تقاطع ثقافات في صيف دمشق

مختارات المشاركات : 1292 . :

بعد توقف دام سبع سنين انطلقت من جديد فعاليات مهرجان «الأفلام العربية الفرنسية» بمبادرة من المركز الثقافي الفرنسي في كل من دمشق وحلب واللاذقية ما بين 3 و13 تموز (يوليو) الجاري، وشهدت يوميات المهرجان عرض خمسة عشر فيلما، معظمها تم إنتاجه خلال العام الفائت، ولم يسبق تقديمه في سوريا. القائمة المنتقاة شملت أفلاما سياسية وكوميدية وتاريخية ورومانسية، إضافة إلى تظاهرة خاصة بأفلام الراحل عمر أميرلاي.

المهرجان افتتح بالفيلم الفرنسي «بشر وآلهة» (120د/ إنتاج 2010)، إخراج كزافييه بوفوا، بطولة: لامبرت ويلسون، ميشيل لوندال، أوليفييه رابوردان، والفيلم مقتبس بتصرف من واقعة حقيقية تتعلق باختطاف «الرهبان السيتستيرسيون» في منطقة تيبحيرين/ الجزائر في العام 1996، حيث تدور الأحداث حول ثمانية رهبان مسيحيين فرنسيين يسكنون ديراً في أعالي جبال المغرب، ويتعايشون بود وانسجام مع السكان المسلمين. وحين تقوم جماعة سلفية بقتل العمال الكروات في المنطقة، ينتشر الرعب في أرجاء المكان، ويقترح الجيش حماية الرهبان وترحيلهم، لكنهم يقررون البقاء من دون حماية، فيتم اختطافهم وتصفيتهم، باستثناء راهب واحد تمكّن من الاختباء والهرب، وقام بتدوين مذكراته حول التجربة.
الصراع بين قوى وتيارات متناحرة في الماضي القريب أو الحاضر، شغل حيزا كبيرا من الموضوعات التي تناولتها الأفلام العربية الخمسة في إطار المهرجان، وإن اختلفت أساليب المعالجة والطرح. فالفيلم التونسي «ثلاثون» (111د/ 2007) إخراج الفاضل الجزيري، بطولة: طاهر عيسى وجوهر بسطي، فيلم تاريخي يعود إلى ثلاثينات القرن العشرين، ويتناول ثلاثة من رواد النهضة في تونس: طاهر حداد أحمد وأحد من المنادين الأوائل بحقوق الإنسان وتحرر المرأة، ومحمد علي الحامي مؤسس أول حركة نقابية، وأبو القاسم الشابي مجدد الشعر.
الفيلم المصري «احكي يا شهرزاد» (135د/ 2009) إخراج يسري نصر الله، بطولة سناء عكرود ونسرين أمين وسوسن بدر، عالج موضوع الصراع بين السلطة وقوى المعارضة عبر وسائل الإعلام المرئي والإعلاميين، في حين أن فيلم «ميكروفون» (120د/ 2010) إخراج أحمد عبد الله، بطولة خالد أبو النجا ومنّة الشلبي، وتناول تيارات الفن الحديثة في مصر: موسيقى الروك وأغاني الهيب هوب والرسم على جدران الأبنية.
في السياق إياه تطرق الفيلم اللبناني «بوسطة» (115د/ 2005) إخراج فيليب عرقتنجي، بطولة رودني حداد، نادين لبكي وندى أبو فرحات، تطرق إلى قضية تحديث التراث الموسيقي، من خلال مجموعة من الأصدقاء الفنانين يلتقون بعد غياب طويل، أما الفيلم المغربي «بُراق» (105د/ 2010)، إخراج محمد مفتكر، بطولة سعدية الأديب وإدريس روخ وأنس الباز، فقد تمحّور حول الصراع بين الطب النفسي الحديث والمعتقدات الغيبية، من خلال علاج فتاة تعتقد أنها حامل من البراق.
قائمة الإنتاجات المشتركة شملت أربعة أفلام، هي: «ميلودراما حبيبي» (98د/ فرنسا، لبنان 2008) إخراج هاني طمبا، بطولة باتريك شينيه وبييريت قطريب وجوليا قصّار وغابرييل يمين، «حيرة» (18د/ تونس، فرنسا 2010) إخراج نجوى الإمام سلامة، بطولة أنيسة داود وسوسن معالج، «حرائق» (123د/ كندا، فرنسا 2010) إخراج دوني فيلنوف، بطولة ريمي جيرار ولبنى الزبال وميليسا ديزورمو- بولان، وقد غلبت على هذه الأفلام القضايا الإنسانية العامة والطابع الاجتماعي أو الفني، حيث تناولت العلاقة بين الشرق والغرب من خلال شخصيات تنتمي إلى جذور مشتركة، أو تخضع إلى مؤثرات فكرية وفنية يتبادلها الطرفان.

المشاركة السورية
تمثلت المشاركة السورية بثلاثة أفلام روائية طويلة من إنتاج شركة «ريل فيلمز» الخاصة، وثلاثة أفلام تسجيلية من إنتاج القطاع العام، انضوت في إطار تظاهرة عمر أميرلاي، وهي: «الحياة اليومية في قرية سوريا» (85د/ 1974)، «محاولة عن سد الفرات» (12د/ 1970)، و»الدجاج» (40د/ 1977)، ورغم الحبكة الاجتماعية لهذه الأفلام، غير أن النزعة الانتقادية والخلفية السياسية كانت حاضرة بقوة في تضاعيفها.
تمحور فيلم «التجلي الأخير لغيلان الدمشقي» (110د/ 2009) تأليف وإخراج هيثم حقي، بطولة: فارس الحلو، كندة علوش وباسم ياخور، تمحّور الفيلم حول شخصية سامي الموظف في دائرة الصحة، الذي يعدّ أطروحة دكتوراه عن غيلان الدمشقي أحد مفكري المعتزلة، حيث تدور الأحداث وفق خطين متوازين: خط الحاضر الذي يمثّله الموظف بإخفاقاته اليومية في العمل والحب والعلاقات الاجتماعية، وخط الماضي الذي يشغله غيلان الدمشقي المفكر القائل بإعمال العقل وإحقاق العدل، وخازن بيت المال في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، الذي صادر أموال الأثرياء، وأعادها لبيت مال المسلمين، مما أثار عليه حقد هشام بن عبد الملك، فلما تولّى أقام عليه حد الحرابة، وأمر بقطع يديّه وساقيّه ولسانه وصلبه على أحد أبواب دمشق حتى فارق الحياة، ومن خلال هذين الخطين المتوازين تناول المخرج بجرأة عالية إشكالات العلاقة مابين الحاكم والمحكوم، والصراع ما بين سلطة العقل والنقل في قضايا الاجتهاد، وأزمات الجسد في المجتمع العربي.
ورغم رومانسية فيلم عبد اللطيف عبد الحميد «مطر أيلول» (87د/ 2010)، الذي يدور حول قصص حب ناعمة يعيشها أب (أيمن زيدان) وأبنائه، رغم ذلك ثمة موظف متنفّذ ومخبر (قاسم ملحو) يعترض حياة الأب مصادفة، ويقض مضجعه بالكوابيس، ليشير إلى واقع الفساد الإداري وخوف المواطن السوري من رجال الأمن.
فيلم نضال الدبس «روداج» (100د/ 2010) يقوم على حبكة بوليسية، ويعتمد تقنية الفلاش باك، حيث يدور حول عاشق (مهند قطيش) يفقد حبيبته (قمر خلف) بعد أن يتعرض لحادث سير، ويغيب عن الوعي أثناء لقاء غرامي سري جمع بينهما، فيبدأ بالبحث عنها وهو طريد من قبل الشرطة، ليقع تحت سطوة رجل غريب الأطوار (سلوم حداد) يعيش وحيدا في الصحراء، يحاول عزل العاشق والسيطرة عليه عن طريق الترهيب والتلاعب بحاجاته، سيما رغبته في معرفة مصير حبيبته المجهول، ليغدو الرجل مع تراكم المؤشرات صورة رمزية لطاغية يلهو بقمع وإذلال من هم تحت رحمته.

دمشق ـ تهامة الجندي
الكفاح العربي

تقاطع ثقافات في صيف دمشق

تقاطع ثقافات في صيف دمشق :: تعاليق

تقاطع ثقافات في صيف دمشق

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة