جرمـــانـــــــا
خلال خوض معارك الثورة ضد الاستعمار الفرنسي حيث تتزاحم الأحداث و يعمل الناس على صنع تاريخهم ، و في خضم هذه الأحداث كان لقرية صغيرة تقع جنوب شرقي دمشق على بعد لا يتجاوز الخمسة كيلو مترات من العاصمة دمشق دوراً بارزاً و مهما بسبب موقعها الاستراتيجي في مدخل سهل زراعي منبسطاً تماماً لا يزيد طوله عن عشرين ً و عرضه عن خمسة عشر كيلو متراً ، يتمتع بتربة من اخصب الترب و أكثرها قابلية للإنتاج الزراعي بأنواعه المتعددة على مدار السنة ،يروي هذا السهل المعطاء نهر بردى.
و قد ذكرها ابن بطوطة فقال :
جرمانا تتميز ببهاء محاسنها و جمال بساتينها و كثرة اجشارها و تنوع زراعتها . فيجب أن نتكلم عن هذه الحاضرة التي وصفها التاريخ بالعضمى .
موقع المنطقة و امتدادها : تقع مدينة جرمانا جنوب شرقي العاصمة دمشق و تبعد عنها حوالي أربعة كيلو مترات في قلب سهل زراعي ينفتح على الغوطة الشرقية و تمتد أراضيها بيت طريق الغوطة الشرقية من الشمال و طريق مطار دمشق الدولي في الجنوب و من الشرق تتصل بأراضي بلدة المليحة و تمتد غرباً لتتصل مع بساتين الشاغور و الميدان حيث اقيم مخيم جرمانا للاجئي فلسطين ، اراضي جرمانا التي يرويها نهر العقرباني أحد فروع نهر بردى تصلح لأنواع عديدة من الزراعات ، و تحتل بلدتنا – التي اصبحت مدينة الان) مكانة مرموقة بين بلدات الغوطة .
تبلغ مساحة مدينة جرمانا 5950 دونماً و مساحة مخططها التنظيمي 1150 دونماً في العام 2000 م . تشكل اراضي المنطقة جزءاً من السهل الرسوبي لغوطة دمشق و المؤلف من اللحقيات الرباعية لنهر بردى و المؤلف من الليماني و الرمال و الكونغلوميرا و تميل اراضيها ببطء نحو الجنوب الشرقي و يبلغ متوسط أرتفاعها عن سطح البحر حوالي 670 متراً ترتفع الحرارة صيفاً حتى تتجاوز 40ْ درجة أما في الشتاء فالمنطقة دافئة نسبياً تصل إلى 6ْ درجات و في الخريف و الربيع تكون معتدلة
لمحـــة تاريخية :
غوطة دمشق بسكانها و قراها و منها بلدة جرمانا ، قديمة قدم مدينة دمشق . فقد كانت الأرامية لغة سوريا القديمة و كانت السريانية التي ظهرت في القرن الثاني الميلادي لغة اهل الشام ، و كانت الرومية هي اللغة الرسمية في دواوين الدولة .
و قد دخلت اللغة العربية إلى دمشق و غوطتها قبل الفتح الإسلامي .... دخلت دمشق و غوطتها في ظل حكم العرب و تأصل الإسلام فيها و مع توالي القرون تبدلت اسماء القبائل و اسماء القرى و انتشرت المساجد و كان في وسط بلدة جرمانا مسجداً دمره و أحرقه الإحتلال الفرنسي خلال الثورة السورية و يدعى مكانه حتى ليوم ( تحت المئذنة).
قال الظاهري :
إن جرمانا من بين القرى في الغوطة التي كانت عامرة جداً في عهد المماليك . و يقول أحمد وصفي ذكريا : إن منطقة جرمانا تعود إلى ماقبل القرن العاشر الميلادي و يروى عن ابي طولون الصالحي إن سكان مدينة جرمانا من التيمنة ( سكان وادي التيم قضاء حاصبيا لبنان ) و إن احد لا يعرف كيف وصلوا إلى هذه المنطقة
في عهد الدولة الفاطمية اعتنق سكان هذه المنطقة مذهب التوحيد في عهد الوالي الفاطمي عبد الرحيم بن الياس و يقال أن هناك وثائق تحمل خاتم عبد الرحيم الياس تثبت ملكية بعض اهالي جرمانا لأراضيهم . لا تضم المنطقة اي معالم اثرية ، سوى مزار يدعى الخضر وسط البلدة و مزار يدعى سيد الناس ( أنس بن مالك ) و حمام كبير مايزال صالح للأستخدام ، و حديثاً أقيم مكان للإجتماعات العامة يدعى الموقف و يتسع حوالي ألفي رجل و قيد الإنشاء صالة متعددة الأغراض تسمى ( دار الحكمة ) .
