كتاب "زئبق" للروائية آميلي نوثومب

الإدارة المشاركات : 3446 . :

يتجه المركز الثقافي العربي، من خلال ترجماته لروايات الروائية البلجيكية الشابة "آميلي نوثومب" وهي من مواليد عام 1967م، لتقديم جديد الرواية الأوربية، حيث ترجمة لها روايتين، الأولى بعنوان "بيوغرافيا الجوع" والتي قام بترجمتها بسام حجار، والثانية "زئبق" والتي ترجمتها ناديا صبري.

وتشكل هذه الروائية الشابة التي حققت مبيعات عالية منذ روايتها الأولى الشبة سيرة ذاتية حول هاجس السمنة، لدى شابة بلجيكية أبنة لسفير بلجيكا في اليابان، وهو الجانب الحقيقي في سيرة هذه الروائية التي عاشت طفولتها في اليابان، ثم انتقلت مع والدها السفير إلى دول أخرى مثل الصين وبنغلادش وكمبودياوبعض دول الشرق الأقصى حيث النحافة سمة جوهرية عند هذه المجتمعات، أمام مراهقة مصابة بفوبيا السمنة.

في روايتها الثانية، أكدت هذه الروائية الشابة إنها قادرة على الدخول في الحقل الروائي وبقوة، من خلال روايتها "زئبق"، والتي تسرد لنا حكاية ممرضة تجد نفسها في رعاية فتاة شابة يحتجزها قبطان برضاها بعد ان اخفى المرآيا من الجزيرة التي يعشيها على وهم انها تعرضت لتشويه كامل بسبب حريق تعرضت له أبان الحرب، هذه العلاقة التي يحمكها فارق السن، بين القبطان والفتاة الشابة، تجد في علاقتها مع الممرضة التي تأتي كل يوم للجزيرة لمعالجتها حقيقة الوهم الذي القبطان ان يوهمها به، كونه الحبيب والأب والصديق، في الوقت الذي تسعى إليه الممرضة لجمع مادة الزئبق من أجهزة الثرموميتر، لكي تصنع منه مرآة كي ترى هذه الفتاة مدى جمالها، ولتكشف لها الخديعة الكبرى التي زرعها هذا القبطان.
وتنتهي الروائية الشابة بتقديم نهايتين للعمل الروائي في بادرة جريئة منها، لكشف الصنعة الروائية التي تمارسها عبر الكتابة، وتترك للقارئ حرية اختيار النهاية التي تتناسب مع ذوقة.

وتعتبر "آميلي نوثومب" التي لقبت بالكاتبة "سوبر ستار" في بلجيكا، وتعتبر روايتها "زئبق" رواية درامية إنسانية مؤثرة، حول مفهوم الجمال بين اظهاره واخفائه. وكأن ذهابها للرواية هو ذهاب فلسفي وفكري، مثلما فعلت في روايتها الأولى "بيوغرافيا الجوع".

إنها تعيد سرد حكاية المرآة في التراث الأدبي الإنساني، من خلال إعادة فهم هذه العلاقة الشائكة بين جمال المرأة وأهمية رؤيته والتشبع به، وهو يروي صاحبته بثقتها كونها جميلة وتستحق النظر، وتستحق اكتشاف ما يثيره هذا الجمال عند الآخرين، عبر الاطمئنان عليه، وتفحصه، وتأمله، والشعور باستملاكه من خلال المرآة وعن طريق المرآة، العاكسة لهذا الجمال، والثقة بهذا الجمال. كل هذا تطرحه هذه الروائية في روايتها "زئبق" بين الوهم والحقيقة. الجهل باهمية المرآة وأهمية اكتشافها. البحث والمعرفة، الادراك والوعي. الصبر والتأمل. عبر زئبق يجمع قطرة قطرة ليشكل باب المعرفة الأهم لصبية جميلة لم تدرك أهمية جمالها، لانها لم تكن تملك المعرفة/المرآة.