صدر حديثاً في العاصمة المصرية القاهرة عن دار أرابيسك للنشر والتوزيع- الديوان الجديد للشاعر والناقد المصري ياسر عثمان والذي جاء موسومًا " من طين الصعيد أو حسين في البحرين".. جديرٌ بالذكر أن عثمان الذي يكتب شعر الفصحى والقصة القصيرة والمقال النقدي قد فأجا قارئه - هذه المرة - بديوان من شعر العامية يحمل عنوانًا رئيسًا وآخر موازيًا بما يشي بكون الديوان – طبقًا لعنوانه الموازي- يدور في فضاء السرد الشعري الذي يشبه المشروعات السيرذاتية الكبرى على الرغم من كونه - أي الديوان - ليس كذلك وإنما هو - إن جاز المصطلح- (تَمَثُّلٌ سيرذاتي) وذلك بكون الحالة الإبداعية ما هي في كثيرٍ من الأحايين سوى غواية التَمَثُل الكبرى.
• الشاعر نقطة في الدائرة:
ومن اللحظات التي تَمَثَّلها هذا الديوان الجديد نجد لحظة الشعور بالاغتراب التي هي ليست وليدة الغربة بمعناها القار في الوجدان الدلالي، وإنما بمعناها المولود من رحم التهميش والإقصاء الذي فرض على المواطن المصري وعلى أحلامه المشروعة أثناء حكم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك؛ إذ يقول الشاعر عن لحظة الاغتراب هذه:
داير ودايره دوايرك/ ع الغريب/ دايره/
لا كنت نقطة في محيطك/ ولا مركز الدايره/
حتة وتر ينكسف/ يِقْرَب مِنِ المركز/
تهتز بيه المعادله/ يخرج من الدايره .• تعيشي يا بلدي:
هكذا يتجلى المشهد الشعري حول توصيف لحظة الاغتراب التي عانى منها الكثير من المصريين الذين أخرجهم النظام السابق خارج دائرة الضوء لكونه - أي النظام - أعمل معايير أخرى غير معايير الكفاءة في توزيع الفرص على المواطنين كما يتضح من قول الشاعر: وآدي الحكاية وأصل الروايه/ وكل اللي حاصل وناقص شويه / وكل اللي عاوز يكون م الأكابر /"يهَشْتِك يبشْتِك ../ يطبل شويه/ تعيشي يا بلدي يا حضن الحكاوي/ تعيشي يابلدي ياحضن الغنـاوي/ وحشني يـابلدي عبير القهاوي/ ونـور الشوارع يغازل عنيـَّـا/ ونـور الشوارع يغازل عنيـَّـا. وكما يتضح أيضاً من قوله: صليت صلاة الخشوع .. / رفضني محرابك/ واتحَجَّرِ الدمع/ رُحْت أسأل على بابك : / هو القبول في الصلا / مش بالخشوع برضُه ؟ / ولا القانون اختلف .. / طوله بقى ف عَرْضُه ؟! / جاوبي يتيم المشاعر / ما تقوليليش : " أنا مالي " / لقيت مُريد الغرام / صعب عليه حالي / فتح كتاب الهوى/ وجاوبني طوالي : / إزاي كانت صلاتك ؟. / قلتله في السرْ / أصل المشاعر نبيله، لو تكون في السرْ / أصل المشاعر بتدبل/ لمّا نحكيها/ تكبر كما الزرع / لو نقدر نخبيها/ هز الدماغ م العجب / وقال عرفت السِّرْ / السِّرْ / إنك يا ولدي /غاطس ما بتقبش / وما لكش صوت في الصلا/ والست ما تحبش /غير اللي تِعلا صلاته / ما يصلِّيهاش في السِّرْ.
أما عن موقف المثقف والمبدع الحر الغاضب من سياسات الإقصاء والتهميش التي مُورست ضِدَّه من أجل ردع حروفه المجاهرة بفضح اخطاء النظام البائد نجد هذه المقطعة التي تقول: بقفل عليا القصيده/ وأوارب الدمعه / صوتي شرد م الندا / يا للي انتِ مش سامعه !/ سايق عليكي النبي / يا موزعة البركـه / ع اللي سهي ف الصلا /ما بدأش بالفاتحه / واللي عامللي ولي/ ما بيحفظ الفاتحه.! / تديني نفحة رضا../ تتقبلي صـلاتي/ ولو بكيت م الخشوع / حِنِّي لدمعاتي / لحسن " ودين النبي" / موج الغضب عـــاتي / أقطع صلاتي / قبل ما أكمِّل الفاتحه .