طلعت سقيرق.. فجعتنا / رياض طبرة

الإدارة المشاركات : 3446 . :

كيف للطود لا يرتعد؟ وكيف للأشجار ألا ترتجف، وهي تراك أيها الحبيب والأخ والصديق طلعت سقيرق تسافر دون إياب؟ وأي سفر هذا في الزمن الصعب اخترت، أم أنه الشوق للخلود وقد سطرت صفحات رائعات تؤهلك للسفر باطمئنان وللولوج براحة بال..

مشوارك الابداعي في الصحافة والأدب يشفع لك، يؤهلك لأن تبقى في نفوس القادمين إلى القراءة بنهم، أما نحن الذين عرفناك عن قرب أو على تقطع اللقاءات فالغصة ستظل باقية وستظل شاهداً على موت الأشجار وهي واقفة.. طلعت أيها الوديع وداعة الأطفال لن تنساك منابر الكلمات المقاتلة ولن تمل آذاننا الإصغاء لصوتك العذب.. تتلو ما تيسر لها من استعادة لقصيدة أو قصة أو حتى حكاية أو طرفة. ‏
ويا أيها الراحل على عجل وقبل الأوان وفي عز نثر الثمار فجعتنا وليس لنا إلا الدعاء في أن يفتح رحيلك هذا باب الكلام.. باب القراءة.. ومراجعة كل حرف كتبته.. لنراك كما تستحق وهذا رجاء وأمل كل كاتب بعد الرحيل.. ‏
كتبت عن فلسطين بعدما عشت منها آلامها ولم تنعم ولو للحظة واحدة في أن تراها كما كنت تتطلع وتعمل لأن تكون حرة مستقلة من حقها أن تضم أبناءها في الشتات ولو لساعة أو اغفاءة عند حافة كرملها أو رحاب خليلها وجليلها. ‏
لقد استكثروا عليك أن ترى وطنك الحلم دولة على ورق بين أوراق الدول في أمم قيل أنها متحدة.. مثلما استكثروا عليك جواز سفر فلسطينياً يؤهلك أن تعود به ذات وجع أو ذات شوق لجنين أو غزة، لبيسان أو طولكرم، لقلقيلية أو لأحد المخيمات.. ‏
لكنني أيها الفلسطيني الملتحق على عجل بأبي سلمى ونصري جوزي ومحمود درويش وعبد الكريم عبد الرحيم وحسن البحيري وغيرهم كثير وكبير, أتعزى أنك كنت وستظل سفيراً لفلسطين فوق العادة في قلوب من عرفك طول هذه الحياة التي عطرتها بنداك وعرضها.. ليس لي أن أخفي دمعتي مع أنها هطلت كثيراً على راحلين مجهولين معلومين في كل الساحات والميادين دفاعاً عن حق أو طلباً لك وها أنت تعيد للدموع مجراها ومسراها. ‏
جمعتنا وعرفتنا عليك صفحات «تشرين» وبعض أقسامها وممراتها وأخص القسم الثقافي الذي احتضنك وكان دائم الترحيب بك ولن ينساك أبداً وكنت من الخيار الكبار الذين ساهموا في إيصال الكلمة السواء إلى القارئ فتحية لجثمانك الطاهر في أرض سورية الحبيبة قبل أن تضمه للأبد أرض فلسطين الطاهرة وهذا حق لك ولكل مبدع فلسطيني مصداقاً لقول الشاعر الجواهري: ‏

‏وصابرين على البلوى يراودهم‏
في أن تضمهم أوطانهم حلم

دمشق / رياض طبرة