مريم ج زائر
| | عزف على الوتر الثامن /غريب عسقلاني | |
1 - من حكايات قاموس البحر
في باب قاموس البحر, وفي فصل العروس دون ابن الريح العارف بالله:'.. وعروس البحر سمكة أسطورية تسكن الخرافة, وقد كتب أحد الثقاة, أنها سمكة منقرضة لها جسد امرأة وذيل سمكة, تعيش بين البحر الأحمر والأبيض. أما العسقلاني إبراهيم, البحار الذي يركب موج الهواء, ويبحر بين برج الحمل وبرج الورد, وعاش على الأرض بين بيت لحم والناصرة, وسار وراء مريام المجدلية, يردد قول اليسوع: ' من كان منكم بلا خطيئة'حتى هشت له المجدلية ذات ليلة مقمرة وقالت: - لو انك عرفتني يا فتى قبل ان يرحمني المسيح, لأعطيتكَ لذة لم تذقها مع امرأة في حياتك. وقيل أن العسقلاني سار مع المجدلية أربعين عاما, فوهبته سر أميرة الماء, وتوجته أمام العاشقين, وأطلقته من معيتها ليبدأ البحث عن أميرة الماء, فأخذ يركب موج الهواء عند مفاصل تغير الفصول, حتى وصل يوما إلى ماء يفضي إلى بلدة صغيرة في بلاد تونس الخضراء, ووقف على رأس صياد يلقي بشبكته يبحث عن صيد بحر,سأله: - هل صادفتها يا صياد الماء؟- هل أنت أميرها؟ويقال أن الريح صمتت خاشعة, وأن السماء هطلت مطرا, وأن الأرض انشقت عن رضاب المنسي فحملها العسقلاني ومع الريح طار..ويقال أن الريح حملت في هذا الزمان احد أحفاد المنسي, وهو يقطع الرحلة بين غزة وتونس كل ليلة حاملا في خاصرته امرأة يقال أنها من أحفاد ألأميرة ؟
2 - خميرة الوجد
كانت تشاكسه, وتتسلى بتجهيز عجينة الحلوى التي تحب, وضعت العجينة في القالب وتركتها في الفرن , وتفرغت لمجادلته على بعد بحرين وصحراء وقت, قالت:- لن تذق حلوتي- لِمَ أنت بخيلة؟ من يحجب الحلوى كمن يحجب الصدقة!!- ما بيننا اكتشافات واجتياز صحارى وقفار!!وأخذت تبحر فيه من سؤال الى سؤال حتى يشارف الغرق.. لكنه كان يجتاز المسافات ويرشقها بابتسامة راقدة على شفتيه, وعند لحظة اجتياز ما سألها:- هل نضجت الحلوى؟- لم ينضج بعد.واحتارت فالعجينة شبعت من النار, ولم تطفو على وجه القالب.. لم يشوبها احمرار النضج كما خد صبية.. بهتت.. كانت العجينة كتلة صماء تحوصلت في قاع القالب لم تنتفخ نضجا.. قال: - أني أشم رائحة احتراقكانت العجينة تسير نحو سواد التفحم والاحتراق.. قالت:- خذلتني الحلوى ولم تنضج!!- ربما هناك خلل ما؟- كل المقادير أحفظها عن ظهر قلب لا بد حدث أمر!- أني اعرف السر.وتحولت ابتسامته الراقدة على شفتيه الى عصفور حلق في الفضاء.. وشوشه:- لا بخل مع الوجد.صرخت غاضبة- ومن أخبرك أني البخيلة- يا سيدتي أنت نسيت ان تضعي في العجينة خميرة الوجد خذي هذه هديه منه!!وألقمها شيء أحلى من الحلوى فحملتها.. غيمة من أريج الورد..
3 - عودة مريام
صوتها رمادي مؤرق.. متعبة كانت على بعض لهاث:- سأذهب الى البحر.. لا مناص من ذلك!غادرت, فأطلقت ظلي في إثرها مع, وبقيت يؤرقني السؤال:- ما لها والبحر!قال ظلي:- لا ترهقها.. دعها تتطهر منك.- ليس قبل أن أتطهر منها.اسقط في يد ظلي فسكن الريح في المسافة المحايدة.. كانت قد غطست في الماء مدماة من ضربات حقد, خلت أنها ذهبت صيدا لوحوش الماء.. لكن ظلي هتف فجأة:- خرجت عارية ألا منك!فجأة توهج نجم في دمي. كانت امرأة ترقص عند بوابات شرايني تدق على ستائر نوافذي.. صوتها اخضر على اعتذار:- لم تكن يوما إثمي لكنك من يقرأ إثمي..- لست الآثمة ربما أرادوك المجدلية, ولكنهم لا يعرفون أني لست المسيح..- لكنهم رجموني!- اعرف ولكن لا تتبعيني, ولا ترجميهم بحجارة الطريق..كوني مريام وفقط فالعصر ليس عصر الأنبياء..فجأة هتف: - هل غبت في النوم طويلا؟قلت اطرد بقايا نعاس:- كنت احلم وكنتِ مريام, فكيف رأيت البحر- مثل حلم.. ولكنك لم تكن أنت المسيح!!
4 - الاستفتاء
خرجت مع ضوء النهار.. جابت المدينة طولا وعرضا, مرت على الأسواق والحواري والأسبلة, أشعلت البخور عند أعتاب الأولياء.. نال منها التعب فاستظلت بشجرة عند ضفة النهر, حدثت نفسها: - هنا يكون الاستفتاء. وأخرجت منها كل النساء الساكنات فيها, وعرضت أمره عليهن فتوزعت النساء إلى فريقين..من يتربصن به, اخفين ما يضمرن خلف ابتسامات شاحبة خالية من الحياة, حدثت المرأة نفسها:- الخديعة قادمة فاحذري!!واللواتي يعشقنه, ظهر على وجوههن حيرة الخوف فلذن بالصمت واجفات.. حدثت المرأة نفسها:- لا يستطعن الدفاع عنه!!فجأة حمل النهر قارب عليه الفتى وبحار عجوز.. حفر العجوز حفرة زرع فيها الفتى حتى ركبتيه.. وقال آمرا:- افرد ذراعيك يا فتي.وأعلن العجوز: - يبدأ الاستفتاء..جذب كل فريق الفتى من ذراع, لكن الفتى ظل مزروعا لم يغادر الحفرة, فسقطت النساء أرضا يلعقن الهزيمة, فأخته الى صدرها, وقبلته بين عينيه, وهمست: - أنتَ من حررني من نسائي.. هل تسكن أركاني؟وقفزا الى القارب, وسارا مع مجرى النهر لا يدريان إلى أين, بينما كان العجوز يتلو على النساء ما تمخض عنه الاستفتاء!! |
|