السكان :
في نهاية 1999 بلغ عدد سكان جرمانا المسجلين في السجل المدني (20785) نسمة منهم (15517) نسمة سكان اصليون و (5268) نسمة هم اللذين نقلوا قيدهم المدني في المحافظات السورية إلى بلدة جرمانا و في عامنا هذا يبلغ عدد القاطنين في جرمانا أكثر من ستمئة الف نسمة فتصوروا هذه الزيادة الهائلة اما اذا تكلمنا عن عدد القاطنين في جرمانا و الوافدين اليها من مدينة السويداء في اواخر الخمسينات أكثر من مئة الف نسمة كما وفد اليها الكثير من سكان مدينة دمشق و قد ذكر ابن طولون الصالحي من مؤرخي القرن العاشر أنها كثيرة العدد و قد حدد سكانها بين ثلاثة و اربعة الاف نسمة و في تقديرنا ان عدد سكانها كان أكبر من عدد سكان القرى التي تجاورها منذ القدم.
لباس اهالي جرمانا
يتميز سكان جرمانا بلباسهم و عاداتهم عن الدمشقيين فقد كان عامتهم يربون شواربهم من الرجال ، بينما رجال الدين يربون شواربهم و يطلقون اللحى ، و لباسهم التقليدي مصنوع من الجوخ و هو الشروال و الصدرية و الجاكيت و العباءة و على الرأس طاقية أو الحطة البيضاء اما لباس النساء فهوة الصاية وهي تنورة طويلة مصنوعة من الحرير الأسود تلبس فوق ثوب داكن اللون و على رؤوسهم غطاء أبيض يتتدلى على ظهورهن يسمى ( الفوطة ) اي المنديل شارك اهالي البلدة بعضهم البعض في اغلب المناسبات و خاصة في الأتراح فعندما يسمع الأهالي مكبرات الصوت( الميكروفون) تعلن عن حالة وفاة شخص يتوافدون إلى الموقف ليؤازروا أهل الفقيد و خلال ايام اسبوع التعزية يحضر الأهالي إلى الموقف ليقدمو التعازي ، الرجال في موقف الرجال و النساء في موقف النساء و يقدم لأهالي الفقيد الولائم ( الصفر) طيلة ايام اسبوع التعزية .
اما في الأفراح يحضر المدعوون حفل الخطوبة أو الزفاف في صالة الأفراح او في دار عربية قديمة ذات فسحة سماوية كبيرة و قد تقدم الهداية العينية او المالية ( النقوط ) قبل العرس او بعده. السكن : تقسم البلدة إلى ثلاث اقسام:
القرية القديمة :
و هي ذات حارات ضيقة و منازل مبنية من الطين أو الخشب ( اللبن) و قد كان شكل المسكن القديم عبارة عن قاعتين و بينهما إيوان و أمامهما فسحة سماوية و يزرع على بعض اطرافها انواع من الورود و الزهور و الاشجار .
البلدة الحديثة :
شوارعها عريضة و منازلها مبنية من الأسمنت ترتفع الأبنية من ثلاث إلى طابق واحد و أحيائها ( الأس ، الوحدة ، التلاليح ، البيدر ، الجناين ، البلدية ، الروضة ،.......)
احياء التوسع :
احياء غير منتظمة ابنيتها تصل إلى خمسة طوابق مبنية من الأسمنت المسلح و من احيائها ( القريات ، النهضة ، كرم صمادي ، الحمصي ، تشرين ) النشاط البشري : يعمل قسم من سكان البلدة بالزراعة و تربية الحيوانات و يعمل القسم الثاني في الحرف الصناعية و الخدمات و يعمل قسم ثالث بالمعامل المجاورة و قسم رابع بالتجارة و قسم خامس بالبناء و من أبناء البلدة عدد كبير من الموظفين العاملين في البلدة و في مدينة دمشق
التعليم : مع بداية السبعينيات اصبحت جرمانا تجني ثمار العلم و المعرفة فقد اصبح بعض ابناءها اطباء و مهندسين و صيادلة و محامين و ضباطاً وطنيين في الجيش السوري و مدرسين في مدارس البلدة و غيرها . حيث ساهمت هذه الكوكبة المتميزة في احياء البلدة و تطور العلم و الوعي الصحي و الثقافة . كما تطور الفن التشكيلي في المدينة و الموسيقى و الغناء و اكتشفت هذه الموهب في على مقاعد الدراسة في المرحلة الأبتدائية و لكن ظروف المعيشة الصعبة حالت دون تطوير هذه المواهب, و تم الاكتفاء بممارسة الرسم أو الانصراف إلى الخط العربي و التخطيط كهواية مقبولة اجتماعياً .
و من اشهرهم :
الفنان مجيد كرباج ، حكمت ابو حمدان ، اسماعيل صفايا ، سهيل ابو حمدان ، وجيه القظماني ، أوليفيا معضاد ، أكرم وهبة ، حمزة ياغي ، نبيل ابو فخر ، ربيعة كرباج ، سراب الصفدي و حسن جمول أخيراً هكذا ننهي حديثنا عن هذه المدينة التي كانت مثالاً لكثير من المؤرخين و كانت حامية لكثير من الأبطال و قد قال عنها احسان جبر في قصيدته يا جارة الفيحاة انت العضمة و العظمى كليهما
موقع يتكلم عن جرمانا
[www.jaramana.com]