هلاوس الدونية .. كتابات حسن العلوي نموذجا :
د . موسى الحسيني .
mzalhussaini@btinternet.com
19 / 12 / 2010
وفقا لهذه الملاحظات الاولية السريعة ، نعود لمحاكمة كتب المفكر الكبير حسن ابن عليوي هندش، والكتب هي الخزينة التي يعرض بها المفكرين نتاجاتهم الفكرية .
كتب حسن عليوي هندش ستة كتب شحنها بتخريصات ، واكاذيب ، وقصص ملفة ليثبت ان تاريخ العراق ليس هو الا تاريخ الصراع بين الشيعة والسنة ، مدعيا بانه يريد معالجة الطائفية ، للتخلص من اثارها ونتائجها . الا ان الكثير من الروايات التي حشرها في هذا الموضوع تؤشر ايضا الى شخصية مريضة ، غير سوية . هذه الكتب هي :
1 : دماء على نهر الكرخة ، كتبه في عام 1980 ، واضح انه جهد متملق للرئيس صدام حسين ، من الصفحة الاولى والاهداء الذي شبه به صدام بملوك بابل الذين لايكذبون ، ويختمه اهداءه " وهذا الجهد مقدمة لهذه المسلة ( مسلة صدام حسين) . اليه يرجع العمل الصالح ويرفع الجهد المتواضع " ، وهذه الصفات التي اطلقها حسن على الرئيس صدام تنسجم مع سيرة التملق التي اعتادها للنائب ثم للرئيس صدام حسين .ففي مقال نشره في مجلة الف باء ، بعد ما عرف بمؤامرة الحمداني ، كتب حسن مقالا بعنوان : " الرشيد يعصف بالبرامكة " خاطب صدام فيه " انت اعدل من عمر ، واشجع من علي ".
تتمحور فصول الكتاب حول فكرة ان التشيع هو مذهب شعوبي تشكل بجهود الفرس المجوس ، بالتعاون مع الشخصية اليهودية الوهمية عبد الله بن سبأ ،فحرف الاثنين الاحاديث وسور القران من اجل ان يقولوا باحقية الامام علي بالخلافة ، ولشق الامة العربية – الاسلامية حقدا على العرب والمسلمين ، وظلوا يرددون هذه البدعة التي سماها حسن ابن هندش ، ووضع لها عنوان رئيسي ،" قميص علي " (ص : 54 ) ، تورية للمشكلة التي صنعها المجوس على شاكلة تمسك الامويون بقميص عثمان . جاءت بعض عناوين فصول الكتاب كانت كما يلي : مجوس ومسلمون ، متشيعون ام فرس ، قميص علي ، لماذا تشيع الفرس والخلافة في قريش ،هولاكو – العلقمي – الطوسي-، الغزل باش والعمامة الصفوية.
2 : الكتاب الثاني هو " التاثيرات التركية في الفكر القومي العربي ": طبع عام 1988 ، لم يتطرق فيه ولا بالاشارة لنظام البعث او حكم الرئيس صدام لاسلبا ولا ايجابا ، وهو الذي يدعي انه عارض النظام او خلق المعارضة واسسها . ركز الكتاب على رجالات العهد الملكي ، معتبرا اياهم جميعا من القوميين العرب بما فيهم نوري السعيد ، وجعفر العسكري ، وجميل المدفعي ، وحكمت سليمان ، وكل الزعماء الاخرين الذين تناوبوا على السلطة باستثناء الشيعة منهم . كان ساطع واحدا ممن نالتهم الاتهامات فبدونه لايمكن ربط الفكر القومي العربي بالسنة وعزل الشيعة عن العروبة .
اعتبر حسن ان جميع وجوه العهد الملكي من ابناء العوائل السنية البغدادية هم اتراك بالنسب والثقافة ، تارة من خلال امهاتهم التركيات او زوجاتهم ، ومن لايجد له اما او زوجة تركية ، فالمصاهرة والتزاوج ممن متزوج من تركية . اوعلى اساس الثقافة والدراسة .والمعروف ان جميع موظفي الدولة العراقية في سنينها الاولى هم خريجي المدارس والكليات التركية في اسطمبول او بغداد . لكنهم يتصرفون بنهج قومي عربي .فبدون الربط بينهم وبين الحركة القومية ( واغلبهم ممن ارتبط بالاحتلال البريطاني معلنا عداءه للحركة القومية العربية ) لاتكتمل خطة عزل الشيعة العرب عن بيئتهم ، والغاء هويتهم العربية .
