I. المحددات
كما بيّنَّّا، فإن المجتمع فلسطينيي الضفة والقطاع كان قبيل احتلال عام 1967 بمثابة تشكيلة رأسمالية محيطية حيث شكَّل القطاع الزراعي، الذي دخلته الرسملة، باكراً [1]، المستوعب الرئيسي لقوة العمل والمساهم الرئيسي في الإنتاج الأهلي الإجمالي [2]. ورغم أن الإنتاج الزراعي كان يتم على أساس بطريركي /أُسري، لكنه كان موجهاً للسوق على أساس رأسمالي؛ فلم يكن محصورا، بل لم يكن إنتاج الفلاح أساسا لإنتاج القيمة الاستعمالية لكفايته هو وأسرته، وإنما كان محكوماً بالقيمة التبادلية [3].
من الظواهر التي تطورت منذ 1967، تزايُد مشاركة النساء في العمل الزراعي إضافة إلى ما يقمن به من أعمال الإنجاب ، أي إعادة إنتاج المجتمع، وأعمال منزلية، إعادة إنتاج الغذاء مما يسمح للعامل بتجديد قوة جسده ومن ثم قوة عمله؛ أي إعادة ولادة يومية لقوة الجسد والعمل، كي يقوم بعمله سواء غذائيا أو خلق المناخ النفسي والروحي كشغل لا يُحتسب على أهميته.
لا تُحتسب للمرأة غالبا أعمالها الثلاثة، المنتِجة للقيمة: أي الإنجاب، والعمل المنزلي الذي يعيد إنتاج قوة الجسد/العمل، وإعادة إنتاج الراحة الروحية/النفسية والمريح نفسياً وغالباً لا يُحتسب/يُدرج كذلك عملها الزراعي في الإنتاج الأهلي الإجمالي ناهيك عن أنها كلها ليست مدفوعة الأجر..[4]
تجدر الإشارة إلى أن هذه المشاركة هي نتاج المحددات التي سنناقشها لاحقاً، بمعنى أن اتساع مشاركة المرأة في الزراعة لم تكن مسألة إيجابية أساسا.
ولكن، طالما أنّ القطاع الزراعي كان واسعاً ويستوعب معظم من يعملون [5]، أي قرابة 40 بالمئة، فإن النساء الفلاحات يشكلن نسبة عالية ممن يعملون، أي قيد العمل حتى ولو كنّ غير محتسبات كجزءٍ ممّن يعملون. وتجدر الإشارة إلى أنه طالما أن حصة عمل النساء في الزراعة (بما هي القطاع الرئيسي) عالية، فإن التدهور الذي أصاب هذا القطاع خلال حقبة الاحتلال الأولى 1967-93، قاد إلى تدنّي حصة النساء من التشغيل في اقتصاد الضفة والقطاع وإلى تدنّي وضعيتهن بالضرورة.
هناك محدِّدات أثّرت على حصة النساء في قوة العمل منذ 1967 والتي سنناقشها لاحقاً. إلا أن المفارقة هنا كامنة في أن العوامل/المحددات التي أثرت على الاقتصاد والمجتمع الفلسطيني، وتحديداً على القطاع الزراعي في الفترة المذكورة، يفترض في الوضع الطبيعي أن تقود إلى الاتجاه الآخر؛ مثلاً، حينما يتراجع/يتضاءل القطاع الزراعي في مجتمع ما، لا بد أن تتسع قطاعات أخرى كالصناعة، وهذا يقود بالعادة إلى تشغيل أوسع للنساء كجزء من القوة العاملة "المحررة من الزراعة". ولكن طبقاً للمؤشرات التي سنعالجها في الجزء الثاني من هذه الورقة، ما حدث في الحالة الفلسطينية كان العكس. وهذا ما سنوضحه في تحليل المحددات التي قيَّدت النمو الاقتصادي في الضفة والقطاع وأضْفِت تأثيراً أكبر على دور النساء في سوق العمل.
إن فقدان الفلاحين للأرض في حالة المناطق المحتلة هو شكل مختلف عن تحرر الفلاحين من الأرض في فترات التحول في البلدان طبيعية الأوضاع وانتقالهم أو فرارهم إلى العمل المأجور في الصناعة. أما التشابه فهو في فقدان الأرض كملكية خاصة ومصدر معيشة. (وهذا ما سنعالجه في ورقة عن الريع Rent).
والمحددات، عوامل التحديد الرئيسية في عمل النساء الفلسطينيات هي:
1) الاستعمار الاستيطاني الصهيوني
2) المبنى الاجتماعي الطبقي والثقافي
3) حركة التحرر الوطني
4) المانحون الأجانب ومنظمات الأنجزة.
أولاً : الاستعمار الاستيطاني الصهيوني
ما هو نمط الإنتاج المسيطر والأنماط المتمفصلة/المتعالقة معه في التشكيلة الاجتماعي/الاقتصادية في الأرض المحتلة؟ وما علاقة النمط المسيطر في هذا الاقتصاد باقتصاد الكيان الصهيوني؟ هل هي علاقة مركز/محيط بالمفهوم الشائع، وفي مستوى وتبادل لا متكافئ، وإن كان مسلحاً Armed Unequal Exchange في مستوى آخر؟ واقتصاد تحت الطلب [6] An Economy of Stand-by من جهة ثالثة. أي وضع مركّب هذا؟ كيف يمكننا قراءة أو تشخيص وضع كهذا نظرياً؟ أين موقع/مواقع الطبقات هنا وعلاقاتها؟ كيف نبني علاقة بين الطبقات /السياسة، الأنماط كي نوصِّف التشكيلة؟ قد يكون لنا القول إن هذا الاقتصاد هو خليط من هذه جميعاً، لكن هذا ليس نطاق بحثها، إنما تثار هنا كمدخل لاستكمال الحديث وإثارة للعقول الشقية كي تجتهد.
منذ بدايته عام 1967، أما زال الاستعمار الصهيوني يلعب الدور المحدِّد والمقرِّر في مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الضفة والقطاع؟ فالأرض والموارد والتصدير والاستيراد ما تزال في يد الاستعمار الاستيطاني حتى بعد اتفاق أوسلو 1993 [7]. ولهذا أثُرُه، بالطبع، على النساء أكثر من الرجال. ليست هناك أوامر عسكرية صهيونية مخصصة ضد النساء في الضفة والقطاع، لكن مجمل هذه الأوامر المفروضة قسراً لها تأثيرها على النساء. فمصادرة الأرض، وإغلاق مساحات ومناطق والإلحاق الاقتصادي، وخاصة إلحاق السوق باقتصاد وسوق الاحتلال، أثّر على النساء أكثر من الرجال أخذاً في الاعتبار أن الزراعة كانت القطاع الذي لعبت فيه المرأة دوراً بارزاً في الريف ؟ وهذا يتضح حين نلاحظ أن الاحتلال تمكَّن من احتجاز تطور القطاع الصناعي في الضفة والقطاع وهو القطاع الذي يُفترض في الحالات المألوفة أن يكون المجال البديل لقوة العمل الزراعية/الريفية التي "تحررت" كقوة عمل من الزراعة لكي تجد مجالا في الصناعة، أي أن احتجاز تطور الصناعة حال دون توفير فرص عمل بديلة لتعويض فرص العمل المفقودة من الزراعة بعد أن صودرت أو أُغلقت الأرض [8].
إن مجالات العمل التي وفرها الاقتصاد الصهيوني للعمالة الفائضة من الضفة والقطاع تتطلب عمالة ذكورية أكثر من النسائية؛ فمعظمها في قطاع البناء الذي امتص أكثر من 50 بالمئة من قوة العمل من الضفة والقطاع التي تدفقت إلى هناك في الفترة ما قبل 1993. أما ما توفر للنساء فكانت عمالة في أعمال متدنية وبأجور متدنية كذلك. كما كان عدد النسوة المستوعَبات هناك محدوداً أيضاً. على أن هذه الحالة قد تغيرت بشكل حاد في أعقاب اتفاقات أوسلو 1993، حيث اتبع الكيان سياسة التخلص من العمالة الفلسطينية وخلَقَ شروط عملٍ أصبح شبه محال على النساء التعاطي معها [9].
"... في عام 2007، فإن نسبة النساء ممن يعملون (من الضفة والقطاع ع.س) في (إسرائيل) هي 2.4% وإن 70.3% منهن آتٍ من الريف..". . "... من بين 100% من قوة العمل الفلسطينية قيد العمل هناك 1% نساء إلى جانب 11% من الذكور كانوا يعملون في اقتصاد (إسرائيل) و"مستوطناتها" عام 2007 بينما كانت هذه النسبة 26% عام 1999 [10]" (سنشير إليه بعد الآن ب التقرير. ع.س). وهاتيك النسوة من قرى الحدود .
لقد أضاف إحكام الجدار التوسعي الصهيوني على الضفة الغربية نسبة جديدة إلى البطالة النسائية، أخذاً في الاعتبار أن الأرض التي صودرت أو حوصرت أو أُغلقت بسبب الجدار هي في الريف، أي المجال الذي تجد فيه النساء الفلاحات أماكن عملهن الرئيسية، بغض النظر عن رغبتهن أم لا.
كان من أهداف ونتائج تشغيل الكيان للعمالة من الضفة والقطاع في الاقتصاد الصهيوني وتواكُب ذلك مع تقويض البنية الإنتاجية في هذه المناطق إعاقة بل تراجع التصنيع فيهنَّ؟ وكانت النتيجة النهائية من ذلك هي تقليص فرص العمل للنساء. وطالما أن شواغر العمل المتوفرة في كل من اقتصادّيْ الكيان والضفة والقطاع هي للرجال، فقد عزَّز هذا من سيطرة الذكورة في الضفة والقطاع بمضمونها البطريركي وبالطبع الرأسمالي [11]. وهذا، بتجلياته النهائية، يتماهى مع الإستراتيجية الصهيونية في احتجاز تطور الضفة والقطاع، وهو قد يفسر لماذا كان معظم نضال النساء ضد هذا الاستعمار الاستيطاني قومياً أكثر مما هو نسوياً أو حتى طبقياً [12].
يقود تطور كهذا إلى درجة أعلى من الاحتقان ضد الاحتلال مما يفتح مجالا أوسع للنضال الوطني ضده من الرجال والنساء. ولكن تدهور السقف السياسي القيادي عجز عن التقاط هذا المناخ التعبوي سواء للنضال الوطني أو تعميق الإقبال على الزراعة للإنتاج وحماية الأرض.
ثانيا: المبنى الاجتماعي الطبقي الثقافي
في حين أن الاحتلال "الاستيطاني" الصهيوني ما زال هو العامل الحاسم في إعادة إنتاج وتشكيل الحياة في الضفة والقطاع، فهذا لا يعني أن لا دور لعوامل أخرى تساهم بدورها في التحكُّم بالنساء وقمعهن.
لقد ساهم حجز التصنيع في الضفة والقطاع في الحفاظ على دور البطريركية في السيطرة على المرأة، مع أن مجرد تشغيل المرأة في الورشات أو المصانع لا يعني بالضرورة تحرُّرَها، مع أن ذلك خطوة إلى الأمام في اتجاه التمكين والمساواة، علماً بأن المطلوب هو التحرر كأساس للحرية. فحجز التصنيع لم ينحصر في الفعل الصهيوني بل ترافق مع عملية اجتماعية مديدة ممثلةً في كمبردرة الرأسمالية الفلسطينية، منذ الحكم الأردني "فالاستيطان" الصهيوني وحتى سلطة الحكم الذاتي، بحيث فضلت هذه الطبقة دور الوكيل للمنتجات الأجنبية محوِّلةً اقتصاد الضفة والقطاع إلى اقتصاد مفتوح وتحت الطلب An Economy of Stand-by. بدورها، فإن سلطة الحكم الذاتي لم تضع، وبالطبع لم تطبق، سياسة تنموية بل وسقطت في الفساد والمحسوبية [13].
لقد ساهمت البطريركية في عمالة النساء من زاوية مختلفة هي منع هجرة العمالة النسائية. لذا، فإن النساء المؤهلات، اللائي لم يجدن عملا في الاقتصاد المحلي، لم يتمكنَّ (لم يُسمح لهنَّ) الهجرة إلى الخارج. كما أن القطريات العربية ، قطريات الخليج العربي، التي هي في حاجة لعمالة تضع عادة قيوداً على استقبال عمالة نسوية وتشترط على المرأة أن تصطحب مُحرِماً معها. ولعل المفارقة هنا أن كثيراً من النساء الحاصلات على تعليم عالٍ كن محظوظات بحصولهن على وظائف في الضفة والقطاع بينما الأخريات لم يحصلن! [14] لكن المحدِّد الثقافي ليس هو المحدد الأساسي . (أنظر لاحقا).
نحن هنا أمام تحالف ، وإن كان غير مباشر، تحالف ثلاثي الأطراف أثَّر على تشغيل المرأة: الكيان الصهيوني وسلطة الحكم الذاتي، البطريركية، وثلاثتها ذكورية. نلاحظ هنا أن العامل الثقافي منبثق عن التركيب الطبقي في أساسه المادي.
ثالثاً: طبيعة الحركة الوطنية الفلسطينية
ما نقصده هنا الحركة السياسية/الحزبية عموما،ً بدءاً من م.ت.ف. قبل تورطها في اتفاقات أوسلو وبعدها، وكذلك مختلف الحركات السياسية؛ بمعنى أن هذه جميعاً كانت بمثابة النظام السياسي الفلسطيني في الضفة والقطاع، سواء في مرحلة المقاومة أو في مرحلة أوسلو؛ وهي التي لها، أو يُفترض أن يكون لها، دورها في صياغة ثقافة المجتمعات وفي تركيز الثقافة والوعي الطبقي سياسياً بشكل خاص. لقد تواصلت المقاومة الفلسطينية ضد الصهيونية قبيل اغتصاب فلسطين 1948 وحتى اليوم، لكن المتغير الهام أن هذه المقاومة أصبحت بعد 1967 هي الممثل السياسي للشعب الفلسطيني.
