مشاريع كثيرة للوحدة العربية، بعضها بدأ ولم يستمر، وبعضها بقي أملاً أو سراباً... القومية العربية هل هي وهم أو حقيقة... وإذا كانت البلدان العربية مختلفة في مواقفها وأولوياتها، ألم تظهر متشابهة حد التطابق في تاريخها وحاضرها؟ وعلى المستوى الشعبي، لم تنبض قلوب العرب مع أشقائهم في لحظات ضيقهم وغضبهم ومصائبهم قبل أفراحهم..
كثيرون منا ـ ربما ـ لا يعرفون عن مشاريع الوحدة العربية، موضوع اليوم يتطرق إلى الوحدة بين مصر وسوريا الممثلتين في الجمهورية العربية المتحدة وبين اليمن الشمالي الذي كان وقتها مملكة يحكمها أسرة المتوكل على الله..
لقد انهارت مشاريع الوحدات العربية ابتداء من الوحدة بين مصر وسورية إلى الوحدة بين مصر وسورية وليبيا، والوحدة بين مصر وسورية والعراق، ومصر وسوريا مع السودان، وسوريا مع ليبيا ، إلى الوحدة بين دول المغرب العربي... لأسباب ما زال يختلف عليها المفكرون والمحللون السياسيون..
ولعل أحد أسباب الفشل هو سعي كل دولة عربية إلى حل معضلاتها الداخلية على حساب الوحدة ـ الدول الأخرى ـ وبذلك بدت الوحدة تجميعاً لمشاكل وأزمات الدول وخندقاً يعج بالمصالح والتطلعات المتضاربة، لكنه بالوقت ذاته يستر ضعف كل منها..
أكثر من نصف قرن يفصلنا عن تاريخ كتابة هذا المقال، الأمر الذي قد يفسر النبرة الاحتفالية المنتصرة التي يستخدمها المقال.. ورغم ذلك سنجد أن الاتحاد المزعوم كان من حسن التخطيط بحيث سبق الاتحادات في دول كثيرة.. لكن النوايا الحسنة لم تكن تكفي للاستمرار..
تحت عناوين بالخط العريض " الدول العربية المتحدة ـ خطوة جديدة تخطوها العروبة... لا قيود .. لا حدود.. ولا شروط بين الدول العربية المتحدة " ورد ما يلي :
هنا دمشق العدد115 آذار 1958
"... دخلت اليمن في اتحاد الجمهورية العربية المتحدة، فضربت بذلك مثلاً عالياً من الإخلاص لفكرة القومية العربية التي يجاهد كل عربي مخلص في سبيلها..
... في الثامن من آذار وقع سيادة الرئيس جمال عبد الناصر وسمو الأمير سيف الإسلام البدر اتفاقية اتحاد الجمهوريات العربية المتحدة والمملكة المتوكلية اليمانية، وبذلك أرسيا دعائم خطوة جديدة تخطوها القومية العربية الظافرة..
وقد ترافق توقيع هذا الاتحاد، مع إعلان اتفاقية للاتحاد العربي تفتح الباب أمام كل دولة عربية ترغب في أن تكمل كيانها بالاتحاد مع الجمهورية العربية المتحدة واليمن وقد نصت الاتفاقية على أن إنشاء اتحاد يسمى " الدول العربية المتحدة" يترك المجال رحباً أمام الدول الراغبة في الانضمام إليه على أن تحتفظ كل دولة بشخصيتها الدولية وبنظام الحكم الخاص بها، ويكون مواطنو الاتحاد متساوين في الحقوق والواجبات العامة، كما أن لكل مواطن فيه حق العمل وتولي الوظائف العامة في البلاد المتحدة دون تفرقة كما تباح حرية التنقل فيها ـ ضمن حدود القانون ـ وعلى أن تتبع الدول الأعضاء السياسة الخارجية الموحدة التي يضعها الاتحاد ويتولى التمثيل السياسي والقنصلي له هيئة واحدة في الأحوال التي يقرر فيها الاتحاد ذلك.
كما يكون للاتحاد قوات مسلحة واحدة، وتنظم الشؤون الاقتصادية وفقاً لخطط مرسومة تهدف إلى تنمية الإنتاج واستغلال موارد الثروة الطبيعية وتنسيق النشاط الاقتصادي، على أن ينظم القانون فيما بعد شؤون النقد وكيفية الاتحاد الجمركي ومراحل ووسائل تنسيق التعلم والثقافة في الاتحاد.
ونصت اتفاقية الاتحاد على أن يشرف مجلس أعلى مؤلف من رؤساء الدول الأعضاء على شؤون الاتحاد، ويعاون المجلس الأعلى في مباشرة سلطانه مجلس يسمى " مجلس الاتحاد" يشكل من عدد متساو من ممثلي الدول الأعضاء ويترك للقانون أمر تحديد عدد أعضاء المجلس ومدة عضويتهم والأحكام الخاصة بهم.
أما رئاسة الاتحاد، فقد نصت الاتفاقية على أن تكون بالتناوب بين الدول الأعضاء، وعلى الدولة التي تحل نوبتها أن ترشح من يتولى الرئاسة على أن يكون للرئيس نائب أو نواب من الدولة أو الدول الأعضاء في الاتحاد.
ويختص المجلس الأعلى برسم السياسة العليا للاتحاد في المسائل السياسية والدفاعية والاقتصادية والثقافية وإصدار القوانين اللازمة في هذا الشأن، وتكون قراراته بالإجماع.. ويعود للمجلس حق تعيين القائد العام للقوات المسلحة في الاتحاد.
وجاء في الاتفاقية أيضاً أن تتبع مجلس الاتحاد ثلاث هيئات هي: مجلس الدفاع والمجلس الاقتصادي والمجلس الثقافي، وتكون للقوانين الاتحادية قوة إلزامية في البلاد المتحدة، ويعين رئيس كل دولة وزيراُ لدى الدول العربية المتحدة يختص بالإشراف على تنفيذ قرارات الاتحاد في الإقليم الذي يتبعه، كما يعين رئيس كل دولة وزيراً نائباً عنه لدى رئيس أو رؤساء الدول الأخرى ويكون له صفة الوزراء المحليين، كما نصت الاتفاقية على إلغاء التمثيل السياسي بين الدول الأعضاء، وتسري القواعد الجمركية المعمول بها في الدول أعضاء الاتحاد أن ينظم إلى الاتحاد الجمركي بينها..."
سيف الإسلام البدر
هو أحد أبناء الإمام يحيى الأربع عشر الذين كان لقبهم ـ سيف الإسلام ـ وكان والده قد أنشأ نظام حكم إسلامي في اليمن الشمالي التي عرفت آنذاك بـ (المملكة المتوكلية)، حيث كان لقب الوالد المتوكل على الله.
تولى السلطة بعد اغتيال أبيه، بين عامي (1948ـ1962)
عانت اليمن في عهده من اضطرابات بسبب خلافاته مع أخوته الطامعين بالسلطة، ومعاركه مع اليمن الجنوبي.
سيريا نيوز