واضح ان الغاية من الكتاب هو ترضية بعض بقايا رجال العهد الملكي من الشيعة امثال سعد صالح جبر ، وعبد الكريم الازري ، ومن هو مستعد لتقديم الهبات لابن هندش.
3 : الشيعة والدولة القومية : يروج حسن في هذا الكتاب لفكرة مؤامرة سنية – بريطانية قادها او اتفق عليها كل من المندوب البريطاني كوكس مع الشيخ السني عبد الرحمن النقيب . طبعا يجب ان يحشر هنا اسم ساطع الحصري حشراً ، فهو قومي – سني (رغم ان الرجل كان علمانيا ) لكي يتحقق الغرض من الكتاب ، ويثبت بجدارة امام اسياده انه كان مخلصا لمشروع شارون – ايتان . كل سني يجب ان يكون قومي عربي ، وكل قومي عربي يجب ان يكون سنيا متعصبا ضد الشيعة العرب في العراق ، وتصبح الحركة القومية وكانها ما تشكلت وظهرت الا لمحاربة الشيعة.
زور حسن اكثر من عشرين استشهاد من مصادر مختلفة ليثبت صحة ما يقوله ، ولكي لااعيد ما وضحته من التزويرات والتحريفات في هذا الكتاب والتي كتبتها ونشرتها في كتابي " ساطع الحصري والخطاب الطائفي الجديد " ، انصح القارئ بالعودة للحواشي والمصادر التي كتبها ابن هندش في اخر الكتاب ، ويعود للاصل ، كمثال على ذلك ما نقله عن مذكرات ساطع الحصري ، مذكرات سندرسن ، كتاب كليفلاند ، كتاب الدكتور وميض عمر نظمي ، المعنون "الجذور السياسية والفكرية والاجتماعية للحركة القومية في العراق ". ليكتشف القارئ حجم ومساحة التزوير وتخريصات هذا المفكر الكبير .
رغم ان حسن عليوي اعتمد على كتاب الدكتور وميض في توصيف النقيب ، ورغم ان وميض كان قد اعتمد منهج البحث العلمي في ايضاح دور الشيعة العرب في العراق ببناء الحركة القومية الا ان وميض سنيا ، والسنة عند حسن لايحق لهم حتى في اطراء ادوار الشيعة الوطنية وقول الحق فيهم ، لذلك فان وميض يصبح ممن يفتقرون للنزاهة ومشبوها بتهمة الارتباط ( 91-92 ) . الحديث عن ادوار الشيعة الوطنية هو حق خاص بحسن فقط ، لانه كما يرى حسن : "باعتقادي فان الحديث عن عروبة الشيعة العراقيين ، هو اخر مراحل السير في قافلة الاتهام ، واكثرها ايغالاً في ايذاء الاغلبية العربية " ( ص : 43
هذا الفاقد للنزاهة ، والمشبوه بتهمة الارتباط ،والوغل في ايذاء الشيعة ، الدكتور وميض ، يصبح بقدرة قادر في كتاب العراق الاميركي واحد من الصفوة القومية التي تتميز "بصفوة النقاء السياسي " كيف ولماذا ..!؟علمها عند الله ، وعند المفكر الكبير حسن ابن علوي هندش .
اول تكذيب للروايات الملفقة التي اوردها حسن، جاء من اخيه هادي العلوي، شقيق حسن ، حيث نشر تكذيبا في مجلة الحرية التي تصدرها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بعددها الصادر بتاريخ 8 اب 1989 ، يكذب فيه الرواية التي نقلها حسن عنه في ص : 41 من الكتاب . ان هذا التكذيب يكشف حجم المبالغة في التزيف والتزوير الذي ورد بالكتاب الى الحد الذي لايحتمله حتى هادي العلوي .
تعالوا نبحث عن المفكر هنا . ان الكتاب ينفي تماما ما قاله حسن في كتاب دماء على نهر الكرخة عن الشيعة ، فبعد ان كانت عقائدالشيعة من تصنيع عبد الله بن سبأ ، وقيادات المجوسية ، اصبحت من " فعل الرسول وقوله " ( ص : 13 ) كما يقول ايضا : " ظهر التشيع في الجزيرة العربية . وبهذا يكون عربي المولد والنشأة وقد احصينا في لائحة عرضها باحث مرموق ، مائة وثلاثين صحابيا من رواد التشيع الاوائل " ( ص : 13 ).
والشيعة اليوم هم اتباع فقه الامام الصادق الاتقياء ، الذين تعلموا من فقه الامام الصادق الوطنية ، ورفض العمالة والتعاون مع الاحتلال البريطاني (1914-1958 ) ، كما فعل السنة العرب في العراق ، الذين سرقوا الوطن ، واعطوا الشيعة الوطنية اين هي الفكَر .
اين هي وحدة الموضوع ، ما هو المنهج الذي اعتمده حسن ليتجرأ على عرب العراق ، ليلغي عروبة الشيعة هناك في كتابه دماء على نهر الكرخة ، وعروبة السنة هنا .
لم يجد القارئ ، او الباحث منهجا او قاعدة فكرية يستند لها حسن في هذين الاستنتاجين المتضادين تماما . كما لايمكن فهم هذا التناقض الا من خلال الانتهازية المشبعة بالنفعية التي تدفع صاحبها لان يتلون ويتنقل في المواقع حسب ما تتجه بوصلة مصلحته وطمعه في الاكرامية ، وقد عرف حسن بلقب الطاسة ، تشبيها بالمتسولين الذين يحملون طاساتهم ويقفون في الطرقات . اي مفكر هذا الذي يضع قلمه بخدمة المتصدقين عليه بمال او امتياز ..!؟ .
هناك ملاحظة مهمة ، يدعي حسن في كتابه العراق الاميركي انه هو من اسس المعارضة للنظام السابق ، وخلقها وقادها الى ان حققت اهدافها . لكنه لحد هذا الكتاب المطبوع عام 1989 ، كان من الواضح يتحاشى الحديث عن النظام. حصر حديثه عن فترات الحكم السابقة على نظام البعث ، اي انه تناول تاريخ العراق حتى 1968 . لان سلطة الحزب في العراق كانت ما زالت قوية ، وتثير رعب الكثير من ادعياء المعارضة . لم يتجرا حسن في الحديث العلني ضد نظام حزب البعث الا في مرحلة ما بعد ازمة الكويت ، ويبدو ان حسن تصور ان النظام يمكن ان يسقط ، او انه صار ضعيفا بما يجعله قادراً على الكتابة بدون خوف او خشية . خاصة وان حجم الاغراءات التي قدمتها دول الخليج لمن يؤيد ضرب العراق كانت تثير اغراء وتشد عزم حتى الجبناء . وفعلا تمكن حسن من ان يحقق الكثير من الارباح الى حد انه هو نفسه كان يردد ما مازاحا : " ان الجميع خرج خاسراً من هذه الحرب ، الا ثلاثة : ايران وسورية وحسن العلوي" .
ان الفكر ووجهات النظر والاراء التي طرحت في هذه الكتب الثلاثة نفت وسفهت بعضها بعض ،فاتباع عبد الله بن سبأ والمجوسية ، اصبحوا من الصحابة العرب ، نشاؤا وترعرعوا مع مذهبهم ( المجوسي ، اليهودي ) في الجزيرة العربية .
ما لم يتغير في هذه الكتب بعد الرأي الذي طرحه حسن حول السنة ، وسنة بغداد خاصة في انهم اتراك يتظاهروا بالالتزام بالفكر القومي العربي ، خدمة لبريطانيا العظمى .
الا رحمة بمفكرينا العرب .. كم نظلمهم ونتعدى عليهم عندما نسمي هذا الدوني مفكرا .
4 : كتاب " بقية صوت " ، حاول حسن اخراج هذا الكتاب بطريقة الحوار ، اختار اسم صحفي غير معروف ، من غلمان باقر صولاغ وجريدته "نداء الرافدين " ليركب له حسن الاسئلة والمقدمة بطريقة ايحائية ، تلمح الى ان حسن وصل من المكانة العالمية والعربية ، ما هو معروفا وبديهيا حتى لهذا الصحفي . يتضح في كتابة المقدمة ان حسن انتقى هذا الصحفي لانه من اهل الرميثة ليثبت من خلاله انه ينتمي اصلا لعائلة تقيم في الرميثة ، وواضح جدا انها احدى محاولاته لاثبات لنفي اصوله الهندية ، بعد ان كشفت تلك الاصول بمقال نشرته بعنوان " الباحثون عن المجد في الخواء " في جريدة البديل الاسلامي ، بعددها الصادر في 1 تشرين الاول 1987 . استجاب الكاتب هادي العلوي للحقيقة كما كتبتها ، وتعايش معها بعقلانية ، وغير لقبه من العلوي الى البغدادي في كل السنوات التالية لمقالتي وحتى وفاته ، بدأ يكتب لقب هادي البغدادي بدلا من العلوي .
في هذا الكتاب حاول حسن ان يغازل اول ما يغازل اسرائيل ، والاطراء باليهود الذين سماهم بقية سيف حيث تميزوا ب " الدفاع عن النوع(ما) يجعل من ابناء بقية السيف رجالا اشداء ورجالا خبراء ونساء نجيبات وابناء مهرة في كل صنعة . هكذا كان اليهود " (ص :14 )
ثم يبدأ بتقديم نفسه ، على انه كان الكاتب والمفكر المميز الذي تربطه مع الرئيس البكر روابط صداقة حميمة ، بحيث كان البكر ينتظر نصائحه ، ويصحح مواقفه بناء على تعليمات ونصائح حسن ، ويجتمع به باستمرار ليسمع مقترحاته ، حتى ان البكر كعاشق لهذا المفكر كان لاينام الليل قبل ان يودع نهاره برسالة غزل لحسن هندش . اصل الادعاء يبنيه حسن على رسالة استلمها من البكر . وهي الوحيدة على ما يبدو . وعند العودة لنص الرسالة التي وضع لها حسن عنوان " الرئيس احمد حسن البكر يكتب بلغة القارئ الى حسن العلوي " يكتشف الانسان عند قراءة النص ان الرسالة كتبها البكر بعد ان شاهد مقابلة تلفزيونية لحسن ، يبدو ان حسن اندفع فيها كما هي عادته في كيل المدح والثناء للبكر بشكل تضخيمي ومتطرف ، لم يقبل به البكر نفسه فكتب يوجه حسن للتوقف عن المدح بهذه الطريقة .يقول البكر للمقابلة سبب الرسالة : "اريد ان تعرف بعض الشئ عن خصائصي وقد يعرفها جيدا عني كل من زاملني ..... لست ممن تستهويهم عبارات الثناء وما يماثلها ... اقسم برب الكعبة " ثم يقدم البكر توجيهاته لحسن بضرورة التوقف عن مدحه ، والكتابة " بموضوعات تحبب فيه العراق باعين العراقيين " (199)
ثم برواياته التالية يكشف حسن كذبه بنفسه ، فرغم الزيارات المتكررة لبيت البكر والرسائل الغزلية المتبادلة، الى حد ان البكر يكشف اسرار الدولة همسا باذن حسن . الا انه عندما ادعى ان البكر كلفه بمهمة السفر برفقة عبد الستار الجواري ، لم ياتي التكليف من البكر شخصيا ، رغم اللقاءات اليومية المتكررة ، بل عن طريق عبد الستار الجواري . لماذا هكذا بالواسطة وليس مباشرة . التحليل الوحيد ان البكر استكبر على نفسه ان يزعج حسن بالتكليف ، فترجاه عن طريق الجواري كما كانت تترجاه تاتشر في قصته مع الدكتورة هلكا ( العراق الاميركي ، ص : 88 )
يكشف حسن في هذا الكتاب سرا رهيبا ، لاول مرة ( كما يقول هو ) ، من تلك الاسرار التي تهز الارض وتفسر الكثير من الغوامض بتاريخ العراق . يقول حسن :عندما زار تيتو العراق ، وفي المطار وحسن لاشك يهرول مع الصحفيين " عندما عزف النشيدان الوطنيان العراقي واليوغسلافي للرئيسين فعقب صدام حسين قائلا: هل تتصور كم حقنة زرقت في جسد تيتو ليستطيع الوقوف على رجليه ربع ساعة "(44) .كانت الزيارة في شباط 1979 ، وكان صدام حسين في اوج تالقه ، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة ، وغيرها من المناصب التي تفرض عليه ان يكون الاول في صف المستقبلين بعد الرئيس البكر ، ويليه صف طويل من المستقبلين من اعضاء القيادتين القومية والقطرية ، واعضاء مجلس قيادة الثورة ، ثم الوزراء ، ويليهم الدبلوماسيين ، ولم يكن حسن واحدا من هؤلاء حتى يقف في صف المستقبلين ، بل صحفيا يهرول بين المصورين باحثا عن افضل وضع لالتقاط صورة هنا واخرى هناك . وفي عز الاستقبال حيث ان السلام الجمهوري يفرض على كل من يحضر في الساحة ان يقف بحالة الاستعداد ولايتحرك ، بما فيهم الحرس والمصورين ، يخرج صدام من صف المستقبلين ليبحث عن حسن ويقول له :شوف حسن كم ابرة زرقت في جسد تيتو ويعود لمكانه ..!؟ .
ان حادثة مثل هذه الحركة او الهلاوس الكارتونية التي صنعها حسن بخياله المريض ، كان يمكن ان تخلق ازمة دبلوماسية بين العراق ويوغسلافيا ، ولاشك كان هناك بعثة اعلامية يوغسلافية ترافق تيتو ، كما ان هناك صفا اخر من المرافقين له بالوفد ، وكل هؤلاء كان يمكن ان يلاحظ حركة الشخص الثاني في الدولة ، هذه . كما لاشك كان يمكن لحركة كهذه من صدام حسين ان تنشر الفوضى والارتباك في ساحة الاستقبال ، وتلفت نظر الحمايات والمرافقين . ومع ذلك لم يحسب صدام حساباته المهم ان ينكت ويثير البهجة في قلب المفكر العبقري الكبير حسن ، تملقا وكسبا لرضاه.
طبعا هذه الكذبة قدمها حسن ليدعم كذبه اخرى سبقتها . عند اعلان المرسوم الجمهوري في منح نائب رئيس الجمهورية صدام حسين رتبة عسكرية . يقول انه سمع المرسوم وهو برفقة عدنان الحمداني ومحمد عايش الذين ابدوا دهشتهم لعدم علمهم المسبق بالقرار . الا ان حسن مع ذلك اعترض ، وراح يحاجج صدام شخصيا ويلومه كيف يقبل هذه الرتبة :" كيف سنواجه العسكر في الحزب وانت قبلت الرتبة العسكرية " (ص : 44 ) . لاحظ تعبير نواجه هنا ، التي لاتفهم الا ان صدام والبكرمن اصدر القرار ، وحسن فقط ، هم من يقود العراق ، لااحد غيرهم ، ما دام حتى الحمداني وعايش غير معنيين بالقرار ،ولايمتلكون الجرأة لمناقشة الامر لم يبقى الا ابن عليوي هندش لها ليقف في وجه صدام حسين ، ويؤنبه ..!؟
قلت ان متابعة كذب وتخريصات هذا الدعي تحتاج لكتاب مستقل ، فهكذا قصص تمتلئ بها كتبه . اكتفي بهذا القدر من الكذب الذي ورد في هذا الكتاب .
الا ان الكذب بهذا المستوى من السخف المثير للضحك . يعكس حالة نفسية مرضية حادة من حالات الشعور بالدونية اوصلت صاحبها الى حد الهذيان والهلوسة . وهذه صورة ايضا من اعراض البارونويا . والبانوريويا هناك تاخذ شكل الميكانزيم الدفاعي اللاشعوري ، من خلال ما تضفيه من خلال الاوهام والخيالات من احساس لامتناهي بالعظمة ، الى الحد الذي يتصور به ان البكر يسهر الليل لاينام يفكر بماذا قال حسن وما يريد ، ويدبج في عز الليالي رسائله الغرامية الوهمية والتي لاوجود لها الا في مخيلة المريض . وصدام يكسر التقاليد البروتوكولية غير ابه بما يمكن ان يسببه هذا السلوك من اثر على علاقات العراق بدولة صديقة ، فقط ليثير الاستئناس والبهجة في قلب حسن .
بقية القصص اترك القراء ممن يحتاج للضحك ان يتابعها بنفسه في كتابات هذا المهلوس المحكوم بالدونية ، مفكر العربي الكبير الاستاذ حسن عليوي هندش .
الكتابين الاخرين : " العراق الاميركي ، و" شيعة العراق وشيعة السلطة " اترك الحديث عنهما لفصل جديد ، فهما يعكسان موقفين غريبين من استفحال مرض الدونية عند حسن عليوي هندش ،فيتحفنا بقصص كبيرة جدا بحجم ععظمته وتفكيره . كما انهما يقدمان صورة مجسدة للنصاب ، ابو الطاسة كما اسماه الكاتب علاء اللامي ، فهو يكشف طرائق نصبه على المسؤولين العرب بنفسه . كما انه يكشف الاسباب التي دفعته لتغير اسم ابيه من عليوي للسيد نوري . فالسيد نوري وهو من سكان الكرادة الاغنياء، مات ولم يخلف ذرية ، ويبدو انه كان وحيدا فوجد فيه حسن ضالته . يريد ان يستغل غياب السلطة في العراق والفوضى التي سادت الدولة العراقية لينهب مخلفات السيد نوري . كما ان الانتساب للسيد نوري يخلص حسن من عقدة الدونية ، ومن عليوي هندش ، الذي تنقل في عمله من جندي هندي في القوات البريطانية – شرطي في قوات الشبانة – خادم في جامع الرميثة – صباغ دور ومنازل ( كما عرفه هادي العلوي ) – فلاح وراعي مواشي في بدرة وجصان - كاتب حجب وتعويذات في الكرادة، صبي عند صيادي السمك . لاشك ان اسم السيد نوري يشرفه .