تواصلاً مع غرض هذه الورقة، فإن حركة المقاومة الفلسطينية تتصف عموماً بكونها ذات بعد واحد، أو ترتكز على حامل واحد، هو حامل الكفاح المسلح. شاركت النساء في حركة المقاومة والعمل السرِّيْ والسياسي ومنحنَ م.ت.ف (المنظمة) شرف تمثيلها لهنَّ قبل أن يمنحها أي قطاع اجتماعي آخر، إلا أن هذه المنظمة لم تكن تقدمية بما يكفي لتوسيع/تعميق أفقها الكفاحي من المستوى القومي/السياسي إلى المستوى الطبقي والتنموي والثقافي. لقد عرضت الانتفاضة الأولى فرصة هائلة لحركة المقاومة لتوسيع نطاق نضالها من المسلَّح إلى النوع الاجتماعي فالعمل التنموي الثقافي، لا سيما أن النساء شاركن في النضال ضد الاحتلال ومارسن باكراً مقاطعة المنتجات الصهيونية وبادرن بتشكيل التعاونيات الإنتاجية المنزلية [15] . لعله مثارٌ للأسف أن قيادة المنظمة هي التي فشلت في إدارة الانتفاضة لكي تتضمن وتتبنى المستويات الاجتماعية والثقافية والتنموية حيث لعبت دورا في تقويض المبادرات الانتفاضية البريَّة التي كان الكثير منها بمبادرات نسائية مثل إنتاج المواد الغذائية منزلياً وفي الأحياء على أسس تعاونية كبديل للمنتجات الصهيونية. كما أن المنظمة، التي اختُصِرَت في قيادة الحكم الذاتي بعد اتفاقات أوسلو 1993، قد أعلنت أن لا حاجة لمقاطعة المنتجات "الإسرائيلية"، هذا رغم أن الكيان لم يفتح أبوابه للمنتجات الفلسطينية رغم عجز هذه المنتجات الواضح عن المنافسة في السوق الصهيوني. من اللافت أنه في فترة الحكم الذاتي، فإن فرص تشغيل النساء قد تراجعت لأسباب منها: وقف مقاطعة منتجات الكيان، قيام الكيان بإغلاقٍ شبه تام لسوقه في وجه قوة العمل والمنتجات من الضفة والقطاع، ولا سيما قوة العمل النسائية، وفشل سلطة الحكم الذاتي في خلق شواغر عمل جديدة، مثلاً ضمن سياسة أو إستراتيجية تنموية.
من حيث المبدأ، يجب أن تكون الحركة الوطنية (بداهةً) نقيضا للاحتلال. لكنها في حقيقة الأمر مكمِّلة له، وهنا نتحدث عن الثلاثي، أي الكيان الصهيوني، وسلطة الحكم الذاتي والدول الأجنبية.
رابعاً: العامل الخارجي/ الدولي
يقتحم الذهن السؤال التالي: كيف يمكن للمنظمات والوكالات الخارجية الأجنبية أن تكون من العوامل الحاسمة في الوضع الداخلي لبلد معيَّن؟ ليس بالطبع ضمن نطاق هذه الورقة أن تناقش أهداف المنظمات الأجنبية المرتبطة والمموَّلة من الدول المانحة. فالقضية الهامة هنا هي أن هذه المنظمات أتت إلى الأرض المحتلة محمولة ومحمَّلة بأجندتها التي ليس من المشروطية بمكان أن تستجيب للحاجات المحلية. وحين يتعلق الأمر بالنساء، تركز، ولكن لا تنحصر، هذه المنظمات في النخبة النسائية أكثر من القطاعات الأخرى: الرجال، الأطفال، الكبار...الخ. فهي تخلق وظائف للنساء المتعلمات تعليماً عالياً عبر منظماتها "الأنجزة"، والمؤسسات الدولية مثل يو. أن. دي.بي والأنروا.
لكن نشاطات هذه "الأنجزة" والوكالات لم تكن قط قادرة ولا مهيأة، ولا راغبة، في توفير شواغر عمل للنسوة اللائي يعشن في الريف ومناطق الفقر. بناء عليه، فقد غدت المنظمات الأجنبية ذات دور مقرِّر في وضعية النساء المتعلمات؟ لذا، فإن معظم، إن لم نقل مختلف، الباحثات النسويات الغربيات اللائي كتبن عن الضفة والقطاع وجَّهن النسويات الفلسطينيات ضد النضال الوطني/القومي "ونصحنهنَّ بالتركيز على نضال "نسوي" بحت، مثلا، ضد الرجال، الطبقة، والقومية [16].. وأبعد من هذا، فإن النسويات اللبراليات والراديكاليات الغربيات قد وجّهن النسويات الفلسطينيات لمشاركة النسويات "الإسرائيليات" في أنشطة مشتركة وهي أنشطة تطبيعية بامتياز مع من يستعمر وطنهن "استيطانياً".
إذن هل نحن أمام حالة مركّبة من نمط إنتاج مركب من اقتصاد التساقط/ اقتصاد تحت الطلب/ ريع. أما وهذا هو الحال، فما هو المحمول الطبقي لذلك وما هو المبنى الاجتماعي للتراكم وما هي التبِِعات السياسية؟
(3)
.II المؤشرات
ورد في التقرير الصادر عن مكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني (التقرير):
أن مشاركة النساء في سوق العمل وصلت إلى 40% في الفترة ما قبل 1967، لكن هذه النسبة تدنَّت بشكل متواصل بعد ذلك، لكي تزداد في الفترة التي أعقبت عام 1994، أي فترة السلطة الفلسطينية. (ص 97)؟.
لكن التقرير فشل في الإشارة إلى مصدر هذه الأرقام كما لم يحدد القطاعات التي تركز فيها تشغيل النساء، في حين أن التقرير نفسه أشار إلى أن نسبة الإناث في المدارس أعلى من الذكور [17]. وإن خروجهن عن مقاعد الدراسة أقل مما هي لدى الذكور، ولكن مشاركتهن في سوق العمل ما تزال منخفضة (ص 97). كما لم يوضح التقرير أن معظم عمالة المرأة قبيل 1967 كانت في الزراعة التي هي القطاع الذي أُصيب أكثر من غيره بالتدهور في فترة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني للضفة والقطاع.
ولكي نقيم علاقة بين المحدِّدات والمؤشرات لا بد أن نتذكر بأنه من وجهة نظر ثقافية بطريركية، ليس من شرطٍ اعتبار تعليم المرأة استثماراً لا بد أن يقود إلى تشغيل المرأة. وأبعد من ذلك، ففي حين يزعم كثير من الاقتصاديين اللبراليين الغربيين والصهاينة بأن الاستعمار الصهيوني "ديمقراطيٌ"، ومن العجيب أن يوصف استعمار استيطاني بأية درجة من الديمقراطية، فإن الحقائق على الأرض تبيِّن العكس، ولا سيما في حالة النساء. ففي فترة الحكم الأردني للضفة الغربية قبيل 1967، كانت المشاركة الأنثوية في سوق العمل (للضفتين. ع.س) بنسبة 25.4% إلا أنها هبطت عام 2007 إلى 15.7% (التقرير ص 97 )، وهذا يؤكد الدور السلبي للاحتلال أخذا في الاعتبار أن الاحتلال ما زال هو العامل المقرِّر الحاسم في الضفة والقطاع عامة بما في ذلك تأثيره على عمالة النساء.
يقدم التقرير بعض النقاط الجيدة في ما يخص مستويات معينة لعمالة النساء ودور كل من الرجال والنساء في هذه السوق، لكن ذلك لم يظهرْ من خلال تحليل هذه المستويات.
