متابعات مختارات
المشاركات : 1292 . :
| موضوع: «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» 08.10.11 23:51 | |
| بين مجزرة صبرا وشاتيلا في 16/9/1982 والذكرى الخمسين للنكبة في 15/5/1998 مرت سنوات كثيرة من دون أن يتمكن ذوو الشهداء من إحياء هذه الذكرى أو زيارة مدافن ضحاياهم. لقد استنكفت الفصائل الفلسطينية، في معظمها، ولأسباب مختلفة، عن إبقاء هذه الذكرى مشتعلة في الحياة اليومية للفلسطينيين في لبنان، مع أنها ظلت متوهجة في الأفئدة، وقصّرت عن رعاية أهالي الضحايا والاهتمام بهم وبقضيتهم، وترك هذا الأمر لبعض الجمعيات الأهلية مثل مؤسسة بيت أطفال الصمود في مخيم شاتيلا التي كانت تبادر، في كل سنة، إلى تعليق أكاليل الزهر على مدخل مثوى شهداء صبرا وشاتيلا، إذ كان من غير الممكن وضع مثل هذه الأكاليل فوق ثرى الشهداء بعدما تحول المكان إلى ملعب للأطفال ومكب للنفايات. في سنة 1998، وفي الذكرى الخمسين للنكبة، تألفت في بيروت لجنة لإحياء هذه المناسبة، وقامت بتنظيم مسيرة شموع من محطة الرحاب نحو المقبرة، ولأول مرة يجري تنظيف مكان المقبرة من الأوساخ المتراكمة. وفي سنة 1999 جاء إلى لبنان الصحافي الإيطالي المعروف ستيفانو كياريني وكان آنذاك مسؤولا عن شؤون الشرق الأوسط في جريدة "المانيفستو" اليسارية، وجال في مخيم شاتيلا والتقى أهالي الضحايا، وزار مقبرة الشهداء. وجراء ما شاهده ستيفانو كياريني تبلورت لديه فكرة تأسيس لجنة أوروبية دائمة لنصرة شعب فلسطين. وهكذا ظهرت لجنة "كي لا ننسى صبرا وشاتيلا" في إيطاليا التي أخذت على عاتقها تنظيم حملة سنوية إلى لبنان لإحياء هذه الذكرى. وكان المشاركون، في البداية، من الإيطاليين بالدرجة الأولى، ثم توسعت الحملة لتشمل أوروبيين وأميركيين من مختلف المشارب كالصحافيين والسياسيين والنقابيين والفنانين... إلخ. وفي سياق مواز أُسست لجنة "كي لا ننسى صبرا وشاتيلا" في لبنان من ثلاث جهات أساسية ومعها جهتان رديفتان وهي: هيئة تنسيق الجمعيات الأهلية العاملة في التجمعات الفلسطينية، جريدة "السفير"، الشبكة العربية للمنظمات غير الحكومية للتنمية. وساهت في نشاط هذه اللجنة في إحدى المراحل لجنة مساندة الدعوى ضد شارون التي رُفعت في بلجيكا سنة 2001، وتجمع المؤسسات الأهلية التطوعية. وابتداء من 13/9/2000 بدأت الوفود الأوروبية تتقاطر إلى لبنان سنوياً، وفي التاريخ نفسه، لإبقاء الشعلة متقدة. وكان يقود الحملة ستيفانو كياريني، وتحولت هذه الذكرى إلى مناسبة وطنية، وإلى شكل حيوي من أشكال التضامن الدولي مع قضية فلسطين. ثم توسعت الحملة لتضم إليها، علاوة على الإيطاليين، إسبانيين وفرنسيين وفنلنديين وأميركيين وبريطانيين وماليزيين وباكستانيين. واتسع نطاق الجولة السنوية في لبنان ليشمل بلدة قانا الجنوبية وسجن الخيام وبوابة فاطمة ومتحف مليتا وموقع مارون الراس، فضلاً عن مخيم البرج الشمالي حيث وقعت مجزرة نادي الحولة ومجزرة روضة النجدة الاجتماعية في سنة 1982، والتي لم يكشف اللثام عنهما إلا لاحقا. إن هذه الحملة الدولية مدينة بثباتها وتواصلها وديمومتها للمناضل الأممي ستيفانو كياريني ولأعضاء الحملة من الأصدقاء الإيطاليين ولجريدة "السفير" وبلدية الغبيري وآخرين أيضا. ولا ريب في أن الإصرار على إحياء هذه المناسبة في كل سنة، هو في الوقت نفسه إصرار على إحياء ذكرى ستيفانو كياريني الذي رحل عنا بصورة مفاجئة قبل نحو ثلاث سنوات، لأن ستيفانو تحول إلى رمز إنساني نادر في عقول أهالي شاتيلا وأهالي ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا معا، وهو يتجدد فينا جميعا في كل سنة مثل تجدد الربيع في كل عام.
