شاميةٌ كالياسمينْ
و أصيلةٌ و عميقةٌ مثل السنينْ
و تحلّقين كوردةٍ بريّةٍ بين المرايا و الوترْ
حسنٌ إذاً
لنقل بأنّ الياسمين قسا علينا و انتحرْ
المجدليةُ غادرت و البحر من ورقٍ كتبتُ على ضفافِ الحزن صبوة عاشقٍ :
شاميةٌ كالياسمينْ
و سألتها : من نرجسٍ أنتِ أم اسمكِ نرجسُ ؟
خفقتْ قليلاً و انحنتْ :
الورد ينشرُ في المدى
بوحَ العبيرِ المشتهى
إن كنتَ تفهمُ بالهوى
فجوابيَ الآن استوى
مادمتَ من طيبِ الهوى , تتنفّسُ .
إنّي أرى ما لا ترونْ
باسمِ الحبيبةِ و الحمامْ
قد أفتتحْ
صُرَرَ الكلامْ
لحمامةٍ في باحةِ الأمويّ أو لكنيسةٍ في بابِ توما ربّما . . .
لم آتِ يا شامُ المنيعةُ كي أُسامرَ ليلكِ
فالليلُ ليلي أينما حلّتْ رواحلُ حزنيَ الأبديّْ
مِنْ لاذقيةِ ساحلِ العشّاقِ جئتكِ فاتحاً صدري
و قلبيَ أعزلُ
دمعي غمامُ الياسمينْ
دمعي تفاصيلُ الجُمَلْ
طِلُّ الزنابقِ في الصباحاتِ الحميمةِ بالقُبَلْ
إنْ تهربي يا شامُ منّي فالعيونُ إليكِ شاخصةٌ بصمتٍ
إنْ هربتِ ستُقبِلُ .
ألبحرُ أكبرُ من موانئه و من لغةِ الحبقْ
و حبيبتي هجرتْ مرافئَ عشقنا
كسرتْ مرايا ضوئنا الليلُ احترقْ
ملأتْ سحابيَ بالأنينْ
فضحتْ بكارةَ بوحنا اغتصبتْ زهورَ الياسمينْ
شطبتْ منَ القاموسِ كُلَّ المفرداتِ المزعجهْ
مثلَ الحنينْ
رفقاً بطعني يا ملاكُ أنا حزينْ
آتيكِ من كبدِ السماءِ كطائرٍ ضاعتْ بعينيه المسافةُ و السنينْ
صدري عريضٌ و الفؤادُ محدّدٌ
فارمي سهامَ الرّمشِ لا تتردّدي
فيضي كنبعٍ تحت غصنِ اللوزِ لا تتوعّدي
نسيَتْ فتاتي مقطعاً : " كُلُّ السيوفِ قواطعٌ إنْ جُرّدتْ "
هلاّ أضفتِ إلى فضائكِ فكرةً :
إنْ جُرّدتْ ؟ في الحبِّ لم تتجرّدِ
ماذا وهبتني يا امرأه ؟
لم تُعطني إلاّ رياحَ الشوقِ عاصفةً عليّْ
أطفئتِ من زهري قناديلَ الفصولِ المشتهاةِ لشاعرٍ
يهوى النبيذَ و يرتقي أُفُقَ السمرْ
و عشقتِ في شعري بحاراً كنتُ قد خبّأتها لجموحِ نهدكِ أو
لهالتهِ الصغيرةِ كالقمرْ
شاميّةٌ كالياسمينْ
لمآثري وقعُ الحصى فوقَ النحاسْ
فلتسألي عنّي رياحَ الطّيبِ و الكُحلِ الذي صبَغَ الندى
بشفيفِ دمعكِ حينما فرُغَتْ
شوارعُ عشقكِ من كُلِّ ناسْ
ما زلتُ قُرْبَ الياسمينْ
أهمي دموعي عندَ بابِ الجابيهْ
أشتمُّ رائحةَ الحبيبةِ عندَ تلكَ الرابيهْ
سأقولُ للشامِ الجميلةِ أنني
أسعدْتُ كُلَّ عشيقةٍ
و عشقتُ كُلَّ مدينةٍ
و رفأتُ جرحَ العارياتِ و صنتُ قُدسَ العاشقينْ
و ضحكتُ من ألمي فدىً للعاشقاتِ زرعتُ وردَ الياسمينْ
إنَّ النساءَ قتلنني
و قتلنَ في زمني , مسيحَ الأغنياتِ المنتظرْ
وزّعتُ أنظاري على الأبوابِ سبعتها
فما من وافدٍ للشامِ غيري عاشقاً تحت المطرْ
و شربتُ ما شربتْ دمشقُ و أهلها
الليلُ باقٍ , و الصباحُ أظنّه متخاذلٌ ما أنْ تجنُّ جوارحي طلباً لشمسٍ ,
مالَ عنّي و احتضرْ
هذي نهاياتُ الورودْ
إنْ كان وردأً أو وروداً قابلاً للإنكسارِ على جنونِ مزاجها
: إحزمْ جراحك و ابتعدْ . . . هيّا ابتعدْ
قد ينتهي ألقُ المرايا في عيونِ العاشقاتِ فلا تعُدْ يا ابنَ السبيلْ
إبنُ السبيلْ ؟ ؟
ما كنتُ إبناً للسبيلِ و لمْ أكُنْ متسوّلاً عشقَ الهديلْ
هذي نهاياتُ الهوى . . . .
لا , لن أُطيلْ
سأجُرُّ ذيل هزيمتي خلفي كنعشٍ ضرّجتهُ الصاحباتُ بكحلهنَّ عشيّةً . . .
لن أنتظرْ . آنَ الرحيلْ
لا شامَ لي لا بحرَ لا أدنى قليلْ
قد لا يكونُ لشاعرٍ مثلي سوى عمرينِ كي أحيا لحبِّكِ مرّتينْ
و أُعنِّبُ الكأسَ الخميلةَ منْ رضابِ الثغرِ أو منْ حلمتينْ
و سأدّخرْ
منْ كأسنا لكِ قطرتينْ
الآن أمضي صامتاً
ستُدخِّنينَ اليومَ عمري مثلما منْ قبلهِ دخَّنتِ قلبي و الأملْ
و لربّما أشعلتِ منْ آهاتنا طيرَ الحجلْ
لي منْ حريقِكِ زهرةً شاميةً كالياسمينْ
لي ما جنيتُ اليومَ منْ وهمٍ و منْ مطرٍ أُكدِّسهُ فدىً . . . .
للياسمينْ
محمد عبد اللطيف ماشطة - سوريا