أثر الانتماء القبلي على قضية جنوب السودان سواء على صعيد العلاقات الداخلية بين قبائل الجنوب أو على صعيد العلاقات الخارجية مع دول الجوار التي توجد فيها امتدادت قبلية لمختلف قبائل الجنوب.
فعلى الصيعد الداخلي مثلا إن أي انشقاق أو انصهار تعرفه الحركة الشعبية لتحرير السودان غالبا ما يعكس تفاعل البنية الاجتماعية ومدى الترابط أو التنافر بين مكوناتها.
أما خارجيا فإن قبائل الجنوب السوداني لها امتداداتها في أوغندا وإثيوبيا وكينيا والكونغو، وهذا ما يفسر سهولة انسياب وتحرك الجيش الشعبي لتحرير السودان في حدود الدول المجاورة.
يضم جنوب السودان ثلاث مجموعات سلالية رئيسية هي: النيليون والنيليون الحاميون والمجموعة السودانية. ويأتي على رأس هذه السلالات من حيث العدد والنفوذ والقوة النيليون. ومن هذه السلالات انحدرت قبائل الجنوب السوداني مشكلة نسيجا اجتماعيا معقدا يحاول هذا التقرير الوقوف عند بعض بنياته.
أولا: النيليون
ينتمي إلى هذه المجموعة ثلاث قبائل تلعب دورا مهما في الجنوب السوداني وهي الدينكا والنوير والشلك. ويذهب علماء السلالات إلى أن هذه القبائل تنتهي إلى جد واحد.
قبيلة الدينكا
يقدر عدد الدينكا بنحو 3 ملايين نسمة، وهي كبرى المجموعات الإثنية في السودان الذي يضم حوالي 500 مجموعة إثنية غير الدينكا. وتعيش الدينكا في فضاء جغرافي يمتد من شمال مديريات الإقليم الجنوبي (بحر الغزال والنيل الأعلى) إلى جنوب كردفان (حول مجرى النيل) حيث يقع خط تماسهم مع قبائل البقارة.
ويعرف المركب الإثني والثقافي الذي تنتمي إليه الدينكا بمجموعة الشعوب الناطقة باللو والممتدة في أقاليم شرق أفريقيا (الذي يجمع قبائل الماساى بكينيا والتوتسي برواندا وبوروندى بل وبعض المجموعات البشرية بمالي والسنغال المشهورة بطول القامة وسواد البشرة الداكن).
ومن أهم بطون الدينكا النجوك وأبوك وأدوت والدينكا بور والنويك ملوال، وإلى عشيرة الدينكا بور ينتمي جون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان.
وكثيرا ما عبّر بعض مكونات الجنوب القبلية عن تذمرهم من سيطرة قبيلة الدينكا على جميع أمور الجنوب، ففي العام 1991 قاد بعض أبناء قبيلة النوير (رياك مشار وغيره) معززين بعناصر من الشلك تمردا ضد جون قرنق جسد خروجا على هيمنة الدينكا وانضموا إلى حكومة السودانية، إلا أن ذلك لم يمنع جون قرنق من السيطرة على حركة التمرد واستقطاب من تمردوا عليه وعودتهم مع خلال السنوات الأخيرة.
قبيلة النوير
يسكن النوير في فضاء جغرافي يقع أساسا في إقليم أعالي النيل أي مناطق السوباط والناصر وميورد وأيود ومحافظة اللير ويمتدون الي داخل حدود الحبشة. وتكثر المستنقعات في هذا الفضاء، وقد زاد ذلك من عزلة النوير ونزوعهم الاستقلالي والاعتزاز بالنفس كما زاد في صعوبة اختراق مناطقهم. ويمتاز النوير بأن لهم لهجة واحدة وأسلوبا في الحياة متشابها إلى حد بعيد.
ومن أبرز سياسيي النوير رياك مشار الذي شغل بداية التسعينيات نائب رئيس جمهورية السودان بعدما انشق عن جون قرنق وكذلك تعبان دينق وغيرهما.
قبيلة الشلك
هي أقل المجموعات الثلاثة تعدادا، وتعيش في شريط على الضفة الغربية للنيل الأبيض من كاكا في الشمال إلى بحيرة نو في الجنوب. وقبيلة الشلك ذات نظام سياسي مركزي تحت قيادة ملك أو سلطان يطلقون عليه لقب "الريث" ويجمع الريث بين السلطة الزمنية والسلطة الروحية في صبغة مشابهة للتقاليد المصرية الفرعونية القديمة.
ومن أبرز سياسيي الشلك لام أكول الذي انشق عام 1990 عن جون قرنق وأصبح وزيرا للنقل في حكومة البشير قبل أن يعود عام 2003 من جديد إلى صفوف الجيش الشعبي لتحرير السودان.
ثانيا: النيليون الحاميون
أطلق عليها هذا الاسم نظرا لاشتراكها مع المجموعة النيلية في كثير من السمات السلالية واللغوية وفي نمط الحياة الاقتصادية (الاعتماد على تربية الماشية خاصة البقر والاعتزاز بها). إلا أن هنالك فرقا بين المجموعتين خاصة لون بشرتهم الأقل سوادا من النيليين.
ومن أهم قبائل النيليين الحاميين: الباري والمنداري والتوبوسا والتوركاتا ويخضع أفرادها لسلطة سياسية قبلية جماعية.
ثالثا: المجموعة السودانية
ينتمي إلى هذه المجموعة قبائل الزاندي والموز والمادي والبون جو والقريش وعبارة المجموعة السودانية اصطلاح سلالي عرقي وليس اصطلاحا سياسيا، وتوجد قبائل هذه المجموعة في فضاء جغرافي يقع أساسا غرب النيل وقرب الحدود الجنوبية والجنوبية الغربية للسودان.
ويغلب على طبيعة الحياة الإنتاجية لهذه السلالة الزراعة وليس تربية الماشية بسبب انتشار ذبابة التسي تسي في أماكن وجودها. ومن أبرز قبائل هذه المجموعة الزاندي.
___________________
الجزيرة نت
المصادر:
1 - رؤية في أعمال فرانسيس دينج
2- قراءة جنوبية للتركيبة القبلية في السودان
3 - مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، الأهرام، موسوعة الشباب، التنوع البشري.
المصدر: الجزيرة