قاسم عينا منسق حملة «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» في لبنان. | |
|
متابعات مختارات
المشاركات : 1292 . :
| موضوع: رد: «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» 08.10.11 23:53 | |
| رسالة إلى ستيفانو
الأخ الحبيب والصديق العزيز الرفيق ستيفانو أسعد الله صباحك ومساءك. الرفاق والأصدقاء على العهد ثابتون، وهم يواصلون الحضور سنوياً إلى لبنان لإحياء ذكرى المجزرة. إنها مناسبة أليمة وحزينة، ولكن بفضل جهدك وإصرارك حولت المناسبة الحزينة إلى حالة من التضامن مع الشعب الفلسطيني ومع المقاومة الوطنية في لبنان. أبناء مخيم شاتيلا وأبناء شهداء المجزرة لن تغيب صورتك البهية وابتسامتك الجميلة عنهم، انهم يتذكرون فيك قيم الوفاء والنضال, لقد أعدت إليهم ما افتقدوه في الآخرين. العزيز ستيفانو لم تكن يوماً صحافياً يكتفي بالجلوس خلف مكتبه، بل عرفناك مقاتلاً مع الثورة الفلسطينية وشجاعاً تذهب إلى العراق وهو في حالة الحرب ضد الاحتلال. وعرفناك مناصراً للفقراء والمضطهدين والمظلومين في هذا العالم. إننا نعاهدك بأن نواصل مع جميع الرفاق والأصدقاء والأحرار في هذا العالم نضالاً مستمراً لتحقيق ما كنت تؤمن به، عالم تتوافر فيه الحرية والديموقراطية والسلام والمساواة والعدالة، عالم خال من القهر والظلم والاستبداد والاحتلال والاستعمار. جميع أحبائك وأصدقائك، لبنانيين وفلسطينيين وجميع الأحرار الذين يأتون إلى المخيمات في كل عام، يتذكرونك بافتخار، ولن ينسوك، وكذلك أبناء المخيمات وأهالي شهداء المجزرة. ستبقى خالداً يا ستيفانو. | |
|
متابعات مختارات
المشاركات : 1292 . :
| موضوع: رد: «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» 08.10.11 23:55 | |
| صبرا وشاتيلا طلال سلمان منذ «النكبة» والشعب الفلسطيني يعيش ـ غالباً ـ في الوقت الفاصل بين مجزرتين.. وحتى بعدما طرد الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين من بلادهم، أو اتخذهم أسرى فيها، وهم أهلها الذين عمّروها وخضّروها، فقد ظلت المجازر تترصدهم في ديار اللجوء، في ظل تقاطع المصالح بين إسرائيل و«أنظمة الصلح» العربية المعادية ـ بالتكوين ـ للثورة بوصفها طريق العودة. مع ذلك تبقى مجزرة صبرا وشاتيلا التي «توّج» بها المحتل الإسرائيلي اجتياحه لبنان، صيف العام 1982، هي الأفظع، بأعداد ضحاياها من الشيوخ والنساء والأطفال، بعد ترحيل «المقاتلين» من بيروت إلى منفى جديد في بلاد لا تطل على فلسطين ولا نظامها يسمح لأهلها بأكثر من التعاطف الوجداني مع المنفيين ألف مرة! أضاء الدم المهدور غيلة ظلمة الليل الذي امتد حتى آخر جنين، وثقبت صرخات المدفونين أحياء في تلك البقعة من أرض بيروت التي «احترقت ولم ترفع الأعلام البيضاء» آذان «العالم الحر» الذي كان يرى في «الرئيس» الآتي على ظهر دبابة عنواناً لعهد السلام الإسرائيلي مع لبنان. دخل القتلة المخيمين بحراسة المدافع الإسرائيلية، ونفذوا جريمتهم تحت أضواء الكشافات الإسرائيلية، ثم خرجوا وقد أنجزوا «المهمة القذرة» التي تهرّب من تنفيذها جنود الاحتلال الذين كانوا يغطون آذانهم وعيونهم ويغسلون أياديهم من دماء هذا الصدّيق! ولسوف يمضي وقت طويل قبل أن يعرف العالم تفاصيل المجزرة الجديدة التي كان بين أهدافها أن تلقى المسؤولية على «المضيف» لتصوّر السفاح الإسرائيلي كقوة فصل بين «الإخوة الأعداء».. ولسوف تتوالى بيانات الإدانة والاستنكار التي لا تعيد روحاً إلى جنين دُفن حياً، بينما سيتولى المحتل «محاكمة» بعض جنده على تقصيرهم في ردع «الوحوش اللبنانيين» وحماية عائلات البؤس الفلسطيني المتروكين للريح. بالمقابل فإن «العهد الجديد» الذي جاء أيضاً على متن الدبابة ذاتها، بديلاً من «القائد» الذي اغتيل قبل أن يتسنم السدة، قد طارد فطرد كل الهيئات الدولية التي جاءت للتحقيق في المجزرة وتحديد مسؤولية القيادة العسكرية عنها. وبين المطرودين محامية فرنسية عجوز تعمل في «محكمة برتراند راسل»، قدمت بيروت لتستكمل تحقيقاً بدأته مع المسؤولين الإسرائيليين، وفي المطار قالت كلمتها الخطيرة: أفهم أن تسعوا لتبرئة الذات، ولكنكم عملياً تبرّئون العدو وتدينون أنفسكم أمام العالم أجمع! هذا العدد من «فلسطين ـ السفير» عن هذه المجزرة التي يجيء إلى بيروت، كل عام، بعض المناضلين من أحرار العالم (ليس بينهم من يمثل عرب السلطة) لإدانتها ومحاولة توكيد التضامن مع هذا الشعب الذي يعيش في الهامش بين النكبة والمجزرة، في السياسة كما في تفاصيل حياته، داخل أرضه الوطنية كما في مخيمات اللجوء. وليس الهدف تبرئة «المضيف اللبناني» منها، وهو في موقع الضحية، ولكن بهدف منع النسيان من أن يطوي هذه الصفحة السوداء من مآثر إسرائيل كقوة احتلال وافدة من الخارج، لا هي من هذه الأرض ولا مكان لها فيها إلا بالقتل ثم القتل ثم القتل إلى يوم... التحرير! | |
|
متابعات مختارات
المشاركات : 1292 . :
| موضوع: رد: «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» 09.10.11 0:00 | |
