أمام هذا الإصرار الشعبي على عزل مبارك والتجمهر والتجمع في الساحات العامة وقطع الطريق وتعطيل الأعمال الخاصة والعامة والمطالبة بمطلب وحيد هو تنحي الرئيس تظهر علامات تعجب واستفهام تفوق عدد المتجمعين في ميدان التحرير بعد عبارة استفهامية واحدة وهي الآتية: لماذا العقوق بالرئيس؟؟؟!!!
لماذا لا تصبرون على الرجل فلعل في جعبته أهداف نبيلة تاهت عنكم وتهتم عنها ، فسيادته يعلم
أن أهم عوامل تخلف الدول هو الانفجار السكاني، والرقم 85 مليون هو رقم شديد البأس ولا طاقة لمصر باحتماله ولا بد من تخفيض هذا الرقم، أما السبعون مليار دولار فهو رقم دون التوقعات، ويحتاج لإضافة قدرها ثلاثون مليار دولار أخرى ليتحول إلى رقم مجزي، يتيح لصاحبه دخول نادي المالتي مليارديرية وانتم تستكثرون على الرجل أن يحقق حلمه البسيط هذا، وهذا يحتاج لبعض التمديد، فلماذا ينفذ صبركم على حين غرة، ولماذا العقوق؟؟؟!!!
أطيعوا سليمان وعودوا إلى بيوتكم وأعطوا الرجل فرصة جديدة يحقق فيها طموحه فيبقى في السلطة ويجمع الثلاثون مليار دولار المتبقية، وينام قرير العين وهو يرتقي بمصر وشعبها نحو الهدف النبيل المقدس المختبئ في جعبته الطاهرة، والذي سيتم كشفه تباعاً، عودوا إلى بيوتكم وأعطوا الرجل فرصة واحدة لا يريد غيرها وهو يستحقها لأن فضله سابق... وعليكم الاعتراف بهذا الفضل ووضعه وصاحبه على رؤوسكم الجاحدة.
من يستطيع التشكيك بمواقفه الوطنية والقومية النبيلة؟ حيث أن الرجل لم يخضع ولا مرة واحدة للإملاءات الخارجية؟ ولم يكن إلاّ خصماً عنيداً ومنيعاً لأعداء الأمة العربية، وما الفائدة من الافتراء والإجحاف واتهام الرجل بأنه أمضى ثلاثون سنة من خدمة مصر وشعبها لم ينفذ خلالها إلا الإملاءات الخارجية وهو يسبح بحمد أميركا وإسرائيل ويقطع اليد التي تمسهما بسوء.
لقد كان سيادته مخلصاً لنهج سلفه الذي روع الأمة العربية بزيارة الذل والخنوع والعار وعاد بخفي حنين وترك الشعب العربي وقادته يبحثون عن الشقيق الأكبر الذي ضاع في زحمة الغدر والخيانة عن سبق إصرار فلا يجدونه، ومن يستطيع أن ينسى مقولته الشجاعة "من يريد أن يحارب فليحارب لوحده ويتركنا وشأننا".
من قال بأن سيادته لم يكن مخلصاً للأمة العربية وقضاياها، و لفلسطين وشعبها وغزة وجراحاتها وقوافل الشهداء وقوافل عربات الإسعاف التي تحولت إلى عربات نقل الموتى بسبب الانتظار المضني على المعابر، والموت لا يمهل أحداً ولا ينتظر وهي تنتظر مع جملة المنتظرين أن يسمح لها بالعبور دون أن تعرف أو يعرف القائمين عليها بأن المنع والسماح هو بيد الإملاءات الخارجية والاملاءات الخارجية هي إسرائيل وأميركا، ومبارك عبد مأمور ومغمور؟؟؟!!! من قال أن سيادته عرقل إيصال الغذاء والدواء والمعونة والمساعدة التي وصلت من الدول العربية وشعوب المنطقة والعالم الإسلامي للشعب العربي الفلسطيني المحاصر في غزة وأنه قصّر سيادته بفتح المعابر و الإشراف على وصول هذه المساعدات وأنه وقف وقفة المساند لإسرائيل بدون مقابل.
لماذا هذا الافتراء؟؟؟!!! ألا يمكن لمبارك أن يستفيد من العذر المخفف لأن هناك مقابل... وهل هناك من يجهل الآن هذا المقابل؟؟؟!!!
من يستطيع أن ينسى مواقف الذل المبدئية التي تبناها سيادته من آلة الموت المروعة التي طبقت بحق الشعب العربي الفلسطيني في غزة ومؤازرتها، عندما لعب سيادته دور السجان فأغلق الأبواب والأسوار والحدود والمعابر وأطلق يد إسرائيل لتطبيق حفلة إبادة مروعة في غزة يندى لوقعها جبين المفسدين في الأرض، فكان دوره من حفلة الإبادة تأييداً للمثل العامّي الذي يقول (لا برحمك ولا بخلّي رحمة الله تنزل عليك) ؟؟؟!!!
من يستطيع أن ينكر مأثرة سيادته التي حولت الشعب العربي في مصر إلى جيش من الجائعين وصقل مواهبهم وحفزّ لديهم حب السياحة والسفر والهجرة لاجتراع الذل والمهانة خارج مصر والقبول بأي عمل وبأي أجر مع تحمل المهانة والاعتداء والاستهتار بسبب غياب السند والنصير وغياب من يعينه ويحميه في هجرته "هجرة الذل القسرية" للبحث عن عمل تحت أقسى الشروط التي فيها امتهان لكرامته كإنسان، كعبد ذليل لا تعبئ به حكومته ولا دولته ولا رئيسه ولا سفارته حتى ولو كان أستاذاً جامعياً إن وقع عليه ظلم حيث يعمل أو إن تم الاعتداء على أسرته أو تم اغتصاب أبنائه الذكور من قبل المتنفذين الشواذ في الدول المضيفة .
من يستطيع التشكيك بأن سيادته قد بذل أقصى الجهد برفع المتحصلات النقدية للدولة عن طريق بيع الغاز لشعبه بسعر يفوق ذلك الذي يبيع فيه نفس المادة لإسرائيل بأربعة أضعاف على مبدأ الرفق بالشعب الإسرائيلي المعدم على حساب الشعب المصري المنعم وعلى الأصح المتخم بالنعم، فتمكن من القهر والبطش بشعبه لمدة 30 سنة مكافأة له على خدماته الجليلة لأميركا وإسرائيل ؟؟؟!!!
عودوا إلى بيوتكم وأعطوا الرجل فرصة جديدة يحقق فيها طموحه فيبقى في السلطة ويجمع الثلاثون مليار دولار الباقية وينام قرير العين وهو يرتقي بمصر وشعبها نحو الهدف النبيل المقدس المختبئ في جعبته الطاهرة، وهو الوصول إلى نادي الدول المتقدمة كما يلي:
إذا كان جمع السبعون مليار هو حصيلة المبدأ المعروف، أطعم التسعة حتى تأكل العشرة، فإن هناك من أكل التسعة وهم جلاوزة مبارك وبلطجيته الذين كان لهم دور وطني باهر ومشرف في الأيام الأولى لثورة الجياع التي سبق أن أطلق على مثيلاتها مسمى ثورة الحرمية من قبل، ومن قِبَل (بكسر القاف وفتح الباء) الحرامي الأكبر، ويضاف إلى أكلة التسعة زبانيته وقواده وحرسه وأولاده ورجالاتهم ومحظياتهم ونساؤهم وقصورهم وإقطاعاتهم ومن يتولى تسفيرهم وإمتاعهم وتمتيعهم ومشاركتهم في تبييض الأموال والمشاريع الصناعية والاقتصادية الفاشلة الوهمية منها والعبثية التي تهدف إلى سرقة المال العام ومضاعفة خسائر الوطن، وكل هؤلاء أكلوا التسعة أعشار أي 630 مليار وأكل الريس العشرة بمعنى العشر وهو 70 مليار دولار، ونتج عن ذلك وصول 50% من الشعب المصري إلى تحت خط الفقر، ممتاز جداً وبقي الهدف النبيل المقدس المختبئ في جعبة الرئيس الطاهرة، وهو تمكين الرئيس من جمع الـ30 مليار المتبقية وهي العشر مع الـ 270 مليار للحرمية والبلطجية والزبانية وهي التسعة أعشار، وهذا الهدف النبيل إن تحقق فإنه سيؤدي خدمة جليلة للشعب المصري تتفوق على الخدمة السابقة التي أدت إلى إيصال نصف الشعب المصري إلى تحت خط الفقر وهي إيصال ثلاثة أرباع الشعب المصري أو أكثر إلى ما تحت خط القبر بسبب الموت جوعاً وقهراً وصبراً، وبعد تنكيس الأعلام وانتهاء مراسم العزاء ستدخل مصر التاريخ وتعبر قوس النصر " ليس النصر على العدو بل على الشعب "وتجلس بهمة رئيسها الذي نجح وبمعجزة بعد أن ولّى زمن المعجزات من تحويل الانفجار السكاني في مصر إلى ندرة سكانية واستطاع بمنتهى الحكمة والشجاعة أن يتخلص من مسببات التخلف وأن يأخذ له ولما بقي من زبانيته مقعداً مهماً في دائرة الدول المتقدمة وتحت الشمس.
