أميمة عز الدين كاتبة مصرية صدرت لها روايتان: «الحرير المخملي» عن دار الحضارة بالقاهرة (2007) ورواية «نصف ساعة بالممر» عن الدار نفسها (2008)، وأيضا مجموعتان قصصيتان: «ليلة الوداع الأخيرة» عن دار شمس 2010 و«طرقات المحبة «عن نهضة مصر (2011). عن تجربتها ومجموعتها القصصية القصصية، كان هذا الحديث:
ماذا عن روايتك الحرير المخملي ـ عملك الأول ـ وماذا وراء تسميتها بذلك الاسم، رغم أن أجواء الرواية لا تشي بالترف النفسي أو الارتياح الذهني والحياتي لبطلاتها؟
^ الاسم كان نوعاً من المكافأة المتواضعة للبطلة المتوارية وراء قبحها ودمامتها وسمرتها اللامعة، كتمثال من الشمع الأسود، كما ورد في الرواية، وهي تدعى «مهرة»، لسيدة نوبية نزحت من البر الغربي بالأقصر الذي يطلقون عليه قديما مدينة الأموات حيث المقابر والمعابد الجنائزية ، حيث ماتت تلك السيدة بعد أن وضعت «مهرة» واختار لها الزوج الحاج عبد الرحيم التهامي ان تجري عملية تعقيم حتى لا تنجب له مزيدا من البنات داكنات البشرة، كون عائلتها شهيرة بإنجاب البنات دون البنين، و«مهرة» التي جمعت مفارشها الحريرية المخملية وأهالت التراب عليها في حفرة عميقة لما وصل إليها نبأ مقتل حبيبها السوداني الذي يتمتع بالبشرة البيضاء التي ورثها عن أمه الانكليزية ووجد في مهرة ما لم يجده في نسائه الثلاث اللاتي طلقهن، كان يعتبرها نبتاً برياً وحشياً ممتلئاً بالرغبة والحياة، وتعيش على سجيتها .
ماذا تعني الكتابة لك؟
^ الكتابة فيض وبوح حميم وأرق وقلق وامتياز عن الوحدة التي تحاصرنا رغم وجود الناس حولنا، الكتابة هي حياة كل محروم وجائع ومسكين، الورق الأبيض عدو لدود لما يشهق ببياضه ويستعصي القلم على تسويده.
في «طرقات المحبة» يختلط السرد العام بالخاص. هل معنى ذلك أنك تحاولين الهروب من فخ السيرة الذاتية إلى مجرد شاهد عيان أم انها ولوج تلقائي لسيرتك الذاتية؟
^ لا أنكر ان ما نكتبه هو انطباع شخصي تجاه الأشياء ومجرد رأي حين لا يهتم احد حولنا بسماع رأينا او يسمح لنا بعلو صوتنا، لكن لا أتفق معك على أن ما تكتبه الكاتبة/ الكاتب هو سرد ذاتي مقنع وراء ضمائر غائبة أو حاضرة.
كل ما في الموضوع أن بعضاً منا يمتزج بما نبوح به، ولا نستطيع التخلص منه إلا بمزيد من التجريب والنضج الفني في الكتابة.
مَنْ مِن الأدباء والكتاب تحبين أن تقرئيه وتتابعيه بشغف؟
^ هم كثر ولا أستطيع التحديد بصفة دقيقة، لكنني شغوفة بالقراءة خصوصاً في مجال الشعر، فهو يشحذ طاقتي للكتابة ويفتح لي عوالم جديدة من الكتابة تجعلني في حالة تأمل حتى أشرع بكتابة نص جديد، رغم أن لي محاولات قليلة في الشعر إلا أنني أخجل من الإعلان عنها، لأنني لا أثق بها على الإطلاق، أراها محاولات بدائية من شحنات عاطفية لكنها غير أصيلة.
القصة القصيرة
بمَ تفسرين ندرة كتّاب القصة القصيرة؟
^ هم كثر الآن، ما نعاني منه حقا هو جودة النصوص القصيرة التي تنفذ للقلب والعقل معاً، تثير شهية القارئ لمزيد من القراءة والاطلاع، تثير التساؤلات، تحفز خيال القارئ وتمتعه أيضا ولا أقصد أن يغيب عن وعي الحياة بمشكلاتها، لكنها ما يعيد ترتيب أفكاره وأولوياته، إن صح التعبير، هو انتشار دور النشر الآن، وأحياناً يقوم الكاتب بالطبع والنشر على نفقته، وهذا ما جعل من الممكن أن يصبح شخص ما كاتباً لمجرد نزوله سوق النشر، حتى لو كان كتابه في الطبخ وأشهى الأكلات.
هل فن القصة القصيرة يحتاج إلى مجهود مضاعف لتكثيف الحدث وبلورة الفكرة بعبارات قليلة، على عكس الرواية التي تصبح نسيجاً إبداعياً فضفاضاً فيحلو للكاتب أن يكتب ما يشاء، ويستطرد ويدور ويلف حول الأحداث؟
^ بالتأكيد القصة القصيرة تحتاج إلى شجاعة الحذف، وتتطلب تكثيفاً وجملاً واعية، وهي مكلفة للكاتب الذي يميل للتطويل والاستطراد والإطناب، كطلقة تنطلق دفعة واحدة وبتكتيك عال لإصابة الهدف ـ هذا تفسيري للقـــصة القــصيرة ـ إنه اختزال رائق وممتع لما يريد الكاتب التعبير عنه.
من هم كتّاب القصة القصيرة الذين تأثر وجدانك بكتاباتهم؟
^ يوسف إدريس ويحيى حقي ويحيى الطاهر عبد الله بروائعه «ثلاث شجيرات تثمر برتقالاً» و«الحقائق القديمة صالحة للدهشة» و«تصاوير من التراب والماء والشمس»، يعتبر شاعر القصة القصيرة، ولقد رثاه يوسف إدريس قائلاً: النجم الذي هوى.
ولا أنسى الأديب السوري زكريا تامر والكاتب المصري محمود البدوي ومحمد حافظ رجب وكذلك سعيد الكفراوي.
المرأة في قصصك كائن هامشي ومُعذب. من أين هذا الانكسار التراجيدي؟
^ المرأة هي التي تتحمل أوزار القوم، فهي المسؤولة عن كل شيء في الأسرة، بدءاً من الحفاظ على مزاج الرجل رائقاً إلى تربية الأطفال حتى إن فشلت وضاقت بها طاقتها وتطلقت يصبح عليها أن تجد تبريرا معقولاً ومقبولاً، لذلك الفشل الذي هي دوماً المسؤولة عنه، لا أريد أن أقع في خطأ التعميم لكن هذا ما يحدث في معظم الحالات التي صادفتني بالحياة، انكسار المرأة أصبح غير مقبول الآن،
وأصبحت مقــولة كلاسيكية بائدة ينظر إليها باستغراب، الأغرب أن هناك ثمة نساء ما زلن يعانين الاضطهاد حتى المرأة المعيلة تعاني اضطهادا وتمييزا بعملها، وبداخل جـدران بيتها لأنها اختارت أن تعمل كنصف رجل، وتعامل بالبيت كنصف امرأة .
ــــــــــــــــــــــ
عناية جبر
السفير