للنشر....ملتقى المصباح الثقافي
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة شارك معنا بجمع المحتوى الادبي والثقافي العربي وذلك بنشر خبر او مقال أو نص...
وباستطاعت الزوار اضافة مقالاتهم في صفحة اضف مقال وبدون تسجيل

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الموقع
او تريد الاطلاع والاستفادة من موقعنا تفضل بتصفح اقسام الموقع
سنتشرف بتسجيلك
الناشرون
شكرا لتفضلك زيارتنا
ادارة الموقع
للنــــشـر ... ملتقى نور المصباح الثقافي
للنــــشـر ... مجلة نوافذ الادبية
للنشر....ملتقى المصباح الثقافي
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة شارك معنا بجمع المحتوى الادبي والثقافي العربي وذلك بنشر خبر او مقال أو نص...
وباستطاعت الزوار اضافة مقالاتهم في صفحة اضف مقال وبدون تسجيل

يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة الموقع
او تريد الاطلاع والاستفادة من موقعنا تفضل بتصفح اقسام الموقع
سنتشرف بتسجيلك
الناشرون
شكرا لتفضلك زيارتنا
ادارة الموقع
للنــــشـر ... ملتقى نور المصباح الثقافي
للنــــشـر ... مجلة نوافذ الادبية
للنشر....ملتقى المصباح الثقافي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أدب ـ ثقاقات ـ مجتمع ـ صحة ـ فنون ـ فن ـ قضايا ـ تنمية ـ ملفات ـ مشاهير ـ فلسطين
 
الرئيسيةاعلانات المواقعالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلنشأة القرامطة وأهم معتقداتهم 610دخول
نرحب بجميع المقالات الواردة الينا ... ويرجى مراسلتنا لغير الاعضاء المسجلين عبرإتصل بنا |
جميع المساهمات والمقالات التي تصل الى الموقع عبر اتصل بنا يتم مراجعتها ونشرها في القسم المخصص لها شكرا لكم
جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في الموقع تعبر عن رأي أصحابها فقط
هــذا المـــوقــع

موقع وملتقيات أدبية ثقافية منوعة شاملة ، وسيلة لحفظ المواضيع والنصوص{سلة لجمع المحتوى الثقافي والأدبي العربي} يعتمد على مشاركات الأعضاء والزوار وإدارة تحرير الموقع بالتحكم الكامل بمحتوياته .الموقع ليس مصدر المواضيع والمقالات الأصلي إنما هو وسيلة للاطلاع والنشر والحفظ ، مصادرنا متعددة عربية وغير عربية .

بما أن الموضوع لا يكتمل إلا بمناقشته والإضافة عليه يوفر الموقع مساحات واسعة لذلك. ومن هنا ندعو كل زوارنا وأعضاء الموقع المشاركة والمناقشة وإضافة نصوصهم ومقالاتهم .

المواضيع الأكثر شعبية
عتابا شرقية من التراث الشعبي في سوريا
تراتيل المساء / ردينة الفيلالي
قائمة بأسماء خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية.. سوريا
موسوعة المدن والبلدان الفلسطينية
الـنـثر في العصر الحديث.
"الشاغور".. الحي الذي أنجب لــ "دمشق" العديد من أبطالها التاريخيين
سحر الجان في التأثير على أعصاب الانسان
مشاهير من فلسطين / هؤلاء فلسطينيون
قصة" الدرس الأخير" ...تأليف: ألفونس دوديه...
كتاب - الجفر - للتحميل , الإمام علي بن أبي طالب ( ع )+
مواضيع مماثلة
    إحصاءات الموقع
    عمر الموقع بالأيام :
    6017 يوم.
    عدد المواضيع في الموقع:
    5650 موضوع.
    عدد الزوار
    Amazing Counters
    المتواجدون الآن ؟
    ككل هناك 137 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 137 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

    لا أحد

    أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 1497 بتاريخ 04.05.12 19:52
    مكتبة الصور
    نشأة القرامطة وأهم معتقداتهم Empty
    دخول
    اسم العضو:
    كلمة السر:
    ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
    :: لقد نسيت كلمة السر
    ***
    hitstatus

     

     نشأة القرامطة وأهم معتقداتهم

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    حسين خلف موسى
    الإدارة
    حسين خلف موسى


    المشاركات : 221

    نشأة القرامطة وأهم معتقداتهم Empty
    مُساهمةموضوع: نشأة القرامطة وأهم معتقداتهم   نشأة القرامطة وأهم معتقداتهم Icon_minitime11.04.11 0:05

    نشأة القرامطة وأهم معتقداتهم
    ضرر الباطنيّة على فرق المسلمين أعظم من ضرر اليهود والنصارى والمجوس عليهم، بل أعظم من مضرّة الدهرية وسائر أصناف الكفرة عليهم، بل أعظم من ضرر الدجّال الذي يظهر في آخر الزمان. لأنّ الذين ضلّوا عن الدين بدعوة الباطنيّة من وقت ظهور دعوتهم إلى يومنا أكثر من الذين يضلّون بالدجّال في وقت ظهوره، لأنّ فتنة الدجّال لا تزيد مدّتها على أربعين يوماً. وفضائح الباطنيّة أكثر من عدد الرمل والقطر» الإمام الإسفرائيني.

    مع سطوع شمس الإسلام وبداية إشراقها على من جاورها من الدول والإمارات، قاضيةً بذلك على نفوذ بعض النفعيين الذين كانوا يقتاتون على خيرات تلك الشعوب والأمم لجهلها وبعدها عن خالقها كما كان يفعل اليهود في المدينة المنوّرة واليمن، والمجوس في فارس، والرومان في بلاد الشام وشمال أفريقيا، فحين فتح المسلمون تلك البقاع وطهّروا الأرض من رجسهم ونقلوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد، لم يرقْ ذلك لأعداء الله لأنّه بعبادة الناس لربّهم خسرانٌ لهم وانحسارٌ لنفوذهم. ولقوّة شوكة الإسلام وضعفهم، وجدوا أنّ خير أسلوب لبثّ حقدهم هو السير على درب بولس محرّف دين النصارى... ألا وهو الدخول في الإسلام ظاهراً والعمل على نقض عُراه من الداخل... وأوّل من بدأ بذلك مؤسّس دين الرافضة عبد الله بن سبأ اليهودي الصنعاني حين ألّب الناس على أمير المؤمنين عثمان بن عفّان مُحدثاً الفتنة الشهيرة التي انتهت بمقتل عثمان ثمّ بدأ بتطبيق الخطوة الثانية بالدعوة إلى سيّدنا عليّ بن أبي طالب وإظهار التفاني في حبّه وتلفيق بعض القصص والروايات المكذوبة عن أحقّيته بالخلافة وما شابه ذلك. حتّى أنّ بعض أتباع الصنعاني ألصقوا صفة الألوهيّة بعليّ والعياذ بالله، فقتلهم الخليفة عليّ وحرّقهم.