| | يوم حاصَرت إسرائيل أزقة شاتيلا
بيان نويهض الحوت
في أول بيان رسمي للحكومة الإسرائيلية برئاسة مناحم بيغن حول مجزرة القرن العشرين، في صبرا وشاتيلا، ظهرت الغطرسة الصهيونية / البيغنية بأبشع صورها، إذ لم يكن هناك نفي قاطع لمسؤولية الحكومة الإسرائيلية فحسب، بل كان ما هو أسوأ، فالبيان ما احتوى إلا على افتراءات وأخطاء فادحة. كان واضحاً أن إسرائيل تصورت أن العالم سوف يصدقها ـ كما هي العادة ـ مهما ادعت أو تبجحت، لكنها لم تنجح هذه المرة. المجزرة لم تكن أبداً قتالاً بين «مخربين» اختبأوا مع دباباتهم وأسلحتهم الثقيلة في أزقة المخيم، وبين «وحدة لبنانية» راحت تبحث عنهم كي تعتقلهم بأوامر شارونية! والجيش الإسرائيلي الذي حاصر المنطقة وحوّل ليلها إلى نهار بفضل إنارته المتواصلة، ما كان يفعل ذلك من أجل مساعدة الميليشيات في بحثها عن المخربين ودباباتهم في أزقة شاتيلا التي لم يتمكن من دخولها أحد. وسرعان ما تكشفت الحقائق منذ الأيام الأولى، أيام البحث عن الضحايا. كان الضحايا مدنيين ومن جانب واحد. وكانت تلك مجزرة سقط فيها 906 ضحايا، من فلسطينيين ولبنانيين وجنسيات أخرى، وقد دُونت أسماء الضحايا. واختفى خلال المجزرة 484 مخطوفا ومفقودا، وقد دُونت أسماؤهم. أما عدد الضحايا التقديري فهو ثلاثة آلاف وخمسمئة ضحية كحد أدنى. وأمّا أبرز ما جاء في البيان الإسرائيلي الرسمي فلا يكاد يمت إلى ما جرى بصلة، باستثناء الخسائر الكبيرة بالسكان المدنيين، ومما جاء فيه: - «إن المخربين (المقاتلين الفلسطينيين) خرقوا بفظاظة اتفاق الجلاء (...) بتركهم وراءهم 2000 من رجالهم في بيروت. ليس هذا فحسب، بل اتضح أنهم تركوا وراءهم كميات هائلة من الأسلحة ـ دبابات، مدافع، مدافع هاون وذخيرة». - إن الجيش الإسرائيلي لم يكن موجوداً في الموضع الذي دخلت فيه وحدة لبنانية إلى حيث يختبئ المخربون (كما ورد)، لإلقاء القبض عليهم. - أوقعت الوحدة اللبنانية خسائر كبيرة بالسكان المدنيين. - «إن الجيش الإسرائيلي، حال ملاحظته لما كان يجري، وضع حداً لقتل الإبرياء وأرغم الوحدة اللبنانية على مغادرة المنطقة». - «أعرب السكان المدنيون عن تقديرهم للجيش الإسرائيلي لمسارعته إلى المساعدة». هذا البيان الإسرائيلي الذي ينضح بالافتراءات والمغالطات كان الأساس الذي استند إليه تقرير كاهان في أحكامه، ذاك التقرير الذي امتلأت الصحافة العالمية بتمجيده منذ صدوره في 7 شباط / فبراير 1983، دليلاً قاطعاً على الديموقراطية في إسرائيل! وهو التقرير الذي انتهى بأن لا مسؤولية مباشرة على القيادة الإسرائيلية العسكرية أو السياسية، ذلك أن كل المسؤولين الكبار لم يرَوا، ولم يسمعوا، و لم يعرفوا! وأنحى التقرير بالمسؤولية المباشرة على القوات اللبنانية. أما رئيس الوزراء مناحيم بيغن فتخطّى بيانه الرسمي حين قال بفظاظته المعهودة ـ بعد يومين من صدور البيان ـ جملته الشهيرة التي ذهبت مثلاً على العنصرية الصهيونية: «ماذا هناك للتحقيق؟ غوييم (غير اليهود) يقتلون غوييم، ونحن ينبغي شنقنا؟».
إسرائيل تعرف القوانين الدولية
لا يُعقل أن الحكومة الإسرائيلية لا تعرف القوانين الدولية، وأولها مسؤولية الدولة التي تحتل أراضي الغير عن سلامة السكان المدنيين، ومسؤوليتها تجاه القوات الأخرى أو العملاء الآخرين الذين يخضعون لسيطرتها في حال قيامهم بجرائم حرب. والمجازر جرائم حرب. غير أنها لكونها تعرف القوانين جيداً، فهي ابتدأت تعمل من قبل وقوع المجزرة التي خططت لها وأمرت بها وسيطرت على تفاصيلها، وكان عملها منحصراً خلال المرحلة التحضيرية السريعة في الإشراف على تهيئة المناخ والمنفذين والمكان والحجج المؤدية إلى أنهم لم يرَوا، ولم يسمعوا، و لم يعرفوا! في القانون الدولي يُعتبر القائد العسكري أو السياسي مسؤولاً في حال كانت لديه معرفة حقيقية، أو في حال كان يجب أن تكون لديه المعرفة من خلال التقارير التي تصل إليه أو من خلال وسائل أخرى، بأن الكتائب التي تخضع لسيطرته، أو بأن أشخاصاً آخرين يخضعون لسيطرته، كانوا على وشك أن يرتكبوا جريمة حرب، أو أنهم ارتكبوها فعلاً، وفشل في اتخاذ الخطوات الضرورية التي تضمن الإذعان لقوانين الحرب، أو فشل في معاقبة الذين ينتهكونها. وبناء على اتفاقية جنيف، والقانون الدولي العرفي، تبقى الدولة أو السلطة المحتلة، حتى ولو لم تقم هي نفسها بالمجازر، المسؤولة أمام القانون الدولي، وهذا يعني أن إسرائيل هي المسؤولة في مجزرة صبرا وشاتيلا. الموقف الإسرائيلي الرسمي تجاه القوانين والأعراف الدولية يُختصر في إدعائها بأن القوانين الدولية التي تطبق على الدولة التي تحتلّ أراضي الغير لا تنطبق عليها، وهكذا بكل بساطة.. دوماً إسرائيل تدّعي ما تريد، وعلى العالَم أن يُصدّق. فكما نجد اليوم أنه على العالَم أن يُصدّق أن حصار إسرائيل لقطاع غزة أمر مشروع! هكذا بالأمس.. ما كان أمام العالَم إلا أن يُصدّق بأن إسرائيل لا تنطبق عليها القوانين الدولية!
إن ما احتواه تقرير كاهان من معلومات مغرضة خاطئة، ونتائج خاطئة بُنيت معظمها على معطيات لا تمت إلى الحقيقة والواقع بصلة، لأمر مؤسف حقاً ليس بالنسبة إلى الضحايا وأهالي الضحايا، فحسب، بل بحق الثلاثة الذين قاموا بالتحقيق (وهم القاضي يتسحاق كاهان رئيس لجنة التحقيق، وكل من العضوين القاضي أهارون براك والجنرال يونا إفرات)، فضلاً عن أنه مؤسف من منطلق احترام العقل البشري، فالعقل الذي لا تحكمه أبسط قواعد المنطق لا يمكن الوثوق بأحكامه؛ وهكذا تبدو محاولات تقرير كاهان المتعددة وغير المستندة إلى أدلة قاطعة وبراهين، بهدف إقناع العالَم والبشرية بأن «الإسرائيليين المسؤولين الكبار» كانوا حقاً لا يعلمون، ليس أكثر من مشاهد شبه هزلية لا رابط بينها، وتدعو إلى السخرية لا الاحترام. هل صبرا وشاتيلا جزيرتان على كوكب آخر؟ أما حسبت لجنة التحقيق حساباً إلى أن هناك كثيرين من صحافيين ومصورين وباحثين عن الحقيقة بإمكانهم زيارة المقر الذي اتخذته القيادة العسكرية مقراً لقيادة العملية؟ وأنهم سرعان ما سوف يكتشفون أنه لا يفصل بين مبنى القيادة والمنطقة المنكوبة سوى أرض شبه جرداء كانت يوماً لسباق الخيول؟ وذلك يعني أنه بالعين المجردة بإمكان الواقف على سطوح مبنى القيادة أن يشاهد الكثير مما كان يجري (راجع خريطة «المواقع الإسرائيلية وحدود المجزرة»، وخريطة «الملاجئ وحفر الموت»)، وهذا ما شهد به بعض الضباط الإسرائيليين. ثم إنه لمن المستغرب حقاً أن التقرير حصر إمكانية الرؤية فقط من مقر القيادة، وكأن ذاك المبنى هو المكان الوحيد الذي كان يصلح للمراقبة، بينما الأمر لا يحتاج إلى محامين أو قضاة أو صحافيين جابوا العالَم وشهدوا أنواعاً من الحروب، فأي فتى ذكي في أي بلد كان على الكرة الأرضية، يتعامل مع الانترنيت والخرائط والصور والمنطق، بإمكانه أن يطرح الأسئلة التالية: - لماذا تجاهلت لجنة التحقيق نقاط المراقبة المتعددة للإسرائيليين والقريبة جداً لأماكن القتل الجماعي في الحفر؟ - لماذا لم تطرح الأسئلة على هؤلاء العسكريين الذين تواجدوا في المنطقة عن الأماكن الواضحة وضوح الشمس والتي كانت تصلح جداً للمراقبة؟ لماذا لم تسألهم عن سبب عدم صعودهم إلى أعلى المدينة الرياضية ـ مثلاً ـ وقد كانت المدينة الرياضية تحت سيطرتهم الكاملة، ولهم فيها نقاط تفتيش؟ - لماذا لم تسأل الضباط عن سياراتهم العسكرية المتجولة؟ وماذا رأت ولاحظت؟ - لماذا لم تسألهم عن الإضاءة الليلية المتواصلة والتي جعلت من الليل نهاراً، لا بد أن الجيش الإسرائيلي قد التقط الصور، فأين هي؟ أمّا إن لم يلتقطها، فلماذا؟ أمثل هذا التجاهل من لجنة للتحقيق أمر معقول؟
مهزلة أنهم كانوا لا يعلمون
المهزلة التي وقع فيها تقرير كاهان نتجت عن محاولة لجنة التحقيق الثلاثية إثبات أن المسؤولين الكبار كانوا حقاً لا يعلمون، أو ما كان في استطاعتهم أن يعلموا، والأسباب التي قدمتها اللجنة أوهى من خيوط العنكبوت، أو التعبير الأفضل والأدق أنه لا يمكن تصديق كل هذه الكمية من المصادفات والأخطاء، ولنتوقف عند بعضها: ÷ كان التقرير الواحد يفهمه كل ضابط بطريقة مختلفة عن الآخر. فأحدهم يفهم أن القتل يتناول قتل النساء والأطفال، وآخر يفهم التقرير نفسه بأن القتل يعني قتل «الإرهابيين». - قدم ضابط ارتباط في ميليشيا القوات اللبنانية تقريراً شفهياً أمام عدد من الضباط الإسرائيليين في مقر القيادة. وجاء في تقرير كاهان أن لجنة التحقيق حصلت على روايات عدة لهذه الحادثة من كل فرد من الضباط المجتمعين. واكتفى القضاة بذلك، وكأن عدم توافق الضباط على رواية واحدة حجة لتجاهل المسألة برمّتها، وكأن التحقيق في أقوال هؤلاء لمعرفة من كان منهم على صواب أمر لا يعني لجنة التحقيق! - دار حديث هام بين الضباط في القيادة مساء الخميس، ولمّا قدم جنرال مسؤول إلى جنرال مسؤول آخر تقريره صباح الجمعة لم يذكر شيئاً عما دار في مساء الخميس، ولا لجنة التحقيق حققت في أسباب تجاهل الجنرال لذكر أهم ما كان يعلم. - هناك ذكر في تقرير كاهان لتقارير عدة كتبها ضباط وأرسلوها لمن هم أعلى منهم رتبة، ثم يرد في تقرير كاهان بأن تلك التقارير لم توزع كما يجب، وكانت النتيجة أنها لم تصل إلى أصحاب الشأن! - هناك ذكر لعدد من المحادثات الهاتفية بين الوزراء، أو بين كبار الضباط والوزراء، غير أن كل واحد من المتحدثَين الاثنين على الهاتف يروي الحديث بطريقة مختلفة عن الآخر، وتكون النتيجة أن الرسالة الشفهية لا تصل من المتحدث إلى المستمع عبر الهاتف، ذلك أن المستمع يستمع فعلاً لكنه يستوعب بطريقته الخاصة. وفي حالات أخرى يستوعب فيها المستمع ما قيل له، لكنه يقرر بأن المعلومات غير ذات شأن للتحقق منها، فيهملها! - في حالات كان يُفترض بالجنرال أن يبلّغ المجتمعين معه كل ما يعرف عما يجري من قتل وذبح، كان لا يفعل ذلك على الإطلاق، لأنه شخصياً كان يرى أن لا ضرورة لذلك. والسبب؟ هو تصوره بأن الذين يستمعون إليه حتماً يعرفون، وما داموا يعرفون، فلماذا يتكلم؟ لا ضرورة لذلك! - مشكلة عدم الفهم كانت مشكلة أساسية، فهناك أخبار تناقلها الضباط عما كان يجري بالتفاصيل، غير أن الضباط المستمعين لم يفهموا منها أنها عمليات قتل!! ويحتوي تقرير كاهان على أكثر من هذه الأمثلة التي يمكن الاستنتاج من مجموعها أنه كانت هناك خطة مُحكمة ومبيتة لعدم إيصال التقارير إلى المسؤولين الذين يترتب على معرفتهم مسؤولية مباشرة. وفي هذا السياق يأتي النفي القاطع في التقرير لمشاركة جماعة سعد حداد، مع أن التاريخ الشفهي أثبت أنهم كانوا، والعديد من الضباط الإسرائيليين المحيطين بشاتيلا ذكروهم بالاسم، وأعطوا الأطباء الأجانب يوم السبت ظهراً إذناً مكتوباً للمرور كي يعودوا للعمل في مستشفى غزة، وقالوا لهم أن يسيروا على طريق معين حيث هناك نقاط تفتيش لرجال سعد حداد. ويعود إنكار التقرير لمشاركة جماعة سعد حداد تهرباً من إلقاء المسؤولية على إسرائيل وفقاً للقانون الدولي، ذلك أن إسرائيل لم تنكر يوماً أن سعد حداد تابع لها. والمستغرب حقاً أن التقرير الذي تغنى العالم بديموقراطيته لم يتوقف أبداً للبحث إزاء الظواهر والعوامل غير الطبيعية لعدم إيصال المعلومات، إذ لا يُعقل أن يحدث كل ذلك عن طريق المصادفات، أمّا استنتاج التقرير من مسألة ضياع التقارير فما كان سوى الاعتراف بالمسؤولية غير المباشرة التي لا تُدين المسؤولين ولا تحملهم المسؤولية، فالمسؤولون الكبار لم يعلموا، لكنهم لو علموا لأوقفوا المجزرة!!
من الأضاليل التي وردت في تقرير كاهان أن الفالانج غادروا المخيمات نهائياً في الساعة الثامنة تقريباً من صباح يوم السبت، بينما الحقيقة هي أن المجزرة استمرت حتى ظهر السبت، وبناء على شهادات الأحياء من السكان أنه كانت هناك عمليات خطف وقتل في الحفر مستمرة حتى ظهر السبت. أما التناقضات التي وقع فيها شارون بين شهادته أمام لجنة التحقيق، وبين مذكراته لاحقاً، وبين تصريحاته للصحافيين، فإن دلت على شيء فعلى الاستهتار التام بالعقل البشري وبالذاكرة البشرية، وهو من ألقيت عليه مجرد المسؤولية غير المباشرة، فخرج من وزارة الدفاع غير أنه استمر وزيراً بلا حقيبة، وكوفئ بأن أصبح مسؤولاً في الكنيست عن لجنة الدفاع وعن لجنة الشؤون اللبنانية! أمّا زميله إيتان فقد وقع هو الآخر في التناقضات مع أبسط الحقائق، إذ قال في شهادته: «لم نعرف في الحقيقة ما كان يجري. كان الوقت ليلاً. وكان يُفترض أن القتال كان قتالاً عادياً. لكن مع ضوء الصباح (يقصد صباح السبت) شاهدنا ما كان يحدث وما كان يمكن أن يحدث أكثر، تدخلنا بسرعة». وهنا تناست لجنة التحقيق أن تسأله عن الإضاءة طوال الليل، وطوال الليلتين السابقتين، وتناست أن تسأله عن القتل والتعذيب في وضح النهار! وتجاهلت شهادات أطباء أجانب شهدوا بأن المجزرة ما توقفت صباح السبت أبداً. هؤلاء الأطباء والممرضون شهدوا أمام لجنة التحقيق بأنهم في صباح السبت، اي اليوم الثالث، تم اقتيادهم وزملاءهم الأجانب العاملين في مستشفى غزة للتحقيق، وشهدوا كيف أجبرتهم الميليشيات المسلحة على السير في المارش الطويل . وأما أهالي صبرا وشاتيلا فقد أجبروا على ذلك المارش بالمئات نحو المدينة الرياضية، وطوال ساعات تحت الشمس الحارقة كان السكان يتعرضون للإهانات والقتل والتحقيق معهم في «محاكمات ميدانية» على مسمع ومرأى من الجيش الإسرائيلي. وتميز يوم السبت بعمليات القتل الجماعية على مقربة من السفارة الكويتية، وفي أماكن أخرى، كما تميز بعمليات الخطف التي تفوقت على مجموع الخطف في اليومين الأولين. وأما الجيش الإسرائيلي نفسه، فهو الذي قام بالتحقيقات والاستجوابات وختم الهويات والاعتقالات، سواء في المدينة الرياضية أم مقابلها، وقد استقدموا المئات من السكان القاطنين في المناطق المجاورة لاستجوابهم أيضاً، ويُستخلص من هذا أن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع نفي معرفته بأحداث يوم السبت، غير أن إيتان قال بأن كل شيء أوقفوه صباح السبت، ولجنة التحقيق حين أكدت وصادقت على مثل هذه الأكاذيب أو الترهات، هل يعود بإمكانها ان تدعي أية عدالة في التحقيق؟
أدينت الحكومة الإسرائيلية، وأدين الجيش الإسرائيلي بالمسؤولية المباشرة من قبل العشرات من القانونيين ورجال الإعلام والمصورين، وكذلك من قبل التحقيقات الدولية وأهمها تحقيق ماكبرايد، ومن قبل المؤتمرات التي تمت في الأعوام الثلاثة التي أعقبت المجزرة، في قبرص وأوسلو وأثينا وطوكيو وبون. غير أننا نتوقف عند الإدانات الصادرة من قبل كتّاب إسرائيليين، والمخالفة لتقرير كاهان في الجوهر والتحليل، إذ كتب أوري أفنيري مباشرة بعد صدور تقرير كاهان: «كانت المجزرة واردة في نية البعض (ربما شارون وإيتان)، وكان الآخرون على علم بهذه النية! وهذا هو السبب الذي جعلهم يتصرفون بالطريقة المعروفة ـ حجب المعلومات والوقائع، دعم منفذي العملية، تدمير الإثباتات، الامتناع عن تسجيل الأحاديث، الامتناع عن الرؤية والسماع، الامتناع عن إبلاغ معلومات ـ كل ذلك لإفساح المجال أمام الرتب الرفيعة المستوى وحتى رئيس الوزراء بأن يدعوا في الوقت المناسب أنهم لم يكونوا على علم بشيء». وكتب جاكوبو تيمرمان قبل تأليف لجنة التحقيق: «إن ثقتي ضعيفة بديموقراطية المعارضة الإسرائيلية. أنا أخشى أن ينتج من النظام الإسرائيلي الذي يسيطر سيطرة تامة على اللاوعي فينا جميعاً، تحقيق هو في واقع الأمر لحماية المجرمين من العقاب الذي يستحقونه». وكتب زئيف شيف: «إن الحكومة والمجتمع الإسرائيليين يتحملان المسؤولية الأدبية والسياسية والقانونية في جريمة الحرب التي ارتكبت في بيروت. إننا وإن كنا لم نرتكبها بأنفسنا، فمما لا جدال فيه أننا سمحنا بها». كلام زئيف شيف لا لبس فيه في المسؤولية القانونية المباشرة على إسرائيل. أما عاموس ألون فقال كلاماً مشابهاً في صيغة أخرى تماماً: «إن الرجل الذي يضع ثعباناً في سرير طفل ويقول: ‘أنا آسف. أنا قلت للثعبان ألاّ يلدغ. أنا لم أكن أعلم أن الثعابين خطرة إلى هذا الحدّ، يستحيل فهمه. إن هذا الرجل مجرم حرب». وأخيراً، إن إسرائيل التي درّبت، وخطّطت، وحاصرت، وسيطرت، وراقبت، وشاهدت، اكتفت بأنها قالت للعالم بأنها لم تكن تعلم! غير أن إسرائيل تجاهلت ما هو أهم من ذلك كله، وهو أن مسألة علم القيادة الإسرائيلية العتيدة بما كان يجري ليس رهناً بعدم وصول تقارير تم إخفاؤها، فالمسؤولية المباشرة تقع عليها بطبيعة الحال لكون القانون الدولي لا يعفي الحاكِم المحتل من عدم المعرفة، فهم كان من واجبهم أن يعلموا. السفير
|
عدل سابقا من قبل متابعات في 09.10.11 0:05 عدل 1 مرات | |
|
متابعات مختارات
المشاركات : 1292 . :
| موضوع: رد: «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» 09.10.11 0:02 | |
| | صـورة المجزرة فـي صحافـة العالـم
في تقرير لمراسلها في بيروت سامي كينز أوردت «فرانس برس» الصورة الآتية: «في منزل يقع في نهاية ممر ضيق غرفة مظلمة تفترش أرضها مراتب تناثرت فوقها خمس جثث تلتصق بعضها ببعض لرجل وسيدة وصبيين وطفل رضيع اغتيلوا وهم نائمون. وتتوالى مشاهد الرعب في مخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطينيين حيث ألقيت في ممر آخر صغير خمس جثث تغطيها الدماء، وقد انتفخت وجوه الضحايا. لقد أعدموا رمياً بالرصاص في غرفة قبل إلقاء جثثهم خارج المنزل ليتجمع الذباب فوقها ويا لها من بشاعة؟! لقد اقتحمت عناصر مسلحة المنازل، وأزاحت الجرافات السيارات وألقتها على جدران المساكن، وتنتشر في بعض الساحات أعداد من الحمير والخيول النافقة، وفي المنازل أوان تمتلئ بالطعام موضوعة فوق المواقد. وفي أحد الشوارع اغتيلت عائلة حاولت الفرار مع أطفالها، ويتحرك طفل رضيع يرتدي فانلة حمراء بين ذراعي والدته وهو ينظر هنا وهناك. وعلى مقربة من هذا المكان يمكن مشاهدة ركام من الجثث تناثرت بشكل مثير. وتحت إحدى عربات النقل جثث 15 من الشباب يبدو انه تم جمعهم هنا قبل قتلهم. لقد تحطمت رؤوسهم، وشوهت وجوههم بطلقات الرصاص. وعلى جانبي الطريق الرئيسي المؤدي من مخيم صبرا إلى مخيم شاتيلا تنتشر جثث القتلى ومن بينها جثث المسنين على الأرصفة، وقد اغتيل شيخ مسن بجانب عربته الصغيرة وقد ظلت قنبلة منزوعة الفتيل تحت ساقه. وفي مخيم شاتيلا الخالي تماماً من سكانه يحاول بعض الناجين من الرجال والنساء والأطفال حمل بعض حاجياتهم قبل ان يلوذوا بالفرار. وتصرخ النساء وهن يشرن إلى جثث أعضاء أسرهن الذين قتلوا».
نقلت إذاعة «مونتي كارلو» عن «مراسل وكالة الأنباء الفرنسية» في بيروت التقرير الآتي: المجزرة، بحسب من بقي على قيد الحياة بدأت في الساعة الخامسة بعد ظهر الخميس، معظم الشهود أفادوا ان القتلة الذين كانوا يرتدون الزي الأخضر الغامق هم من رجالات سعد حداد حليف قوات الاحتلال الإسرائيلي. مع غروب الشمس غزوا المخيمات بعد ان قام الجيش الإسرائيلي بقصف مدفعي مكثف بجميع العيارات في اتجاه المخيمات ودخل القتلة كما يقول فلسطينيو المخيمات واستمروا في التقتيل والتدمير وكانت المجزرة الرهيبة التي عرضت تلفزة العالم بأجمعها مقتطفات عنها ولكنها كانت مخيفة، رهيبة، انها العنف الوحشي في أبشع صورة له في أيلول العام 1982 على أعتاب نهاية القرن العشرين. ساكنات المخيم الفلسطينيات البسيطات، الأطفال الأبرياء هكذا نقلوا ما رأوا. أما إسرائيل، قوات الاحتلال الإسرائيلي، فهي تعطي بالطبع صورة مخالفة وتحاول تبرئة طرف واتهام آخر، بالطبع فإنها كما قال ضابط إسرائيلي لامرأة فلسطينية مستنجدة انهم، أي جنود الاحتلال، لا يتدخلون بالشؤون اللبنانية الداخلية.
كتب مراسل هيئة الإذاعة البريطانية بوب جافز قائلاً: «حين وصلنا إلى المخيم صباح اليوم (الخميس) رأينا عشرات النساء الخائفات يركضن فراراً، وقلن لنا: ان رجالاً من الميليشيات عادوا إلى المخيم. وما زالت عشرات الجثث مطروحة حيث سقطت يوم الجمعة أو السبت حين دخل المسلحون المخيم، وقتل البعض وهم يحاولون الفرار. وصف آخرون أمام الجدران وأعدموا بلا رحمة، واقتحم المسلحون بيوتاً، وحصدوا عائلات بأكملها وهم يتناولون العشاء أو يشاهدون التلفزيون. ولا وجه لمناقشة الأعداد حتى بالتقديرات التقريبية. فكل زيارة تكشف عن حارة جديدة غاصة بالجثث أو عن بيت غاص بالموتى. ولكن المشكلة الحقيقية هي ان رجال الميليشيات استخدموا بعد المجزرة جرافات ليزيلوا حطام المباني المتهدمة فوق الجثث. وأجمع كل الموجودين في المخيم على أمرين، الأول ان المجزرة اقترفها رجال من ميليشيات سعد حداد المسيحية و«الكتائبيين»، والفريقان حليفان وثيقان لإسرائيل. والثاني ان الجنود الإسرائيليين لم يحركوا ساكناً أو سمحوا باستمرار القتل. وبالقرب من مستشفى عكا جنوب مخيم شاتيلا قال سكان محليون، ان المسلحين قتلوا طبيبين على الأقل واغتصبوا ممرضة قبل قتلها، وهناك أدلة على بتر أوصال الجثث بعد القتل. ورأيت جثثاً كثيرة وقد قطعت أعناق بعضها في البيوت وبعضها في الحارات ولكن الجثث بدأت تتعفن ب(«السفير»، 20/9/1982)فعل حر الصيف. وتعتبر المذبحة ذروة نكراء في سلسلة أحداث سياسية. فبعد ان خرج المقاتلون الفلسطينيون وانسحبت قوات حفظ السلام التي أشرفت على خروجهم، بدأ الجيش اللبناني ينتشر في بيروت الغربية ولكن حين قتل الزعيم المسيحي الشيخ بشير الجميل غزا الإسرائيليون أولاً بيروت، ثم احتلوا بيروت الغربية نفسها. وزعموا انهم غزوها لمنع سفك الدماء والحرب الأهلية. وإذا كانت هذه نيتهم فقد فشلوا».
(«السفير»، 20/9/1982)
|
| |
|
متابعات مختارات
المشاركات : 1292 . :
| موضوع: رد: «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» 09.10.11 0:16 | |
| جابر سليمان
var addthis_config = { ui_language: "ar", services_compact: 'email, print, facebook, twitter, linkedin, google, favorites, delicious, digg, stumbleupon, myspace, more', services_expanded: 'email, print, facebook, twitter, , google, googlebuzz, googlereader, googletranslate, hotmail, igoogle, linkagogo, linkedin, favorites, delicious, digg, stumbleupon, myspace, blogger, mailto, blogmarks, aim, faves, favoritus, friendfeed, friendster, gmail, box, bitly, woscc, live, multiply, myaol, netlog, orkut, pdfonline, pdfmyurl, plaxo, printfriendly, readitlater, reddit, typepad, twitthis, wordpress, yahoobkm, yahoomail', ui_click: true }
| «منذ انقطعت الطرق وصمت التليفون وحرمت من الاتصال بالعالم أحسستني لأول مرة أصير فلسطينياً وأكره إسرائيل»
جان حينيه
يقولون إن المجازر لا تدخل التاريخ والوقائع السياسية عبر استحضار أهوالها وفظائعها فحسب، بل عبر ارتفاع صوت الضحية ومعاقبة المجرم أولاً. وهذا هو المعنى الحقيقي لإحياء ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا عاماً بعد عام، أي تأكيد إصرار الضحية على ملاحقة الجلاد والمجرم والإصرار على ضرورة عدم إفلاته من العقاب. لقد أسس العديد من القانونيين فكرة الجزاء القانوني على مفهوم الضرورة ـ ضرورة العدالة كشرط أساسي من شروط الاجتماع البشري «أي ضرورة الجزاء القانوني للاجتماع البشري كيلا ينحدر إلى درك التوحش وضرورته للضحية نفسها كيلا تتدهور درجات في سلم الآدمية». ظل المجرمون بمنأى عن الملاحقة القانونية والإدانة إلى أن بادر المحاميان البلجيكيان المعروفان بدفاعهما عن حقوق الإنسان Luc Walleyn & Michael Verhaege، إلى رفع دعوى ضد أرييل شارون ومن يطاله التحقيق من القادة الإسرائيليين ومن أفراد الميليشيات اللبنانية المتورطين مباشرة في ارتكاب المجزرة أمام المحاكم البلجيكية بتاريخ 8/6/2001 ممثلين ثمانية وعشرين من أهالي الضحايا الناجين من المجزرة. رفعت الدعوى بموجب القانون البلجيكي لعام 1993 وتعديلاته عام 1999. ويتمتع هذا القانون بما يسمى «مبدأ الاختصاص العالمي» أو «الصلاحيات الشاملة»، مما يعني إمكانية ملاحقة ومحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة، بغض النظر عن مكان وقوع الجريمة وجنسية الضحية أو المتهم.
شكل رفع هذه الدعوى أول حضور فعلي وقوي لضحايا المجزرة منذ عام 1982 وأثار جدلا واسعا في الأوساط القانونية البلجيكية والدولية. كما تسبب مجرد رفع الدعوى في إثارة مخاوف مجرمي الحرب الإسرائيليين والأميركيين السابقين والمحتملين من العواقب الوخيمة لاتخاذ الدعوى مسارا قانونيا يفضي إلى تأكيد فكرة ارتفاع صوت الضحية وتأكيد ضرورة عدم الإفلات من العقاب، هذا بغض النظر عما سيؤول إليه هذا المسار، فيما يتعلق بالنجاح أو الفشل في جلب المجرمين إلى العدالة. وترافقت تلك المخاوف بحملة من الضغوطات الأميركية والإسرائيلية المكثفة على الحكومة البلجيكية من أجل إبطال مفعول القانون البلجيكي لعام 1993. ووصلت هذه الضغوطات إلى حد التهديد بفرض عقوبات على بلجيكا ليس أقلها نقل مقر حلف الناتو من بروكسل. كما تلازم رفع الدعوى منذ البداية بقدر كبير من الابتزاز السياسي والأخلاقي الإسرائيلي للحكومة البلجيكية من خلال تذكير بلجيكا بماضيها الاستعماري في الكونغو، فضلا عن اتهامها بالتعاون مع النازية والعداء للسامية. وقد نجحت حملة الضغط هذه حين أقرت الحكومة البلجيكية بتاريخ 12/7/2003 وبعد ساعات قليلة من أدائها اليمين أمام الملك ألبير الثاني، مشروع قانون جديد يبطل قانون «الصلاحيات الشاملة». وقد أقر مجلس النواب البلجيكي بتاريخ 30/7/2003 مشروع القانون الجديد. وقد حاز مشروع القانون هذا على الموافقة النهائية في مجلس الشيوخ بتاريخ 1/8/2003. ويحصر القانون الجديد الحالات التي يمكن فيها إقامة دعاوى أمام المحاكم البلجيكية بأن يكون المتهم أو الضحية مواطنا بلجيكيا أو مقيما بصفة دائمة في بلجيكا وقت حصول الجريمة. كما يضمن هذا القانون الحصانة الدبلوماسية لرؤساء الدول والمسؤولين الحكوميين الذين يزورون بلجيكا. إزاء ذلك رفع محامو أهالي الضحايا دعوى ضد الحكومة البلجيكية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، باعتبار ما حصل من إلغاء للقانون تدخلا سياسيا في مجرى العدالة البلجيكية. رفضت الدعوى من قبل المحكمة الأوروبية. وعليه جمّدت الدعوى. وهكذا توقف سير العدالة البلجيكية نتيجة للضغط السياسي الإسرائيلي والأميركي على بلجيكا والتواطؤ الأوروبي مع الحكومة البلجيكية آنذاك. وفقد أهالي ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا الأمل، ولو مؤقتا، في ملاحقة المجرمين ومحاكمتهم. ولكن يمكن الجزم بأن هذه القضية لم ولن تفقد زخمها المعنوي وقوتها الأخلاقية طالما أن مفهوم الجزاء القانوني مبني على مفهوم الضرورة وطالما تقضي هذه الضرورة بإصرار الضحايا على إسماع صوتهم وملاحقة المجرمين. وعود على بدء نقول إن مجرمي الحرب الإسرائيليين تمكنوا من الإفلات من العقاب المرة تلو المرة ولم يرتدعوا عن ارتكاب المزيد من المجازر منذ ذلك الحين مرورا بمجزرة مخيم جنين وشاطئ غزة وصولا إلى مجزرة السفينة مرمرة. وبهذا المعنى فإن المجزرة مستمرة وطالما هي كذلك فإن النضال القانوني من أجل جلب مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى العدالة ينبغي أن يستمر ويتواصل هو الآخر. وفي العام القادم ستأتي الذكرى الثلاثون لمجزرة صبرا وشاتيلا. وفي هذا الخصوص ندعو إلى جعل الذكرى الثلاثين مناسبة لتكريم الضحايا بشكل لائق عبر إعادة تأهيل المقبرة الجماعية وبناء نصب تذكاري يخلد أسماء الضحايا الفلسطينيين واللبنانيين والعرب الذين سقطوا في هذه المجزرة، وكذلك عبر إقامة متحف صغير على أرض المقبرة يوثق للمجزرة ووقائعها الفظيعة، ليكون هذا كله جزءا من ذاكرتنا الجمعية وذاكرة الصراع العربي /الصهيوني الممتد عبر أكثر من قرن من الزمان. وفي السياق المتجدد للمجزرة ينبغي التعامل معها بوصفها حدثا غير معزول عما سبقه ولحقه من جرائم حرب ارتكبها مجرمو الحرب الإسرائيليين بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، كما ينبغي النظر إلى الدعوى التي رفعت ضد شارون أمام المحاكم البلجيكية كمسألة متجددة تتصل بجرائم الحرب الإسرائيلية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة المستمرة التي ترتكبها إسرائيل يوميا، لأنها ليس مجرد دعوى انتهت إلى انتكاسة في المحاكم البلجيكية نتيجة للضغوط الأميركية الإسرائيلية وازدواجية المعايير التي يتبعها المجتمع الدولي عندما يتعلق الأمر بانتهاكات إسرائيل للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية. وبهذا المعنى يمكن تتبع الخيط الرابط بين مجزرة صبرا وشاتيلا ومجزرة سفينة مرمرة وما بينهما وما سيليهما, وتأكيد الصلة العضوية بين كل تلك المجازر. وفي السياق ذاته ندعو إلى أن يتجاوز النضال القانوني ضد جرائم الحرب الإسرائيلية إطار الدعاوى التي يمكن أن ترفع ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين مثل شارون وغيره إلى إطار أشمل يكشف عنصرية الصهيونية وعنصرية الدولة العبرية ويفضح أكذوبة «طهارة السلاح» المثيرة للسخرية التي روجت لها إسرائيل في حروبها المتعاقبة ضد الفلسطينيين والعرب.
|
| |
|
متابعات مختارات
المشاركات : 1292 . :
| موضوع: رد: «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا» 09.10.11 0:18 | |
| ايلـي حبيقـة عـن صبـرا وشاتيـلا والكتائـب «أنتم لا تعرفون إلا ايلي حبيقة الذي ارتبطت باسمه مجازر صبرا وشاتيلا. او الرجل الذي ذهب الى إسرائيل، او الذي يخطف على الهوية ولا يرحم... «أنا ايلي حبيقة، أقول لكم، إنني شاركت في الحرب الأهلية وكان عمري 19 سنة. أرسلت إلى إسرائيل ولم أكمل العشرين من عمري والذي أرسلني هو رئيس الكتائب الشيخ بيار وبمعرفة من الشيخ أمين وبترشيح من الشيخ بشير. كل المعارك التي خضتها ضد القوات السورية في لبنان، وكل الحروب التي واجهت فيها الفلسطينيين أو الأحزاب اليسارية تمّت وأنا تحت إمرة آل الجميل. «صبرا وشاتيلا تمّت وكان فيها قرار كتائبي وافق عليه بيار الجميل. وكان هناك من يراقبني بالمنظار من على شرفة قصره في المنطقة الشرقية».
مجلة «الشراع»، 21/10/1985 | |
|