ينص التقرير بأنه: ... طبقاً لـ حمامي (1998)، فإن المشاركة المتدنية للنساء في سوق العمل هي نتاجٌ لضعف القطاع الصناعي ونسبة البطالة العالية لدى الرجال، وهو ما حدا بالنساء لتجنب منافسة الرجال طالما أن البطالة عالية. وبأن هناك سببٌ آخر وهو طبيعة التوجه العائلي في القطاع الزراعي الذي يوفر فرص عمل للإناث فقط... أما السبب الأخير الذي أدى إلى انخفاض نسب مشاركة المرأة الفلسطينية في سوق العمل (حسب وجهة نظر حمامي)، فهو الآراء الاجتماعية السلبية حول عمل المرأة في (إسرائيل)، والتي توفر العديد من الوظائف ذات المهارات الدنيا للرجل الفلسطيني، والمرأة الفلسطينية ولكن بدرجة أقل" (ص 98)
لكن لا التقرير، ولا حمامي، أوضحا ما العوامل التي تكمن وراء ضعف القطاع الصناعي – والعوامل هي سلطة الحكم الذاتي والاحتلال معاً، تواشج المحدِّدات. فلا يسهل قبول الزعم أن تتجنب النساء التوجه لشواغر عمل لأن الذكور بلا عمل، فهذه مبالغة بالمحدِّد الثقافي الذي أشرنا إليه أعلاه! فحينما يتعلق الأمر بالحاجات المادية الأساسية، لن يتردد الذكور ولا الإناث عن المنافسة على الشواغر. في تفسيرها هذا، فإن حمامي أكثر توافقاً وانشداداً إلى الذهنية الإقطاعية/ السلالية حيث العامل الإيديولوجي هو محرِّك نمط الإنتاج، وهي ذهنية لا يمكنها الصمود أمام الحاجات الإنسانية المادية في تشكيلة اجتماعية رأسمالية حيث الاقتصاد هو العامل المقرِّر وليست الأيديولوجيا. ويبدو أن حمامي تتجاهل العوامل المادية لصالح تركيزها على العامل الثقافي. وفي ما يخص توجُّه الأُسر إلى الزراعة لتوفير فرص عمل للنساء، وهو أمر مستحب عموماً بما هو تشغيلٌ، فإن عمالة النساء والرجال قد تدنَّت نظراً لإهمال الرجال للزراعة وعدم تبنّي سلطة الحكم الذاتي سياسة تنموية للأرض علاوة على سياسات الاحتلال في المصادرة وإغلاق الأرض. إن المجال الزراعي الوحيد الذي وجدت النساء فرصة تشغيل الذات فيه هو القطاع غير الرسمي والمتمثل خاصة في أنشطة تسويقية أكثر مما هو في استغلال الأرض والإنتاج.
ما العلاقة بين عدم تبنّي الحكم الذاتي لسياسة تنموية وبين الاحتلال وخاصة مع المانحين؟ هل يُردّ هذا إلى قيود المانحين وحصرهم الدعم في الخدمات وإطفاء التوتر (مشاريع البنك الدولي) ثم المناطق الصناعية الحدودية ومضمونها في تركيز التبعية والانتهاء إلى شعار رئيس وزراء الكيان حالياً، بنيامين نتنياهو، أي السلام الاقتصادي؟ ولهذا نقاش آخر.
في التقرير نفسه أشارت كل من بطمة وسوتنيك (2007) أن خلق الوظائف كان قد توفر للقطبين المتباعدين، أي للنساء الأعلى تعليما، والأقل تعليماً أكثر مما هو للنساء ذوات التعليم المتوسط. "... ترتفع نسب المشاركة بين النساء غير الحاصلات على تعليم والنساء الحاصلات على مستويات عالية من التعليم مقارنة بالنساء شبه المتعلمات. مما يعني أن سوق العمل المتاح أمام المرأة يتجاذب بين المرأة غير المتعلمة والمرأة صاحبة التعليم العالي، ما يشير إلى وجود إشكال بنيوي في هذه السوق" (التقرير ص 98).
قد لا يكون من الدقة بمكان أن يُتجاذب بينهما، فهما تمثلان فئتين لا تنافس بينهما من حيث الكفاءة العلمية وربما التدريبية ولا حتى الطبقية. والإشكال البنيوي هنا صحيحٌ إذ يرتد إلى التطور العفوي للتشكيلة الاجتماعية الاقتصادية بأسرها والتي ترتد بدورها إلى عوامل التأثير فيها، بمعنى تداخل وتضارب بين: متطلبات المجتمع ككل من جهة وبين المؤثرات المتحكمة في هذه المتطلبات، أي سلطة الحكم الذاتي، اقتصاد الكيان، الدول المانحة، منظمات الأنجزة، القطاع الخاص؛ وهذه الحزمة بقدر ما يجمعها من توجُّه إيديولوجيا سحرِ السوق تحكمها تضاربات بينية.
لقد ذكرنا هنا نقطة هامة، وهي تتقاطع مع ما أشرنا إليه في المحددات بأن هذه النخبة قد حازت على حظٍّ جيد بحصولها على وظائف. ولكن، كان أفضل من الكاتبتين لو دفعتا تلك النقطة تحليلياً إلى الأمام لتبيِّنا أن النسوة من فئة التحصيل العلمي العالي يمثلن نسبة ضئيلة وأن هذا هو السبب الكامن وراء حصولهن على وظائف، سواء في بداية فترة الاستعمار الاستيطاني للضفة والقطاع أو اليوم. ولكن حتى هذا الحصول ليس أمراً حتمياً على المدى الطويل بمعنى احتمال تكاثر عدد من يحصل على تعليم أعلى في بلد ليست لديه خطة تنموية تأخذ هذا التزايد وغيره في الاعتبار، أي بلد يسير اقتصادُه دون خطة تنموية ويخضع بالطبع لاستعمار اقتلاعي. وفي حين أنه صحيح بأن النساء الفلاحات يعملن في الزراعة، إنما كان أدقّ من جانب الكاتبتين أن تأخذا في الاعتبار حقائق على الأرض إلى جانب النسب والأعداد؛ مثلاً، ما نقصده أنه حتى في المناطق الريفية فإن عمالة المرأة في الزراعة قد تضاءلت وهذا هو السبب وراء تدنّي مشاركة النساء في سوق العمل عموماً.
أشارت الكاتبتان إلى : "وجود تمييز أفقي وعامودي في سوق العمل، ما يجعل منه بيئة لا ترحب بوجود المرأة ...ومعدلات الخصوبة العالية التي تؤثر سلبا على مشاركة المرأة في سوق العمل" (التقرير، ص 98-99).
