إقتربت النجوم ، وأرتقي القمر سلالم السماء صعودا في
جوف العتمة وتلألأت حواف الأشجار معانقة الضوء علي ساحة الأرض
جو من السحر أخذ لُب عابد فتملكه كما يتملك الملوك عبيدهم ..!!
ينظرعابد في إنبهار ممزوج بطعم الإجلال ليري جمال الكون من حوله
يتسائل ألم يجعل الله تعالي الليل لباسا كي ينعم الناس فية بالراحة والأمان فلمن هذا السحر الخلاب ؟!؟
فقد كانت حياة عابد ما بين القرأن والصلاة
يخطب في الناس كل جمعة فى مسجد القرية
يتسارع إلية العامة البسطاء للسؤال
لمَ خلقنا ؟!؟ فكان يأتي جوابه
نحن خلقنا لعبادة الله
ألهذا خلقنا حقا ؟!؟
يتردد السؤال في نفسة
وهو في سيرة يتأمل
ويحاول جاهدا فهم نفسة بعمق ولمَ حيرته تلك
وتراه يحدث نفسة قائلا :
أليس هذا ما تقوله للعامة ؟!!
نعم .. نعم هذا هو ما أقوله وهذا هو الصحيح
فالحياة هي العبادة كما قال الله تعالي
( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )
فلمَ الحيرة إذا !!
فعابد يعتبره أهل قريته الشيخ والإمام
يتوجه إليه الرجال والنساء .. الصغير والكبير
يسئلونه في أمور دينهم ودنياهم
إلي أن أتت دنيا الفتاة الرائعة الجمال
أتت إلية تسئله عن أمر خاص بالنساء .. فهو يعتبر الشيخ ..!!
فلحظة ما رأها شعر بها و سرت في جسدة إرتعاشة تجتاح كل جوانبه
لتستقر في جوفه معلنة إنقلاب علي قناعات النفس
تلعثم عابد واخذ العرق يتصبب من جبينه سائرا ليشق لحيته وعندما
نظر إليها تلاقت أعينهما للحظات ,أخذ نفسة صعودا وهبوطا
فلأول مرة يري ملاكا في صورة بشرا .. هكذا هيئ له
وفجأة غض الطرف عنها بعد أن إمتلأت عينية وقلبه بها
وأجابها علي تساؤلاتها بصوت يتصنع فية الخشونة والحدة للسامع كأنه يحاول أن يكسر
ما بداخله علنا أمام الجميع وتلك كانت المرة الأولي
تعددت المرات بتعدد التساؤلات وفي كل مرة يزداد شعورة عمقا بها
إلي أن إنقطعت عنه تماما فلم تعد تأتي ولا يلمحها بالجوار
وأخذ يوما يجول قبيل وقت الصلاة بقليل حول المسجد ويضرب بعينية في كل صوب وحدب باحثا عنها
فبعد أن كانت العينين لا ينظران إلا للكتاب أصبحا يبحثان عنها في كل
الوجوه والأجساد إلي أن وجدها تنظر من شرفة منزل يبعد عن المسجد بضعت أمتار فقط
إنشرح صدرة وإمتلأت عينيه بها
وهو ناظر لأعلي في إتجاه شرفتها إصطدم بأحد أبناء أهل القرية من رواد المسجد
فبادر ذلك الشخص هو بالاسف وقال له : يا إمام إن الصلاة دخل وقتها الأن ألن تأتي لتأذن فينا ..!!
رد عابدا قائلا : نعم .. نعم سأتي فور أن إنتهي من البحث عن بغيتي الضاله
إسبقني أنت للمسجد وطمأن الجموع بأني سأتي
تركه ذلك الشخص متجها للمسجد وبعد أن إطمئن عابد أنه إيتعد عنه رفع بصرة للشرفة
كي يري دنياه كما أسمتها نفسه الطواقه
فلم يجدها أصابة الذعر وتباطئ النفس كأن شئ أصاب صدرة بثقل كبير
فهو الأن يقع في حيرة ما بين إمامه الناس التي حان وقتها وأداء الفرض وما بين الوصول لبغيته
فتواترت فكرة في ذهنه صعودا من القلب إلي العقل أن يخطواالدرج مسرعا
للسؤال عنها ومقابلتها والإعتراف لها بمكنون صدرة
فصعد مسرعا تتسارع دقات قلبة يصرعه الشوق للقاء وتمتد يده لتدق جرس الباب
ليفتح رجل أصلع ضخم الجثة فيتلعثم عابد قائلا : أ. أ . السلام عليكم
فيرد الرجل قائلا : وعليكم السلام
عابد : جئت أسئل عن أختنا دنيا أهي هنا أقصد أهي بخير ويربط جملته تلك
كي لا يراود الرجل الشك فى سؤاله قائلا : أنا إمام المسجد ( الشيخ ) كانت تأتيني
لتسألني في امور الدين وقد إنقطعت أخبارها
وهي أخت فاضله فقلقنا عليها مخافة أن يكون أصابها مكروه
الرجل : أهلا ومرحبا بك أيها الشيخ لا داعي للقلق فقد كانت دنيا حامل ووضعت مولدها منذ قريب
لحظتها أصاب عابد الذهول ودارت الأرض حوله مردد بصوت فية حسرة : حامل ...!!
وفي تلك الدقائق القليله قد كانت صلاة العصر قد مضي وقتها الأول دون أن يرفع الأذان
فقد تأخر الشيخ ( عابد ) ...!! فواسفاااه قد ضاعت الصلاة في وقتها بضياع الإمام
فأناس أهل القرية بسطاء لم يتعلموا إمامه الصلاة..!!
فإضطر كل واحد منهم أن يصلي منفردا
وحينها عاد عابد .. عيناه ملأي بالدموع والحسرة تمزق قلبه
ناظرا للسماء يرجوا الرحمة ..!!
فيقلب وجهه فيها ليجد شعاع الشمس الضارب في العمق فيري ويدرك ..!!
و يجد نفسة سائرا ليعتلي المنبر وعلي لسانة كلمة
قد يصُعب علي أهل القرية البسطاء إدراكها
ويتردد اللسان عن النطق فقد أصيب بحمي الخوف
ولكن ما تم إدراكه يصرع أي خوف
فيرفع صوته مؤذنا في الناس
أيها الناس تحرروا ..!!
ــــــــــــــــ
إيناس عتمان