للنشر....ملتقى المصباح الثقافي
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة شارك معنا بجمع المحتوى الادبي والثقافي العربي وذلك بنشر خبر او مقال أو نص...
وباستطاعت الزوار اضافة مقالاتهم في صفحة اضف مقال وبدون تسجيل

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الموقع
او تريد الاطلاع والاستفادة من موقعنا تفضل بتصفح اقسام الموقع
سنتشرف بتسجيلك
الناشرون
شكرا لتفضلك زيارتنا
ادارة الموقع
للنــــشـر ... ملتقى نور المصباح الثقافي
للنــــشـر ... مجلة نوافذ الادبية
للنشر....ملتقى المصباح الثقافي
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة شارك معنا بجمع المحتوى الادبي والثقافي العربي وذلك بنشر خبر او مقال أو نص...
وباستطاعت الزوار اضافة مقالاتهم في صفحة اضف مقال وبدون تسجيل

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الموقع
او تريد الاطلاع والاستفادة من موقعنا تفضل بتصفح اقسام الموقع
سنتشرف بتسجيلك
الناشرون
شكرا لتفضلك زيارتنا
ادارة الموقع
للنــــشـر ... ملتقى نور المصباح الثقافي
للنــــشـر ... مجلة نوافذ الادبية
للنشر....ملتقى المصباح الثقافي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أدب ـ ثقاقات ـ مجتمع ـ صحة ـ فنون ـ فن ـ قضايا ـ تنمية ـ ملفات ـ مشاهير ـ فلسطين
 
الرئيسيةاعلانات المواقعالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلالحركة الفكرية في ظل المسجد الأقصى 610دخول
نرحب بجميع المقالات الواردة الينا ... ويرجى مراسلتنا لغير الاعضاء المسجلين عبرإتصل بنا |
جميع المساهمات والمقالات التي تصل الى الموقع عبر اتصل بنا يتم مراجعتها ونشرها في القسم المخصص لها شكرا لكم
جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في الموقع تعبر عن رأي أصحابها فقط
هــذا المـــوقــع

موقع وملتقيات أدبية ثقافية منوعة شاملة ، وسيلة لحفظ المواضيع والنصوص{سلة لجمع المحتوى الثقافي والأدبي العربي} يعتمد على مشاركات الأعضاء والزوار وإدارة تحرير الموقع بالتحكم الكامل بمحتوياته .الموقع ليس مصدر المواضيع والمقالات الأصلي إنما هو وسيلة للاطلاع والنشر والحفظ ، مصادرنا متعددة عربية وغير عربية .

بما أن الموضوع لا يكتمل إلا بمناقشته والإضافة عليه يوفر الموقع مساحات واسعة لذلك. ومن هنا ندعو كل زوارنا وأعضاء الموقع المشاركة والمناقشة وإضافة نصوصهم ومقالاتهم .

المواضيع الأكثر شعبية
عتابا شرقية من التراث الشعبي في سوريا
تراتيل المساء / ردينة الفيلالي
قائمة بأسماء خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية.. سوريا
موسوعة المدن والبلدان الفلسطينية
الـنـثر في العصر الحديث.
"الشاغور".. الحي الذي أنجب لــ "دمشق" العديد من أبطالها التاريخيين
سحر الجان في التأثير على أعصاب الانسان
مشاهير من فلسطين / هؤلاء فلسطينيون
قصة" الدرس الأخير" ...تأليف: ألفونس دوديه...
كتاب - الجفر - للتحميل , الإمام علي بن أبي طالب ( ع )+
مواضيع مماثلة
    إحصاءات الموقع
    عمر الموقع بالأيام :
    6017 يوم.
    عدد المواضيع في الموقع:
    5650 موضوع.
    عدد الزوار
    Amazing Counters
    المتواجدون الآن ؟
    ككل هناك 226 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 226 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

    لا أحد

    أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 1497 بتاريخ 04.05.12 19:52
    مكتبة الصور
    الحركة الفكرية في ظل المسجد الأقصى Empty
    دخول
    اسم العضو:
    كلمة السر:
    ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
    :: لقد نسيت كلمة السر
    ***
    hitstatus

     

     الحركة الفكرية في ظل المسجد الأقصى

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    زائر
    زائر
    Anonymous



    الحركة الفكرية في ظل المسجد الأقصى Empty
    مُساهمةموضوع: الحركة الفكرية في ظل المسجد الأقصى   الحركة الفكرية في ظل المسجد الأقصى Icon_minitime23.07.11 16:36