على أنه من الصعوبة بمكان التأكد من أن المشغِّلين سيكونون ضد تشغيل النساء إذا ما كنَّ قادرات على القيام بالعمل المعروض بالنجاعة نفسها، وخاصة طالما يقبلن بأجور أقل، وطالما أنّ المشغّلين يبحثون عن عمالة لمشاريعهم الخاصة! فاستناداً على قراءةٍ للوضع من منظور المصلحة الخاصة، يجب أن يكون التمييز متركزاً باتجاه الأجور لتلافي دفع أجرٍ أعلى؛ بمعنى أن ما يهدف إليه الرأسمالي هو القدر الأعلى من الفائض بداية من تقليص ما يدفعه من أجر حتى إن أمكن بأن لا يغطي الكفاف أو إعادة إنتاج قوة العمل لا سيما إذا كانت هناك فرصة لقيام أفراد من الأسرة باستغلال قطع من الأرض للزراعة كي تساعد في إغلاق فجوة تقصير أجرة العامل المأجور عن إعادة إنتاجه بمفردها(تجربة جنوب إفريقيا هنا موحية) ، بمعنى أن تخفيض كلفة الإنتاج هو هدف الرأسمالي وليس الناس الذين يقومون بالعمل؛ فلا يمكن التمييز ضد النساء إذا ما كن قادرات على تأدية العمل نفسه، ومن ثم تشغيل الرجال حتى لو كانت أجورهم أعلى وكانت النساء على مستوى إتقان وتنفيذ العمل! إن في اعتقاد الكاتبتين مبالغة في فهم المجتمع تقوم على تضخيم البعد الثقافي على حساب البعد المادي [18] . لعل العكس هو الصحيح؛ بمعنى أن الأُسر تفضّل إبقاء النساء بعيدات عن العمل من مدخل تقليدي لعدم الاختلاط بالذكور. وحتى هذا، وهو بعدٌ ثقافي محافظ، ليس أبدياً؛ بمعنى أن متطلبات المعيشة وتعمق الرسملة والاستهلاكية وغلاء الأسعار لا بدّ ستدفع حتى الأسر المحافظة إلى القذف بقوة العمل النسوية إلى السوق. لا يصمد الشرف الشكلي أمام الحاجات المادية.
وفي ما يتعلق بالخصوبة، فإن الخصوبة ليست دوماً هي خيار النساء وحدهن. فهي نتيجة للثقافة المحلية التي تعتبر المرأة ماكينة بشرية لإنجاب الناس. ولكن، لماذا بعد 43 عاماً على تدهور الزراعة في الضفة والقطاع ما زال الفلاح يريد أبناءً أكثر؟ أم أن العمل في الكيان شجعه على ذلك قبيل بناء الجدار، وهو المجال الذي حلّ محله دور المانحين في صبّ سيولة مالية لتضخيم الجهاز البيروقراطي لسلطة الحكم الذاتي؛ بمعنى أن هذه عوامل تشجع على الإنجاب لأنها توفر دخلا يحل محل الزراعة ويزيد عمّا تقدمه ؟ ربما لكل هذه الأسباب دورها، ولكنّ تغيير ثقافة زراعية متوارثة منذ عهود طويلة لا يتم بكل تلك السرعة. ولو خُيِّرت النساء فلسن جميعا يفضلن عدداً كبيرا من المواليد؟ وأبعد من هذا، فإن الخصوبة العالية نفسها يمكن أن تلعب في المدى البعيد دور التحفيز/الانخراط وليس تحاشي دخول المرأة في سوق العمل بناء على توسع حاجات الأسرة وعدم تمكُّن الرجال من تغطية هذه الحاجات، أي اضطرارها للعمل هي والرجل ومنافسته.
أشار التقرير إلى أن مساهمة الذكور والإناث في العمل تدنَّت خلال فترة 2001-2002 نتيجة لسياسة القبضة الحديدية الصهيونية، فمن المتوقع عادة أن يزداد شغل النساء لتخفيف العبء عن الرجال حينما يعانون من البطالة. ولكن هذا لم يحصل نظرا للظروف القاسية التي عاناها الفلسطينيون خلال الانتفاضة والتقييدات التي فرضت عليهم".
هذه تفسيرات صحيحة، إلا أنها تتجاهل سبباً هاماً آخر والذي يتبين حينما نذهب إلى تقييدات أخرى مثل افتقار منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية لسياسات وثقافة تنموية. فقد عرضت أو توفرت فترة 1993-2001 فرصة معقولة نسبياً لسلطة الحكم الذاتي لبدء استراتيجية تنموية لخلق فرص تشغيل في قطاعات الإنتاج وخاصة الصناعة والزراعة. إلا أن ما حصل كان العكس، فالمرونة النسبية التي أبداها الكيان، جرى استثمارها لصالح الفساد والمحسوبية. إضافة إلى هذا فإن الكيان لم يتيقد بالتزاماته التي وقع عليها في اتفاق باريس الاقتصادي بتشغيل 100 ألف عامل من الضفة والقطاع في اقتصاده. ورغم أن اعتماد أي اقتصاد على اقتصاد آخر هو تشويه للاقتصاد التابع، فإن هذا التشغيل كان حاسماً لاقتصاد لم تجترح سلطته سياسة تنموية. قد يجادل البعض بأنه ليس في وسع مستعمَرة أن تتبنى سياسة تنموية في ظل استعمار استيطاني، وهو جدل صحيح إلى حد كبير؛ إلا أن سلطة الحكم الذاتي لم تحاول قط تحدي سلطة الاحتلال بأن تفي بالتزاماتها أو أن تحل هذه السلطة نفسها. بكلمة أخرى، فإن إصرار سلطة الحكم الذاتي على التمسك بالسلطة تحت الاستعمار الاستيطاني قد أصبح بمثابة غطاء وعذر للكيان نفسه، بغض النظر إذا ما قصدت سلطة الحكم الذاتي ذلك أم لا [19]. هل يعني توافق المحددات تشارك/تقاسم السلطة والاحتلال في المبنى الاجتماعي للتراكم؟ لِمَ لا، فالمسألة هنا طبقية بوضوح. وهذا يفتح على "سلام رأس المال" وهو ثلاثي: محلي صهيوني ودولي. ولعل أوضح تجسيداته إقامة " مجلس الأعمال "الإسرائيلي" الفلسطيني المشترك" بين مليونيرات القطاع الخاص المخلي والصهيوني.
يشير التقرير إلى أن الفئة العمرية من 15-24 في سوق العمل قد تدنت نسبتها بين الرجال والنساء مقارنة مع مختلف بلدان العالم، ففي عام 2000 كانت نسبة مشاركة الرجال 52.0 وتدنت منذ عامي 2003 و 2007 إلى 44.0%. ، وينسب التقرير ذلك إلى التدهور الاقتصادي الذي جعل المساهمة في قوة العمل بطيئة ومحدودة (ص. 99- 100). ينسب التقرير هذا التدهور إلى تقييدات السياسة "الإسرائيلية"، وهذا صحيحاً. ولكن عودةً إلى المحددات التي أوردناها أعلاه، نجد أسبابا أخرى ساهمت في هذا الانحدار؛ مثلا، انكسار معادلة عمل/رأسمال في الاقتصاد المحلي والتي تفترض قدرة أو قيام رأس المال المحلي بتشغيل قوة العمل المحلية في أي اقتصاد معافى، أي أن مصيره يتقرر محليا وذاتياً. لكن رأس المال المحلي لم يقرر خلق شواغر عمل لاستيعاب قوة العمل الفائضة و/أو قوة العمل المنتقلة سنويا إلى عمر العمل. إن اعتماد الضفة والقطاع على اقتصاد الكيان في تشغيل جزء من قوة العمل المحلية هو خلل بيِّنْ وليس ميزة. إنه حالةُ تبعيّةٍ يتم التعود عليها. ولكن، في الوقت نفسه هي ليست تبعية مؤكدة ومضمونة من قبل الطرف المستعمِر ، وذلك ليس بسبب عقبات اقتصادية أو عدم قدرة في اقتصاد الكيان، بل ولكن بسبب تناقضات سياسية/قومية ، أي استراتيجية الكيان في الضغط في اتجاه تصفية اقتصاد الضفة والقطاع بهدف دفع أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين للرحيل عن وطنهم. وهذا يؤكد أن السلام بالنسبة للكيان الصهيوني الإشكنازي هو طبعة أخرى من الحرب.