    أمّا بالنسبة للمجوس فإنّهم وإن تتلمذوا على يد اليهود في الكيد للإسلام، إلاّ أنّ الفرصة لم تواتيهم، إلى أن دبّ الضعف في أطراف الدولة الإسلامية وانتشر الجهل بين عامّة المسلمين، عندئذ وجدوا الفرصة الذهبية للانتقام من المسلمين وإعادة أمجادهم السابقة، فأنشأوا مذاهبَ ومللاً ظاهرها الإسلام وباطنها المجوسيّة ليلبسوا على المسلمين دينهم، ومن ذلك أنّهم قالوا: يجب أن يوضع في كلّ مسجد مجمرة يوضع عليها البخّور، ومقصدهم من ذلك أن يحوّلوها من بيوت لله إلى بيوت للنار.

    وإذا نظرنا خلال التاريخ الإسلامي، لوجدنا أنّ كلّ من أنشأ خرقاً في الإسلام كان من أحفاد اليهود أو النصارى، وأغلب مُنشئي مذاهب الباطنيّة من المجوس، قصدهم بذلك هدم الإسلام وإعادة عبادة النيران. ومن ضمن هذه الطوائف الباطنيّة، الطائفة التي نحن بصددها.

    الـقـرامـطـة: نـشــأتـهـا
    تشير أكثر المصادر إلى أنّ مؤسّس مذهب القرامطة هو حمدان بن الأشعس الملقّب بقرمط، وكان أكاراً من الكوفة وأصله فارسيّ مجوسيّ، وقيل صابئيّ. وكان قد دخل في بداية حياته في مذهب الإسماعيلية الباطنيّة على يد حسين الأهوازي ابن مؤسّس المذهب الإسماعيلي العبيدي عبدالله بن ميمون بن ديعان القدّاح اليهودي، وقد عُرف عن حمدان شخصيّته القويّة وعلاقاته الاجتماعية الكثيرة ورأيه المقنع، وكان يعيش ضمن مجتمع يحقد على الخلافة العبّاسية، كلّ هذه الأمور مجتمعة ساعدته على نشر مذهبه، لكنّ حمدان القرمطي سرعان ما انقلب على الإسماعيليّة الباطنيّة منشئاً مذهبه الخاصّ به، كما أنشأ مركزاً له في الكوفة عام 277هـ أسماه دار الهجرة. ومن هذا المركز بدأ حمدان بإرسال دعاته الذين انتقاهم بدقّة لنشر دعوته بين جهلة الناس عامّة وبين المجوس المتستّرين وأحفاد اليهود بصورة خاصّة، ومن أشهر دعاته أخوه مأمون وزكرويه بن مهرويه الذي ورث عن أبيه كره الإسلام وأمل القضاء عليه وتأسيس دولة فارسية على أنقاضه تقوم على أساس الدين المجوسي، وكذلك كان ابن عمّ حمدان وصهره عبدان مفكّر القرامطة وأبو الفوارس قائد تمرّدهم عام 289، وأبو سعيد الجباني في البحرين، ومن أشهر من كتب لهم محمّد بن أحمد النسفي صاحب كتاب المحصول، وأبو يعقوب السجزي المعروف ببذاته صاحب كتاب أساس الدعوة وكتاب تأويل الشرائع وكتاب كشف الأسرار (لاحظ أن للخميني كتاب بنفس الإسم).
    عــقــيــدتــهــم
    إعتمدت عقيدة القرامطة كغيرها من فرق الباطنيّة على إخفاء ما يؤمنون به وإظهار أنفسهم على أنّهم مسلمون ليسهل عليهم الاندماج في المجتمع والدعوة إلى دينهم، حتّى إذا وثقوا من تابعهم أطلعوه على خفايا عقيدتهم. وهم يتأوّلون الأحكام الشرعية على ما يوافق ضلالاتهم وأهوائهم، فيتأوّلون قوله سبحانه وتعالى {واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين} [الحجر: 99] على أنّه من عرف التأويل فقد أتاه اليقين، وعليه فمن عرف معنى العبادة فقد سقط عنه فرضها، وأوّلوا كذلك أركان الشريعة: فالصلاة عندهم موالاة إمامهم، والحجّ زيارته وإدمان خدمته، والصوم هو الإمساك عن إفشاء سرّ الإمام لا الإمساك عن الطعام والشراب، والمراد بالزنى عندهم إفشاء سرّهم بغير عهد وميثاق.
    وقد اختلف المؤرّخون والمصنّفون في أصل مذهبهم، فمنهم من قال بأنّهم صابئة، ومنهم من ذكر بأنّهم من المجوس الإباحيّة أتباع فزدك المؤبد كما ذكر ابن حزم الظاهري، حين وصفهم فقال: ومن هذه الأصول الملعونة حدثت الإسماعيلية والقرامطة، وهما طائفتان مجاهرتان بترك الإسلام جملة، قائلتان بالمجوسيّة المحضة، ثمّ مذهب مزدك المؤبد... وكان يقول بوجوب تواسي (تساوي) الناس في النساء والأموال.

    وقد نسبهم الإمام عبدالقاهر الإسفرائيني إلى الدهرية الزنادقة، فيقول: الذي يصحّ عندي من دين الباطنيّة أنّهم دهرية زنادقة يقولون بقدم العالم وينكرون الرسل والشرائع كلّها، لميلها إلى استباحة كلّ ما يميل إليه الطبع. ويستدلّ على قوله برسالة عبدالله بن الحسين القيرواني إلى سليمان بن الحسين بن سعيد الجَنَّابي في كتابهم «السياسة والبلاغ الأكيد والناموس الأعظم» يوصيه فيها: أدع الناس بأن تتقرّب إليهم بما يميلون إليه، وأوهم كلّ واحد منهم بأنّك منهم، فمن آنست منه رشداً فاكشف له الغطاء وإذا ظفرت بالفلسفي فاحتفظ به فعلى الفلاسفة مُعَوَّلُنا، وأنا وإيّاهم مجموعون على ردّ نواميس الأنبياء، وعلى القول بقدم العالم لولا ما يخالفنا فيه بعضهم من أنّ للعالم مدبّراً لا نعرفه...
    قد جمعوا بين الدهرية الزنادقة والمجوسية الإباحية فقد قال القيرواني في آخر رسالة له إلى سليمان بن الحسن: «وما العجب من رجل يدّعي العقل ثمّ يكون له أخت أو بنت حسناء وليست له زوجة في حسنها يحرّمها على نفسه وينكحها من أجنبيّ، ولو عقل الجاهل لعلم أنّه أحقّ بأخته وبنته من الأجنبي، وما وجه ذلك إلاّ أنّه صاحبهم حرّم عليهم الطيّبات وخوّفهم بغائب لا يعقل، وهو الإله الذي يزعمونه، وأخبرهم بكون ما لا يرونه أبداً من البعث من القبور والحساب والجنة والنار حتّى أتعبَهم بذلك عاجلاً، وجعلهم له في حياته ولذرّيته من بعد وفاته خَولاً (عبيداً أو خدماً) واستباح بذلك أموالهم بقوله {لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى} [الشورى: 23]. فكان أمره معهم نقداً وأمرهم معه نسيئة، وقد استعجل منهم بذل أرواحهم وأموالهم على انتظار موعد لا يكون، وهل الجنّة إلاّ هذه الدنيا ونعيمها، وهل النار وعذابها إلاّ ما فيه أصحاب الشرائع من التعب والنصب في الصلاة والصيام والجهاد والحجّ..

    وأنت وإخوانك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس، وفي هذه الدنيا ورثتم نعيمها ولذّاتها المحرّمة على الجاهلين المتمسّكين بشرائع أصحاب النواميس، فهنيئاً لكم على ما نلتم من الراحة عن أمرهم».