    تمهيد
    1_المسجد الأقصى (مفهومه) :
    يقصد بالمسجد الأقصى ما أحاط به السور ، مما يوجد في ساحة الحرم القدسي الشريف. ويمكن تفصيل ذلك بأن المسجد الأقصى بمفهومه الصحيح يقصد به المسجد الأقصى الذي كانت تقام فيه صلاة الجمعة ، وما تزال ، والصخرة المشرفة ، وجامع عمر ، وجامع المغاربة ، وجامع النساء ، ودار الخطابة ، والزاوية الختنية ، والزاوية البسطامية ، وقبة السلسلة ، وقبة المعراج ، وقبة موسى وغيرُها من القباب ، وكذلك الأروقة ، والمنائر ، والمصاطب ، والأبواب ، والآبار ، وغرف للسكن .
    ويضاف إلى هذا كله ، المدارس ، والزوايا ، والخوانق ، والرباطات الواقعة في الجهتين الغربية والشمالية للمسجد الأقصى.
    2_الحركة الفكرية في بيت المقدس قبيل الاحتلال الصليبي :
    تنوعت مظاهر الحركة الفكرية في بيت المقدس ، في أواخر القرن الخامس الهجري ، وفي هذه الفترة نجد في بيت المقدس عددًا من المعاهد العلمية ، فإلى جانب الأقصى والصخرة وغيرِهما في ساحة الحرم الشريف ، نجد دارًا للعلم أنشأها الفاطميون في بيت المقدس ، وكانت تلك الدار"فرعًا لدار العلم الفاطمية بالقاهرة" ، ومن المعروف أن دار العلم بالقاهرة ، كانت تهدف إلى نشر المذهب الفاطمي .
    ولعل ما ذكره ناصر خسرو في سفرنامة ، يغلب الظن على أنها كانت تقوم بدورها في نشر المذهب الفاطمي .
    وتحدث ناصر خسرو عن البيمارستان الذي أنشأه الفاطميون في بيت المقدس ومدى العناية المولاة له ، مما يؤيد أن الطب كان موضوعًا للدراسة في بيت المقدس ، وما ذكره ابن أبي أصيبعة في تراجمه يؤيد هذا.
    ومن المعاهد العلمية في بيت المقدس ، المدرسة أو الزاوية النصرية أو الغزالية ، وتنسب إلى الشيخ أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي الشافعي ، كما تنسب إلى الإمام أبي حامد الغزالي .
    ولم يقتصر دور العالم الكبير (نصر بن إبراهيم المقدسي) على التدريس والإفتاء والحديث ، فقد شارك في حركة التأليف ، وصنف مصنفات عديدة في الفقه والحديث ، وله مصنف ألفه على أساس محاضرات له عام 444هـ ، وهو كتاب أو رسالة في نسب النبي وقرابته .
    واستمر أبو نصر المقدسي يؤدي دوره الكبير في الحركة الفكرية في بيت المقدس وغيره ، إلى أن توفي بدمشق في سنة 490هـ .
    وفي المدرسة النصرية هذه ،أقام الإمام أبو حامد الغزالي عندما قدم إلى بيت المقدس ، وقد عرفت هذه المدرسة بالغزالية نسبة له .
    وقد قدم الغزالي إلى القدس في سنة 489هـ ومكث فيها سنة ، وذكر الغزالي أنه حرر لأهل القدس مصنفًا سماه "الرسالة القدسية في قواعد العقائد" إجابة عن أسئلة سئل عنها في بيت المقدس.
    وذكر ابن العربي في رحلته التي قام بها إلى بيت المقدس ، أن فلسطين "كانت تعج بالعلماء من أهلها ومن الوافدين " مما دعاه إلى أن يطيل الإقامة فيها ، ويرجئ الحج ".
    وذكر أبو بكر بن العربي عددًا من مدارس بيت المقدس التي شاهدها هناك ، ومنها مدرسة عند باب الأسباط ، وكان فقهاء الشافعية يجتمعون فيها للدرس والمناظرة ، ومنهم عطاء المقدسي .
    ومن مدارس الحنفية مدرسة أبي عقبة (وشيخها القاضي الريحاني).
    ومن المراكز الفكرية الأخرى في ساحة الحرم القدسي الشريف ، موضع يقال له الغوير ، الواقع بين باب الأسباط ، ومحراب زكريا ، وكان يقيم فيه الشيخ أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي ، وكان طالبو العلم يأخذون عن الطرطوشي .
    أنجبت مدينة بيت المقدس الكثيرَ من العلماء الذين كان لهم دور فعال في الحركة الفكرية هناك ، ومنهم الشيخ سلامة بن إسماعيل بن جماعة المقدسي 480هـ، صاحب التصانيف المشهورة مثل: أدب القاضي ، وشرح كتاب المفتاح لابن القاص الطبري335هـ وهو من الكتب المهمة التي عني بها الشافعية .
    ومنهم فقيه الشافعية أبو الفضل عطاء المقدسي ، الذي كان شيخ الشافعية بالقدس الشريف فقهًا وعلمًا ، وكان شيخ الصوفية طريقة.
    ومنهم الشيخ أبو القاسم مكي بن عبد السلام بن الحسين بن القاسم ابن محمد الأنصاري الرُمَيلي الشافعي الحافظ ، الذي عني بالحديث والإفتاء والتصنيف ، فقد ذكر أنه شرع في تاريخ بيت المقدس وفضائله ، وجمع فيه أشياء كثيرة ، ولكنه لم يكمله .
    ومنهم الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي المعروف بابن القيسراني ، وهو منسوب إلى قيسارية ، غير أنه ولد في بيت المقدس سنة 448هـ ، ونشأ وطلب العلم فيه ، وارتحل لطلب الحديث ، ورجع إلى بيت المقدس وأقام فيه ، وشارك في الحركة الفكرية هناك ، وكان مشهورًا بحفظه ومعرفته بعلوم الحديث .
    وقد أكثر من التصنيف في الحديث والأنساب والتصوف ، ومن كتبه :
    _أطراف الكتب الستة/ وتذكرة الموضوعات/والجمع بين الصحيحين ___في مجال الحديث.
    _الأنساب المتفقة في الخط المتماثلة في النقط والضبط ____في مجال الأنساب.
    _صفوة التصوف_____في مجال التصوف .
    ونظم ابن القيسراني شعرًا حسنًا .
    وقد ذكرت المصادر أن ابن القيسراني توجه ثانية إلى بغداد ، واستمر فيها إلى أن توفي سنة 507هـ.
    ومنهم أبو الفتح سلطان بن إبراهيم بن المسلم المقدسي الشافعي ، وهو مقدسي المولد والنشأة ، وقد استمر مشتغلًا بالعلم في بيت المقدس دارسًا ومدرسًا ، إلى أن توجه إلى مصر 470هـ ،واستمر أبو الفتح بالمشاركة في الحياة الفكرية إلى حين وفاته سنة 518هـ.
    وكانت مدينة بيت المقدس محط الأنظار و ملتقى العلماء ، ومنهم الغزالي ، وشيخ الإسلام أبو الفرج عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن علي بن أحمد الشيرازي المقدسي ، ثم الدمشقي ، الحنبلي المتوفى سنة 486هـ في دمشق .
    وقد ساهم الشيخ أبو الفرج في نشر المذهب الحنبلي في بيت المقدس ، وقد صنف عدّة مؤلفات في الفقه وأصول الدين.
    ومنهم أبو بكر الطرطوشي محمد بن الوليد الأندلسي ، وكان فقيهًا ، وحافظًا ، وأديبًا ، تفقه على أبي بكر بن أحمد الشاشي ومن أبرز تلاميذه ابن عربي .
    و ذكر ابن العربي في رحلته إلى المشرق أن بيت المقدس كان مركزًا لنشاط عدد من الفرق الإسلامية الكرّامية والمعتزلة ، كما كان ملتقى المتناظرين في الأديان الثلاثة :
    الإسلام ، والنصرانية ، واليهودية .
    وكذلك كان محط عدد من العلماء الوافدين من علماء خراسان .
    إذن كان بيت المقدس قبيل الاحتلال الصليبي ، من المراكز الفكرية المهمة في العالم الإسلامي.
    3_الحركة الفكرية في ظل الاحتلال الصليبي :
    ركدت الحركة الفكرية في بيت المقدس ، في ظل الاحتلال الصليبي ، كما يقول رنسيمان في كتابه تاريخ الحروب الصليبية .
    ويعلل هذا الركود الفكري بالطبيعة الحربية التي كان الفرنج يضعونها في الدرجة الأولى ، فقد صرفتهم عن كل اهتمام آخر في غالب الأحيان.
    وذهب عدد من المستشرقين إلى تعليل الركود في مملكة بيت المقدس اللاتينية ، كما يسمونها ، بالانصراف إلى الشؤون الحربية والتجارية.
    ويذهب باركر وأنتوني وبست أن الفرنج جاءوا غازين ، ولم يأتوا في سبيل طلب العلم ، وبقوا مستنفرين عسكريًا في خلال إقامتهم في الشرق بعامة ، وفي بيت المقدس بخاصة.
    وبالتالي لم يكن للحياة العقلية والثقافية وجود حقيقي في بيت المقدس في ظل الحكم الصليبي .
    وقد ذهب جوستاف لوبون إلى أن الجيوش الصليبية إذ كانت جاهلة للعلماء ، لم تكن تبالي بالمعارف والأصول .
    لقد كان العلماء والمتعلمون قلة بين الصليبيين ، كما يقول أنتوني وبست ، وكانت الحروب الصليبية تمثل هجوم جماعات جاهلة على عالم متحضر ومتمدن .
    ومما يزيد الأمر سوءا ، أن جزءا من الفرنج كانوا يجهلون القراءة والكتابة ، ويغضون من شأنها .
    وإذا كان الفرنج كذلك فكيف تتحقق حركةٌ فكرية في ظلهم؟
    لقد أخمد الغزو الصليبي الحركة الفكرية التي كانت تشيع في بيت المقدس ، قبيل الاحتلال ، ومما يؤيد ما نحن بصدده ،أنهم أحرقوا المكتبات العامة والخاصة ، وحولوا المسجد الأقصى إلى كنيسة ، وسكن للفرسان ، ومستودع للذخيرة ، واسطبل ، وحولوا الصخرة المشرفة إلى كنيسة.
    وإلى جانب ذلك كله فإن استشهاد عدد كبير من المفكرين والأدباء نتيجة الغزو الصليبي ، وهجرة عدد كبير آخر إلى مصر والشام ، كانا سببين لهما أثر في ركود الحركة الفكرية ، في ظل الاحتلال الصليبي .
    وعلى الرغم من هذا كله ، فإن الصليبيين ، في بيت المقدس ، اتصلوا بعدد من أهلها ، وتأثروا بهم.
    فقد ذُكر أن الصليبيين أقاموا مستشفى بجانب كنيسة القديسة مريم ، وقيل إنهم وسعوا المستشفى الذي كان الفاطميون قد أقاموه ، ومن الجدير بالإشارة أن الفاطميين كانوا قد أنشأوا أول مستشفى في بيت المقدس .
    وقد تُرجم عدد من الكتب الطبية العربية إلى اللاتينية ، مثل كتاب "كامل الصنعة الطبية" أو "المالكي" ، و" سر الأسرار في طب العيون" .
    وأما في مجال القانون ، فقد حدث اهتمام يمكن تعليله بوضع القوانين التي قامت عليها المملكة اللاتينية التي أقامها الصليبيون في بيت المقدس.
    وأما في العلوم ، فلم يحدث تقدم ملموس ، وكذلك الحال في الفلسفة .
    وفي التاريخ ، ظهر عدد من المؤرخين الذين أرخوا للحروب الصليبية ، ومنهم وليم الصوري .
    وقد تعددت اللغات المستخدمة ، في مملكة بيت المقدس ، آنذاك ، نظرًا لتعدد الجنسيات المشتركة في الحروب الصليبية ، ومنها : اللاتينية ، والفرنسية، والإيطالية .
    وأما اللغة العربية ، فكانت لغة أهل البلاد ، وكان هؤلاء يخاطبون الفرنج بواسطة التراجمة عند الحاجة .
    ثم أقبل بعض الفرنج على تعلم اللغة العربية ، فقد أشار" غروسيه "إلى الإقبال على تعلمها ، من قبل عدد من النبلاء والسادة ، وذلك لأغراض التعليم ، والتفاهم مع الوطنيين ، والتجارة.
    وقد استخدمت العربية في سك النقود ، في عهد لويس التاسع .
