بالتأكيد هي أقل شيوعا من الخرائط السياحية، لكن "خريطة التحرش الجنسي" لا شك أكثر فائدة لنساء مصر عامة والقاهرة خاصة، في نضالهن ضد التحرش الذي يقعن ضحيته لا سيما في وسائل المواصلات العامة. تسمي خريطة التحرش الجنسي المصرية بإسم HarassMap وتعد من بين أكثر الطرق المبتكرة فعالية لحماية المرأة من هذا النوع من العنف. فتتيح هذه المبادرة الخاصة التي يديرها ناشطون متطوعون، الفرصة للنساء اللاتي يتعرضن للتحرش للإبلاغ عن الحادث، بدون الكشف عن هويتهن، عن طريق الرسائل القصيرة والبريد الإلكتروني أو عبر الإنترنت من خلال مواقع الشبكات الاجتماعية. ويتم تجميع المعلومات المتلقاة في قاعدة البيانات التي تستخدم تكنولوجيا المصدر المفتوح لرسم الخرائط، وذلك لوضع خريطة رقمية ل "النقاط الساخنة" للتحرش في القاهرة والمدن المصرية الأخرى. وأكدت ريبيكا شايو، المشاركة في وضع هذا البرنامج، أن "واحدا من أكثر الأمور المحبطة في مجال التحرش الجنسي في مصر هو أنه غالبا ما يحدث في مناطق مزدحمة في وضح النهار، لأنه لا توجد عواقب له أو تدخل" لمنعه. وأضافت "إن الهدف الرئيسي من HarassMap هو تغيير القبول الاجتماعي الشائع للتحرش الجنسي، "من خلال كسر حاجز الصمت، وتوفير البيانات للمساعدة في معالجة المشكلة". ويذكر أن HarassMap تستخدم منصة Ushahidi لبرامج تم تطويره في البداية لرسم خريطة تقارير المواطنين عن أعمال العنف التي أعقبت الانتخابات في كينيا في عام 2008. وتصور الخريطة الانتشار الجغرافي للتحرش الجنسي وتكراره، على موقع عام على شبكة الانترنت. وشرحت شايو أن "الخريطة ستساعد المرأة على تفادي مواقع التوتر وسوف تقدم لقوات الشرطة والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان حتى يتمكنوا من زيادة أنشطتهم" في "النقاط الساخنة". هذا ولقد بينت دراسة نشرها المركز المصري لحقوق المرأة في 2008، أن 83 في المئة من المصريات اللواتي شملهن الاستطلاع، صرحن أنهن تعرضن لشكل من أشكال التحرش الجنسي بما في ذلك اللمس والملاحقة والشتم والتعريض. وأفادت أن نحو 46 في المئة من النساء يتعرضن للمضايقات يوميا. وكشفت الدراسة أنه خلافا للرأي العام، فلا يبدو التحرش نتيجة لأسلوب المرأة في اللبس، فتمثل المحجبات أكثر من ثلثي الضحايا. وحتي الآن تم تحميل عشرات من أشرطة الفيديو في مواقع علي شبكة انترنت، للتدليل على مدى تكرار ممارسات التحرش الجنسي وخمول الشرطة في الاستجابة لشكاوى، إضافة إلي تقرير صحيفة، ما أحرج الحكومة وحملها علي اتخاذ هذه القضية بمزيد من الجدية، وفقا للناشطين الحقوقيين. فتقول نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، أن الوضع الأمني قد تحسن في الآونة الأخيرة وأصحبت الشرطة الآن علي إستعداد لمساعدة المرأة للحصول عندما تطلب المساعدة. ومن الجدير بالذكر أن النساء بدأن يتجمعن مؤخرا، وعلي نحو متزايد في مختلف أنحاء العالم، لمحاربة التحرش الجنسي بكافة الوسائل والتدابير الممكنة، كحملات توعية موظفي النقل في دلهي، وإنارة الشوارع في كيغالي، وإقامة علاقات تعاون جديدة بين الشرطة والمواطنين في كيتو، علي سبيل المثال. كما يهدف "البرنامج العالمي للمدن الآمنة والخالية من العنف ضد المرأة" الذي أطلقه صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة في عدة مدن في الشهر الماضي، إلي تشجيع وتعزيز الجهود القائمة بالفعل وشن الجديد منها. وكمثال، ركزت منظمات حقوق المرأة في نيودلهي قدرا كبيرا من الاهتمام على البرامج التي تستهدف توعية العاملين في الحافلات ووسائل النقل العامة. وتعاونت حكومة ولاية دلهي مع منظمة غير الحكومية المعروفة “جاغوري” وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، لتفعيل برامج توعية بين العاملين في شركة النقل في العاصمة، المملوكة للدولة، والتي توظف 3،600 سائقا ومحصلا. فتعتبر 82 في المئة من النساء في دلهي الحافلات كمكان غالبا ما يتعرضن فيه للتحرش الجنسي، وفقا لمسح أجراه مركز الإنصاف والإدماج، وهو المنظمة غير الحكومية الهندية. وقالت لورا برابهو مديرة المركز، لوكالة انتر بريس سيرفس، أن "هناك حاجة للتأكيد علي أن التحرش الجنسي في الحافلات والأماكن العامة هو مسألة خطيرة يتحتم معالجتها”. وبدورها، قالت وزيرة شئون تنمية المرأة والطفل في ولاية دلهي، كيران واليا، أنها تدرس إمكانية تركيب كاميرات مراقبة داخل الحافلات، والضغط من أجل سن قوانين أكثر صرامة من شأنها أن تجعل التحرش الجنسي جريمة غير قابلة للإفراج بكفالة. كما تعتزم الوزيرة دعم وتعزيز مبادرة "دلهي آمنه للمرأة" من خلال التعاقد مع المزيد من النساء في قوات الشرطة، وتنفيذ البرامج الهادفة التي غرس السلوك الأفضل في أوساط الشباب. في غضون ذلك، إختار صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة مدينة كيتو، عاصمة إكوادر، التي تأوي 2.4 مليون نسمة، لشن جهوده لمكافحة التحرش الجنسي، نظرا لارتفاع مستوى العنف ضد المرأة في المجالين العام والخاص. فتعاني 80 في المئة من نساء الاكوادور من ممارسات العنف النفسي والجسدي والجنسي، وفقا للاحصاءات الرسمية.كما تمثل النساء 94 في المئة من مجموع الشكاوي المرفوعة للسلطات جراء أعمال العنف المنزلي. وصرحت ماريا سيسيليا بيريز، المديرة السابقة لبرنامج الاندماج الاجتماعي والمساواة بين الجنسين في حكومة مدينة كيتو حتى عام 2009، "ان المدينة كلها غير آمنة، ولكنه أقل أمانا بالنسبة للمرأة." وشرحت لوكالة انتر بريس سيرفس أن هناك محاولات جارية لجعلها أكثر أمانا، فقد بذلت حكومة المدينة جهدا مكثفا لإنارة الحدائق العامة والمناطق الترفيهية وتنسيق دوريات الشرطة، لكن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لمساعدة الفئات الضعيفة من السكان. ويذكر أنه تم إنشاء سبعة "مراكز الإنصاف والعدالة" في كيتو على مدى السنوات ال 15 الماضية، لمعالجة مشاكل العنف ضد المرأة والاعتداء على الأطفال، فضلا عن وحدات شرطة متخصصة ومحاكم خاصة (ips)