    ومما ذكرت آنفاً يتبيّن أخذهم بعقيدة المجوسيّ من ناحية زواج الأخت والبنت، واتّباعهم لمذاهب الدهرية الزنادقة من نفي النبوّة والرسالة والشرائع.

    نـشـر مـذهـبـهـم
    لقد استغلّ القرامطة -كغيرهم من الحركات الباطنيّة الهدامة- الظروف المحيطة بهم، خاصّة وأنّ بداية دعوتهم وافقت القضاء على حركة الزنج، ولقد كانت الدولة الإسلاميّة آنذاك في بداية ضعفها وتسلّط العسكر عليها من ناحية، وانتشار الشعوبيّون في أرجائها، وعمّ الجهل في تعاليم الإسلام بين أبنائها، ولقد ركّز القرامطة في دعوتهم على الأراضي الخصبة بنظرهم، كالموالي والعبيد الحاقدين على أسيادهم والأُجراء والمزارعين الناقمين على أصحاب المهن والأراضي، لاعتقادهم بأنّهم لا يعطونهم ما يستحقّونه لقاء كدّهم وتعبهم. ولكي يستقطبونهم ابتدعوا فكرة إشاعة المال وشيوعيّة الأراضي، وكذلك بثّوا بين الشعوبيّين الحاقدين على دولة الإسلام وعدهم بالقضاء على المسلمين وسلطانهم وإعادة الملك لهم سواءً كانوا مجوساً أو هنوداً أو يهوداً ونصارى... وبقي عندهم العنصر الرئيسي ألا وهو الشباب، الوقود الأساسي لكلّ تمرّد وثورة.. ووجدوا أن خير أسلوب لجذبهم هو بثّ الفكر الانحلالي وجذبهم بالشهوات.. فاستباحوا الزنى والخمر واللواط وسائر المحرّمات، وجعلوا النساء مشاعاً بينهم، وأباحوا نكاح الأقارب من أخوات وبنات وما شابه هذا، بالإضافة إلى التخطيط الدقيق والإرهاب والبطش.. كلّ ذلك جعل العنصر الشبابي ينجذب إليهم انجذاب الفراش للنار...

    وقد اعتمدوا في نشر دعوتهم على مراحل وأقسام أسموها -كما ذكرها الإمام عبدالقاهر الإسفرائيني- على النحو التالي: التفرّس، والتأنيس، والتشكيك، والتلقين، والربط، والتدليس، والتأسيس، والمواثيق بالأيمان والعهود، وآخرها الخلع والسلخ.

    فالتفرّس: أن يعرف الداعي من يدعو وكيف يدعوه، مميّزاً من يطمع في إغوائه ممّن لا يطمع فيه، وقد قالوا في وصاياهم لدعاتهم: لا تضعوا بذرتكم في أرض سبخة، ولا تتكلّموا في بيت فيه سراج، يقصدون من عنده علم. ومن شروط الداعي عندهم أن يكون عالماً بأنواع الناس وأصنافهم واختلاف مذاهبهم ونقاط ضعفهم والأبواب التي يدخل على كلّ واحد منهم.. فمن كان مشتغلاً بالعبادة حبّبها إليه وحضّه عليها، ثمّ سأله عن معاني العبادات وعلل الفرائض، وشكّكه فيها حتى أبدعها وأدخله مذهبه. ومن كان رافضيّاً جاراه في تعظيم آل البيت وحبّ عليّ ويطعن في أبي بكر الصديق وعمر بن الخطّاب وخيار الصحابة ثم يبغضه في بني تميم لكون الصدّيق منهم وبني عديّ لانتساب الفاروق إليهم، ويبغض في بني أميّة لكون عثمان ومعاوية رضي اللـه عنهما منهم، وكذلك الأنصار لعدم وقوفهم مع عليّ ومطالبتهم بحقّه في الخلافة.. ثمّ يدخل عليه من باب الولاية والتأويل حتّى يخرجه من الدين.

    وإن رآه ممّن يحبّ الشيخان مدحهما عنده ورفع من شأنهما وذكر له بأنّ صحبة الرسول لأبي بكر في الغار كان القصد منها تعليمه التأويل، فإذا سأله المسكين عن التأويل يكون قد وقع في المصيدة، ووصل درجة التأنيس.. وأمّا إن كان المراد جذبه من أهل الفسق والمجون، فإنّه هو الصيد السهل، فيذكر أمامه قول الشاعر الماجن:

    أَتُركَ لذَّة الصهباء صرفاً لما وعدوه من طم و ضمر
    حياةٌ ثمّ موتٌ ثم نشرٌ حديث خرافة يا أمَّ عمرو

    ويشجّعونه على الانغماس في المعاصي واستباحة الحرمات وإنكار البعث والثواب والعقاب وإنكار اللـه والخروج من الإسلام.

    ثم تأتي المرحلة الثانية، التأنيس: وهو التفرّس تقريباً، إلاّ أنّه بعد أن يزيّن للصيد مذهبه ويشكّكه فيه لما يسأله عن التأويل.. فإذا سأله المدعو عن علم ذلك أجابه بأنّ علمه عند الإمام.. ويكون قد انتقل إلى مرحلة التشكيك، وهو الوصول بالضحية إلى الاعتقاد بأنّ المراد بالفرائض والظواهر شيئاً آخر غير معناها اللغوي أو الشرعي.. ينهون عليه ترك الفرائض وارتكاب الموبقات، ويكون قد أصبح جاهزاً لمرحلة الربط، والربط عندهم طلب المدعوّ إلى معرفة تأويل أركان الشريعة، فيتأوّلونها به، فإن قبلَها على الوجه الذي دفعوها إليه، وإلا بقي على الشكّ والحيرة فيها.

    أمّا التدليس.. فهو قولهم للضحية الجاهل إن الظواهر عذاب وباطنها فيه الرحمة.. ويستدلّون بقوله تعالى {فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب} [الحديد: 13]، وإنّ لكلّ عبادة أو أمر ظاهراً هو كالقشر وباطنه كاللّب، واللبّ خير من القشر، فإذا سألهم عن تأويل باطن الباب.. طلبوا منه وأخذوا منه المواثيق والأيمان المغلّظة كالطلاق والعتاق وتسبيل الأموال والبراءة من اللـه ورسوله.. إلى آخر هذه الأيمان والنذور.. بأن لا يحدّث أحداً بما سيخبرونه إلاّ بإذنٍ من الإمام صاحب الزمان، أو المأذون له في دعوته، وأن يستر أمرهم ويحمي جماعتهم.

    فإن فعل المقرّر به ذكروا له حقيقة دينهم واعتقادهم، فإن قبل الجاهل مذهبهم فقد انسلخ من الملّة وخلع الإسلام من عنقه، وإن رفض الدخول في عقيدتهم لعدم تقبّله لها واستهجانه بها لم يستطع أن يذيع سرّهم ويدلّ عليهم، بل إنّه يكتم أمرهم، وقد يساعدهم، وذلك لما أخذوه منه من أيمان ومواثيق ونذر يظنّ لجهله أن لا فكاك منها ولا يمكن حلّها.. وبذلك يضمن القرامطة عدم إفشاء سرّهم حتّى وإن لم يقبل المغرّر به الدخول في مذهبهم ودينهم..


