متابعات مختارات
المشاركات : 1292 . :
| موضوع: بداية قصة : ابن الأنسان / حنان أحمد حسنى 05.02.11 21:03 | |
| 1 - إذا فقدْ وُلِدَ يافع لرجل وامراة من اليهود في أورشليم وكانت اسرته من الوثنيين يعبدون تمثال لاله ممسوخة تسمى كريشا يذبحون ويتقربون لها , كان الأب يسمى "لادى" والأم أسمها "مادينا". كان لادى من قطاع الطرق وكما هو معروف انه على مر الأزمنة والعصورقد يوجد القتلة والمجرمين وقطاع الطرق ولكن لادى كان قاتلا سفاحا لا يتورع عن الفتك باى بشر يقف فى طريقه. وقد كانت الأسفار عبر الطرق خطرة بسبب قطاع الطرق القتلة من أمثال لادى. جمع لادى الأوباش من أمثاله و كونوا فريق من الواعرين وكان عدد الأوباش خمسة هم أندى , هيرو , ادرى و عارف و خامسهم كان لادى. ترك لادى أورشليم واتجه جنوبا يبغى ان يلتقى بقافلة تجارية تكون كنز ثمين له و لشله المجرمين تبعاته. وكانت مادينا شيطانه رجيمة وكانت تتميز بجمال خارق ودلال شديد لا ينافسهما غير مكرها المكين. وكانت تعيش حياة "الوثنيين" الشهوانية الطليقة. ألتقت مادينا بلادى فى أحدى رحلاته حيث كان يجوب البلاد بحثا عن سرقة مميزة, بعد أن صار معروفا فى أورشليم و المناطق المجاورة. كان لادى يستريح من وعرة الطريق تحت شجيرة بينما رفاقه يجوبون المنطقة بحثا عن الطعام ثم قام ليجلب الماء من البئر التي رأها فى البعد وسط البرارى في مكان قصي في مزرعة متهالكة .. كانت حياته والى الأن قاسية حياة القتلة السفاحين , لا تحتمل المفأجات ولا التغيير ينام كي يصحو .. ويصحو كي ينام يقضي وقته في السرقة والقتل ولا يفوق ليلا من الخمر والعاهرات . تفزع للحظات وتملكه الرعب من صوت قادم من البئر ف.تقدم ناحية البئر فإذا بصوت امرأة , فحسبه صوت جنية المزارع المشهورة أو , قال فى نفسه "ربما احدى النساء قد سقطت في البئر رغم كون البئر مهجور.". فقرب نظره من الفوهة وإذا بصوت ينادينه " يا أنت " .. فزع لادى أى فزع و تسمر فى مكانه فى الوقت الذى كان عليه أن يهرب من هذا الرعب اللحظى. ثم رأي امرأة ليست كنساء الدنيا في هيئة غريبة فأنقذها بأن أنزل لها حبلا ولكنها لم تحتاج الى هذا الحبل بل صعدت الى أعلى فى يسر .. وعندما صعدت اليه لمست وجهه لمسة ساحرة يقشعر لها الأبدان لمسة جنية ليست لإنس وإن كانت قريبة منها من حيث الإحساس ، ولكن من حيث المفعول فهى أكثر إثارة وأكثر تملكا للمشاعر. وفجأة رأيت السماء والارض والشجر و كأنها ليست السماء والارض والشجر وان هذا الجسد ليس جسدى وسألها: "من أنت؟" فقالت : "اسمع مني " نظر اليها نظرة الولهان :" قولى ما شئت" فتسائلت "وتفعل ما أقول" أجاب دون تفكير "أه يافاتنة , أأمرى أطيع , أشيرى أنفذ" فى خضم هذه اللحظات , كان عارف راجعا بشاه سرقها من راع بعيد وهاله المنظر الموصوف فتسمر فى مكانه والقى حمله يقول: "نعوذ بكبير هذا الوادي و بأعزّ أهل هذا المكان، و بعظماء هذا الوادي، و سيد هذا الوادي من شرِّ ما فيه،" و ركع شاخص العينين. نظرت مادينا الى عارف و ضحكت ضحكة ساحرة "لا تخف .. ما عساك؟" ارتعد عارف " سيدتى الرحمة .. الرحمة .. المغفرة" تساءلت مادينا بدهاء " ترى .. ما فعلت يصلح له الرحمة؟" أجاب عارف معترفا " العفو أنا أثم" صرخ لادى فى عارف :" ما بالك يارجل تدلى بأعترافك , أنك تجلب السيف" وأكمل لادى " المغفرة لا تطلب من الحسناوات" ابتسمت مادينا فتمادى هو " انما الحسناوات خلقن للهوى" امتقع عارف : " ولكن لكنها شيطانة.." غضبت مادينا " مه انا لست بشيطانة" عارف: " إذن كيف تطفين فوق الماء" نظر لادى الى قدميها ووجدها فعلا طافية فوق الماء وتحول حمرة وججه الى صفرة الموت " إذن كيف أشيطانة أنت؟" نظرت مادينا اليه بعمق " ولو كنت أتنكرنى؟ لادى "لا لا .. لا أنكرك أبدا هذه روحى ملك لكى" انتفض عارف واقفا "أتبيع روحك للشيطان الا هذا" لادى يرد ساخرا " الم نتبع شياطينا الم نبع ارواحنا منذ الأزل" ركض عارف هاربا الى حيث أخذ يبحث عن بقية الواعرين و اختفى فى الأفق . التفت لادى الى مادينا و بدا جاد " و الأن من أنت لو كنت شيطانة كان بها ولكن لو إنك إنسية يجب ان نختبىء " نظرت اليه فى تساؤل " ماذا تعنى ؟" أجابها فى صلاته "ذهب عارف وسيأتى برجال أشرار سيقتلونك لو أنك أنسيه أو يحرقونك لو أنك ساحرة نجاتك الوحيدة أن تكونى شيطانة" أضطربت مادينا " وماذا أنت فاعل بى؟" "فاتنتى أنا ملك لكى" "الا تخاف منى ربما أكون شيطانة؟" "لا أخاف غير عيناكى يا ساحرتى" أجابت مادينا فى أستسلام "إذن يجب ان نختبىء" تنفس لادى الصعداء كونه إنتزع منها أعتراف بإنها من بنات الانسان و صحب مادينا من يدها وشدها بقوة فى إتجاه العربة و فك لجام الفرس و وضع بقية التبن فى الخلف و ساعد مادينا على الصعود. لكز الفرس بقوة فصهل عاليا ووثب وثبة قوية شدت العربة للأمام. وأثناء ضربه للجياد بالسوط شد لجام الفرسين فجأوة فزمئرا حتى توقفا ووثب لادى على الشاه التى نبذها عارف و سلبها ووضعها فى العربة وربط قدميها وشدهما الى يديها. أخذ يضرب الجياد بالسوط ضرب قائد ماهر جعل الخيل تطير بالعربة ومادينا تمسك بجنبات العربة وهى أجمل ما تكون " إذن أنت جني؟" "ربما ولكن تُراك تريدنى انسية" "ولما يا صاحبة الحسن" "حتى أقع فى هواك" أجاب لادى "يمكن للجن ان يقع في عشق الانس تماما كما يعشق بنو الانسان بعضهم بعضا لا تقلقى أنا سبى لك فى جميع الأحوال" وأستطرد " ولكن لو لم تكونى من الجن لديك كثيرا من الأشياء التى تحتاج تفسير" تساءلت مادينا "مثل ماذا؟" أبتسم لادى "السير على الماء مثلا" "أه , يجب أن أكون جنية , حتى أسير على الماء!" أسهب لادى "أعتقد هذا وجمالك أيضا يحتاج الى تفسير" يقطع سياق الحديث صوت عال مخيف , تضطرب مادينا " ما هذا؟" "لا تقلقى وتتعبين هذه الرأس الجميلة , لابد أنه عارف عاد مع الباقين ولم يجدونا" وأكمل لادى” ولا وجدوا العربة أيضا" . -3- سأشربها أو هي الحاصل فما الحق -حاشاك- ما الباطل سأعصيك بالضد حتى أرى أذنبي أم عفوك الشامل (رامى) كان لزاما على المرأة البابلية ان تجلس في الهيكل مرة في حياتها وان تضاجع رجلا غريبا عنها لتكون أكملت شقها السماوى بعد ذلك تستطيع أكمال حياتها الأرضية بالزواج والتناسل .. و كان من هؤلاء النساء الكثيرات اللاتى يترفعن عن الاختلاط بسائر النساء لثرائهن .. و الكبريا الناشيء عن مكانة عاتلتهن المشهورة الثرية والتى ربما تكون من طبقة الحكام. وكن يأتين في عربات مقفلة ويجلسن في الهيكل يتخفين بإحاطة نفسهن بعدد كبير من الحاشية والخدم أملين أن لا يراهن أحد من الطبقات العليا أو المتوسطة الاتى يخطلتن بهن او يعملن لديهن فى دواوين عائلتهن. أما بقية النساء كن يجلسن في الهيكل وعلى رؤوسهن تيجان من الحبال الملونة المجدولة وبعض منهن كن يجدلن شعورهن ويقعصن الجدائل على هيئة تيجان. وكان بين صفوف النساء ممرات في كل الاتجاهات , يمر فيها الغرباء ليختاروا من النساء من يرغبون .. ولما تجلس امرأة على الهيكل كانت لا تستطيع أن تعود الى منزلها حتى يختارها أحد الغرباء و يلقى قطعة من الفضة في حجرها ويضاجعها خارج المعبد. ومهما كانت قيمة القطعة الفضية فان المرأة لا تستطيع ان ترفضها فهذا الرفض محرم بالقانون ويكون ضد قدسية الموقف. وتسير المرأة وراء اول رجل يلقيها اليها وليس لها ان ترفضه ايا كان .. فاذا ما ضاجعته وتحللت مما عليها من واجب للآلهة عادت الى منزلها ومهما بذل من المال لها بعد ذلك لم يكن في وسعه ان ينالها .. ومن كانت من النساء ذات جمال تجدها تعود الى منزلها سريعا .. اما غير الجميلات و القبيحات فكن ينتظرن زمنا طويلاربما ثلاث او اربع سنوات . كذلك كانت تفعل في مدينة بعلبك داخل هيكل عشتار, حيث عاشت ماجيلا الجميلة كما كانوا عشاقها يطلقون عليها. فماجيلا كانت فتاة يانعة رائعة الجمال و عذراء طاهرة, و كانت فى عمر السابعة عشر من عمرها . لم تتزوج بعد لكونها كانت تخجل من ذهابها الى الهيكل كما تفعل كل العذروات قبل الزواج. ثم كان ان حدث أرحبيل, الفتى الوسيم الذى أحبها وأراد خطبتها وما كان لماجيلا الأن الا الذهاب الى الهيكل حتى تستطيع أن تبدأ حياتها الدنيوية مع أرحبيل الوسيم. لم تكن ماجيلا قد واقعت فى غرام أرحبيل حيث انها التقت به مرتان فقط و لم تستطع التقرب منه كثيرا نظرا لطبيعتها الخجلى. ولكنها لم تعترض ابدا على سرعة الزواج حيث كان ذو صنعة ماهرة الى جانب كونة فى غاية الجمال. أتفقت ماجيلا مع زويها على أن تذهب الى عشتار فى اليوم التالى وأن تصحبها خادمتها الى أن تألف الهيكل ثم تعاود الخادمة اليها عند فجر كل يوم وكان أهلها يعلمون أنها سوف ترجع اليهم سريعا نظرا لحسنها و جمالها الأخاذ. وكما أتُفق ذهبت ماجيلا الى عشتار وجلست فى مكان قصى خائفة من المجهول وكم تحدثت الى نفسها و تمنت ان لا تكون هذه الطقوس جزء من الايمان المقدس ثم تعود تضطرع وتتوسل الغفران من الرب على هرطقتها و تفكيرها المتهدم. جلست مجيلا و جدائلها الفريدة التى تستخدم فيها نصف شعرها تجدله وترفعه لأعلى كالتاج المهيب وتسدل بقية الخصلات حرة على كتفيها ليزدها بهاءا وحسنا. -3- ولما إلتقاها ثانيا , كان قد نساها , ذهب اليها و تمعن فى جمالها الوضاء فأختارها و رمى بقطعة فضية ثمينة بين فخديها و اخذها الى الخارج و أضطجع معها. فرحت ماجيلا أى فرحة فقد إلتقت حبيبها الذى أنتظرته سبع سنوات طوال ليلة بعد ليلة بعد ليلة , الى إن عاد اليها. وبعد أن واقعها , وجدها غير عذراء أراد أن يولج منها ولكنها فى قمة نشوتها ضمته بيديها و تمسكت برجولته داخلها , أستسلم أرنست للرعشة القوية التى أحس بها منها ولم يولج خارجا بل تمادى و أستمر فى معاشرتها وأكمل لحظات الحب الجميلة. بعد أن إنتهى قعد جالسا غير مصدق نفسه, كان غاضبا أيما غضب وشعر إنها قد نجسته ودنست الهيكل. القاها بعيدا عنه وقام من رقاده وهو غاضب " يا أمرأة كيف تدنسين الهيكل كيف تدنسيننى" ردت ماجيلا غير مصدقة " ما هذا أنسيتنى ,أتنكرنى" نظر اليها شذرا فى تمعن :"أنا لا أعرفك, أأعرفك؟" ردت اليه شذر النظرات " كيف تقول هذا, كيف تحتقرنى؟" " ليس لكى أن تغضبىى, يا إلهى ماذا أنا فاعل لقد زنيت جعلتينى أزنى يا مدنسة" أخذت ماجيلا تلطم خديها و تخبط على ثدييها "ياحسرتى يا ضياع الأيام, يا حسرة العمر, الا تتذكرنى أنا ماجيلا ماجيلا حبيبتك الأولى , مرتك الأولى لحظتك الأولى , تذكر هنا فى الهيكل المرة الأولى التى حضرت أنت فيها لتؤدى مهمتك المقدسة الا تذكر" أخذ أرنست يتمعن فيها وبعد وهلة من الزمن تذكر كل شىء. تقاوم ماجيلا دموع عينيها و قهرة الأنتظار لمن لم يتذكرها, بعد أن كانت نذرت عمرها كله له بعد أنتظار طويل , كانت تعد الأيام فى السابق الى أن يئست فبدأت ترسم سريان الأيام على حائط الهيكل حتى صاروا إلوف الأيام , كيف لا تتذكرنى ياحبيبى لهذا لم تعد أبد , لإنك لا تتذكرنى, أفاقت ماجيلا على صوت حركة خفيفة خلفها , حركة كحفيف الشجر و ربما حفيف العشاق وإلتفتت ناحيته فى كبرياءها المجروح: " كيف لا تتذكرنى حبيب الروح نعم أرنست أنا ماجيلا محبوبتك" تنتنحب ماجيلا و يعلو صوت نحيبها, و يزداد أحمرار عينيها الجميلتين. أرنست يتوسل أليها " محبوبتى ماذا انتى فاعلة ويحك كيف تدنسين بيت الله هل لا تستحيين ؟ هل فقط تهتمين لرغباتك الدنيا , أتنكرين الرب ماذا ألم بكى كيف تجعليين جسدك المدنس يلمس حرمة الهيكل؟" ماجيلا باكية: " كان على أن أنتظرك يا محبوب الفؤاد , أكنت تريدنى أن أدنس الحب العفيف الذى ربطنا وأذهب بجسدى الذى أنت تعبدت اليه أأذهب بهذه الكأس المقدسة لرجل أخر أهكذا يكون؟؟ اهذا هو الشىء الأمن" أرنست " هكذا نقدس الإله ان كنتى لا تعلمين هكذا تكون التضحية المقدسة لياهوو أم نسيتى ياهوه أيضا" ماجيلا باكية : " لم أرغب ان أكون لأرحبيل الى الأبد كان هذا يبدو غير مقدس البته , كان يبدو الهرطقة بعينها , لم أعرف أبدا كيف يكون هذا مقدسا, أذن ما هو الغير مقدس" " ولكن كيف يتركونكى هنا فى الهيكل و أنت ..." صمت أرنست لوهلة لم يكون ليعيد كلمة مدنسة التى كانت لتخرج ثانية من فمه. ولكنه أدرك كلماته وأستطرد فى كلامه وتسائلاته وهو مخنوق بالعبرات و غول المعرفة, أنه يعرف تمام المعرفة كيف هو أن يوافق الكهنة على بقاء إمرأة فى الهيكل بعد أن تؤدى مهمتها المقدسة وبعد أضجاعها مع حبيبها الأول, هو يعلم ما كنية الأسباب ولكنه لا يريد أن يصدق نفسه و أفكاره الشيطانية التى هى كالحقيقة. أنه يعرف أنها أصبحت كاهنة مقسة وأنها تؤدى المهمات المقدسة لكهنة المعبد وهكذا أمسى و أصبح ليكون , ليس فقط زان ولكن أيضا خائن للمعبد المقدس ومارق عن الدين وأصحاب الدين من الكهنة. نظرت اليه ماجيلا وهى تعلم ما يدور بخلده, مع صدمتها الأولى أنما أستطاعت أن تتمالك أشتات نفسها " ماذا يا مالك القلب ماذا تقول" أجابها أرنست فى ألم شديد يدمى الفؤاد " كيف أنهم يتركونك فى الهيكل و أنت لست بعذراء" أستطرد أرنست: أصرت العاهرة المقدسة؟" وضعت ماجيلا أناملها على فمه وحين لامست شفتاه سرت رعشة خفيفة فى جسدها الجميل ثم قالت " صه لا يا حبيب, لست بعاهرة ولست بمقدسة" "أذن كيف؟" جلست ماجيلا وهى تحاول أستدراك الماضى البعيد, كل الأحداث كل الأشياء التى خاضتها والتى كان يجب عليها قبولها وهى تنتظر الحبيب الغائب. غرقت ماجيلا فى أحزانها ثم بدأت تقص الحكاية " بعد أن إلتقينا أنا و أنت للمرة الأولى وبعد أن وقعنا فى المحبة المحرمة ولما لم نستطع الفراق وتشابكت أيدينا بعد أن أدينا المهمة المقدسة –ياليتنا لم نلتقى ياليتها لم تكن مهمة مقدسة—ذهبت أنت كما أمرك الكاهن و كان على أن أذهب الى قومى فى اليوم التالى, أنتظرت الخادمة التى كانت سوف تحضر فى فجر اليوم التالى كما كانت خادمتى تحضر فجر كل يوم, لملمت مبعثراتى ووضعت الثوب الأبيض ( كانت المرأة البابلية تضع الثوب الأبيض كعلامة أنها ادت المهمة المقدسة وأصبحت محرمة على أى لقاء إلا زوجها الذى ينتظر عودتها عند قومها) أنتظرت الخادمة بعد أن علمت استحالة جدوى المقاومة خاصة انك كنت قد تركت الهيكل, لم أكن لأستطع التمرد على النظام المقدس المتوارث لإلوف السنين و عرفت انه كتب علينا الفراق, ما عليك, إنتظرت الخادمة ولكننى كنت أنتظر المكتوب , غدا لناظره لقريب غدا سأكون زوجة لأرحبيل أه يارب لماذا كان على انالقاك, كنت أرى أرجبيل :كأجمل ما يكون وق أطلقت عليه مع صاحباتى أسم أرجبيل الوسيم. :ان أرجبيل فى أنتظار عودتى المرتقبة لإتمام الزواج وأنا قد علمت أن الزواج من أرجبيل سيكون أبديا, أبدا لن استطيع ان أكون لك, الدين المقدس يمنعنا من الحب الأبدى المراد ..." قطع النحيب كلامها , أقترب أرنست منها و رتب على خدها و رفع وججها بيديه لينظر الى الحبيبة الجميلة التى زانها الحزن جمالا براقا " فأخترتى أن تكونى العاهرة المقدسة, هل ها ما فعلتى ؟ هل هذا كان الأختيار التى أنت فعلتيه, يا للشقاء " "أسمعنى أرنست, أسمعنى جيدا, لاننى كما ضحيت تلك السنوات من أجلك , يجب الأن أن تختار التضحية من أجلى" " أكملى " " قررت أن أخدع الجميع. أختبئت من الخادمة التى رأيتها على مرئى من البصر ثم ذهبت الى مكان قصى و خلعت الوي الأبيض كما لو أنى لم أضعه وكما لو أنى لم أؤد الخدمة المقدسة, ولا رأتنى الخادمة وجدتنى كما تركتنى اليوم السابق وأستنتجت أريشا اننى مازلت عذراء, عادت أريشا الى قومى كما كانت تفعل السبع سنوات السبقة" و بصوت مخنوق قال أرنست "أذن كنت تدنسين المعبد كل يوم مع كل العابرين, يالها من تضحية " تنهنهت ماجيلا " لم أدنس الهيكل زلم أجلب النجاسة الى نفسى, ظللت على ها الحال البس الثوب الأبيض ومعى حاجياتى ململمة أنتظر الخادمة حتى أعود الى قومى يتركنى العابرون لما يروننى أمرأة مقدسة لا تمس ولما تحضر الخادمة وتكون على مرمى البصر , أخلغ ثوب العفاف وألبس ثوب العذارى فترجع أريشا ثانية" "يالله ماذا فعلتى أتضعيين حياتك من أجلى" " نعم ذهب أرجبيل بعد أن ياس من عودتى وبعد أن تحدث الجميع على كونى مسكونة بروح شريرة تمنعنى من القداسة, تزوج أرجبيل من أختى الأصغر و مازلت أنا هنا وحيدة منبوذة , فقط أنتظرك احلم أن تكون محبتى عندك كما هى محبتك عندى, أحلم بروحى تذهب اليك فى سباتك تخبرك عنى وعن حبى , أنا أُحبك ياحبيبى أحبك أحبك , أنا أعبدك.." -4- ظل لادى يحرك العربة بملاينة الجياد مرة و بضربهم بالسياط مرة اخرى, الى أن أدركهم الليل و أغمقت السماء وكانا قد سارا مسافة أربع ساعات ولم يُعد يُسمع فى البرارى أى أصوات غير أصوات حوافر الجياد. توقف لادى و نظر الى المحبوبة الغير متوقعة " فاتنتى ماذا تبغين, بعض الراحة و بعض الأكل؟" تخرج مادينا زجاجة نبيذ من تحت سترتها و تقول ضاحكة " وبعض الخمر أيضا" لادى يترجل من العربة و يتجه بجسده ناحية مادينا ليرى عينيها تضيئان ظلمة الوادى و يفكر كيف له أن يقع فى غرامها بهذه السرعة المذهلة لمن هم مثله وكيف أنها تملكت فؤاده. يمد يده ناحيتها ولكنها لا تستجيب فيقول لها "عجبا, أعطنى يدك حتى أساعدك على النزول" "لا لا, أساعد نفسى" وتمسك مادينا بالجانب الأيسر من العربة و تنزل منها لتقف قبالة لادى المشدوه فيتساأل "لماذا لم تتركينى اساعدك؟" نظرت الناحية الأخرى وقالت " لم يلمسنى الرجال من قبل" نظر اليها غير مصدقا و قال مستهزءا " لم يلمسك الرجال, ظننتك خابرة الهوى" "لا لادى لم أخبره, تظننى عاهرة!" "أنا ...... " "يالهى ظننتنى عاهرة مثلما يظن الناس" تستطرد مادينا " لأننى وحيدة أعيش البرارى" يطرق لادى خجلا " أظن هذا" مادينا تجيب فى غضب "لو أنى غانية , مالى أجوب الوديان والبرارى" يرد لادى " ربما ...." "ربما ساحرة" يوافق لادى على كلامة و يحرك رأسه موافقا و يقول " أو كيف تفسرين السير على الماء, ا نبية أنتِ" تبتسم مادينا و تقول مغردة "عزيزى, إنه ليس بماء, أنها خدعة تعلمتها من ربونى حيث أعطانى لوح شفاف أضعه على البئر وأسير فوقه فيعطوننى المارة من الخيرات أو يتركون أشياءهم و يهربون" ثم تتنهد عميقا ثم تستطرد "لقد هربت من القرى و المدن لأننى لست بعاهرة, فقط أردت الأنتظار الى أن ألقاك" لادى يقول خجلا "حبيبتى عذرا سامحينى جمالك يفوق الوصف أعذرينى " أخذ لادى ينظر أليها و أشاحت بنظرها بعيدا , فسألها لادى محاولا تخفيف حدة الموقف "ما رأيك فاتنتى فى شواء لذيذ, لحم يشوى بالطريقة التى تبغين" مادينا تنظر اليه فى غفان و تسامح "ولكننى جائعة جدا.... " تكمل فى أصرار "جائعة الأن" لادى يستخرج بعض البز الجاف وبعض الجبن المطبوخ من داخل علبة خزين فى جانب العربة " اليكى حبيبتى الى أن ينضج الشواء" أخذ لادى يجهز المكان وبأ يوقد النار بحرفية و سهولة , خبط حجرين ببعضهما خبطة واحدة سريعة فأنطلقت شرارة كافية لإيقاد النار , ثم أخد يجمع بعض الحطب المتناثر و أستقرت النار مشتعلة . جلسا الحبيبان سويا أمام النار يتدفئان بلظاها . أخذ لادى سكينا و ذبح الشاه و جز رقبتها و تركها على الارض تتلوى من الألم , نظرت مادينا فى شفقة و رحمة وتمتمت " مسكين هذا الحيوان " نظر لادى فى اندهاش " ماذا تقوليين , من هو المسكين , أنه حيوان لا روح له" "كيف تقول هذا, مؤكد لديها روحا و الأ لماذا تتعذب هكذا, لماذا تتلوى !" يهز رأسه عجبا "أنها الام الجسد " "أذن هى من السواكن" أعتقد هذا" "لا أدرى تبدو من الحوارك" "لا أدرى أعتدنا على ذبحها و أكلها و ما فكرنا فى مثل هذه الأشياء " "مه لم يخطر فى بالك ما تشعر به من الألم الا يوجد شفقة فى أغوارك" أغتاظ لادى " ماذا بك أتعبديين موسى " أقتربت مادينا من لادى رافعة يدها فى تحذير " كريشان لن يعجبها هذا الكلام" صعد الدم الى وجه لادى بعد أن أقتربت منه ولما رأت مادينا حمرة وجهه تمادت و حركت وجهها لتلامس أنفاسها أنفاسه و تتلاقى النظرات فتتسمر العينان و تَوهج الهواء و تحول من برودة الصحراء الى سخونة. رفع لادى يديه و لمس وججنتها و خصلات شعرها , أرخت مادينا عينيها و أنسحبت منها روح التحدى و المرح و صارت أكثر جدية . أنسحبت مادينا من المعركة وهى مهزومة وأتجهت ناحية العربة. "أظن الفرس جائعة سأضع بعض الأكل لهم" أنسحب لادى و قد توهجت مشاعره "سأسلخ الشاه و ابدأ الشواء" لم ترد عليه فقط أتجهت ناحية العربة وأحضرت بعض التبن للفرسين و بدأت فى وضع الأكل للفرس الأول ثم أكملت عملها وأطعمت الفرس الثانى. بدأت حلمة و شاردة و لم تكن حالة لادى بأفضل منها فربما مشاعر الحب التى سرت فى أبدانهم قد جعلت منهم حوارك وصارت أرواحهم هائمة تطير فى سمو الروح العليا. كان الأمر يبدو غريبا بالنسبة للادى , كيف لحظات الحب القصيرة من عمر الزمن كيف لهذه اللحظات القصيرة أن تؤثر فى شرير من الأوغاد. كيف لحظات غير مفهومة تسمو بروح شريرة كمثل روحه. لو أن أى غريب رئى الموقف المذكور , ربما كان ليتفهم ما حدُ لمادينا فهى للعابر طيف غامض غير مفهوم تبدو شيطانة رجيمة ولكن تعمل عمل الملاك الرحيم. ربما لحظات الحب التى أنعمت الأله بها عليهم. ربما تستطيع السمو بمدينا ربما تسحرها هذه المشاعر و تقلبها من شيطانة الى منانة. ولكن على الناحية الأخرى أى عابر غريب لكان يستنكرلحظات قصيرة تقلب حياة قساة القلوب صلاب المشاعر. كيف و اللقاء بينهما لم يتعد ساعات قصيرة. كيف إن هذا اللقاء القصير يذيب ثلج الجبال فى أواسط الشتاء كيف للرائى أن يفسر الحب المهيمن على الأجواء كيف يستطيع أستيعاب القوة الربوبية للحب. -5- بعد أن قضى لادى و مادينا , بقى يافع الطفل الصغير تتلاطمه الأمواج وهو فى سريره الصغير الذى حملته صفحة نهر الأردن. يحمل فى قلبه الصغير براءة أمه المظلومة و شر أبيه الذى لم يقهره غير الحب. ظل الماء يطفو فوق الماء و يتحرك مع النهر المتحرك الثابت المنظر من البعد و ظل يافع يقاوم الموج كالأسد الصغير الذى يكون مسئولا عن نفسه بعد ساعات الولادة وليس كطفل صغير شريد يحتاج الى يد حانية ترعاه او حتى أقل اليسير أن تطعمه و تأويه. وكم تعرض المهد لإنقلابات المناخ و انكسارات النهر و بعض التماسيح النهرية التى تلوث نهر الأردن و تجعله أكثر خطورة للسباحة حتى أكثر من النهر الكبير فى أرض مصر. كان نهر الأردن نهرا خاليا من التماسيح الى أن أحضر أحد السائحين فى أرض الله تمساحا نقلا من أرض مصر من نيلها الضخم الملىء بالتماسيح. و كان هذا التمساح لحظ النهر البليد تمساحا يحمل بيضا فى جنباته ومالبث أن ملأ نهر الأردن بذريته اليانعة. كان مهد الصبى ينطلق فى النهر بأندفاع المياة حتى خبط فى شىء متصلب كاد أن يقلبه و كان هذا الشىء هو تمساحٌ صغير أخذ يهز المهد هزا و أن كان يبدو هزا خفيفا ولكن نظرا لحجم الطفل الصغير كان الموقف يعتبر تجربة قاسية فى علم مواجهه الأخطار. كيف أستطاع يافع أن يمضى فى طريق النهر الواعر الملى بالصخور و الأنكسارات دون أن يقلب المهد, كيف أستطاع أن يبقى على حياته و يتحدى كل الصعوبات؟ أسئلة كثيرة تدل على ندرة الحدث و أعجازه. هل كانت صلابة أسلافه المتمثلة فى قوة لادى و أصرار مادينا هى التى أعطته القوة المدفونة فى فثل صغير لم يتعد عمره الأيام الأولى. هل تحوط يافع لهذه اللحظات الشريرة بأستعادة وججه أمه الذى عرفه لمدة أيام قليلة . هل أستعاد توبة أبيه عن القتل و النهب و السلب الذى قد أعتاده طيلة حياته حتى قابل منقذته –مادينا. هل أستوعب عقله الصغير النيران التى أحاطت بأمه المسكينة حين قبض عليها جنود هيرودت, هل علم كيف أنقذها لادى وكيف إنه قد أنطلق بحصانه مخترقا النيران و الجنود و قطع بسيفه القيود حتى أنقذها من الموت الحائق. هل فهم عقله كل ما حدُ أم أنه يسير طبق الخطة المرسومة من القدر. ظل المهد السابح يسير فى تعاريج النهر حتى وصل الى أعتاب جزيرة غير مأهولة (أو هكذا يخيل للرائى ) و كان إن المهد قد وقع فى براثن شباك رصدت للصيد. هل كانت الاله تنظر بعين الرحمة أم بعين الأنتقام حين وقع المهد فى هذه الشباك. هل الرحمة شملت الطفل الصغير حتى لا يموت جوعا أم أن الانتقام كُتب ضد الأعمال الأجرامية لأبيه الذى عاث فسادا ووبالا على البشرية. ماذا يخطط القدر ولماذا لم يمت يافع فى مهده, هل لأن يافع كان مقدرا له أن يكتب جزء من التاريخ و يغير فى مجرياته. بدأ بكاء يافع يصدح فى الهواء المحيط صراخ الطفل الجائع الوحيد الذى يُتم قبل يوم واحد. وهناك فى أحدىى الكهوف فى الجزيرة التقطت أذان المخلوق صراخ الطفل, ذهل المخلوق مما سمع, هذا كان أول صوت بشرى يسمعه منذ البرية, منذ أن وعى أن هناك شيئا يسمع وأن هناك أصوات وهناك شيئا يسمى السمع. لم يعى هذا المخلوق أنه سوف يرى مخلوقا أخر مخلوقا حقيقيا, حتى الأان كان كل ما يراه هو الهواء و الرمال و الأسمك ليس إلا, أما غير ذلك فكان سكون الليل و نور النهار. ذهب المخلوق و هو ملىءٌ بالشغف ناحية الشباك. كان هذا المخلوق التعس أنسانا محدب الظهر أعور العين يبدو وكأنه المسخ وكان يعيش فى هه الجزيرة منذ الأزل منذ أن كان فى التاسعة من عمره.
يتبع......
| |
|