حسب التقرير، فإن التعليم العالي للنساء (13 سنة فما فوق) هو ضمان للحصول على وظيفة في حين أن درجة التعليم المتوسط من سنة إلى تسع سنوات هو مصدر توظيف للرجال، (ص 100). يمكن القول إن هذه التوجهات ذات علاقة بالتغيرات الجارية في المجتمع . وهي قد تنفي النقطة الواردة أعلاه بأن تمييزاً يحصل ضد النساء في السوق، مثلا، ذلك أن البعض قد يفضل نساء بتحصيل علمي عالٍ على الأقل لأنهن يقبلن بأجور اقل. هذا إضافة إلى أن هناك أشكالا جديدة من الوظائف في المجتمع تتطلب عملاً نسائياً مثل توسع قطاع الخدمات في التعليم، والبنوك والسياحة...الخ.
وفي ما يخص الذكور، تلعب الورشات والأعمال الصناعية دوراً في اعتبارها تتطلب عمالاً ذكوراً من مستوى تعليم متوسط كتصليح السيارات، والنجارة والحدادة...الخ، بينما الكليات والجامعات مشبعة نظراً لوجود الكثير من الذكور المتعلمين الذين يملؤون الشواغر التي هي تحت منافسة شديدة مع النساء على ما يشغلنه.
لعل الدرس المستفاد هنا هو وجوب توفر مركز للتخطيط والتنمية لإنجاز توازن في الحاجات المجتمعية ولتعديل وتغيير التخصصات العشوائية التي طبعت الاقتصاد والمجتمع. إن اقتصاداً تأشيرياً أو تخطيطياً هو ضروري في هذه الحالة. إن سياسة سلطة الحكم الذاتي في السوق المفتوح هي اقرب إلى الفوضى منها إلى سياسة لبرالية، هي سياسة اقتصاد تحت الطلب. ولكن هل يسمح الاحتلال بمركز للتخطيط والتنمية وبسياسة تنموية حقيقية، وإذا كان لا يسمح، وهو لا يسمح فعلاً، فما معنى وجود سلطة الحكم الذاتي؟
أشار التقرير في ص (102) إلى تأثير التمييز على قرار دخول النساء سوق العمل حيث يُستخدمن في قطاعي الخدمات والزراعة، وليس قطاعات أخرى، الأمور التي تؤثر على قرارهن في المشاركة في سوق العمل؟
إن من المهم الإشارة هنا إلى أن هذا قد يكون حقيقياً في قطاع الخدمات، ولكن ليس في قطاع الزراعة حيث لا يتم تشغيلهن هناك على أساس منتظم؛ فهنّ هناك ضمن عمالة الأسرة، أو مشغلات لأنفسهن في الزراعة من جهة، أو في المناطق الريفية التي هي عمليا تحت تأثير البنية البطريركية التي تستوعب جزءاً منهن بشكل تقليدي وليس على أساس منافسة السوق من جهة أخرى.
نص التقرير في ص (101) " ... إن قطاعات سوق العمل المفتوحة للنساء محدودة في قطاع الخدمات الذي يتطلب نساء بمستوى تعليم عال وكذلك قطاع الزراعة الذي ليس التعليم شرطاً مسبقاً لمن يشتغلون فيه".
قد يشير هذا النص إلى التشوه في البنية الاقتصادية للضفة والقطاع طالما هناك توسعٌ في قطاع الخدمات الذي يستوعب العمالة الأنثوية بالتوازي مع تدهور قطاع الزراعة وعدم توسع القطاع الصناعي؟ إن جزءا كبيرا من توسع القطاع الصناعي ربما نبع من زيادة أنشطة منظمات الأنجزة والتي يركز الكثير منها على تشغيل النساء لاستقطابهن. وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن قطاع الزراعة لا يشترط تعليماً عاليا كي يستوعب عمالة النساء، فإن هذه ليست ميزة نسبية لاقتصاد الضفة والقطاع. فالزراعة، والتصنيع الزراعي غدت اليوم علوماً! يحتاج العمل الأسري اليوم في الزراعة إلى انتباه أكبر، كما أن تأنيثه يدفع باتجاه تحصيل تعليم أفضل وتدريب للنساء على الوعي الصحي وعلى خدمة مزرعة الأسرة...الخ. وهذا يرتبط بما ورد في الصفحة نفسها من التقرير (ص 101)، بأن الخصوبة العالية جعلت من الصعب على المرأة أن تذهب إلى سوق العمل، وجعلت هذه السوق أكثر في متناول الأرامل والطليقات أو غير المتزوجات...الخ.
لا بد أن يأخذ هذا التغير في سوق العمل بالاعتبار أن هاتيك العاملات الجدد لم يخططن لحالاتهن الحالية مما يعني أن هذه ليست ميزة نسبية، بل نتاج حالة مستضعفة. وبناء على ذلك، فإن تسهيلات خاصة وفرص توصل لا بد أن تتوفر من أجل تدريب وتعليم أفضل للنساء اللائي هن ربات أسر.
هناك نقاط أخرى تتطلب مزيداً من التوضيح والتحليل في التقرير مثل ازدياد العمل الأنثوي في الزراعة في شمال الضفة الغربية. وهذا يرتد إلى انتقال قوة العمل الذكوري إلى وسط الضفة،
رام الله، كمركز لسلطة الحكم الذاتي الأمر الذي نتج عنه تورم مشوه للمدينة؟ وبالطبع، فإنه من الصعوبة بمكان تقليديا وثقافياً أن تنتقل امرأة بمفردها للعيش من مدينة أو قرية إلى مدينة أخرى. وهذه ميزة نسبية للرجال لم تنجم عن أفضليتهم بل عن كون التقاليد والثقافة مصاغة تاريخيا من الذكور لصالحهم فهي ميزة سلبية لم تنجم عن أفضلية الذكورة ولا حتى عن تأهيل أفضل. وأمر كهذا يتطلب سياسة اقتصادية جديدة تخلق وظائف في أجزاء الضفة الغربية الأخرى تجنباً للهجرة العشوائية. يمكن أن نعزو زيادة العمل الأنثوي في شمال الضفة الغربية إلى طبيعة الأرض هناك بما هي ليست صخرية مقارنة بمناطق وسط الضفة الغربية، أي رام الله والقدس. فالتربة الخصبة تشجع الناس على استغلالها طالما أن إنتاجيتها منافِسة سوقياً أي تحقق ريعاً عالياً (الريع الفرْقي).
ليس من الواضح إن كان التقرير (ص 102) قد تناول نسبة الذكور والإناث من عمر 15 عاما فما فوق بشكل عام أو أنه انحصر في عام 2007. وسواء تضمن التقرير ذلك أم لا، فإنه، أي التقرير، قد تعاطى مع نسب لا أرقام! وهذا قد يخفي الحجم الحقيقي لمشكة البطالة. فالأرقام هي مؤشرات أفضل حيث تبين عدد الناس الذين يعانون كأرباب أسر أو الأسر نفسها.
كما يشير التقرير إلى تمييز في التوظيف ضد النساء في وظائف صنع القرار كالمدراء والمشرعين حيث أن النساء لسن ممثلات هناك. ويشير إلى أن للنساء فرصٌ أفضل في التعليم والصحة (ص 104)." وهذا يمكن تفسيره كمتسببِ من الأيديولوجيا المسيطرة، أي سيطرة الرجل وبنية النظام، فبدل أن ينقد التقرير هذا التميز يبحث عن ملاذ لتغطيته بترغيب النساء في قطاعات أخرى!.
ويشير التقرير ثانية إلى تراجع تشغيل النساء في الزراعة بسبب مصادرة الكيان للأرض، والإغلاقات المفروضة على المدن والقرى وإقامة الجدار التوسعي، كما يركز على أن عمل النساء في الزراعة في الريف يتجمع ليقع على كاهل النساء المتقدمات في العمر (ص 104)،، وهذه معطيات صحيحة، مع ضرورة الملاحظة أن العبء نفسه يقع كذلك على كاهل الرجال المتقدمين في العمر بمعنى عزوف الجيل الشاب عن العمل الزراعي. لكن يمكن تناول هذه الظاهرة بتشجيع النساء الشابات في القرى اللائي في العادة هن متعلمات كي يعملن في حديقة المنزل إذا ما تم الشغل على تقديم تسهيلات تمويلية تنموية تعاونية لهن وتثقيف علمي وسياسي وتعاوني وهذه مسؤولية الحركة السياسية الحزبية بالطبع.
ويضيف التقرير: "... أما بالنسبة لقطاع الزراعة فنجد أن المرأة هي دوماً المهيمنة على هذا القطاع، ويظهر أن مساهمته في توفير فرص عمل للرجال آخذة في الاضمحلال. وقد يفسر هذا الأمر بأن الزراعة عادة ما تعتبر مصدرا إضافيا للدخل بدلا من أن تكون المصدر الرئيسي. .. من خصائص هذا النوع من عمل المرأة أنه غير محمي وغير رسمي مما يعني أن الزيادة فيه تعني زيادة في عدم رسمية عمل المرأة في الأراضي الفلسطينية (ص 105)
ولكن ليست حقيقة عامة أن الزراعة هي مصدر ثانوي للعمل والدخل في كل بلد. إن الحالة في الضفة الغربية بعيدة جداً عن ما يزعمه التقرير، لأنها ما تزال منطقة بدون قاعدة صناعية فعلية، وغير متطورة بحيث تكون الصناعة هي القطاع الرئيسي وتصبح الزراعة مجرد قطاع مساعد. ما يحصل هنا هو انتقال إلى اقتصاد الخدمات والكازينو، لكي تقفز وتصبح اقتصاد خدمات وكازينو بناء على بعض المؤشرات السلبية التي بدت. بكلمات أخرى، إذا ما كان لاقتصاد الكازينو أن يتواجد في اقتصاد غير متطور أو شبه متقدم، فإن حالة الضفة الغربية يمكن أن تُقرأ على أنها حالة انتقالية من اقتصاد محيطي تقليدي إلى اقتصاد كازينو. وأبعد من هذا، فإن الزراعة في الضفة الغربية يجب أن لا تعتبر كقطاع إضافي أو ثانوي بناء على عدة أسباب:
• حاجة البلد للأمن الغذائي
• توفر فائض قوة عمل يمكن تشغيلها في الزراعة
• احتجاج قطاع من ذوي الوعي السياسي ضد التطبيع وذوي الصحي بأن المنتجات "الإسرائيلية" التي تغرق السوق هي منتجات عدو وغير صحية
• ولأن استغلال الأرض هو واجب وطني وهدف لمواجهة مصادرة الاحتلال "الاستيطاني" ومصادرته للأرض.
وفي ما يخص المساواة، فإن لوحة 1.4 في ص 106 تبين أن النساء اللائي يعملن لأنفسهن يشكلن 12.8 % من جميع النساء العاملات في الضفة وغزة، بينما يشكل الذكور العاملين لأنفسهم 26.8 %، وهذا عائد إلى سيطرة الذكورة والثقافة وقانون الوراثة الذي يجرد معظم النساء من حصتهن الحقيقية في التملك ولا سيما حين تكون الورثة أرضاً. ومع ذلك فإن النسبة الخاصة بهن تعتبر عالية مقارنة بالرجال إذا ما قورنت بمجالات أخرى حيث النسبة لدى الرجال أعلى بكثير . والمهم أن هذه النسب عمياء فعلا . فكون المرء عامل لحساب نفسه شيء وحجم المشروع هو شيء آخر.
وفي ما يخص حرية القرار ورد في أحد المؤشرات الإيجابية من المجلس الاجتماعي الاقتصادي للأمم المتحدة تبين أن النساء في 30 تجمع ريفي قررن البحث عن فرص عمل حتى لو كلفهن ذلك السفر والاستقرار بعيداً عن مساكنهن ومتطلبات عائلاتهن؟
لكن هذه المسألة تحتاج إلى فحص وتيقُن لمعرفة فيما إذا كانت النساء المعنيات هنا قد أخذن هذه الخطوة عملياً أم لا، وكيف تصرفت التجمعات السكنية اللائي انحدرن منها تجاه هذه الخطوة. إن علينا التفريق بين رغبة النساء في الحرية في مختلف المستويات وبين قيامهن بتنفيذ رغبة الحرية هذه عملياً؟ ويؤكد التقرير نفسه أن معظمهن وجدن أعمالاً بلا أجرٍ في تجمعاتهن في مجال الزراعة وأن بعضهن وجدن عملا في صناعة الملابس، وهما قطاعان يقعان في خانة القطاع غير الرسمي.
بالنسبة للنسوة من الثلاثين تجمعاً اللاتي عبرن عن رغبتهن في مغادرة هذه التجمعات بحثا عن عمل، أي الهجرة بمفردهن، أود الإشارة إلى أن المواطن العادي يمكن أن يعلن أو يتبنى قرارات جريئة في استعراض أمام الكاميرا أو الصحافة الأجنبية أو حتى الباحثين، بينما قد لا يحاول قط تنفيذ ما تعهد أو ادعاه أو ما قال أنه يؤمن به، وهذا ما يعني أن التقارير قد بنت استنتاجات خاطئة ومتفائلة؟ كما لم يخبرنا التقرير فيما إذا كانت ورشات الملابس هي محلية أم مشتركة مع "إسرائيليين" من خلال شركات التعاقد من الباطن مع محليين؟ فلهذا معنى مختلفا فيما لو حصل.
كنعان/ فلسطين المحتلة عام 67: mail@kanaanonline.org
الهوامش:
1- أنظر الكسندر سولش:
The Economic Development in Palestine، Journal of Palestine Studies، 10 (3):35-58
بدأ انخراط فلسطين في السوق العالمية منذ الحكم العثماني، حيث اتخذ الانخراط وضعا تدريجيا مقصودا. أنظر بهذا الصدد:
Islamoglu، H. and Keyder C. The Ottoman Social Formation، in the Asiatic Mode of Production، ed، Anne M.، Baily & Joseph Llobera، London Routledge and Kegan Paul، 1981.
2-Agricultural contribution in the West Bank GNP was 35.1 in 1970 and 35.0 in 1980. Kahan David Agriculture and Water Resources in the West Bank and Gaza، 1967-87، Jerusalem، 1983. The Jerusalem Post Publications.
3- For capitalization of Agriculture in capitalist Social formation، see Summary of Selected Parts of Kautsky’s The Agrarian Qusetion، by Jarius Banaj، in Harold Wolpe، Articulation of Modes of Production، ed، Routledge & Kegan Paul ltd، 1980.
كانت الضفة الغربية، في فترة الحكم الأردني، تسمّى سلة غذاء الأردن؛ بل كانت المنتجات الزراعية فائضة ويتم تصدير جزء منها إلى أقطار عربية سوريا، العراق والسعودية وكانت حمضيات غزة تصدَّر إلى إيران وأوروبا الشرقية.
4- انظر عادل سمارة، اقتصاد المناطق المحتلة: التخلف يعمق الإلحاق، منشورات صلاح الدين، القدس، 1975: ص 94-98.
5-Surveys indicate that the cultivated land in the West Bank was 2.435.000 dunums in 1965 (The Jordanian Statistical Report 1956)، it declined to 1.626.000 dunums in 1982 (The Agricultural review 1982)،
مقتطف في ، الحماية الشعبية، عادل سمارة وعودة شحادة، منشورات كنعان، دمشق 1988: 114
6- انظر عادل سمارة، إقتصاد تحت الطلب : دراسة في محوطة اقتصادي الضفة والقطاع عبر التبادل مع المجموعة الأوروبية، منشورات مركز الزهراء للدراسات والأبحاث، القدس 1989.
7- One of the recent examples is when Israel demanded the PA to drop war crimes suit at the Hauge: “… meanwhile، Israel has warned the Palestinian Authority that it would condition permission for a second cellular telephone provider to operate in the West Bank- an economic issue of critical importance to the PA leadership- on the Palestinians withdrawing their request at the International Court” Amos Harel and Avi Issacharoff، Haaretz Correspondent، 27-9-2009.
8- يميل كثيرون إلى عقد مشابهة موسعة بين الحالة الفلسطينية وجنوب إفريقيا، وهذه المشابهة في الغالب غير دقيقة، بل ومضلِّلة كلما زيدت تعميقاً. ما جرى تدريجياً في جنوب إفريقيا هو محاولة نظامي الفصل العنصري في درجته الأولى Segregation ، ولاحقاً في درجته الأعلى Apartheid كان محاولة إبقاء أو تطويل تواجد الأرض في يد السود كي يُغطي الدخل المتأتي منها على تقصير الأجور الأقل المدفوعة للعمال السود في الصناعات التي يملكها البيض كي يعيد العمال السود إنتاج أنفسهم، وهو الأمر الذي يوفر على رأس المال دفع أجور أعلى، أي يُبقي لهم فائضا Surplus أضخم.
9- تجلى هذا في إقامة الجدار لمنع تشغيل العمال من الضفة والقطاع في سياسةٍ أثبتت أن السلام مع هذا العدو هو طبعة من الحرب،. وفي تطور مواكب، فقد عملت الدولة الغربية المانحة على تمويل الجهاز البيروقراطي المتضخم للسلطة الفلسطينية ليستوعب ما أمكن من العمالة التي اُعتيد تدفقها إلى الكيان. حول طرد الكيان لعمالة الضفة والقطاع أنظر، الحماية الشعبية سمارة وشحادة، 1988 ص 89-113.
كما أن هذا يطرح سؤالاً حول الشوفينية الذكورية للاحتلال التي تتقاطع مع استراتيجيته لإهلاك المقاومة الفلسطينية، فكلما كانت المرأة تحت تمييز كلما ساهم ذلك في شلّ دورها النضالي الوطني كذلك.
10- Palestinian Central Bureau of Statistics 2008، Women and Men in Palestine: Issues and Statistics، 2008. Ramallah، Palestine. Pages 97-114. http:.//www.pcbs.gov.ps، p. 108.
11- يفسر كثيرون تعايش نمط الإنتاج الرأسمالي حين يسيطر على الأنماط الأخرى بأنها "مرونة" الرأسمالية، أو "لدائنيتها"، وهو ما توافق عليه كثيرون من الماركسيين بأنه تمفصل أنماط الإنتاج، تمفصلاً يتسم بالتعايش والتناقض، والذي في النهاية قدرة نمط الإنتاج الرأسمالي، كمجرد، على الإبقاء على الأنماط الأخرى طالما تكيفت مع علاقات الإنتاج الرأسمالية التي سيطرت، وهذا ما يفسر استيعاب التشكيلات الرأسمالية ، اللبرالية اجتماعياً، مع العلاقات الاجتماعية البطريركية المتخلفة اجتماعياً! وفي حقيقة الأمر فإن النمطين ذكوريّان. على أن الأمر الحاسم هو تلاقي وتوافق المصالح الطبقية للرأسمالية مع مصالح زعماء البنى العشائرية/الأسرية ...الخ. وهو ما ينتهي على حساب الطبقات الشعبية بمعزل عن الذكورة والأنوثة، وإن كان ما يقع على المرأة أثقل وأعلى.
12- أنظر كتاب، تأنيث المرأة بين الفهم والإلغاء، الفصل الأخير، عادل سمارة.
13- كثيراً ما زعمت قيادة م.ت.ف قبيل أوسلو أنها ستجعل من الضفة والقطاع تايوان أو سنغافورة جديدتين؟
14- أنظر عادل سمارة، اقتصاد المناطق المحتلة: التخلف يعمق الإلحاق، منشورات صلاح الدين ، القدس 1975:94.
15- See Samara See Adel Samara، Women vs. Capital in the Socio-economic Formation in Palestine، 1996:p.p. 5، 6، 52.
وعادل سمارة، الفقر والعمل والمرأة ضد المرأة، 1996: 69-70.
16- See Adel Samara، Women vs. Capital in the Socio-economic Formation in Palestine، 1996:p.p. 5، 6، 52.
وعادل سمارة، الفقر والعمل والمرأة ضد المرأة، 1996: 69-70.
17- It is to a certain extent an international phenomenon: “Females represent a majority at every level of education in Brazil، and the average rate of schooling among Brazilian women is more than one year higher than that of men. Yet women continue to earn 30 percent less than men for the same work، and they occupy a mere 56 of the 594 seats in the Brazilian Congress.( Categorized | Beijing+15، Top Story، Women and PovertyMore Educated Are Not More Equal، By Mario Osava With additional reporting from Nastasya Tay (Johannesburg)، Kara Santos (Manila)، Emilio Godoy (Mexico City) and Daniela Estrada (Santiago) 1 March 2010 )
18- يندرج هذا في التركيز اللبرالي الغربي على أهمية البعد الثقافي في التنمية وهو الذي توصل إلى الزعم بأن نجاح تنمية مجتمع ما يجب أن تنطلق من خصوصياته الثقافية. وهذا مدخل انثروبولوجي عنصري تكمن ورائه مفاهيم من طراز أن الرسملة غير ممكنة سوى لأوروبا ذات الثقافة القابلة للرسملة، وهو ما يسمونه The West and the Rest. أنظر بهذا الصدد،
Thierry G Verhelst. No Life Without Roots: Culture and Development Zed Books، 1990.
19- ليس في مكانه الحديث عن وجوب تبني سلطة الحكم الذاتي لنظرية التنمية بالحماية الشعبية. لتكوين فكرة عن هذه النظرية أنظر، التنمية بالحماية الشعبية، في كنعان العدد 129 نيسان 2007 ص ص 3-35.