    قرامطة البحرين وخروجهم على الخلافة
    لقد مكث القرامطة عهداً من الزمن ينشرون دينهم ويبثّون عقيدتهم الباطنيّة بين العوام والجهلة، ومع ازدياد أعدادهم اتّجهوا إلى تنظيم صفوفهم وإعداد خططهم، فلمّا قويت شوكتهم واشتدّ ساعدهم ووجدوا أنّ الفرصة سانحة للخروج على دولة الخلافة أعلنوا تمرّدهم. وكانت بدايتهم من البحرين عام 286 هـ، وكان على رأسهم أبو سعيد الجنابي القرمطي، ويقال أنّه كان يعمل كيّالاً في البصرة، ويعود أصله إلى الأهواز، وفي رواية أخرى من البحرين. وكان جلّ جنده آنذاك من بقايا فلول الزنج والخرميّة وبعض الأعراب. وقد بدأ تمرّده بغزو القرى المجاورة لمكان إقامته في الأحساء يعيث إفساداً فيها مرتكباً الأعمال الوحشيّة من قتل وتذبيح واستباحة أموال وأعراض، وقد كان يتّبع خطّة الإرهاب لغايتين اثنتين، أوّلهما إرضاء أتباعه وشفاء صدورهم وبثّ الأحقاد التي يكنّونها تجاه المسلمين، والثانية لإرهاب أعدائه وجعلهم يتركون له حواضرهم وأموالهم قبل دخوله لبلادهم. ولم يمض عام 286هـ حتّى كوّن لنفسه جيشاً عظيماً واحتلّ أغلب المناطق المحيطة به كالقطيف وغيرها من المدن، وحوّل وجهته للبصرة بقصد أخذها. وقد وجّه لهم الخليفة العبّاسي المعتضد جيشاً قوامه عشرة آلاف بإمرة العبّاس بن عمرو الغنوي، والتقى الجيشان في الطريق إلى البصرة وكانت نتيجة المعركة أن أُسِر الجيش العبّاسي بكامله وأميرهم معهم، وكان جزاؤهم كما يروي ابن خلكان في وفيّات الأعلام [6/431] أنّه أُحضر الأسرى جميعاً فأمر بقتلهم وتحريقهم ولم يبقِ منهم إلاّ أميرهم العبّاس بن عمرو الذي أرسله إلى الخلفية العبّاسي نذيراً وليعلمه بمقدار قوّته.

    وقد استمرّ أبو سعد الجنابي في حربه للمسلمين وفتكه بهم، وإن كان النصر في أغلب حروبه معهم بجانبه إلاّ أنّه هُزِم مراراً، وأشهر المعارك التي خسرها كانت معركة عام 288 هـ مع الجيش الإسلامي بقيادة الأمير بدر. وكانت نهايته لعنه اللـه على يد خادم له عام 301هـ حيث قتله وقتل معه عدداً من قادة القرامطة. واختلف المؤرّخون في سبب قتل خادم أبي سعيد له، وإن كانوا قد اتّفقوا على طريقة مقتله. والقول الأرجح أنّه في إحدى غزواته أسر أحد الغلمان واستخلصه لنفسه وجعله على طعامه، وكان هذا الغلام لا يزال على دين الإسلام يكتمه عن أبي سعيد، فلمّا رأى فسق أبي سعيد وفجوره أكمن في نفسه قتله والتخلّص منه، وقد حانت له الفرصة حين دخل والقرمطيّ الحمام وحاول أن يفجر به فقتله الغلام، ثمّ ذهب الغلام وأخبر أحد قوّاد القرمطي بأنّ أبا سعيد يطلبه في الحمّام، فلمّا دخل ذلك القائد الحمّام عمد إلى قتله أيضاً، وفعل ذلك بخمسة منهم أيضاً، ولمّا اكتشف القرامطة أمره قبضوا عليه وقَرّضوا لحمه بالمقاريض فتوفّي رحمه اللـه بعد أن خلّص الأمّة من خمسة من أشدّ أعداء الإسلام ومن قواد جيش الكفر.

    واستلم بعده قيادة القرامطة ولده سعيد ثمّ سليمان الذي خرج على أخيه. وقد كان سليمان من أشدّ ما ابتُلي به المسلمون من أعداء في تاريخهم، وقد كان زيادة على كفره وخروجه عن الملّة الإسلامية قد أباح نكاح المحارم وأشاع اللواط ونكاح الغلمان، بل أنّه أوجب قتل الغلام الذي يمتنع على من يريد الفجور به. وكذلك أمر بمعاقبة كلّ من أطفأ ناراً، فإنّ أطفأها بيده قطعت يده، وإن أطفأها بالنفخ قطعوا لسانه، وذلك يظهر تعصّبهم لدين آبائهم من المجوس. ولم يترك -لعنه اللـه- رذيلة إلاّ فعلها. وقد كان يفعل ما يعجز اللسان عن ذكره من أفاعيل إجرامية بكلّ أرض وشعب تصل قبضته إليه، وهو أوّل من سنّ هتك الأعراض الجماعي أمام أعين محارمهم، وقد أدّت أفعاله تلك إلى نشر الرعب في بلاد المسلمين. وقد دخل البصرة عام 311هـ في ربيع الآخر فاستباح الحريم والأموال وذبح الشيوخ والأطفال وأحرق المسجد الجامع ومسجد طلحة، وكذلك قطع الطريق على حجّاج العراق عام 312هـ، فأخذ الأموال والحريم والمتاع وترك الرجال بدون طعام أو ماء أو ركب فمات أغلبهم جوعاً وعطشاً، ثم أرسل يطلب من الخليفة المقتدر أن يتخلّى له عن الأهواز، وحين رفض المقتدر ذلك اتّجه إلى الكوفة فدخلها وقتل أهلها ونهب ما استطاع نهبه وجعلها مباحة لجنده وزبانيته. وقد حاول قطع الطريق على حجّاج العراق مرّة أخرى ولكنّ حماة الركب العراقي اشتبكوا معهم بحرب خاطفة حتّى استطاعوا إعادة الركب إلى العراق ولم يحجّوا عامهم ذلك. وبقي على حاله تلك في قطع طريق الحجّاج أكثر أيّامه، حتّى أنّ حجّاج خراسان والعراق والمشرق توقّفوا عن الذهاب إلى الحج. وفي عام 315هـ قصد بغداد والتقى بجيش المسلمين في الأنبار وكان عدد جيشه ألف فارس وسبعمائة راجِل، وجيش الخليفة أربعين ألف فارس. وعلى الرغم من ذلك فقد فرّ جيش العراق حتّى قبل أن يلتقوا بجنود القرمطيّ، فدخل القرمطي الأنبار وحاول دخول هيت ولكنّ أهلها حصّنوها وأنقذوها من يد القرمطيّ. وفي عام 316هـ دخل القرمطيّ الرحبة وقتل رجالها واستحلّ نساءها وأموالها وحاول دخول الرقة إلاّ أنّه رُدّ عنها. ولم يحجّ أحد في هذه السنة خوفاً من القرامطة. وفي عام 317هـ اتّجه عدوّ اللـه سليمان أبو طاهر القرمطيّ إلى مكّة فدخلها يوم التروية فقتل الحجيج في المسجد الحرام وداخل البيت المعمور ورمى جثثهم في بئر زمزم وقتل أمير مكّة ابن محارب وعرّى البيت وقلع بابه وقلع الحجر الأسود وأخذه معه إلى عاصمته هجر، وأقام بمكّة ستّة أيّام. وقد رُوِيَ أنّه قد قتل ثلاثين ألفاً من الحجّاج ومن سكّان مكّة، وكان ينشد وهو يقتل الحجّاج والأبرياء من سكّان مكّة:

    أنـــا باللـه و باللـه أنــــا يخـــلق الخـــلق وأفنـــيهم أنـــا

    و كان من جملة من قُتل ذلك العام التابعيّ الجليل عبدالرحمن بن عبداللـه بن الزبير، وقد سبى ما يقارب الثلاثين ألفاً من النساء والغلمان وبقي في إفساده وقتله للمسلمين وقطع طريق الحجّاج وتقتيلهم حتّى امتنع الناس عن الحجّ كما حصل مع حجّاج بغداد بين عام 319-327هـ، حيث لم يذهبوا لتأدية فريضة الحجّ خوفاً منهم ومن بطشهم. وقد حاول الركب العراقي خلال هذه الفترة أكثر من مرّة الذهاب للحج كما حدث عام 323هـ، إلاّ أن تعرّض القرمطيّ لهم وقتل الحجّاج وسبي الحريم جعلهم يقلعون عن محاولاتهم تلك، حتى أمّنهم القرامطة مقابل دفع ضريبة مقدارها خمسة دنانير على كلّ جمل وذلك عام 327هـ، وكانت أوّل مرة يدفع الحاج ضريبة لقاء توجّهه لأداء فرضٍ شرعه اللـه عليه.

    ومع هلاك سليمان القرمطيّ عام 331هـ وانقسام الحكم بين أبنائه، خفّت قوّة القرامطة وتهديدهم لدولة الإسلام، واقتصرت أعمالهم على قطع الطريق وبعض الهجمات الخفيفة لتأمين مصدرٍ لعيشهم. وقد كان الزمن كفيلاً بزيادة ضعفهم وحاجتهم إلى المال، فما أتى عام 339هـ حتّى استبدلوا الحجر الأسود بخمسين ألف دينار أعطاهم إيّاها الخليفة المطيع، وذلك إن دلّنا على شيء فإنّما يدلّنا على مقدار ضعفهم وحاجتهم. وقد تكفل اللـه سبحانه وتعالى أمر تلك الطائفة، وإن كان قد أمهلها بعض الوقت، فقضى عليهم ومحى ذكرهم وجعلهم عبرة لمن يعتبر، ولم يبقَ في أيّامنا هذه إلاّ بقايا لهم في تلك الديار.

    قــــــرامطة الشــــــام
    يعتبر مؤسّس القرامطة في بلاد الشام زكرويه بن مهرويه، إذ أنّه عندما شقّ حمدان وعبدان عصى الطاعة على مؤسّس مذهبهم الإسماعيلي وأسّس حمدان قرمط مذهبه الخاص، بقي زكرويه على ولائه للقداحيين، وذلك لغاية في نفسه. وقد حاول مراراً التخلّص من مؤسّسي المذهب القرمطي كعبدان وغيره، وقد نجح في قتل عبدان إلاّ أنّ نقمة أتباع عبدان عليه جعلته يختبئ في جنوب العراق وبعث أبناءه إلى بلاد الشام عامّة وإلى السلمية الإسماعيلية بشكل خاص لبثّ دعوته والسيطرة على أتباع أسرة ميمون القداح، وقد نجح في ذلك ممّا دفع أبناء ميمون القداح للهجرة إلى المغرب، فأسّسوا هناك دولة العبيديين (الفاطميين) وإن كان أبناء زكرويه اتّخذوا أسماءً أخرى وانتسبوا إلى إسماعيل بن جعفر الصادق كما فعل يحيى بن زكرويه حين ادّعى أنّه حفيد إسماعيل بن جعفر الصادق إلاّ أنّهم لم يستطيعوا أن يلصقوا أنفسهم بأهل البيت كما نجح العبيديون.
    خروجهم عن الخلافة
    بعث زكرويه من مخبئه في العراق ابنه يحيى إلى بلاد الشام مع أتباع له من السلمية ومن بادية الشام وذلك عام 289هـ، وهاجموا الرقة وانتصروا على عسكرها وساروا إلى دمشق وحاصروها، إلاّ أن جيوشها والمدافعين عنها رفضوا تسليمها واستطاع المدافعون عنها الصمود بمساعدة من أتاهم من مصر ومن الموصل بعد معارك طاحنة قتل فيها الكثير من الجيش الإسلامي، وما أن آلت إمارة الجيوش إلى بدر الحمامي صاحب ابن طولون حتّى انقلبت موازين المعركة لصالح المسلمين، فهزم عساكر القرامطة وقتل يحيى بن زكرويه القرمطي، وقبل مقتله -لعنه اللـه- أخبر جيشه بأنّه سيتركهم ويطلع إلى السماء، وأنّه سيبقى فيها أربعين يوماً وأنّ أخاه الحسين سيأتي ليحلّ محلّه في قيادة الجيش وأمرهم بالسمع لأخيه والطاعة له، ومع استلام الحسين لإمارة الجيش القرمطي انسحب من دمشق وهاجم حماة والمعرة وبعلبك، وكان يبثّ حقده على كلّ منطقة يصل بطشه إليها فيقتل أهلها ويستحلّ نساءها ويعيث في الأرض الفساد. وقصد حلب في عام 291هـ غير أنّهم هُزموا وعادوا إلى حمص، ولكنّهم فوجئوا بجيش الخليفة هناك وعلى رأسه محمّد بن سليمان الذي ما لبث أن اشتبك معه في معركة كان النصر فيها للمسلمين والخزي والعار للقرامطة، وأُسِر الحسين هذا وأُرسِل إلى الخليفة ببغداد، فعذّبهم وقطّع أيديهم ثمّ أحرقهم. فلمّا رأى زكرويه أنّه قد فقد ولديه رأى أن لا شيء أمامه إلاّ أن يظهر نفسه، فجمع جموعاً واتّجه بهم إلى الكوفة وقاتل أهلها في عام 293هـ يوم النحر وقاتله أهلها قتالاً ثبتوا فيه وردّوا جيوشه إلى القادسيّة، ووجّه الخليفةجيشاً لحربهم إلاّ أنّ جيش الخليفة هُزم شرّ هزيمة، مما أعطى قوّة معنوية لزكرويه القرمطيّ، وبدأ في قطع الطريق على الحجّاج كصاحبه القرمطيّ السابق، وكان إذا اعترض قافلة للحجّاج لا يترك أحداً من رجالها إلاّ وقتله وأخذ أمواله، ولم يترك امرأة في ذلك الركب إلاّ سباها واستحلّ عرضها. وفي عام 294هـ اعترض قافلة فيها نساء وخواصّاً للخليفة وأموالاً وخزائن له، فقتلوا الرجال وسبوا النساء وأخذوا الأموال، فلمّا علم الخليفة المكتفي بذلك أرسل جيشاً على رأسه وصيف بن صوارتكين والتقى جيش الخليفة بجيش القرمطي، وبعد معركة طاحنة استبسل فيها جيش المسلمين انتهى اليوم الأوّل فيها سجالاً، وما إن أصبح الصبح حتّى رجحت كفّة جيش المسلمين وأعملوا بجيش اللعين السيف، ومع حلول الظهيرة جرح زكرويه وقتل أغلب جيشه وفرّ من بقي منهم فماتوا عطشاً في البادية، وحُمِل زكرويه إلى الخليفة إلاّ أنّه هلك في الطريق بعد خمسة أيّام، فشقّوا بطنه وحملوه إلى بغداد ليجعلوه عبرةً لمن يعتبر، ومع مقتله لعنه اللـه انتهت سطوى القرامطة في العراق والشام، وبقيت فلول لهم غير ذات أثر هناك.

    القــــرامطة فـــي العصــــر الحديــــــث
    بقيت آثار للقرامطة تغيّر جلودها واسمها من آن لآخر حسب الظروف التي تحيط بهم، وكانوا على مرّ العصور يحملون الحقد في صدورهم للأمّة الإسلام، فما إن تأتيهم الفرصة للكيد للمسلمين حتّى تراهم يسرعون في اقتناصها والعمل بها سواء كانت خيانة أو مساعدة لغاز محتل، كما حصل بمساعدتهم للتتار في العراق وبلاد الشام، وكذلك وقوفهم بجانب الصليبيين في حملاتهم المشهورة ضدّ المسلمين في مصر والشام. ومن بقاياهم الآن جزء منهم في عُمان واليمن يلقّبون بالصوالحيين والمكرمية، ولا تزال بقايا للإسماعيليين البهرة في العراق وفارس والهند، وما زالوا يتربّصون الفرصة للفتك بالمسلمين وإعادة دولتهم من الشام إلى الجزيرة العربية، وبفضل اللـه ثمّ وعي بعض المسلمين على مرّ العصور فإنّهم لم ولن يستطيعوا القضاء على بيضة الإسلام، وذلك لوعد اللـه بنصرة دينه واستخلاف عباده في الأرض.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    نقلاً عن القرامطة والباطنية عبر التاريخ

    المراجع: الملل والنحل، الشهرستاني، جزء 1. الفرق بين الفرق، صدر الإسلام عبدالقاهر الإسفرائيني. الفصل بين الملل والأهواء والنحل، إبن حزم الظاهري، جزء 2u التاريخ الإسلامي، محمود شاكر، جزء 5 و6. تاريخ الإسلام، الذهبي، حوادث عام 281 حتّى 320.

    ساري الغدرا
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    حسين خلف موسى
    الإدارة
    حسين خلف موسى


    المشاركات : 221

    نشأة القرامطة وأهم معتقداتهم Empty
    مُساهمةموضوع: رد: نشأة القرامطة وأهم معتقداتهم   نشأة القرامطة وأهم معتقداتهم Icon_minitime11.04.11 0:08



    القرامطة و سرقة الحجر الأسود



    كان في عهد المعتضد رجل يدعى أبو سعيد الحسن بن بهران الجنابي في البحرين والأحساء دعا أهلهما إلى مذهب السبعية _ الذي نسميه نحن الباطنية _ فأضلهم وقوي أمره ولما استحكم شأنه هناك أخذ يقطع الطرق ويغير على النواحي والأطراف وأظهر الإباحة علنا واستمر على هذا المنوال شطرا من الزمن إلى أن اغتاله أحد الخدم وتولى بعد أبي سعيد ابن له كان يكنى بأبي طاهر الذي أخذ نفسه بالصلاح حينا وكان يعرف شيئا من مقالة السبعية.


    أرسل أبو طاهر فدعا كل من كان في البحرين والأحساء من الشباب وعشاق السلاح هلموا إلي فإن لي بكم حاجة وكان ذلك قبيل موسم الحج فتجمع حوله خلق لا يحصون عدا فمضى بهم إلى مكة ووصل في وقت أداء الفريضة وقد كان الحجيج محرمين فأمر رجاله أن اشرعوا سيوفكم واقتلوا كل من تصادفونه وأطلقوا أيديكم بالمكيين والمجاورين واستلوا علي سيوفهم وأعملوها في الناس قتلا فلما رأت الخلائق هذا فزعت إلى داخل الحرم ووضعت المصاحف أمامها أما المكيون فهرعوا إلى السلاح وتأزر كل من كان لديه سلاح به ومضى إلى ساحة الوغى فلما رأى أبو طاهر الأمر على هذه الحال أخرج إلى وسط ساحة القتال رسولا يقول لقد جئنا للحج لا للقتال وكان الذنب ذنبكم إذ أفسدتم علينا إحرامنا وقتلتم واحدا منا دون ذنب فاضطررتمونا إلى حمل السلاح وإذا ما ذاع في العالم أن المكيين يتأبطون الأسلحة ويعبثون في الحجيج قتلا فسيعزف الناس عن الحج وتؤصد طريقه وتسوء سمعتكم لا تفسدوا علينا حجنا بل دعونا نؤدي الفريضة وخيل للمكيين صدق قوله ولم يستبعدوا أن أحدا قد تحرش بهم فشهر سلاحه عليهم وقتل واحدا منهم _ وهذا من جهلهم وعدم معرفتهم بأحوال تلك الفرقة الخبيثة _ واتفقوا على أن يعيد الجانبان السيوف إلى أغمادها وأقسما بالقرآن الكريم يمينا لا رجعة فيها بأن لا يعودا إلى القتال ثانية وأن يتراجع المكيون ويعيدوا المصاحف إلى أمكنتها في الحرم حتى يتمكن الجانبان من زيارة الكعبة وتأدية مناسك الحج وأقسم المسلمون من المكيين والحجاج كما أقسم أبو طاهر ورجاله وفق إرادتهم ثم تراجعوا وألقوا السلاح وعاد المكيون ثم أعادوا المصاحف إلى أماكنها _ كل ذلك ودار الخلافة في عالم آخر _ واستأنف الحجيج تأدية مناسكهم وطوافهم .


    ولما رأى أبو طاهر أن حملة السلاح قد تفرقوا أمر أعوانه أن هبوا إلى السلاح واندفعوا إلى الحرم واقتلوا كل من تلقونه في داخله وخارجه فاندفعوا بسيوفهم ورماحهم إلى الحرم بغتة وأخذوا يقتلون كل من يجدونه في طريقهم إلى أن قتلوا المجاورين جميعا وخلقا كثيرين غيرهم وجعل الناس يلقون بأنفسهم في الآبار ويفرون إلى رؤوس الجبال خوفا من السيف فما شعروا إلا بالقرمطي قد خرج عليهم في جماعته يوم التروية فانتهب أموالهم واستباح قتالهم فقتل الناس في رحاب مكة وشعابها حتى في المسجد الحرام وفي جوف الكعبة، وجلس أميرهم أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي - لعنه الله - على باب الكعبة، والرجال تصرع حوله في المسجد الحرام في الشهر الحرام ثم في يوم التروية، الذي هو من أشرف الأيام، وهو يقول:




    أنــا باللـه وباللـه أنـا







    يخــلق الخــلق وأفنيهــم أنـا




    فكان الناس يفرون فيتعلقون بأستار الكعبة فلا يجدي ذلك عنهم شيئا، بل يقتلون وهم كذلك، ويطوفون فيقتلون في الطواف، وقد كان بعض أهل الحديث يومئذ يطوف، فلما قضى طوافه أخذته السيوف، فلما وجب أنشد وهو كذلك:








    تـرى المحـبين صـرعى في ديارهم







    كفتيـة الكـهف لا يـدرون كـم لبثوا




    ثم أمر القرمطي - لعنه الله - أن تدفن القتلى ببئر زمزم، ودفن كثيرا منهم في أماكنهم وحتى في المسجد الحرام - ويا حبذا تلك القتلة وتلك الضجعة - ولم يغسلوا ولم يكفنوا ولم يصل عليهم؛ لأنهم شهداء في نفس الأمر، بل من خيار الشهداء، وهدم قبة زمزم، وأمر بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها، وشققها بين أصحابه، وأمر رجلا أن يصعد إلى ميزاب الكعبة فأراد أن يقتلعه، فسقط على أم رأسه فمات لعنه الله وصار إلى أمه الهاوية، فانكف اللعين عند ذلك عن الميزاب، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، وجاءه رجل فضرب الحجر بمثقل في يده وقال: أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟ ثم قلع الحجر الأسود، شرفه الله وكرمه وعظمه، وأخذوه معهم حين راحوا إلى بلادهم، فكان عندهم ثنتين وعشرين سنة حتى ردوه في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. فإنا لله وإنا إليه راجعون.




    و كان من جملة من قُتل ذلك العام التابعيّ الجليل عبدالرحمن بن عبداللـه بن الزبير، وقد سبى ما يقارب الثلاثين ألفاً من النساء والغلمان .ولما رجع القرمطي إلى بلاده، تبعه أمير مكة هو وأهل بيته وجنده وسأله وتشفع إليه في أن يرد الحجر ليوضع في مكانه، وبذل له جميع ما عنده من الأموال، فلم يفعل - لعنه الله - فقاتله أمير مكة فقتله القرمطي وقتل أكثر أهله وجنده، واستمر ذاهبا إلى بلاده ومعه الحجر الأسود وأموال الحجيج.


    وروى إبن الأثير عن بعضهم أنه قال: كنت في المسجد الحرام يوم اقتلع الحجر الأسود إذ دخل رجل وهو سكران راكب على فرسه، فصفر لها حتى بالت في المسجد الحرام في مكان الطواف، ثم حمل على رجل كان إلى جانبي فقتله ثم نادى بأعلى صوته: يا حمير، أليس قلتم في بيتكم هذا وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا فأين الأمن؟ قال: فقلت له: أتسمع جوابا؟ قال: نعم. قلت: إنما أراد الله: فأمنوه. قال: فثنى رأس فرسه وانصرف.


    وكان أبو طاهر عليه اللعنة قد ضرب الحجر الأسود بدبوس فكسره ثم اقتلعه بعد صلاة العصر من يوم الاثنين لأربع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة ،وأقام بمكة أحد عشر يوما ثم انصرف إلى بلده هجر ( البحرين والمنطقة الشرقية للسعودية الآن) وحمله معه وبقي الحجر الأسود عندهم أكثر من عشرين سنة واحتفظ القرامطة بالحجر الأسود بعد أن بنو له كعبة جديدة في دولتهم طوال 22 سنة . وبقى مكان الحجر خالياً يلتمس الحجاج والمعتمرين فجوته بأيديهم وهم يبكون ويتوسلون إلى الله أن يعيد لهم الركن إلى مكانه .هلك أبو طاهر القرمطي سنة 332هـ .ومع هلاك سليمان القرمطيّ عام 331هـ وانقسام الحكم بين أبنائه، خفّت قوّة القرامطة وتهديدهم لدولة الإسلام، واقتصرت أعمالهم على قطع الطريق وبعض الهجمات الخفيفة لتأمين مصدرٍ لعيشهم. وقد كان الزمن كفيلاً بزيادة ضعفهم وحاجتهم إلى المال، فما أتى عام 339هـ حتّى استبدلوا الحجر الأسود بخمسين ألف دينار أعطاهم إيّاها الخليفة المطيع، وذلك إن دلّنا على شيء فإنّما يدلّنا على مقدار ضعفهم وحاجتهم. وقد تكفل اللـه سبحانه وتعالى أمر تلك الطائفة، وإن كان قد أمهلها بعض الوقت، فقضى عليهم ومحى ذكرهم وجعلهم عبرة لمن يعتبر، ولم يبقَ في أيّامنا هذه إلاّ بقايا لهم في تلك الديار.

    عودة الحجر الأسود



    فوجيء المسلمون في يوم النحر ( عيد الأضحى ) الموافق ليوم الثلاثاء من سنة 339هـ بزعيم القرامطة سنبر بن الحسن القرمطي يوافي مكة بالحجر الأسود ـ قيل أن الحجر الأسود عاد على ظهر قعود ضعيف فسمن ! ـ فأظهره بفناء الكعبة ومعه أمير مكة . وكان على الحجر ضبات فضة قد عملت عليه من طوله وعرضه ، تضبط شقوقاً حدثت عليه بعد قلعه ، وأحضر معه جصاً يشد به ، فوضع سنبر القرمطي الحجر بيده ، وشد الصانع بالجص ، وقال سنبر لما رده " أخذناه بقدرة الله ، ورددناه بمشيئة الله " ونظر الناس إلى الحجر الأسود فتبينوه وقبلوه وحمدوا الله تعالى . ويقال أن القرامطة حاولوا غش المسلمين فيه ، فجاءوا بحجر مماثل له ، إلا أن المفاجأة كانت لهم حين قبل رئيس وفد مكة اختبار مادة أصل الحجر . وطلب إحضار ماء لكون الحجر الأسود يطفو على الماء وهو ليس كبقية الحجار المعروفة ، مما جعل رئيسهم يظهر تعجبه البالغ وهو يردد " هذا دين مضبوط " ! .


    أسئلة فقهية هامه حول هذة الواقعة ومقارنتها بجادثة الفيل


    لماذا لم يحمي الله بيته الحرام من القرامطه كما حماة من جيش أبرهة الحبشي؟


    وقد سأل بعضهم هاهنا سؤالا فقال: قد أحل الله عز وجل بأصحاب الفيل - وكانوا نصارى وهؤلاء شر منهم - ما ذكره في كتابه العزيز حيث يقول: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ومعلوم أن القرامطة شر من اليهود والنصارى والمجوس، بل ومن عبدة الأصنام، فهل عوجلوا بالعقوبة كما عوجل أصحاب الفيل؟ وقد أجيب عن ذلك بأن أصحاب الفيل إنما عوقبوا إظهارا لشرف البيت الحرام، ولما يراد به من التشريف والتعظيم بإرسال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من البلد الذي كان هذ البيت فيه؛ ليعلم شرف هذا الرسول الكريم الذي هو خاتم الأنبياء، فلما أراد هؤلاء إهانة هذه البقعة التي يراد تشريفها عما قريب أهلكهم سريعا عاجلا غير آجل، كما ذكر في كتابه، وأما هؤلاء فكان من أمرهم ما كان بعد تقرير الشرائع وتمهيد القواعد، والعلم بالضرورة من دين الله بشرف مكة والكعبة، وكل مؤمن يعلم أن هؤلاء من أكبر الملحدين الكافرين؛ بما تبين من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلهذا لم يحتج الحال إلى معالجتهم بالعقوبة، بل أخرهم الرب جل جلاله ليوم تشخص فيه الأبصار، والله سبحانه وتعالى يمهل ويملي ويستدرج، ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ


    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله؛ إنهم يجعلون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم وقال تعالى: وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ وقال تعالى: لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ وقال تعالى: نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ وقال: مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ


    المصادر


    الملل والنحل، الشهرستاني، جزء 1.

    الفرق بين الفرق، صدر الإسلام عبدالقاهر الإسفرائيني. الفصل بين الملل والأهواء والنحل، إبن حزم الظاهري، جزء 2u

    التاريخ الإسلامي، محمود شاكر، جزء 5 و6.

    تاريخ الإسلام، الذهبي، حوادث عام 281 حتّى 320.

    موقع التاريخ وموقع مُفكرة الإسلام


    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    حسين خلف موسى
    الإدارة
    حسين خلف موسى


    المشاركات : 221

    نشأة القرامطة وأهم معتقداتهم Empty
    مُساهمةموضوع: رد: نشأة القرامطة وأهم معتقداتهم   نشأة القرامطة وأهم معتقداتهم Icon_minitime11.04.11 0:13


    زيادة بالمعرفة عن القرامطة إقرأ كتاب
    د. سهيل زكار التقديم لكتابه (أخبار القرامطة في الإحساء ـ الشام ـ العراق ـ اليمن) الصادر عن دار الكوثر في الرياض سنة 1410هـ (1989م) في حين صدرت طبعته الأولى قبل ذلك بأربع سنوات

    يقرر المؤلف في البداية أن تاريخهم حظي بعناية كبيرة من قبل الباحثين، حتى أن تاريخ القرامطة بات بالنسبة لبعض الباحثين هو تاريخ قرامطة البحرين، ولهذا أهملوا تاريخ قرامطة الشام واليمن، وجاء البحث في قرامطة العراق بمثابة مقدمة لتاريخ طائفة الإحساء والبحرين.
    وترتبط بدايات الدعوة القرمطية بالبحرين بالحركة القرمطية في سواد الكوفة أيام حمدان بن الأشعث، فقد جرى إرسال داعية إلى منطقة هجر في البحرين يدعو بين قبائلها سنة 281هـ. هذا الداعية يعتقد أنه أبو زكريا يحيى بن علي الطمامي.
    وسرعان ما تم إرسال داعية آخر هو أبو سعيد الحسن بن بهرام الجنابي، ثم مالبث الجنابي أن قام بتصفية الطمامي، وقد اعتبر د. زكار أن هذا القتل يشكل بداية تمرد على دعوة العراق.
    بدأ أبو سعيد نشاطه في بلدة هجر قصبة البحرين، ولقي مساعدة إحدى القبائل وسرعان ما استطاع تأسيس دولة هناك، ثم توسع نحو الإحساء، واهتم بتوجيه الأطفال وتعليمهم دعوته، إذ جمع صبيان أتباعه "في دور وأقام عليهم ما يحتاجون إليه، ووسمهم لئلا يختلطون بغيرهم، ونصب لهم عرفاء، وأخذ يعلمهم ركوب الخيل والطعان، فنشأوا لا يعرفون غير الحرب، وقد صارت دعوته طبعاً له". وبوساطة هؤلاء عندما غدوا رجالاً أمّن الجنابي العمود الفقري لدولته.
    وفي سنة 301هـ قتل أبو سعيد، وتسلم السيادة بعده ابنه سعيد، وفي عهده ساد الهدوء بين القرامطة والعباسيين، حتى سنة 305هـ، عندما خلع سعيد، وحل محله أخوه أبو طاهر سليمان.
    وفي عهد الأخير، نشط القرامطة عسكرياً بشكل كبير، وتركز نشاطهم بصورة خاصة ضد قوافل الحجيج، وجاء هذا متزامناً مع استتاب الأمور للمهدي العبيدي في أفريقيا، وشروعه في إرسال الجيوش إلى مصر لاحتلالها.
    يقول د. زكار (ص152): "ويبدو أن الاتصالات قد قامت في هذه الآونة بين الخلافة الفاطمية والقرامطة، ووضعت الخطط للتنسيق في الجهود العسكرية بين الطرفين، والذي طلبته الخلافة الفاطمية من القرامطة هو الضغط على العراق، والضغط أيضاً على السلطات الإخشيدية في الشام وهذا ما حصل".
    وقد حفلت الكتب بجرائم أبي طاهر بحق المسلمين، وقد وصلت الذروة في عام 317هـ بمهاجمة مكة في موسم الحج، وقتل الحجاج مع أهل مكة واقتلاع الحجر الأسود من الكعبة، ويروى أن أبا طاهر كان قد وقف أثناء الفتك بالحجاج على باب الكعبة يلعب بسيفه وينشد ويقول:
    أنـا بالله وبالله أنـا يخلق الخلق وأفنيهم أنا
    وأنه أنشد إثر انصرافه من مكة:
    ولو كان هذا البيت لله ربنـا لصبّ علينا النار من فوقنا صبّا
    لأنا حججنا حجة جاهليــة مجللة لم نبق شرقا ولا غربـا
    وأنا تركنا بني زمزم والصفا جنائز لا تبغي سوى ربها ربـا

    يصف د. زكار ما اقترفه القرامطة في البيت الحرام بـ "حملة بربرية قصدت إلغاء الحج وذلك تمهيداً لإعلان قيامة عظمى". وفي موضع آخر من الكتاب يشرح المؤلف سبب تركيز القرامطة على مهاجمة الحجاج وقوافلهم والإفساد في مكة وذلك يعود إلى ما يؤمن به الفكر الإسماعيلي من أن (الإمام) هو آخر المراحل السبعة، وأنه ناسخ الشرائع، ومعلن الحرب على معارضيه.
    وبتفصيل أكثر يقول زكار ص 115: "أراد القرامطة ما أرادته الدعوة الإسماعيلية إيقاف الحج بشكل نهائي بوساطة مهاجمة قوافل الحجيج وقطع طرق الحج... لأن القرامطة اعتقدوا أنه مغناطيس القلوب "يجذب الناس إليه من أطراف العالم".
    ويقول: " إن الحج هو شعيرة تميز بها الإسلام، وهي الشعيرة الوحيدة التي تعلن بشكل عالمي ظاهري عن استمرارية الإسلام.. واستمرار الحج معناه إخفاق العمل في سبيل إعلان القيامة، ونجاحها في تعطيل الشريعة، وإحلال دين الكشف الذي سيأتي به القائم محلها".
    فيما بعد قام صراع قرمطي عبيدي، وكان في زعامة القرامطة الحسن الأعصم، وكان على رأس الدولة العبيدية المعز لدين الله، واستمر الصراع حتى أيام ابنه العزيز، لكن اتفاقاً تم التوصل إليه بين الطرفين لتهدئة الأمور، وأن يدفع العبيديون للقرامطة أتاوة سنوية قدرت بسبعين ألف دينار وبعد وفاة الأعصم، استمرت دولة القرامطة ما يزيد على قرن إلى أن تم القضاء عليها بثورة العيوني بمساعدة السلطان السلجوتي ملكشاه سنة 469هـ.


    ساري الغدرا
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
     
    نشأة القرامطة وأهم معتقداتهم
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    للنشر....ملتقى المصباح الثقافي :: فضاءات عامة ومنوعة :: فضاءات فلسطين والعرب-
    انتقل الى: