (المساكنة) والخاسر الوحيد هو الفتاة التي عليها من جديد وتحت اسم حريتها التي يتاجرون بها من خلال نظرية الحرية الجنسية وإنها حرة نفسها وجسدها, لكن في الحقيقة يتم تقييدها بقيود اشد وأثقل مما هي عليه بدون هذه التسميات. الفتاة تتحمل جزءا من المسؤولية بقبولها ان يتم استغلالها تحت راية الحرية, لكن القوانين أيضا تتحمل الجزء الآخر عندما تكون قاصرة على فرض العقوبة على الطرفين بشكل متساو, او إيجاد حل لهذه الفوضى العشوائية في التزاوج. وترك الفتاة تستغل من قبل الطرف الآخر وبدون ان تتخذ أي إجراء يحفظ لها حقوقها التي أهدرت بدون أي عقد يحفظ لها إنسانيتها التي يتم العبث بها.. الحرية للفتاة تكون باختيار الشريك المناسب لها وضمن خياراتها لها دون فرض او إجبار من احد, وليس باسم الحرية الجنسية.. فالحرية الجنسية التي يتاجرون بها أصحاب نظرية المساكنة هي وليدة إرضاء لحاجات شخصية آنية, ولو أجريت إحصائية حقيقية- وهي صعبة الحدوث في مجتمعنا نظرا لإحجام الكثير عن قول الحقيقة- على عدد الطرفين الذين تزوجوا بعد فترة مساكنة لكانت النسبة لا تتعدى 10% وربما تكون أقل من ذلك بكثير, حيث ان اغلبهم يمضي حياته الجامعية برفقة فتاة تحت اسم المساكنة وحين يقرر الزواج تجده يكلف والدته بالبحث الحثيث عن فتاة لم تسافر خارج حدود محافظتها.. وأود ان أشير بأن لاشيء اسمه حرية جنسية للفتاة!! هناك حرية فكر.. حرية في الاختيار.. حرية في التصرف.. وأما عن مصطلح الحرية الجنسية فهو شيء يأتي بعد فترة طويلة من الإحساس من قبل المرأة بالمسؤولية تجاه نفسها أولا.. وعندها لن يكون هذا المسمى باسم حرية جنسية بل سيكون باسم حرية اختيار الشريك المناسب لها كامرأة واعية قطعت شوطا كافيا قبل ان تنتهك جسديا ونفسيا وعاطفيا في سن مبكرة عادة تكون فيها مشوشة التفكير وعاجزة عن تحديد رغباتها والوصول إلى أهدافها وطموحاتها. وأخيرا من المفارقة الغريبة التي تفرض نفسها ان توجد في مجتمعنا مساكنة لا يعاقب عليها إلا في حال الشكوى, بينما القانون لا يكتفي بالعقاب بل يسمح بقتل من تضعها ظروفها ضمن احتمال ضئيل لوجود دافع الشرف!! ـــــــــــــــــ عن نساء سورية |
|