    وقد كانت اللغة العربية ذاتَ أثر عميق في اللغات اللاتينية وهذا ما أشار إليه (باركر، وجوستاف لوبون).
    وأبدى عدد من قادة الفرنج اهتماما بالآداب العربية ، مثل ( رينالد) ، واهتم عدد من رجال الكنيسة بالآداب أيضًا ومنهم (جيمس فيتري) .
    واستوحى عدد من الشعراء والكتاب ، الآداب العربية ، وتاريخ الحروب الصليبية .
    الفصل الأول : عوامل الحركة الفكرية في بيت المقدس:
    عاش بيت المقدس حياة فكرية نشطة بعد زوال الاحتلال الصليبي ، فقد تعددت روافد تلك الحياة الفكرية ، وتمثلت في إنشاء الكثير من المراكز العلمية ، من مدارس ، ومساجدَ ، ومكتبات ، وبيمارستانات ، وزوايا ، وخوانقَ ، ورباطات ، وغيرِها.
    وفي تلك المراكز العلمية ، دُرِّسَت العلوم المختلفة : العلوم الشرعية ، وعلوم اللغة العربية ، وعلم التاريخ ، والعلوم العقلية والعملية .
    وظهر الكثير من المفكرين والأدباء ، ووضعت مصنفات كثيرة في مختلف مجالات العلوم ، ونال التراث اهتمامًا كبيرًا .
    وتمثلت الحياة الفكرية أيضًا ، في الفنون الأدبية من شعر وكتابة وخطابة وغيرِها .
    وقد صور العماد الأصفهاني عددًا من معالم الحياة الفكرية في بيت المقدس بعد تحريره من الاحتلال، المتمثلة في المجالس العلمية والأدبية ، ومناظرة العلماء والأدباء، والاهتمام بالحديث والتفسير ، والتركيز على الخطابة.
    وقد شارك عدد كبير من الأدباء والفقهاء والعلماء في ذلك النشاط الفكري، إضافة إلى مشاركة السلطان للعلماء والأدباء ، فقد كان صلاح الدين من بناة النهضة العلمية ، وحماة أربابها ، وكيف لايكون الأمر كذلك ، ورجالات صلاح الدين من أشهر الأدباء والمؤرخين ، فالقاضي الفاضل وزيره، والعماد الأصفهاني كاتبه ، وابن شداد كاتبه الخاص ومؤرخه .
    ومما يؤكد تشجيع صلاح الدين للأدباء والعلماء ، المكانة التي حظي بها عبد اللطيف البغدادي عنده .
    وهكذا نشطت الحياة الفكرية في بيت المقدس ، في ظل صلاح الدين ، بعد التحرير من ربقة الاحتلال سنة 583هـ ، وأنشأ صلاح الدين المراكز العلمية والطبية ، وشاعت في عهده المجالسُ الأدبية والمحاورات والمناظرات ، وشجع العلماء والأدباء، وقد جلى هذا كلٌ من العماد الأصفهاني ، والبغدادي ، والسيوطي، وابن شداد في أقوالهم.
    وقد عمل صلاح الدين على إنشاء المدرسة الصلاحية ، والخانقاه الصلاحية ، ووقف عليهما أوقافًا كثيرة ، وأقام البيمارستان في بيت المقدس ، وقد أدى هذا البيمارستان دورًا كبيرًا آنذاك ، وعمل فيه عدد من أشهر الأطباء من أمثال أبي الفضل رشيد الدين بن علي الصوري، ويعقوب بن صقلاب المقدسي،وغيرهما .
    وعني صلاح الدين بالمسجد الأقصى ، والصخرة المشرفة ، بعد عودة الإسلام إليهما، فقد عيَّن خطيبًا في المسجد الأقصى ، وعين في الصخرة إمامًا .
    وقد حمل صلاح الدين المصاحف إلى الأقصى والصخرة ، وأمر بترخيم محراب المسجد الأقصى ، ثم أمر بنقل المنبر ، الذي صُنِع في عهد نور الدين زنكي ، إلى الأقصى .
    وعمّر صلاح الدين الزاوية الختنية في الأقصى ، وكان لها دور ملموس في الحياة الفكرية ، وقد رمم أسوار المدينة وأحكمها ، وحفر الخنادق ، وبنى الأبراج ، وشارك هو وأولاده ، وأخوه العادل ، وأمراؤه في العمل ، وشارك فيه العلماء والقضاة والفقهاء والمتصوفة والعسكر والعامة.
    وعمر صلاح الدين قبة يوسف ، ووسع جامع جبل الطور ، بناء على رسالة كتبها القاضي الفاضل باسم أبناء القدس .
    واستمرت عناية الأيوبيين كبيرة بالأقصى والصخرة، فالملك العادل فعل آثارًا جميلة في الأقصى ، والملك المظفر تقي الدين عمر نظف الصخرة بنفسه ، وغسلها بماء الورد ، ثم فرق مالًا عظيمًا على الفقراء ، والملك الأفضل نور الدين علي بن صلاح الدين فعل أنواعًا من البر والخير والبناء ، والملك العزيز عثمان بن صلاح الدين ، ترك خزانة سلاحه في القدس.
    لقد نشطت الحركة الفكرية في ظل صلاح الدين ، ويكفي أن نشير إلى العلماء ،والأدباء، والفقهاء، والمتصوفة، وغيرهم ، الذين حضروا إلى بيت المقدس ، وشاركوا في الاحتفال بالتحرير ، والتغني بالانتصار المجيد ، وممن كان لهم دور فعال في ذلك :
    القاضي الفاضل/والعماد الأصفهاني/وابن شداد/والقاضي أبو المعالي محمد بن علي القرشي 598هـ/وأبو الحسن زين الدين علي بن إبراهيم ابن نجا الواعظ .
    وكتبت رسائل كثيرة تبشر بتحرير بيت المقدس ، وأنشئت خطب عديدة ، وعقدت مجالسُ وعظ عديدة أيضًا .
    وكان لتحرير بيت المقدس أثر كبير في الحركة الفكرية والأدبية في بيت المقدس، فقد أحدث حركة أدبية مزدهرة ، لم يقتصر أثرها على بيت المقدس ، بل انعكس على الأقطار والمدن الإسلامية الأخرى .
    ولننظر في القدسيات ، وهي ما قيل من أدب حول بيت المقدس منذ احتلالها إلى تحريرها ، فإنها تمثل ظاهرة أدبية متقدمة كمًا وكيفًا ، وشارك فيها الكثير من الشعراء والخطباء والكتاب.
    وتُوجت الحركة الفكرية في بيت المقدس ، بما تغنى به الشعراء مشيدين بالبطل ، ومتغنين بالنصر العظيم ، وهم كثيرون ، ومنهم :
    العماد الأصفهاني، وابن الساعاتي ، وابن سناء الملك ، والحكيم أبو الفضل عبد المنعم الجلياني ، ونجم الدين يوسف بن الحسين بن المجاور ، والرشيد بن بدر النابلسي ، وغيرُهم.
    ومن ذلك ما أنشاه الخطباء وعلى رأسهم ابن الزكي ، وهو أول خطيب خطب في المسجد الأقصى بعد تحريره ، ثم جلس زين الدين الواعظ ، وعقد مجلس وعظ بعد أن انتهى ابن الزكي من خُطبته.
    ولم تقتصر تلك الحركة الأدبية على ذلك ، فقد صنفت مصنفات كثيرة في العلوم المختلفة .
    ولم يقتصر الأمر على ما أنشأه صلاح الدين من منشآت علمية ، فقد أنشأ بعض الأمراء ، في عهده المدرسةَ الميمونية التي أنشأها الأمير فارس الدين أبو سعيد ميمون بن عبد الله القصري.
    وأنشأ الأمير حسام الدين الجراحي المدرسة الجراحية.
    واستمرت الحركة الفكرية متقدمة في ظل أبناء صلاح الدين ، وبخاصة الملك الأفضل ، فقد أنشأ المدرسة الأفضلية سنة 588هـ ، والمسجد العمري سنة 589هـ ، ووقف أوقافًا على المغاربة ، سنة 588هـ .
    وأنشأ الملك المعظم عيسى بن الملك العادل ، منشآتٍ عديدةً في بيت المقدس ، ومنها المدرسة النحوية سنة 604هـ .
    والمدرسة المعظمية سنة 660هـ ، وأنشأ بدر الدين محمد بن القاسم الهكاري ،المدرسة البدرية في سنة 610هـ
    وعني الملك المعظم عيسى بالبيمارستان الذي أقامه صلاح الدين ، كما عني بالأطباء الذين كانوا يعملون فيه ، وخاصة يعقوب بن صقلاب .
    وعني الملك المعظم عيسى بالمسجد الأقصى والصخرة الشريفة عناية خاصة فقد جدد في أروقة الأقصى وأبوابه .
    وأنشأ الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل قبة موسى ، في سنة 649هـ ، وقيل 647هـ . وكانت تسمى قبة الشجرة .
    ولم يقتصر الأمر في العصر الأيوبي على إنشاء المراكز الفكرية المذكورة فحسب، فقد أنشئت الرباطات والزوايا والخوانق ، وهي مؤسسات كان لها دور علمي واجتماعي وديني .
    ومن تلك المراكز : الخانقاة الصلاحية التي أنشأها صلاح الدين الأيوبي.
    ومنها الزاوية الختنية وقد وقفها صلاح الدين على الشيخ جلال الدين محمد بن أحمد الشاشي.
    ومنها زادية الدِّرْكاه وقد وقفها الملك المظفر شهاب الدين غازي في سنة 613هـ .
    ومن هذا يتبين لنا مدى اهتمام الأيوبيين ببيت المقدس ، والعمل على تقدم الحركة الفكرية فيه.
    وفي العصر المملوكي ، نال بيت المقدس اهتمامًا كبيرًا ، فقد سار سلاطين المماليك على نهج الأيوبيين ، ولكنهم كانوا أكثر نشاطًا من سلاطين الأيوبيين في إنشاء المدارس .
    لقد شارك السلاطين والأمراء والشيوخ والعلماء والنظار ، في إنشاء المدارس ، كما شاركت النساء في ذلك أيضًا .
    ويبدو هذا جليًا في عهود معظم سلاطين المماليك ، ففي عهد السلطان "كَتْبُغا المنصوري" أنشئت المدرسة الدويدارية سنة 695هـ
    وفي عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون أنشئت المدرسة السلامية حوالي سنة 701 ، والمدرسة الوجيهية قبل سنة 701هـ ، والمدرسة الجاولية سنة 715هـ ، والمدرسة الكريمية سنة 718هـ ، والمدرسة التَنْكِزية سنة 729هـ
    واستمر الحال على ذلك فأنشئت مدارس كثيرة ، وكانت تنسب إلى منشئيها ، وقد أثْرَتْ هذه المدارس الحركةَ الفكرية بصورة جلية.
    وأما دور القرآن والحديث ، فقد أنشئت اثنتان منها ، دار للحديث ، وأخرى للقرآن ، ففي عهد الظاهر بيبرس ، أنشأ الأمير شرف الدين عيسى ابن بدر الدين الهكاري ، دارًا للحديث سنة 666هـ ، هذا بالإضافة إلى دار حديث كانت في المدرسة التنكزية .
    وفي عهد حسن بن محمد بن قلاوون ، أنشئت دار للقرآن سنة 761هـ ، وقد وقفها سراج الدين عمر بن أبي بكر السلامي ، فنسبت إليه .
    وعني سلاطين المماليك عناية خاصة بالمسجد الأقصى ، والصخرة الشريفة ، فقد عمل الظاهر بيبرس على تسيير أموره العمرانية والفكرية .
    وكذلك المنصور قلاوون ، والملك كتبغا زين الدين المنصوري ، والملك الناصر محمد بن قلاوون ، والملك الأشرف شعبان بن حسن بن محمد بن قلاوون .
    ومن مظاهر هذه العناية ما فعله بعض سلاطين المماليك في مجال القراءات ، فالملك الأشرف برسباي ، وضع مصحفًا شريفًا بداخل الجامع تجاه المحراب ، بإزاء دكة المؤذنين في الصخرة ، ووقف عليه وقفًا ، وعين الشيخ شمس الدين محمد بن قَطْلُوبُغَا الرملي المقرئ للقراءة فيه ، وكان قارئًا مشهورًا في الحفظ وحسن الصوت .
    وصنع صنيعه الملك الظاهر جقمق ، والملك الأشرف إينال ، والملك الظاهر خشقدم .
    ولم يقتصر الأمر على إنشاء المدارس ، والعناية بالأقصى والصخرة فقد أنشئت الرباطات والزوايا والخوانق أيضًا ، وهي مؤسسات دينية وفكرية واجتماعية ، تؤدي دورها في مختلف هذه المجالات .
    ومن هذه الرباطات " رباط علاء الدين البصير" ، والرباط المنصوري، ورباط المارديني، التي كان لها دور اجتماعي تمثل في سد حاجات الفقراء الوافدين .
    ولم يكن الرباط مركزًا للمتصوفة فحسب ، فقد كان دارًا للإعداد للجهاد ، ومركزًا للعلم ، ومركزًا للتعبد ، كما هو الحال في "رباط الكرد" .
    ومن الزوايا التي أنشئت في بيت المقدس ، زاوية المصمودي أو زاوية المغاربة .
    وقد كانت الزوايا تتمتع بمركز ديني وعلمي واجتماعي ، فقد كانت مركزًا لاطعام الطعام ، وإيواء الوافدين ، وكانت تقام فيها الأذكار والأوراد والأدعية ، كما كانت تعقد فيها المجالس العلمية .
    وتتجلى أهمية الزوايا العلمية في عنايتها بالعلم من ناحية ، والتصوف _سلوكًا وعلمًا _من ناحية أخرى .
    ولم يكن التصوف هو الموضوع الوحيد الذي يُدَرّس فيها ، فقد كانت الزوايا تدرس موضوعات مختلفة مثل القراءات ، والتفسير ، والحديث، واللغة ، والأدب، والتوقيت ، والمنطق.
    ولا شك أن تدريس هذه الموضوعات يعكس لنا الدور الفكري الذي كانت الزوايا تقوم به .
    وبهذا يمكن القول: إن الزوايا كانت مراكزًا للتعبد من ناحية وللعلم من ناحية أخرى.
    ومن أبرز الزوايا : زاوية المغاربة، والزاوية الوفائية ، والزاوية البسطامية ، وزاوية الشيخ محمد القرمي وغيرها .
    وأما الخوانق ، فقد قامت بدورها في الحركة الفكرية أيضًا ، كما كانت تقوم بدور ديني واجتماعي ، وكانت مراكزَ عبادة وعلم كغيرها من المؤسسات الدينية الإسلامية .
    ومن هذه الخوانق في العصر المملوكي ، الخانقاه الفخرية ، وتنسب إلى واقفها القاضي فخر الدين أبي عبد الله محمد بن فضل الله .
    وخان الظاهر ، الذي عمره الظاهر بيبرس سنة 626هـ
    كانت بيت المقدس مشهورة بعلمائها ، في العصر المملوكي ، منهم : الشيخ تقي الدين القرقشندي ، والشيخ كمال الدين بن أبي شريف ، وأخوه برهان الدين بن أبي شريف ، وأبو العباس المقدسي ، والشيخ ماهر المصري ، والشيخ برهان الدين العجلوني وغيرهم .
    ولما زار ابن بطوطة بيت المقدس ، في العصر المملوكي سنة 726هـ ، وصفها بأنها كانت عامرة بالعلماء.
    كما كانت بيت المقدس مأوى العلماء في عهد الظاهر بيبرس والذي كان ممن يُعْنَون بالعلم وأهله ، كما كان يعنى بالتاريخ عناية خاصة.
    وكان الملك المؤيد شيخ المحمودي يحب مجالسة العلماء ، ويحسن إلى أهل العلم والفضل .
    وكان السلطان شيخ المحمودي يعقد مجلسًا في منزله لقراءة البخاري وكان يصرف الكثير من الذهب والفضة للقراء وغيرهم من العلماء .
    ومن عوامل الحركة الفكرية أيضًا وجود عدد من المكتبات في بيت المقدس ، ومنها مكتبة في المدرسة الفارسية ، وأخرى في المدرسة البلدية ، وثالثة في المدرسة الأسعردية .
    هذا بالإضافة إلى دار الكتب في المسجد الأقصى ، ودار كتب الخانقاه الفخرية ،ومن المتعارف عليه أن تكون خزانة كتب في كل مدرسة ، وفي كل مسجد ، وفي غيرهما من المراكز العلمية ، ويضاف إلى هذا كله ، المكتبات الخاصة في منازل العلماء ، ومنها مكتبة الشيخ برهان الدين بن جماعة ، خطيب الأقصى ، ومدرس الصلاحية .
    يتبين مما سبق أن الحركة الفكرية كانت نشطة متقدمة ، في العصر المملوكي ، ويعلل السيوطي هذا النشاط العلمي ، بالربط بين ذلك النشاط ، وبين إحياء الخلافة العباسية في القاهرة ، في عهد الظاهر بيبرس ، بعد سقوطها في بغداد على يد التتار .
    ويعلل بعضهم تشجيع سلاطين المماليك للعلماء بأنهم كانوا يحسون بأنهم غرباء عن البلاد وأهلها ، وأنهم بحاجة إلى دعامة يستندون إليها في حكمهم .
    ولم يقتصر الأمر على السلاطين ، في العناية بالأقصى وتشجيع الحركة الفكرية فيه ، فقد شارك في ذلك عدد من القضاة والعلماء ، وعملوا على تشجيع الاشتغال بالعلم في المسجد الأقصى .
    ومنهم : قاضي دمشق علاء الدين العسقلاني الحنبلي الذي عمل على تشجيع الاشتغال بالعلم في المسجد الأقصى ، و خص الحنابلة بعنايته .
    ومن الملاحظ أن المشتغلين بالعلم في بيت المقدس ، كانوا مقادسة ووافدين إلى بيت المقدس .
    ومن العلماء المقادسة ، الشيخ برهان الدين أبو اسحاق إبراهيم ابن أحمد العجلوني ثم المقدسي الشافعي.
    ومن العلماء من اشتغل بالعلم تبرعًا ، ومن ذلك ما ذُكر عن شيخ الإسلام شهاب الدين أبي العباس أحمد بن حسين بن أرسلان الرملي المقدسي الشافعي ، وهو من أشهر العلماء في بيت المقدس.
    ومما شجع على السير الدؤوب في الاشتغال بالعلم ، المكانة المرموقة التي كان العلماء يحظون بها لدى الخاصة والعامة ، من أمثال كمال الدين ابن أبي شريف ، وبرهان الدين الأنصاري ، ونجم الدين بن جماعة وغيرهم.
    وقام عدد ممن تولوا النيابة في القدس والخليل بدور له أثره في تشجيع الحركة الفكرية في بيت المقدس ، منهم الأمير حسام الدين أبو سعيد عثمان بن عبد الله المعظمي ، والأمير علاء الدين النجمي، والملك نجم الدين يوسف بن الملك الناصر داود بن الملك المعظم عيسى ، والأمير علم الدين أبو سعيد سنجر بن عبد الله الجاولي الشافعي ، والأمير علاء الدين علي بن نائب الصبيبية ناصر الدين محمد ، والأمير حسام الدين أبو محمد الحسن الشهير بالكشكلي .
    وشارك عدد من النظار في الحرم القدسي في الحركة الفكرية ، منهم : القاضي غرس الدين خليل بن أحمد بن محمدالسخاوي ، والقاضي شمس الدين محمد بن الصلاح الحموي الشافعي ، والقاضي أمين الدين عبد الرحمن بن محمد بن الديري المقدسي الحنفي .
    الفصل الثاني : التعليم : نظامه وطرقه:
    لقد كان المسجد الأقصى ، عبارةً عن معاهدَ علميةٍ أو كليات أو جامعة تعقد فيها الحلقات العلمية ، وتُدَرِّس العلومَ الشرعية ، وعلومَ اللغة العربية ، والتاريخَ ، وعلم الكلام ، والمنطق ، والعلوم الرياضية ، وغير ذلك من فنون العلم.
    إذ أنشئت مدارس :في العصرين الأيوبي والمملوكي ، بداخل المسجد الأقصى وحوله ، ومنها : المدرسة النحوية ، والمدرسة النصرية ، والمدرسة الفارسية ، بداخله .
    وأنشئت مدارس أخرى كثيرة مجاورة للسور من جهة الغرب ومنها : المدرسة التنكزية ، والمدرسة البلدية ، والمدرسة العثمانية ، والمدرسة الخاتونية ، والمدرسة الأرغونية ، والمدرسة المزهرية ، والمدرسة الجوهرية ، والمدرسة المنجكية وغيرها.
    وأنشئت مدارس أخرى تجاور السور من جهة الشمال ، ومنها المدرسة الجاولية ، والمدرسة الصبيبية والمدرسة الأسعردية ، والمدرسة الملكية ، والمدرسة الفارسية ، والمدرسة الأمينية ، والمدرسة الدويدارية ، والمدرسة الباسطية ، والمدرسة الكريمية ، والمدرسة الغادرية ، والمدرسة الطولونية ، والمدرسة الفنرية ، والمدرسة الحسنية .
    وأنشئت مدارس أخرى قريبة من المسجد ، ولكنها تقع خارج السور من جهة الشمال أو من جهة الغرب ، ومن أشهر المدارس الواقعة جهة الشمال :
    المدرسة الصلاحية ، والمدرسة المعظمية ، وغيرهما .
    ومن أشهر المدارس الواقعة جهة الغرب : المدرسة الأفضلية ، ودار الحديث ، ودار القرآن ،وغيرها.
    وهناك مدارس أخرى غير قريبة من المسجد الأقصى ، ومنها المدرسة الجراحية وغيرها.
    وكانت المدارس التي أشرنا إليها تدرس العلوم المختلفة ، ولكنها كانت أقرب إلى التخصص.
    وكان نظام التدريس يقوم على الحلقات العلمية ، وكانت الحلقات تتعدد في المسجد الواحد ، فقد كان لكل شيخ من الشيوخ ، حلقةٌ حول كل عمود من أعمدة المسجد ، وكانت هذه الحلقات تعقد خلال أيام الأسبوع في أيام معتادة.
    ولم يقتصر الأمر على الحلقات ، فقد كانت إلى جانبها المجالس العلمية والأدبية التي كانت تعقد في المسجد الأقصى ، في عهود العديد من السلاطين.منها المجلس العظيم الذي عقده صلاح الدين ، ومجالس الملك المعظم عيسى ، ومجلس الملك المؤيد شيخ المحمودي ، وغيرُهم.
    و كانت المجالس العلمية والأدبية مظهرًا بارزًا من مظاهر الحركة الفكرية.
    وقد تنوعت طرق التحصيل العلمي ووسائله : بين الحفظ والرواية والسماع والإملاء والقراءة والمناقشة والمناظرة وغيرها .
    ومن الملاحظ أن الحفظ كان أكثر شيوعًا في العلوم الشرعية ، وعلوم اللغة العربية ، والحفظ كان يسبقه تصحيح المحفوظ ، ثم يعقبه شرحه .
    وشاع نظام الحصول على الإجازات العلمية بكتاب معين أو بأكثر من كتاب ، أو موضوع معين ، أو في الإفتاء والتدريس .
    ولم يكتف طالبو العلم بقراءة الكتاب مرة واحدة ، أو دراسة الكتاب على شيخ واحد .
    وكان طالبو العلم يهتمون بالأخذ المباشر عن الشيوخ ، وأكثروا من الرحلة في سبيل العلم ، والسماع من أشهر العلماء مباشرة .
    وكان طالبو العلم يَلْقَوْنَ رعاية بالغة ، فيؤمن لهم المأكل والملبس والمسكن ، وكل المتطلبات الضرورية التي تساعدهم في طريقهم العلمي.
    ولا شك أن تلك الرحلات العلمية تمثل صورة لمعالم الوحدة الثقافية في بلدان العالم الإسلامي ، ولم يكن طالب العلم يجد عائقًا في سبيل طلب العلم في أي بلد من بلدان العالم الإسلامي .
    وقد اهتم العلماء بالمناظرة فيما بينهم ، ووضعوا كتبا فيها مثل كتاب اللباب المنتخل في الجدل لأبي حامد الغزالي ، وكتاب منتهى السول في علم الأصول لسيف الدين الآمدي وغيرِهما .
    وكان يوجد كُتاب وكتاتيب تتبع للمسجد الأقصى ، فقد ذُكِر أن عددا من المدرسين كانوا يُقْرِئون الأطفال بالمسجد الأقصى ، ومنهم الشيخ زين الدين عمر بن إسماعيل الحنبلي، والفقيه علاء الدين علي بن عبد الله الغزي المعروف بابن قاموا ، وشمس الدين محمد بن عيسى الشهير بأخي زرع ، والفقيه شمس الدين محمد بن غضية المقرئ الحنفي ، والشيخ الإمام المحدث شمس الدين محمد بن أحمد القلقيلي ، والشيخ شهاب الدين أحمد بن عمر الخليلي الشافعي الشهير بابن المؤقت .
    ويبين ابن جماعة أن الغاية من التعليم تتمثل في أن يقصد المدرس بتعليمهم وتهذيبهم وجه الله تعالى ونشر العلم وإحياء الشرع .