أيها المحتشدين اليوم في ميدان التحرير لا تغادروا بل ابقوا في أمكنتم فهذا هو يوم التحرر الأكيد من العدو الأخطر والصنم الأكبر وهو العدو الداخلي، بارك الله بكم يا جموع المحتشدين في ساحات مصر وشوارعها وجسورها وأنفاقها وكنائسها وجوامعها مسلمون ومسيحيون أقباط، بارك الله بشعاركم المقدس " نموت جميعاً وتحيا مصر" ، يا أقباط مصر يا نهر الخير والوطنية والمحبة الصادقة أنظروا إلى مآثر بلطجية مبارك وتذكروا ما حدث لكم فوالله العظيم لا يجرؤ مسلم على مخالفة تعاليم القرآن الكريم ولا مخالفة وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أوصى بالرفق بأقباط مصر إن تم فتح مصر لأن هناك صلة رحم وقربى، و لاتنسوا الفاروق عمر بن الخطاب الذي أمر بجلد ابن والي مصر لأنه أساء معاملة القبطي، هذا هو الدين الحنيف، والذين لاقيتم ما لاقيتم منهم ، يصبّون في خانة بلطجية مبارك القذرين.
وتحية إكبار وإجلال لجراحاتكم ودماء شهدائكم الطاهرة وهديتكم العظيمة لأخوتكم في العروبة من المحيط إلى الخليج لقد أعدتم لنا الأمل أعدتم لنا مصر التي افتقدناها منذ زيارة العار، أعدتم لنا الأمل من جديد بتطبيقكم لشرع الله الذي يقول جل جلاله في محكم تنزيله :
{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} (60) سورة الأنفال
لقد أعدتم لنا مصر التي افتقدناها منذ زيارة العار، أعدتم لنا مصر الثوار مصر الأحرار فأهلاً وسهلاً بكم وبعودتكم الميمونة المظفرة ، تعالوا لنعد وإياكم ما نستطيع من القوة ومن رباط الخيل نرهب به عدوا الله الذي استطاع إرهابنا بألف باب وباب ، ومنها باب الصنم الأكبر الذي نحته ونفخ فيه الخيانة والغدر وسخّره لترويع شعبه وكافأه بسبعون مليار من جيوب جموع الجياع... سبعون مليار كلفت ستمائة وثلاثون مليار لجمعها، فصارت في المجمل 700 مليار، هذا المبلغ الأسطوري لو تم استرداده اليوم وتم توزيعه على جموع الشعب المصري لتحول أهل مصر جميعاً إلى مليونيرية يسكنون القصور بدلاً من سكنى القبور.
آه لو تعرفون بأننا مازلنا على حبنا القديم لكم... تعالوا فأمامنا أعمال جسام، تعالوا لننادي معاً "نموت جميعاً وتحيا مصر"
الله أكبر ... الله أكبر ... الله أكبر ... الله أكبر ... الله أكبر ... الله أكبر ... الله أكبر ...
منذ لحظات اتصل بي الدكتور فريد فلاح ورأيت أسمه على شاشة جوالي وترددت في قبول المكالمة لأني بصدد إنهاء مقالتي ولا بد أن مكالمته ستطول وتضيع أفكاري وألهمني الله أن أقبل مكالمته التي بدأها بتهنئتي وأخبرني بأن مبارك قد رحل وأنهيت المكالمة سريعاً وها أنا أمام شاشة الجزيرة لا أستطيع مغالبة دموعي وتأثري لقد تم إسدال الستارة على هذه المسرحية الخيانية القذرة وهرب الطاغية، أما الشهداء فإنهم لن يعودوا وقد تركوا خلفهم الأرامل والأيتام.
" يا مصر الغالي بيرخصلك" " نموت جميعاً وتحيا مصر" " يسقط يسقط حسني مبارك"
المهم أن لا يعود طاغية آخر بثوب آخر وزمن آخر بأسلوب آخر... رحم الله الشهداء.
" نموت جميعاً و تحيا مصر" آرا سوفاليان