أما باقي السكان ممن تجاوزوا الخمسين والنساء والأطفال وعددهم يربو على الخمسين ألفاً فقد أخرجوا من بيوتهم دون أن يحملوا شيئاً مما يملكون فقد جرد الإرهابيون النساء من حليهن قبل أن يؤذن لهن بالمغادرة وسار عشرات الألوف على أقدامهم، بعضهم حفاة والبعض في ثياب النوم مسافة خمسة وعشرين ميلاً إلى رام الله على أرض قاسية وجبال صاعدة.
- الموجة الرابعة: حيث هاجر نحو 175 ألف فلسطيني من بين 15 أكتوبر 1948 و 24 فبراير 1949 وهو يوم توقيع اتفاقية الهدنة الدائمة بين مصر و(إسرائيل).
من هنا نجد أنه نتيجة للإرهاب اليهودي والحرب الدائرة في فلسطين وخسارة العرب لهذه الحرب أصبح ما يقارب 900 ألف فلسطيني في عداد اللاجئين أي نحو ثلثي أبناء فلسطين أصبحوا بلا مأوى، أما الثلث الآخر فقد ظل داخل ما يسمى (إسرائيل)، وفي الضفة الغربية وقطاع غزة.
وبحلول عام 1952 في الوقت الذي بلغ فيه العدد الإجمالي للفلسطينيين ما يقارب 1.6 مليون نسمة، بقى منهم فقط 276 ألف (11%) داخل خط الهدنة (الخط الأخضر) وحوالي 300 ألف (18%) في قطاع غزة و742 ألف (47%) في الضفة الغربية. أي أن معظم الفلسطينيين 1.218.000 (76%) من العدد الإجمالي للفلسطينيين لا يزالون في تلك الفترة يرتبطون بالتراب الفلسطيني، إما كلاجئين أو كمضيفين لهؤلاء اللاجئين، وأغلبية العدد المتبقي والذي يقارب 380 ألف (24%) كانوا ينتظرون في البلاد العربية المجاورة أقرب الفرص للعودة إلى الوطن، ومن هذا العدد 150 ألف شخص (9%) كانوا يعيشون في الأردن و114 ألف (7%) كانوا يعيشون في لبنان و83 ألف (5%) كانوا يعيشون في سوريا و2% يعيشون في أماكن متفرقة.
وبحلول عام 1961 أصبحت معالم الشتات الفلسطيني واضحة للعيان فمن عدد الفلسطينيين البالغ 2.2 مليون شخص، عاش منهم 62% على أراضي فلسطين، 8% داخل الخط الأخضر، و17% في قطاع غزة، و37% في الضفة الغربية، أما النسبة الباقية فكان يعيش 17% في الأردن، و4% في لبنان، و5% في سوريا، وحوالي 12% في آماكن متفرقة.
ثانياً: مخيمات اللاجئين في قطاع غزة
1- قطاع غزة:
يقع قطاع غزة على الساحل الفلسطيني الجنوبي على البحر الأبيض المتوسط ويحده من الشمال قضاء الرملة ومن الشرق قضاء الخليل وبئر السبع ومن الجنوب شبه جزيرة سيناء ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط. وتبلغ مساحته 365 كم2 وهي تمثل نسبة 2.6% من أراضي لواء غزة والتي كانت بنسبة 14%من فلسطين التاريخية. وقد وضع هذا الجزء من فلسطين في عام 1949 أي بعد توقيع اتفاقية رودس بين مصر وإسرائيل تحت الإدارة المصرية. أما التسمية الحالية المعروفة بقطاع غزة فقد ظهرت في كانون الثاني 1954 بقرار من رئيس الجمهورية المصرية "اللواء محمد نجيب" وعين الأمير عبد الله رفعت حاكماً إدارياً للقطاع ضمن حدوده الجديدة التي تبدأ من بيت حانون شمالاً إلى رفح جنوباً وبطول حوالي 48 كيلو متر وبعرض يتراوح مابين 6- 9 كم.
وكان عدد سكان القطاع في عام 1949 نحو 88.000 وأصبح عدد سكانه مع اللاجئين في عام 1950 نحو 288.107 ووصل عددهم عام 1966 أي قبل حرب 1967 بسنة واحدة ما مجموعه 454.960 نسمة، وأصبح عددهم بعد حرب حزيران عام 1967 نحو 354 ألف نسمة أي نزح من القطاع نحو 114 ألف نسمة ونقص عدد سكانه من عام 1966 – 1968 نحو ربع السكان. وكان ذلك بسبب الاحتلال الإسرائيلي وممارساته التعسفية ضد الفلسطينيين ونزوح معظم اللاجئين إلى الضفة الشرقية من الأردن وقد أخذ سكان القطاع في التزايد الطبيعي حتى تمكنوا من تعويض النقص الذي حصل في عامي 1967 – 1968 حيث وصل عدد سكانه في عام 1981 نحو 452 ألف نسمة وفي عام 1982 زاد عدد سكانه بنسبة ضئيلة عن عددهم في عام 1966 وذلك بسبب ارتفاع معدلات الخصوبة لدى الأسرة الفلسطينية عامة ولدى سكان القطاع بشكل خاص وكان دور الزيادة الطبيعية في عملية النمو السكاني كبيراً.
وفي عام 1997 وصل عدد سكان القطاع نحو 1.000.175 نسمة حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وكان عدد سكان المخيمات منهم نحو 311.710 نسمة. أما عدد اللاجئين في قطاع غزة حسب تقديرات وكالة الغوث واللاجئين فكان نحو 746.050 لاجئاً مسجلاً منهم 410.762 نسمة داخل المخيمات 335.288 نسمة خارج المخيمات وهم يشكلون ما نسبته 74.4% من مجموع سكان القطاع و21.8%من المجموع الكلي للاجئين الفلسطينيين في وكالة الغوث. وفي نهاية عام 1999 وصل مجموع اللاجئين في غزة حسب المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنية واللاجئين نحو 808.495 نسمة حيث بلغت نسبة الزيادة الطبيعية عن العام السابق نحو 3.3% وبلغت نسبة اللاجئين المسجلين من عدد سكان القطاع العام 78.2% ونسبة اللاجئين المسجلين في القطاع من مجموع اللاجئين المسجلين 22.0% وبلغ مجموع اللاجئين المسجلين والغير مسجلين 792.938 ويبلغ مجموع من يسكن المخيمات في قطاع غزة 442.945.
وفي 31 كانون الأول من العام 2000 وصل عدد اللاجئين في قطاع غزة نحو 820.000 وكانت نسبة اللاجئين المسجلين 842.000 في حين كانت نسبة اللاجئين الغير مسجلين 452.186.
وفي عام 2001 وصل عدد اللاجئين في قطاع غزة وحسب وكالة الغوث واللاجئين نحو 852.626 وكانت نسبة اللاجئين المسجلين نحو 852.626 في حين كانت نسبة الغير مسجلين 460.031.
2ـ التحول الديمغرافي والاجتماعي في قطاع غزة بعد عام 1948:
استقبل قطاع غزة في عام 1948 نحو (190) ألف لاجئ فلسطيني وبذلك أصبح مجموع السكان هناك في العام المذكور (270) ألف عربي فلسطيني، يمثلون نحو (18.4) في المئة من مجموع الشعب الفلسطيني آنذاك، وقد بقي قطاع غزة تحت حكم الإدارة المصرية خلال الفترة (1948- 1967) تعود أصول غالبية اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة إلى مناطق وسط وجنوب فلسطين وغرب صحراء النقب ومنطقة بئر السبع، ومدن وأرياف: يافا، اللد، الرملة، أسدود، عسقلان، شمال وشرق قطاع غزة، النقب وينتمون إلى (126) قرية من القرى التي دمرها الاحتلال الصهيوني عام 1948. وبشكل أدق فإن نحو (99) في المئة من لاجئي غزة وفدوا من اللواء الجنوبي من فلسطين، وبالتالي فإنهم عينة لسكان هذا القسم، وتسود بينهم الأوضاع الاجتماعية نفسها التي كانت سائدة في هذا الجزء من فلسطين، علماً بأن أكثر من نصف السكان الحضريين الذين وفدوا إلى القطاع كانوا يقيمون قبل عام 1948 في منطقة ميناء يافا الساحلي في فلسطين، وهؤلاء غالباً ما ينحدرون من جذور فلاحية، هاجروا إلى المدينة بحثاً عن فرص عمل في الميناء، الأمر الذي يرفع نسبة من هم من جذور فلاحية وبدوية إلى نحو (85.5) في المئة. وتبلغ نسبة الذين كانوا يعتمدون على الزراعة في حياتهم الاقتصادية نحو (20) في المئة، أما الباقون فيعتمدون على الزراعة البعلية وتربية المواشي، سواء البدو منهم أو سكان القرى، ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لمعظم سكان قطاع غزة الأصليين من حيث الأصول الفلاحية والبدوية، مع ملاحظة ارتفاع نسبة الحضر من بين السكان الأصليين، بحيث يمكن تقسيمهم إلى ثلاث فئات رئيسية، ملاك أراضي، التجار، الحرفيون، والعاملون في الورش الصناعية، وقطاع الخدمات.
ومن الأهمية الإشارة إلى أنه لا يوجد ملاك أراض كبار بين اللاجئين الفلسطينيين، لأنهم فقدوا أراضيهم داخل فلسطين المحتلة ولم تكن عندهم السيولة المالية لشراء أراض جديدة في قطاع غزة المحدودة المساحة الزراعية أصلاً.