    الفصل الثالث : العلوم الشرعية في ظل المسجد الأقصى :
    شمل التدريس في المسجد الأقصى العلومَ الدينية والعلوم الدنيوية ، ومن الجدير بالملاحظة أن الاهتمام بتدريس العلوم الشرعية وما يتصل بها كان شائعًا أكثر من غيره ، فقد كثر المشتغلون بتلك العلوم ، من قراءات ، وحديث ، وتفسير ، وفقه، وغيرِها .
    القراءات :
    لقد نالت القراءات عناية كبيرة ، وأنشئت مراكز خاصة لتدريس القراءات السبع وغيرها .
    ومنها القبة التي بناها الملك المعظم عيسى بن الملك العادل الأيوبي والتي عهد بالتدريس فيها إلى الشيخ شمس الدين رزين البعلبكي ، ولم يقتصر التدريس في هذه القبة على القراءات فقد شمل علومَا أخرى وثيقة الصلة .
    ومنها الزاوية أو المدرسة النصرية أو الغزالية التي جددها الملك المعظم عيسى ، وقد وقف عليها عددًا من الكتب منها إصلاح المنطق لابن السكيت.
    ومن المراكز الأخرى مكتب باب الناظر ، وقد تولى الإقراء فيه أشهر مقرئي بيت المقدس من أمثال الفقيه علاء الدين الغزي .
    وظهر عدد من أشهر القراء في بيت المقدس _منهم إمام الأقصى زين الدين عبد الكريم بن داود بن أبي الوفاء الحسيني المقدسي الشافعي المقرئ_ وصنفوا مصنفاتٍ كثيرةً فيها ، وتعددت أمهات كتب القراءات التي عني المختصون بتدريسها ، ومنها الشاطبية ، والرائية ، والتيسير في القراءات السبع وغيرُها .
    وتصدر عدد من أشهر القراء لاقراء القرآن وتدريس القراءات ، في المسجد الأقصى ، وكانوا من العلماء المقادسة ، والعلماء الوافدين إلى بيت المقدس ، منهم شهاب الدين أحمد بن محمد بن مغيث الأندلسي ، إمام المالكية بالأقصى ، (و الأشرف برسباي ، والظاهر جقمق ، والأشرف إينال ، والظاهر خشقدم /سلاطين الملوك) ، و شمس الدين القباقبي الحلبي الأصل ، وابنه برهان الدين أبو إسحق إبراهيم ، ومنهم عثمان بن عبد الله بن عبد الرحمن أبو عمر الجبرتي .

    الحديث:
    كانت للحديث مشيخة في المسجد الأقصى ، وتعد هذه المشيخة بمثابة قسم علمي يعنى بالحديث الشريف ، وكان للمشيخة شيخ عالي الإسناد ، وقارئ للحديث ، وطلابٌ يشتغلون به ، هذا بالإضافة إلى المخصصات المالية .
    وقد تولى مشيخةَ الحديث هذه عددٌ من أشهر المحدثين في بيت المقدس ، منهم الشيخ خير الدين أبو الخير محمد ابن عبد الرحمن القلقشندي المقدسي .
    وكان المحدث شمس الدين القلقيلي قارئًا للحديث في بيت المقدس.
    ومن مدرسي الحديث المحدث قطب الدين الأنصاري الخزرجي ، والشيخ أمين الدين الجزري ، والإمام شرف الدين الأذرعي القدسي ، والحافظ الإمام صلاح الدين العلائي، وتقي الدين الحسيني الشافعي البدري المقدسي .
    وعني المُحِدِثون بتدريس أهم الكتب في الحديث ، مثل صحيح البخاري ، وصحيح مسلم، وباقي الكتب الستة ، وغير ذلك من كتب الحديث ، ومنح العلماء المحدثون الإجازات العلمية فيها ، أو في الموضوع بشكل عام .
    ولم يقتصر المحدثون على تدريس كتب الحديث تلك ، فقد درّسوا مصنفاتهم أو عددًا منها .
    التفسير :
    نال التفسير عناية كبيرة أيضًا ، فكانت له مشيخة خاصة مثل مشيخة الحديث ، وربما كانت المشيخة للحديث والتفسير معًا ، فيقال :مشيخة الحديث والتفسير .
    ودُرِّس التفسير في المسجد الأقصى ، وقد عني أهل التفسير بكتب عديدة في هذا المجال ، ومنها : كشاف الزمخشري ، وتفسير البيضاوي ، وتفسير الرازي ، وغير ذلك .
    هذا بالإضافة إلى تدريسهم مصنفاتهم .
    ولا شك أن التفسير قد تأثر باتجاهات المفسرين العلمية : لغوية أو فلسفية أو عقلية أو صوفية غير ذلك.
    وقد تعدد المعتنونبالتفسير في بيت المقدس من أمثال ابن النقيب المقدسي، وشهاب الدين الشافعي، وصلاح الدين العلائي المقدسي ، وشهاب الدين الرملي المقدسي ، وسعد الدين المقدسي الحنفي وغيرهم.
    الفقه:
    كان الفقه مادة تدرس في المسجد الأقصى أيضًا ، وقد تصدر فيه عدد من أشهر الفقهاء _ ومنهم الشيخ زين الدين المصري المقدسي الشافعي و شهاب الدين العميري، وسعد الدين الفارسي الحنفي_ فدرّسوا الفقه الشافعي ، والحنفي والمالكي والحنبلي .
    ودرّسوا عددًا من أمهات الكتب في المذاهب المختلفة ، ومنحوا الإجازات ، وقد شارك في هذا من تصدروا للتدريس في المسجد الأقصى من العلماء المقادسة ، والعلماء الوافدين إلى بيت المقدس .
    ومن الجدير بالإشارة أن العلماء الوافدين من المغاربة عنوا بالمذهب المالكي عناية خاصة .
    الفصل الرابع : علوم اللغة العربية في ظل المسجد الأقصى:
    لاقت علوم اللغة العربية عناية كبيرة ، ولم يقتصر الأمر على تدريسها ، فقد وضع العلماء والأدباء مصنفات كثيرة فيها ، وخصصت مدارس و مراكز علمية لتدريس النحو بخاصة ، مثل المدرسة النحوية في صحن الصخرة الشريفة ، وقبة الملك المعظم عيسى ، وغيرِهما .
    ولاشك أن صلة علوم اللغة العربية بالعلوم الشرعية ، قد دعت إلى الاهتمام الكبير بها .
    هذا بالإضافة إلى اهتمام كل أمة بلغتها وتراثها .
    وتبدو الصلة جلية بين علمي النحو والقراءات ،على سبيل المثال كان المقرئ الشيخ شهاب الدين أبو العباس بن جبارة المقدسي الحنبلي ، قارئًا ونحويًا وفقيهًا وأصوليًا ، وقد تصدر لاقراء القرآن والعربية، وصنف في كليهما ، وصنف في التفسير أيضًا .
    ولهذا وجدنا عددًا من المراكز العلمية قد خصصت لدراسة القراءات والنحو معًا مثل (قبة الملك المعظم عيسى ).
    ويبدو الاهتمام بالعربية واضحًا في دراسة العلوم الشرعية مثل التفسير(تفسير ابن النقيب، وتفسير الكشاف للزمخشري ، تفسير ابن جبارة المقدسي ) والحديث وغيرهما .
    وكان للعربية مشيخة تتوافر لها شروط المشيخات في المعاهد العلمية المشابهة ، فكان فيها نحوي يشتغل بالعربية (مثل :الشيخ شمس الدين أبو العزم الشافعي النحوي/والشيخ الإمام ابن جبارة المغربي المالكي/ والشيخ شهاب الدين أبو العباس العميري المقدسي الشافعي/والشيخ شمس الدين أبو الفضل المقدسي الشافعي/وقاضي القضاة تقي الدين بن رصاص الأنصاري المقدسي الحنفي)، وطلاب يدرسون العربية ، وخصصت لها تخصصات مالية ومعيشية .
    وعني العلماء بعدد من كتب العربية مثل الكتاب لسيبويه ، والإيضاح لأبي علي الفارسي ، وإصلاح المنطق لابن السكيت ، وملحة الإعراب للحريري ، وألفية ابن مالك ، والكافية والشافية لابن الحاجب.
    وقدم عدد من علماء العربية إلى بيت المقدس ، وشاركوا في الحركة الفكرية هناك ، ومنهم الفيروز أبادي ، وجمال الدين الشريشي المالكي النحوي ، وجمال الدين القفطي، وتقي الدين المصري النحوي، وبرهان الدين الحِكري المصري النحوي، ومحمد بن سليمان الحكري المقرئ، وصلاح الدين الصفدي ، وجمال الدين بن شيث وغيرهم.
    الأدب:
    عني الأدباء وغيرهم برواية الأدب القديم ، وشرح أمهاته ، ونقده ، فقد كانوا يقرأون الأشعار القديمة ، والمقامات والخطب ، ويتدارسونها، وكانوا يستكثرون من حفظ الأشعار القديمة .
    وكانوا يعنون بالمساجلات الأدبية ، ويتناشدون الأشعار ، وكان الشعراء ينشدون الأشعار ، في المدائح النبوية ، في المسجد الأقصى .
    ومن اللافت للنظر أن القدامى لم يشيروا إلى ما درسوه من أشعار ، أو دواوين شعرية ، أو مختارات أدبية ، إلا قليلاً .
    وعلى الرغم من هذا ، فإن اهتمام الأدباء في العصر الأيوبي والمملوكي بعامة ، ومنهم الأدباء في بيت المقدس ، كان منصبًا على عدد من الدواوين الشعرية ، والقصائد ، والمقامات ، والخطب.
    إن التأثر بأبي الطيب المتنبي كان ظاهرة شبه عامة ، انعكست في شعر الكثير من شعراء هذين العصرين ، وبخاصة في شعر الجهاد .
    ويتمثل ذلك واضحًا في الأشعار التي قيلت حول بيت المقدس ، وهي ما تسمى بالقدسيات ، ومثل هذا يقال عن شعر أبي تمام الحربي .
    لقد كان الاهتمام بديوان أبي الطيب المتنبي كبيرًا ، ويتضح ذلك الاهتمام في الشروح الكثيرة للديوان، فقد ذُكر أن شروحه زادت على أربعين شرحًا ، كما يتضح في التأثر بالمتنبي ، أو معارضة قصائده أو غير ذلك .
    ومن كتب الشعر التي نالت اهتمامًا أيضًا ، دواوين الحماسة بعامة ، وديوان حماسة أبي تمام بخاصة ، فقد أقبل الأدباء على حماسة أبي تمام ، وشاعت بينهم ، وشرحها العديد منهم ، ونهجوا نهجها .
    ومن الجدير بالقول إن الحماسة البصرية لمصنفها صدر الدين علي بن أبي الفرج البصري ، صنفت في العصر الأيوبي ، وكان ذلك في عهد الملك الناصر أمير حلب ، وقدمها إليه سنة 647هـ.
    إن الاهتمام بديوان أبي تمام وأبي الطيب ، وديوان الحماسة ، أمر طبيعي في عصرين تعرض فيهما العالم الإسلامي لغزو صليبي ، وغزو مغولي ، ومن مظاهر الاهتمام بالشعر في حماسة أبي تمام ، أن الأدباء كانوا يعنون بحل المنظوم فيها ، ومن ذلك ما صنعه القاضي الفاضل عندما توجه إلى مصر طالبًا العلم ، فقد ذُكر أن موفق الدين بن الخلال سأل القاضي الفاضل عما يحفظ ، فأجابه بأنه يحفظ القرآن والحماسة ، فطلب منه الخلال ، رئيس ديوان الإنشاء بمصر ، أن يحل ديوان الحماسة .
    ومثل هذا ما صنعه ابن غانم المقدسي ، الذي عمل لابنه منظومة في العربية سماها "العقد" ثم شرحها وحلها في كتاب سماه "الدر اليتيم في حل العقد النظيم " .
    وعني الشعراء بالمديح النبوي ، وتبدو هذه العناية جلية في أشعارهم ، وفي اهتمامهم بقصائد مشهورةٍ في المديح النبوي مثل قصيدة كعب بن زهير " بانت سعاد" (عارضها شرف الدين القلقشندي المقدسي/وخمسها شمس الدين القباقبي الحلبي ثم المقدسي الشافعي ) وقصيدة البردة للبوصيري (خمسها شمس الدين القباقبي الحلبي ثم المقدسي الشافعي / وخمسها غرس الدين خليل بن شاهين الظاهري ) .
    ومن الجدير بالإشارة أن الشعراء قالوا شعرًا في الزهد والتصوف ، والمديح ، والرثاء ، والشكوى، والحنين ، والغزل .
    كما قالوا شعرًا اجتماعيا ، وأنشأ الأدباء الخطب والرسائل والمصنفات .
    ومن الكتب الأدبية الأخرى التي حظيت بعناية كبيرة ، مقامات الحريري ، فقد اعتنى بها الأدباء ، وشرحوها شروحًا كثيرة تقارب أربعين شرحًا ، وحفظها الكثير منهم ، وكانوا يعجبون بها إعجابًا شديدًا، فعارضوها .
    و" طبق استعمالها آفاقَ الأرض" كما يقول شارحها الشريشي ، وذكر ضياء الدين بن الأثير أنها وخطب ابن نباتة " كانتا عكازي أهل الزمان من متعاطي صناعة الإنشاء " .
    وذكر ياقوت أن مقامات الحريري " رزقت من الشهرة ...ما استحقت أو أكثر".
    وممن درسوا مقامات الحريري وحفظوها ، الشيخ غرس الدين الخليلي الشهير بابن قازان ، فقد ذُكر أنه كان يحفظ معظم مقامات الحريري .
    ومن الكتب الأدبية التي نالت عناية كبيرة أيضًا ، ديوان خطب ابن نباتة ، وكانت هذه الخطب ومقامات الحريري من أهم ما يَعْتمد عليه متعاطو صناعة الإنشاء كما يقول ابن الأثير، ويبدو الاهتمام بها جليًا في كثرة شروحها ومن شروحها شرح تاج الدين الكندي.
    لقد كان التأثر بخطب ابن نباتة كبيرًا ، وبخاصة تلك الخطب التي وضعها في الجهاد ، وكان ابن الزكي متاثرًا بابن نباتة ، وذلك واضح في الخطبة الأولى التي ألقاها في المسجد الأقصى سنة 583هـ عند تحريره من الغزاة الصليبيين .
    ومن الممكن القول بأن ديوان خطب ابن نباتة كان نموذجًا نهج الخطباء نهجه.
    البلاغة والعروض:
    من الطبيعي أن ينال هذا العلم اهتمامًا كبيرًا فقد قامت البلاغة في خدمة القرآن الكريم لتبيين إعجازه.
    ومما يجدر الحديث عنه في هذا الصدد ، قدوم بعض العلماء الذين كان لهم أثر بين في البلاغة ، ومنهم القاضي جمال الدين ابن شيث ، فقد ذُكِر أنه ولي الديوان في بيت المقدس .
    وقد وضع ابن شيث كتابًا في فن الإنشاء وقوانينِه ، وهو كتاب معالم الكتابة ومغانم الإصابة .
    وقد شارك ابن شيث في المجالس العلمية التي كان الملك المعظم عيسى يعقدها ، ومنها مجالسُه التي كان يعقدها في بيت المقدس.
    ومن الجدير بالذكر أن العلماء الذين كانوا يدرسون البلاغة عنوا بعدد من الكتب البلاغية ، ومنها : كتاب تلخيص المفتاح في المعاني والبيان للخطيب القزويني ، ولا يقتصر هذا الكتاب على علمي المعاني والبيان ، فإنه يتحدث عن علم البديع أيضًا .
    وقد لقي هذا الكتاب عناية كبيرة ، فأقبل العلماء على درسه وحفظه ، وشرحوه شروحًا كثيرة ، ومن تلك الشروح المطول للعلامة سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني ، وقد عني عدد من العلماء في بيت المقدس بالتلخيص والمطول فدرسوهما ونظموهما وشرحوهما ، ووضعوا عليهما الحواشي .
    وشاع النظم التعليمي ، وذلك لتسهيل حفظ الكتب على طالبي العلم ، ويقال مثل هذا عن الشروح أيضًا ، فلا شك أن غرضها كان تعليميًا في الغالب .
    ومن تلك الشروح والحواشي ما وضعه عز الدين بن جماعة ، فقد ذكر أنه وضع ثلاث حواش على المطول سماها " المبين والمفصل" ، ولخص عز الدين المفتاح أيضًا ، ووضع حاشية على كتاب "تلخيص المفتاح " وحاشية أخرى على عروس الأفراح .
    ويرجح أ.د.عبد الجليل المهدي أن عددًا من العلماء في بيت المقدس درَّسوا ما صنفوه من كتب في البلاغة ، ومن ذلك كتاب " مصباح الزمان في المعاني والبيان " لمحمد بن محمد الأسدي المقدسي، وكتاب " بديع المعاني في علم البيان والمعاني " لعز الدين البغدادي المقدسي الحنبلي ، وكتاب"ألفية المعاني والبيان " لبرهان الدين القباقبي الحلبي المقدسي الشافعي .
    هذا بالإضافة إلى شرحي الكتابين الأول والثالث ، فقد شرح الأسدي كتاب المصباح ، وشرح القباقبي الألفية ، وغير ذلك من الكتب والشروح .
    وفي العروض والقافية ، نجد أن العلماء في العصرين الأيوبي والمملوكي ، عنوا بهما عناية جلية ، وذلك واضح في المصنفات التي صنفوها في هذا المجال ، ومن ذلك ما صنفه ابن الحاجب ، وابن مالك ، وابن القطاع الصقلي ، وغيرُهم .
    وكان الأدباء بعامة والشعراء بخاصة يعنون بالموضوع ، ومن ذلك ما ذكر عن اهتمام ابن واصل الحموي ، شيخ المدرسة الصلاحية في بيت المقدس ، بعروض ابن الحاجب ، فقد شرح ابن واصل ما صنفه ابن الحاجب المذكور .
    وكان شيخ الإسلام شمس الدين الحصكفي المقدسي الشافعي ، معتنيًا بالعروض والقوافي ، فقد درسهما في حصن كبفا ، وأخذهما عن عدد من العلماء في بلده .
    أما برهان الدين الجعبري فقد صنف كتابًا في العروض سماه " السبيل الأحمد إلى علم الخليل بن أحمد".
    الفصل الخامس : علم التاريخ في ظل المسجد الأقصى :
    عني المؤرخون عناية كبيرة بتاريخ بيت المقدس ، وصنفوا مصنفات عديدة في تاريخه وفضائله ، وأقرأوها في المسجد الأقصى ، فسمعها طالبو العلم من مصنيفها أو من غيرهم .
    ومن هذه الكتب :
    "فضائل بيت المقدس والشام" للشيخ أبي المعالي المشرِّف المقدسي ، و"الجامع المستقصي في فضائل المسجد الأقصى " للحافظ أبي القاسم ابن عساكر ، و"الأنس في فضائل القدس" للقاضي الإمام العالم أمين الدين أحمد ابن عساكر الشافعي، و"فضائل القدس " لأبي الفرج ابن الجوزي ، و"مثير الغرام إلى زيارة القدس والشام " لابن هلال المقدسي ، و"الروض المغرس في فضائل بيت المقدس" لتاج الدين الحسيني الشافعي الدمشقي ، و"اتحاف الأخصا في فضائل المسجد الأقصى " لشمس الدين السيوطي وغيرها.
    وقدم إلى بيت المقدس ، عدد من مشهوري المؤرخين ، ومنهم بهاء الدين بن شداد ، وابن واصل الحموي ، وكمال الدين بن العديم ، وابن حجر العسقلاني ، وجمال الدين القفطي ، والسخاوي ، وابن الشحنة الحلبي وغيرهم ، من الذين سمعوا في بيت المقدس ، وشاركوا في الحركة الفكرية أيضًا ، وكانت مشاركتهم فعالة وتمثلت في التدريس وغيره.


    الفصل السادس : العلوم العقلية في ظل المسجد الأقصى :
    العلوم الرياضية :
    حظيت العلوم العملية في ظل المسجد الأقصى بعناية واضحة ، ومنها الحساب والجبر والمقابلة .
    وتصدر عدد من العلماء لتدريس العلوم الرياضية ، وشارك في ذلك العلماء المقادسة من أمثال : ابن شرف المقدسي ،وشمس الدين الصفدي، والشيخ علاء الدين الخليلي المقدسي الشافعي ، والعلماء الوافدين إلى بيت المقدس من أمثال شهاب الدين بن الهائم ، وابن جبارة المغربي المالكي، وشمس الدين الحصكفي.
    وصنفت مصنفات عديدة في العلوم الرياضية مثل :"المعونة في الحساب "، و"اللمع في الحساب" و" المقنع في الجبر والمقابلة" وغيرها.
    ولاشك أن مصنفيها ، من العلماء في بيت المقدس ، كانوا يدرسونها كما يدرسون غيرها.
    الميقات:
    تخصص عدد من العلماء بالتوقيت ، وباشروه في المسجد الأقصى ، وأتقنوه ، وتفوقوا فيه ، منهم : شمس الدين المقدسي ،وابن البرهان الخليلي ثم المقدسي الشافعي ، وشمس الدين بن الفقاعي، وشمس الدين التميمي .
    وقد قام المشتغلون بالميقات بدور ملموس في الحركة الفكرية .
    العلوم العقلية النظرية:
    لم تنل العلوم العقلية النظرية عناية مثل تلك العناية التي نالتها العلوم الأخرى .
    ويمكن القول بأن عددًا من العلماء عنوا بموضوعات تخدم العلوم الشرعية مثل المنطق ، وعلم الكلام وغيرِهما .
    فقد شعر العلماء بأن هذين العلمين من مستلزمات العلماء الثقافية ، ويحتاجون إليهما في دراساتهم .
    وشارك عدد من العلماء الوافدين إلى بيت المقدس مشاركة ملموسة في هذا المجال ، ومنهم : سراج الدين الرومي ، وشمس الدين الحصكفي ، وغيرُهما ، فقد كانا من المهتمين بالمعقولات اهتمامًا بالغًا.
    التصوف:
    ومن العلوم الأخرى التي لاقت عناية كبيرة ، علم التصوف ، وقد شاع التصوف شيوعًا كبيرًا، فقد شجع الملوك والسلاطين المتصوفة ، وعملوا على انتشار التصوف ، وأنشأوا الخوانق ، والزوايا ، والرباطات ووقفوا عليها أوقافًا كثيرة، للوقوف في وجه المذهب الإسماعيلي ، والعمل على نشر الثقافة الإسلامية السنية ، والحث على الجهاد .
    ولم يقتصر التصوف على كونه سلوكًا ، وكان التصوف موضوعًا للدراسة ، وقد عني أبوحامد الغزالي في هذا المجال ، وبخاصة في كتابه إحياء علوم الدين ، وكذلك السهروردي في بعض كتبه مثل كتاب العوارف .
    وأبو بكر الشيباني الموصلي ثم الدمشقي الشافعي، والطولوني شيخ المدرسة الطولونية ، وابن أبي الوفا، وسراج الدين المقدسي الحنفي، وشهاب الدين أحمد بن أرسلان الإمام العالم العارف بالله.
    وأقرأ بعض العلماء الوافدين المغاربة ، بعض كتب ابن عربي(خليفة بن مسعود المغربي الجابري المالكي، وابن التائب، وابن عثمان الخليلي) ، ووقف علماء آخرون ينكرون قراءة ابن عربي ، ويحطون من شأنه(مثل سراج الدين الرومي ، ويوسف الصفدي، وزين الدين الحافي) .
    ومن أبرز مدارس التصوف الموجودة في الأقصى: المدرسة الدويدارية ، والمدرسة الباسطية.
    الفصل السابع : دور الخطباء والأئمة والوعاظ وشيوخ الحرم القدسي في الحركة الفكرية:
    قام الخطباء ، والأئمة ، والوعاظ ، وشيوخ الحرم القدسي بدور فعال في الحركة الفكرية ، إذ شاركوا في التدريس ، والإفتاء ، والقضاء ، وحدّثوا ، واشتغلوا بالخطابة والإمامة والوعظ ، وغير ذلك.
    وكان يتولى الخطابة بالمسجد الأقصى عدد من العلماء ذوي المكانة العلمية المرموقة ، وكان الخطيب يعين بمرسوم خاص يصدره السلطان.
    وقد خصصت بالمسجد الأقصى دار للخطابة ، وإن دلَّ هذا على أمر فإنما يدل على الأهمية الكبيرة التي كانوا يولونها للخطابة آنذاك .
    وكان الخطباء بالمسجد الأقصى مقادسة أو وافدين ، وكانوا يتولونها استقلالا ، أو نيابة ، أو مشاركة.
    وتنوعت الخطابة بين الخطب الدينية(خطب أيام الجمع وخطب الجهاد :مثل خطبة القاضي محيي الدين أبي المعالي محمد بن علي بن محمد القرشي وهو أول خطيب خطب بالأقصى بعد تحريره من الفرنج) ، والخطب الأدبية ، والخطب التدريسية ، وخطب المناسبة (كان العلماء يستهلون بها مجالسهم العلمية) ، وخطب الاستسقاء ، وغيرُها.
    ومن أبرز الذين تولوا الخطابة بالمسجد الأقصى وكان لهم دور فاعل في الحركة الفكرية، أبو الحسن علي بن محمد المالقي المالكي أول من عُين للخطابة بالمسجد الأقصى / وشهاب الدين النابلسي المقدسي الشافعي/وقطب الدين الزهري الصوفي النابلسي المقدسي الشافعي/ وقاضي القضاة الشيخ الإمام بدر الدين الأنصاري الدمشقي الشافعي/ وقاضي القضاة عماد الدين النابلسي الشافعي/ وزين عبد الرحيم بن جماعة الكناني/ وقاضي القضاة برهان الدين أبو اسحاق/ ونجم الدين ابن جماعة/ وعماد الدين إسماعيل الحلبي الشافعي/ وعماد الدين أبو عيسى أحمد العامري الأزرقي الكركي الشافعي .
    ومن اللافت للنظر ، أن انحرافًا حدث، وتمثل في تولي الخطابة خطباء قد لا يكونون جديرين بها ، فقد ذَكَر مجير الدين الحنبلي أن قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن غانم المقدسي النابلسي ، وليها بمال بذله في سنة 801هـ.
    دور الأئمة:
    رتب في المسجد الأقصى أربعة من الأئمة ، وهم إمام الشافعية(منهم قاضي القضاة جمال الدين ابن جماعة الكناني الحموي الأصل المقدسي الشافعي، والشيخ شمس الدين القرمي الشافعي، والشيخ كريم الدين بن أبي الوفا الحسيني المقدسي البدري) ، وإمام الحنفية(منهم:الشيخ العلامة سعد الدين الفارسي الحنفي، وقاضي القضاة الإمام خير الدين الغزي الأصل ثم المقدسي الحنفي) ، وإمام المالكية(منهم شهاب الدين أبو العباس الأندلسي المالكي وابن مغيث، والشيخ خليفة بن مسعود المغربي الجابري المالكي(من اللافت أن الشيخ خليفة كان يقرئ كلام ابن عربي ، على الرغم من الموقف العام منه آنذاك) ، وإمام الحنابلة ، وذلك إلى جانب أئمة آخرين .
    ولم يقتصر دور الأئمة بالمسجد الأقصى على الإمامة في الصلاة ، ولكنهم شاركوا في الحركة الفكرية مشاركة فعالة ، فقد اشتغلوا بالعلم ، وتصدر بعضهم للتدريس بالمسجد الأقصى ، وتولى بعضهم المشيخة أو التدريس بالمدرسة الصلاحية .
    وقام أولئك الأئمة بتدريس الموضوعات المختلفة .
    دور الوعاظ:
    وكان الوعاظ من أشهر العلماء في بيت المقدس ، مثل أبي العباس المقدسي ، وكانوا يعقدون مجالس خاصة في المسجد الأقصى ، ولم يقتصر دور هؤلاء على مجالس الوعظ ،فالمقدسي مثلًا شارك مشاركة فعالة في الحركة الفكرية ، في التدريس والتصنيف وغيرهما.
    وقد بدأ أثر الوعظ واضحًا في العصرين الأيوبي والمملوكي في بيت المقدس ، فقد ذُكر أن مجالس الوعظ عقدت للحث على الجهاد ، أو لنقد بعض حكام المسلمين الذين قصّروا في الحرب أو تساهلوا مع الفرنج ، ومن ذلك مجلس عقده سبط بن الجوزي ، وندد فيه بالملك الكامل الأيوبي لتنازله عن بيت المقدس وتسليمه للصليبيين سنة 626هـ ، وفي مجلس للوعظ رُثيِت القدس بعد التنازل عنها، وغالبًا ما كان الوعظ يجري في المسجد ، وقد يكون في ميدان القتال .
    ومن أبرز الذين عقدوا مجالس للوعظ (ابن الزكي، وابن نجية، وابن الناصح الحنبلي، والشيخ الإمام العالم زين الدين الرهاوي الحلبي ثم المقدسي الشافعي ، وقاضي القضاة عز الدين البغدادي ثم المقدسي الحنبلي المعروف بالعز المقدسي البغدادي ، والحافظ العلامة شيخ الإسلام شهاب الدين أحمد الكناني المقدسي الشافعي المعروف بأبي العباس المقدسي، والشيخ العلامة الفقيه علاء الدين المقدسي الشافعي القادري، والحافظ العلامة شهاب الدين العميري الشافعي ، والشيخ شهاب الدين الرومي ).
    ولم يقتصر الوعظ على الرجال ، فقد شاركت فيه النساء أيضًا ، ومن النساء اللواتي وعظن في بيت المقدس ، بيرم ابنة أحمد بن محمد الماكية .

    دور شيوخ الحرم القدسي :
    تولى مشيخة الحرم القدسي عدد من كبار العلماء الذين كان لهم دورهم في الحركة الفكرية في بيت المقدس ، ومن أولئك العلماء من قدم إلى بيت المقدس.
    مثل : جمال الدين أبي بكر الوائلي البكري الأندلسي المعروف بالشريشي المالكي النحوي،وناصر الدين بن غانم المقدسي وأبناؤه : بدر الدين جمال الدين وناصر الدين.
    وقد شارك شيوخ الحرم مشاركة فعالة في الحركة الفكرية ، فقد كانوا يشتغلون بالتدريس ، ويحثون ويمنحون الإجازات العلمية ، هذا بالإضافة إلى مشاركتهم في تيسير شؤون الحياة العامة في بيت المقدس.
    الدور السياسي والاجتماعي:
    يضاف إلى أدوار العلماء في المسجد الأقصى ،الدور السياسي والاجتماعي الذي قاموا به ، فقد وقفوا في وجه من اقترف الظلم والسوء من نواب السلطنة(مثل: وقوفهم للنظر في أمر نائب القدس خضر بك ومظالمه، ومثله النائب دقماق) ، وعقدوا المجالس في المسجد الأقصى لهذا الغرض ، وعملوا على المحافظة على حقوق الناس ، ولم يكن يتولى هذه الوظائف إلا أشهر العلماء.
    الفصل الثامن دار كتب المسجد الأقصى :
    كانت مدينة بيت المقدس عامرة بخزائن الكتب في الأقصى والمدارس والزوايا والخوانق وغيرها، هذا بالإضافة إلى المكتبات الخاصة ، وهي كثيرة أيضًا .
    ومما يؤيد هذا ما ذكر عن المدرسة الفارسية، والمدرسة البلدية ، والمدرسة الأسعردية، وغيرِها فقد كان في كل منها خزانة كتب .
    وكانت في الخانقاة الفخرية دار كتب كبيرة ، وكانت تلك الدار تحتل قسمًا من الخانقاة المجاورة لجامع المغاربة ، وكان بابها من داخل المسجد الأقصى، وقد ذكر أن هذه المكتبة كانت غنية بالمخطوطات الدينية والفلكية ، وكان عدد الكتب فيها يقدر بنحو عشرة آلاف مجلد.
    ومن المكتبات التي كانت موجودة في ساحة الحرم الشريف مكتبة آل البديري ، وقد كانت تلك المكتبة غنية بالمخطوطات الكثيرة، ومكتبة آل قطينة التي ذُكر أن فيها "مخطوطات نفيسة في الرياضيات والفلك والتنجيم " و"بعض المخطوطات التاريخية" .
    ومن خزائن الكتب الخاصة خزانة كتب خطيب المسجد الأقصى، والمدرس في المدرسة الصلاحية قاضي القضاة شيخ الإسلام برهان الدين أبي إسحق إبراهيم بن عبد الرحيم الكناني الحموي ثم المقدسي الشافعي .
    وقد اقتنى برهان الدين " من الكتب النفيسة بخطوط مصنفيها ما لم يتهيأ لغيره" كما يقول ابن حجر العسقلاني.
    أما دار كتب المسجد الأقصى فقد وقف الكثير من العلماء والسلاطين كتبًا لها ، كما فعل صلاح الدين ، والملك المعظم عيسى ، والأشرف قايتباي ، وغيرُهم .
    لقد كانت دار كتب المسجد الأقصى مكتبة عامرة بالكثير من المصاحف والكتب والمخطوطات، وذُكر أنه كان في خزائنها ما يزيد على عشرة آلاف كتاب ، وألف مخطوطة نصفها مصاحف وربعات نفيسة.
    وقد أثريت تلك الدار عن طريق الوقف ، أو عن طريق شراء الكتب ، أو عن طريق نسخها(من أبرز النساخ: شمس الدين المقدسي، وتاج الدين المؤدب، وشهاب الدين الحلبي البسطامي، وقاضي القضاة الإمام خير الدين أبو الخير الغزي المقدسي الحنفي) ، ومن الجدير بالاشارة أن نسخ الكتب كان أمرًا شائعًا ، وقام النساخ بدور ملموس في هذا المجال .
    وامتلأت دار كتب المقدس بالكتب المتنوعة في كافة المجالات .
    ولكن تعرضت كتب تلك الدار في المسجد الأقصى للضياع"فمثلا تعرضت ربعة أبي الحسن المريني للضياع".

    المصدر : الحركة الفكرية في ظل المسجد الأقصى، عبد الجليل مهدي.


    إعداد: هدى محمد إبراهيم قزع
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
     
    الحركة الفكرية في ظل المسجد الأقصى
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    للنشر....ملتقى المصباح الثقافي :: فضاءات ..أدبية وثقافية :: ملتقى الكتاب والمبدعين-
    انتقل الى: