الخطاب وما بعد الخطاب؟؟!!
دخل الرئيس فدبّت الحياة في القاعة التي كان فيها الزعيم أبو عمار قبل 37 عاما ووقف الجميع 3 دقائق بتصفيق متواصل, الرئيس تألق في خطابه تماما كما الزعيم, وكان خير ناقل للتراجيديا الفلسطينيه بل وكان ساردا مبدعا, سرد وثيقة شاملة عبرت عن ما بداخل كل مواطن عربي وليس فلسطيني فقط ولم تترك ثغره واحده للنقاش, للأمانة, وثيقة تدّرس في كل الجامعات وبالأخص منها الأمريكية حتى يعرف طلابها تاريخ رؤسائهم الذين كانوا يضحكوا عليهم بالديمقراطية الزائفة.
وثيقة وضعت النقاط على الحروف دون خجل أو وجل وأعطت تقييم لطول فترة التفاوض التي نتيجتها في (الماينوس) لدرجة ان اسرائيل قالت ان أبو مازن بخطابه وضعنا بموقف لا نحسد عليه.
خطاب السيد الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة يوم أمس الجمعة 23 أيلول (سبتمبر) في الدورة السادسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أرقى وأشمل وأعم وثيقة تاريخية وقانونية وسياسية تضع مندوبي العالم أمام مسئولياتهم ؛ ويضطرون إلى التصفيق الحار وقوفاً في مشهد غير مسبوق خمسة عشر مرة اعترافاً بأحقية شعبنا في نيل حقوقه ؛ وتحدث جرحاً غائراً في قلب العالم ووخز ضمير لكل من لديه ذرة من ضمير.
قارنت خطابه بخطاب أبو عمار .. الظروف متشابهة وخطاب أبو عمار دخل التاريخ من أوسع باب وكذا دخل خطاب أبو مازن من نفس الباب ..
السيد الرئيس سجل بحروف من نور وثبات على المبادئ, صفحة تاريخية يحف لكل الفلسطينيون والعرب والمسلمين الاعتزاز بها، فقد صمد و ثبت وقاوم كل الضغوطات الهائلة.
خطاب السيد الرئيس كان اكبر ممن نتصور, جعل المعارضين له سواء أمريكيا أو اسرائيل والرباعية وحماس يتخبطوا حتى في تصريحاتهم.
تميز وإبداع وفن القيادة والحكمة بل حنكه الدبلوماسية في التعاطي مع المستجدات وفق الثوابت الوطنية والمصلحة العليا لشعبنا كانت تتجلى بالخطاب الشامل الكامل الحافظ والثابت لفلسطين أرضا وشعبا.
حقا لقد كان خطابا تاريخيا وطنيا وحدويا شاملا اعجز وسيعجز العدو ان يستطيع الدفاع عن نفسه أمام الحقائق التي أوردها الرئيس في خطابه.
احد أهم المكاسب التي تحققت من بعد هذا الخطاب الجرئ لسيادة الرئيس هو التحرر من أضلاع مثلث السلام الوهمي المتمثل ب هيمنة إسرائيلية على الأرض من خلال الاستيطان والحواجز, أيضا الضغط والابتزاز الأمريكي ومن ثم الشعار الرنان الخيار الوحيد للسلام هو المفاوضات .. لذا فان خطاب الرئيس نقطة تحول كبيرة و ايجابية في العراك السياسي وفي مواجهة التحديات الخارجية.
سيدي الرئيس إننا الآن نشعر بالكرامة والفخر ونشعر ان دماء الشهداء لن تذهب هدرا , وكل الذي يتطاول علي خطاب الرئيس إنما يقفز بالهواء بجانب وادي غزه..!!!
لكل زرع نهاية الحصاد والنصر الدبلوماسي يتبعه نضال شعبي ومقاومة شعبية سلمية لا تتوقف ، والتأكيد هنا على (السلمية) لان أية عمليات سيستغلها الاحتلال ضدنا.
كذلك من اجل استثمار هذا النصر الدبلوماسي يجب انجاز الوحدة الوطنية في الأسابيع القادمة والكف عن اللهو السياسي بقضية شعب مجروح يطلب الكرامة والحرية ويحترم قياداته, لكن قياداته تسخر من الأمة عن طريق تأجيل الاتفاق .
وما حصل بأروقة الأمم المتحدة يثبت أننا نقود العالم إلى حقوقنا، وماذا بعد؟؟!!، الفيتو...!!! فليتعرى كل من يسيء إلى شعبنا، ومطلبنا وقفه جادة إلى تحقيق اختراق في قلب الحصار وتوجيهه إلى صدر المعتدي.
لعل ذلك يشكل بداية لصحوة الضمير العالمي والتحرك الدولي في مواجهة الغطرسة والعنجهية والصلف الاستعماري ....المطلوب الآن وحدة وطنيه حقيقية في الميدان وعلى الأرض ودعم عربي حقيقي يستند إلى المتغيرات والمعطيات الجديدة الحاصلة في المنطقة العربية والعالم لجعل الولايات المتحدة تراجع حساباتها وتبحث عن مصالحها الحقيقية.
جهاد عبد الكريم ملكه
غزة