الحرية لأسرى الحرية .بقلم/ريتا رضوان عيد
وطني وجدت بين بحرك ونهرك لي فيه بيت، وشجرك قد أعطاني الأمان، حنان أمي فيك رأيت، وعظمة أبي في حضنك شعرت ،وطني ها أنا أعدك بأن روحي وجسدي هي ملك لك وحدك، فان رحل جسدي فروحي أبدا لن تموت ولن ترحل، كثيرون هم من حاولوا أن يصفوا مدى روعتك وحنانك وعظمتك ولكنهم عجزوا عن ذلك، فلا يوجد شاعر أو أديب مهما علا شأنه يستطيع أن يصف من تكون .
وطني هو فلسطين كما ينمو فيه الزيتون والزعتر ،فهناك أبطال يولدون من رحم الأرض المثخن بالدماء كل يوم.
أبطال ينبض قلبهم بنبض الوطن، ويعيشون على عشقه ،خلقوا كي يحيوا ويموتوا من اجل هناء الوطن لا غيره ،هؤلاء هم رفضوا إلا أن يلبوا نداء الوطن حين صرخ واستنجدهم،هم أقسموا بأن يجعلوا من أنفسهم درعا للوطن وأهله ،هم لم يقبلوا بأن يسلب شبر من أرض الوطن أو يقبلوا بالذل والعار ،لم يرضوا كغيرهم أن يأخذوا دور الشيطان الأخرس.
لذا هم صرخوا بكل جوارحهم وأقسموا بأن يجعلوا الأرض نارا ولهيبا تحت أقدام عدوهم، ولأنهم حماة الوطن فوجودهم سيعيق سلب السارقين لحفنة من ترابه ،لذا فكان على من يريد أن يبيع ويشتري الوطن أن يتخلص من هؤلاء الأبطال ليستطيعوا أن يقوموا بما يريدوا دون أي عائق،فمن الأبطال والعظماء من ذهبوا شهداء كي تحمي أرواحهم سماء الوطن ،ومنهم من وقع في أقبية التعذيب.
أسرانا هم لبوا نداء الوطن حين صرخ ولكنهم الآن يصرخون وللأسف بدون مجيب يلبي النداء.
منذ عام 1967 إلى الآن والحركة الأسيرة تشهد أوضاعا مأساوية وخطيرة وصعبة للغاية من قبل قوات الأمن الإسرائيلية، حيث تقوم هذه القوات بعمليات مبرمجة وواسعة كعملية القمع والقهر والانقضاض على حقوق أسرانا العزل ،حيث تفرض عليهم إجراءات همجية ووحشية تتنافى مع كل الشرائع إنسانية أو دولية كانت، وفي ظل كل هذه المعاناة لم يستطع الأسرى إلا أن يصرخوا لكافة مؤسسات حقوق الإنسان وغيرها من أجل التدخل العاجل لمساعدتهم من هذه الممارسات التعسفية والوحشية بحقهم ،ولكن إدارة السجون الإسرائيلية ما زالت في توسع مستمر لكل هذه السياسيات ألا إنسانية، المتمثلة في الإهمال الطبي المتعمد وممارسة أساليب وحشية وقمعية وتعذيب قاس جدا من أجل إجبارهم على الاعتراف تحت التهديد.
إن هذه الأوضاع القاسية والتي تتصاعد يوما عن يوم أكثر، تنذر بخطر شديد وقد تؤدي إلى انفجار في السجون إذا بقيت علة حالها، لذا علينا التحرك بشكل جاد وسريع لحل هذه القضية المهمة للغاية وإعطائها ما تستحق لاطلاع العالم على صرخاتهم وعلى صور معاناتهم.
فما زال الاحتلال يختطف في سجونه حوال (8200) أسير فلسطيني وعربي موزعين جغرافيا كالتالي: (770 ) أسير من قطاع غزة و(450) أسير من القدس وأراضي 48 و(6925)أسير من الضفة الغربية المحتلة و(65) أسير عربي من جنسيات مختلفة ، وكذلك ما زالت سلطات الاحتلال تمارس أساليب التعذيب التي حرمها القانون الدولي وكافة المواثيق، فهي الدولة الوحيدة في العالم التي تجيز التعذيب وتعطيه الشرعية أيضا ،فهي تقوم بكافة أشكال التعذيب النفسي والجسدي، حيث نادرا ما نجد شخصا يعتق دون تعرضه للتعذيب.
تقوم سلطات الاحتلال بطرق مختلفة لاعتقال الفلسطينيين وذلك لا يقتصر على منطقة معينة فحسب، ولكن الضفة الغربية المحتلة هي أكثر المناطق معاناة مع ذلك.
إن عملية الاعتقال المتبعة غالبا هي أن يقوم الجيش بمحاصرة البيت الذي يوجد فيه المطلوب، وتكسر أبوابه وتقتحمه بصورة همجية ووحشية للغاية ، ومن ثم تقلب البيت رأسا على عقب، وتعبث بكافة محتوياته،وينزل بعد ذلك الشخص المراد اعتقاله بطريقة وحشية ويكبلوه بقيود بلاستيكية قوية جدا،ويوضع رباطا على عينيه ويجر للخارج بطريقة خالية من الإنسانية،ليوضع بعد ذلك في سيارة الجيش وأثناء الطريق يتم الاعتداء على الأسير بالضرب الوحشي والعنيف إلى أن يصل لمركز التحقيق ،وكثيرا ما يتم الاعتقال عبر الحواجز الموجودة في الطرق ،أو اختطاف من يريدوا من أماكن التواجد .
كما يبلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة حوالي (70) أسيرا شهيدا ،وهناك الكثير والكثير من الذين استشهدوا بعد تحررهم نتيجة لأثار السجن والتعذيب.
في أقبية التحقيق التابعة لأجهزة الأمن الصهيونية يتم تعذيب الأسرى بكافة أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، حيث يوضع الأسير في زنزانة لا تتجاوز متر إلى متر ونصف وهو موثوق الأيدي والأرجل ومعصوب العينين، ولا تدخل أشعة الشمس للزنزانة ولا يكاد يوجد تهوية،ويوجد فتحة صغيرة لتزود المعتقل بكميات بسيطة جدا من الطعام.
كل ما ذكر سابقا هو جزء بسيط من المعاناة التي تمارسها إدارة السجون بحق أسرانا العزل، وكل الهدف منها هو إذلال الأسير وكسر إرادته وزرع الرعب في نفسه ،وإرغامه على ما تريده السجون مع تناسي كامل لإنسانية الأسير ولأي قوانين دولية.
أيها الأسرى العظام أنا حقا أخجل حتى من أن أعتذر منكم،أنا أخجل من كل هذا التقصير بحقكم ،ولكننا الآن نعدكم بأن شمس الحرية قريبة،فألف تحية لكم يا منبع الصمود والتحدي...
بقلم/ريتا رضوان عيد