رأى محلل إسرائيلي أن اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة باتت حتميا وأنه لا يمكن لإسرائيل منعها فيما اعتبر محلل آخر أنه يحظر على تل ابيب التوقيع على اتفاق مع الفلسطينيين من دون الاعتراف بيهودية إسرائيل.
وجاء التحليلان على خلفية التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر المقبل على اعتراف دولي بدولة فلسطينية بحدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وكتب المحلل السياسي في (هآرتس) ألوف بن الأربعاء أن "الانتفاضة الثالثة حتمية" وأنها ستندلع في حال اعترفت الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية "لأن القرار لن ينفذ من تلقاء نفسه وسيشن الفلسطينيون حربا للمطالبة بحقوقهم السيادية وطرد الجيش الإسرائيلي من أراضيهم".
وتابع انه حتى لو "ارتدعت" الأمم المتحدة عن الاعتراف باستقلال فلسطين أو تتحفظ في قرارها من أجل إرضاء إسرائيل، واعتبر أنه "في هذه الحالة سينتفض الفلسطينيون بسبب إحباطهم من فقدان التأييد الدولي".
وأضاف إن توقيت الانتفاضة الثالثة والسبب المباشر لاندلاعها غير معروفين بعد "لكن ليس مؤكدا أن ينتظر الفلسطينيون الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر".
ورأى بن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقع في فخ وأن أي شيء يمكن أن يفعله بإمكانه منع الانتفاضة المقبلة، وهو لن يستسلم لمطالب الفلسطينيين بتجميد الاستيطان والموافقة على الانسحاب إلى الخط الأخضر.
وأكد بن على أن هذه المطالب تتعارض مع المنطق الإستراتيجي الذي يوجه نتنياهو فهو يرى أن "الثورات في الدول العربية ستؤدي إلى القضاء على الأنظمة التي يرعاها الغرب واستبدالها بأذرع إيرانية، وتسليم الضفة الغربية والقدس الشرقية للفلسطينيين سيحولهما إلى 'قاعدة إرهابية إيرانية' وستصبح الحياة في إسرائيل غير محتملة".
واستبعد الكاتب أن يتمكن نتنياهو من إقناع الزعماء الأوروبيين خلال جولته الأوروبية الأسبوع المقبل بمعارضة الاعتراف بالدولة الفلسطينية لكن حتى لو تمكن من إقناع قسم منهم فإن "القرار سيمر بأغلبية كبيرة والانتفاضة ستندلع في الغداة".
وأردف بن أن "نتنياهو محق في تقييمه أن أمريكا وإسرائيل في حالة تراجع إستراتيجي في أعقاب خلع حليفهما (الرئيس المصري السابق) حسني مبارك".
ورأى أن نتنياهو وقع في فخ نصبه الرئيسان، الفلسطيني محمود عباس والأمريكي باراك أوباما وبعد أن رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني الاستمرار في عملية أنابوليس وخريطة التسوية التي رسمها سلفه ايهود أولمرت.
وخلص بن إلى أن "الوقت الآن بات متأخرا والعالم ينظر إلى نتنياهو كرافض للسلام وعنيد ويتمنى سقوطه، وهو لن يتمكن من منع الانتفاضة الثالثة، ومثل سابقتيها ستكلف إسرائيل ضحايا أكثر وستقود إلى الانسحاب الذي سعى نتنياهو إلى إحباطه".
ومن جانبه أشار رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق والباحث في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب اللواء في الاحتياط غيورا آيلاند إلى أنه إضافة إلى الضغوط الخارجية على إسرائيل للاعتراف بدولة فلسطينية أخذت تتعالى أصوات من داخلها تطالب بذلك وبينها مجموعة المثقفين التي وقعت على عريضة قبل أسبوع تطالب بدعم قرار يصدر عن الأمم المتحدة بهذا الصدد.
لكن آيلاند اعتبر أنه لا يمكن لإسرائيل أن توقع على اتفاق سلام من دون أن يعترف الفلسطينيون بيهودية إسرائيل بادعاء أن الفلسطينيين لا يطمحون إلى إقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة فقط ولذلك فإنهم يفضلون اعترافا دوليا على اتفاق يوافقون فيه على التنازل عن قضية اللاجئين ونهاية الصراع وعدم الاعتراف بيهودية إسرائيل.
وكمطلع على تقارير استخبارية كثيرة خلال توليه مناصب أمنية حساسة كتب آيلاند إن "الرواية (التاريخية) الفلسطينية مختلفة وتستند إلى الرغبة في الانتقام و'العدل' وفوق كل ذلك إلى حق العودة، وبالنسبة لهم فإن هذا الحق ليس حق شعب بالعودة إلى وطنه وإنما حق الفرد بالعودة إلى بيته في حيفا واللد ورمات أفيف" وهو حي راق في شمال تل أبيب أقيم على أنقاض قرية الشيخ مونس المهجرة.
ووصف آيلاند إصرار إسرائيل على ثلاثة شروط لاتفاق مع الفلسطينيين تتمثل بالتنازل عن حق العودة للاجئين ونهاية الصراع ويهودية إسرائيل بأنها "مصيرية" لأنه في حال تنازلت عن الشرط الثالث فإن الأقلية العربية في إسرائيل ستطالب بالاستقلال في منطقتي تجمعها في الجليل والمثلث أو المطالبة بالاعتراف بإسرائيل كدولة ثنائية القومية أو على الأقل ب"دولة جميع مواطنيها".
واعتبر أن الدولة الفلسطينية ستعمل بكل القوة ضد إسرائيل "التي تقمع الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي".
ورأى آيلاند أن "السبيل لتخفيف هذا الخطر هو وثيقة دولية توقع عليها دولة فلسطين أيضا وتعترف بدولة إسرائيل أنها دولة يهودية ولذلك فإن من حقها السماح لليهود بالهجرة إليها ومنع هجرة الآخرين، وسيتم منع هذا الخطر إذا نص الاتفاق على منع الفلسطينيين من حيازة جنسية مزدوجة، إسرائيلية وفلسطينية".
وشدد على أن "من يدعو إلى إعلان استقلال فلسطيني أحادي الجانب فإنه يشجع الفلسطينيين على الامتناع عن الموافقة على تلك القرارات (أي الشروط الثلاثة) الهامة للغاية لمستقبلنا ويزيد بذلك الخطر بأن إقامة تلك الدولة الفلسطينية سيكون مرحلة في الطريق للسيطرة على كل أرض إسرائيل".
(يو بي اي)