أوصى مؤتمر حقوق المرأة في مصر والدول العربية في ختام أعماله بضرورة تجريم ممارسات الحرمان من الإرث، والذي نظمته جامعة الإسكندرية بالتعاون مع جامعة جونز هوبكنز لمدة يومين، وقدمت بعض الأبحاث لأساتذة كليات الحقوق على مستوى الجمهورية في سلسلة من الأبحاث المتعلقة بحقوق المرأة في مصر، والتي شارك فيها أيضًا بعض أساتذة كليات حقوق جامعة دبي واليمن وليبيا.
وفي نهاية فعاليات المؤتمر أوصى ببعض التوصيات ألا وهي العمل على تدعيم وتشجيع نظام الكوتة، تفعيل النصوص المجرمة بمساس العرض بشأن ختان الإناث، وتجريم ممارسات الحرمان من الإرث، إلغاء الإعفاء المقرر للمرأة من حيث توقيع محامي على صحيفة الدعوى والاستعاضة عن ذلك بتفعيل نظام المساعدة القضائية، وضرورة تعديل التشريع بأن يكون الحبس وجوبيًا للزوج الممتنع عن دفع النفقة وإعادة النظر في قانون الرؤية، أيضًا أوصى منظم المؤتمر الاستاذ الدكتور أحمد هندي بضرورة تفعيل توصيات هذا المؤتمر بما يمس حقوق المرأة ليس في مصر فقط لكن في معظم الدول العربية
ناقش خلال المؤتمر كوكبة من العلماء وأساتذة القانون في مصر والوطن العربي العديد من القضايا الهامة حول الحقوق السياسية للمرأة، ومشاركتها وذلك في الشريعة الاسلامية والتشريعات العربية، كذلك حقها في التصويت والترشيح وتوليها القضاء والوظائف العليا، والمواجهة الجنائية للعنف والتمييز ضد المرأة والاستغلال بكافة أنواعه، ومن الملاحظ من جدول أعمال المؤتمر عدم وجود رئيسة إمرأة لأي جلسة من جلسات مؤتمر حقوق المرأة، ولا توجد إمرأة محافظ، ومن الآراء المتباينة عدم صلاحية المرأة للقضاء، وعدم وجود إمرأة ترى في نفسها الكفاءة والجرأة عن الإعلان بجدية عن الدخول معترك الانتخابات الرئاسية، وبالنسبة لتعدد الزوجات هناك رأي يقول بأنه خير للمرأة أن تقترن بنصف، أو ربع، أو ثلث رجل من شبح العنوسة والوحدة
يقول الاستاذ الدكتور/ محمد باهي يونس _ وكيل كلية الحقوق لشئون التعليم والطلاب: ما يمنع أن تتولى المرأة القضاء؟ فهي شغلت ما هو أهم من القضاء فكانت طبيبة، مهندسة، ومدرسة فلا يعقل أن المرأة التي تتلمذ على يدها القاضي في سنينه الأولى أو أي مرحلة من مراحل حياته أن لا تشغل ما يشغله القاضي ولا تعمل ما يعمل به، إن المرأة التي تعالج الأبدان ليس غريبًا عنها أبدًا أن تفض خصومات وتفصل في القضايا والمنازعات ..ما يمنع؟!
إذا قبلنا أن تكون المرأة وزيرة أو رئيسة دولة فلما ينعكس الوضع حينما نوسدها منصب القضاء؟
ليس هناك في شريعتنا وفق أرجح الاراء ما يحول دون ذلك وإذا قيل أن هناك ثمة نساء لا تصلحن للقضاء فهناك أيضًا من الرجال ما لا يكون صالحًا لذلك فالصلاحية ليست صلاحية جنس لتولي منصب بعينه بل هي صلاحية شخص للقيام به، إما أن تتوافر فيه الشروط للقيام بهذا العمل فيغدو صالحًا لها أو لا تتوافر فتنتفي هذه الصلاحية بصرف النظر عن كونه رجل أو إمرأة.
الذين يتحدثون عن عدم صلاحية المرأة لتولية القضاء هم ينطلقون من موروث ثقافي تقليدي ولا ينطلقون من قاعدة علمية أو فقهية محل إجماع، بل يدخلون في المعقولية الاجتماعية المعتمدة على التقاليد الموروثة.
يضيف الدكتور باهي عن التشريعات المتعلقة بحقوق المرأة: عن التشريعات في بلادنا خطت خطوة واسعة في الآونة الأخيرة بحقوق المرأة ونصفتها بعد طول غفلة رغم أن التشريعات في حقيقة الأمر لم تنشأ للمرأة حقًا وإنما هي كشفت لها عن حقوق كثيرة لأن المرأة تكتسب هذه الحقوق بحكم الطبيعة والخلقة فهي مخلوق كريم له ذات الحقوق التي لشريكه في المجتمع وهو الرجل، لابد أن نتحرر من ثقافتنا الذكورية لأن الرجل والمرأة شريكان متلازمان في الحياة لا تستقيم الحياة بدونهما يدًا بيد ومؤازرة بمؤازرة.
التشريعات فيما يتعلق بختان الاناث تعتبر ظرفًا مشددًا لجريمة الجرح ولم ترق به إلى مصاف الجرائم المستقلة وهو في حقيقة الأمر نوعًا من القصور التشريعي يمكن أن يتدارك في يوم من الأيام لاسيما أن المجتمع يستبشر خيرًا بالمجلس النيابي القادم ليستكمل مسيرة سلفه في تنظيم ما تبقى للمرأة من حقوق وتجريم كل صور الاعتداء عليها أو العنف ضدها.
مشكلة المرأة في مجتمعنا هي ثقافة إناث المجتمع وليست ذكور المجتمع، فعدم ثقتها في بني جنسها وثقتها في الرجل كطبيب ومحامي ومهندس، فإذا أحسنا وضع المشكلة سيكون خير وسيلة للبدء في حلها والتي مفادها عدم الثقة في النساء.
يرى المستشار عزمي محمد رمضان_ رئيس بمحكمة استئناف القاهرة_ أن المرأة لا تصلح قاضية في الوقت الحالي، ويستند في رأيه هذا إلى أنها لم تؤهل منذ بداية عصرها بالعمل القضائي لهذا النوع من القضاء فلا يصح أن تظل لمدة خمسة عشر عامًا تعمل في النيابة الإدارية أو هيئة قضايا الدولة وهما هيئتان قضائيتان محترمتان، لأن طبيعة عمل القاضية تختلف عن مجال عملهن في الهيئتين المذكورتين، فالمرأة تحديدًا لا تصلح للقضاء الجنائي وإن كان لابد فإنها قد تصلح في بعض تخصصات القضايا الشخصية أو الأحداث أو الضرائب، وكونها مسئولة عن أسرة ومنزل وأولاد، وواجبات أسرية فهذا يمنعها من التفرغ الذهني للعمل القضائي وإصدار الأحكام لاسيما وأن المثل الذي يقول "الفاضي يعمل قاضي"، يفهمه الناس خطأ على أن من ليس له عمل يعمل قاضيًا، والحقيقة أن المفهوم الصحيح لهذا المثل الرائع أن الشخص فاضي الذهن غير المنشغل المتفرغ هو الذي يصلح لحل أقضية الناس وأنزعتهم ومشاكلهم التي كثيرًا ما تكون معقدة، وتفريعًا على هذا فإن المرأة لا يمكنها أن تقضي بحيدة وموضوعية في قضايا الناس أثناء فترة الحيض وآية ذلك أنها بيولوجيًا وسيكولوجيًا تكون متقلبة المزاج وحادة الطباع وهذه تغيرات علمية لا خلاف عليها، والاسلام يمنع الطلاق في فترة الحيض وإن وقع فيسمى " الطلاق البدعي" أي غير السني وهو عند بعض الفقهاء لايقع ولا يصح، الطلاق البدعي لايقع به تطليق المرأة ويراه البعض وقع لكن مكروه كراهه تحريمية.
أما عمل المرأة في تقلد الوظائف العامة أو السياسية فهي تصلح لكافة أنواع الوظائف والمناصب عدا ما تقدم، والواقع العملي المشاهد أنها إمرأة لا تجد في نفسها الكفاءة والجرأة عن الإعلان بجدية عن الدخول معترك الانتخابات الرئاسية بغض النظر عن العقبات الدستورية، كذلك يؤيد المستشار عزمي اتساقًًا مع أفكاره تعدد الزوجات ويضيف: آراه كما يراه كثيرًا من فقهاء الشريعة الاسلامية انه الأصل في الزواج وأن الآية الكريمة في قوله تعالى" وانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع"، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، صحيح أن هذه الآية نزلت في اليتامي والخوف عليهم من الظلم وضياع حقوقهم، لكن اللفظ جاء عامًا، وكثير من الأنبياء عددوا زوجاتهم وهم قدوة لنا: سيدنا إبراهيم وسيدنا يعقوب عليهما السلام وخاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، بل إن تعدد الزوجات كان عند العرب دون حد أقصى فلما جاء الإسلام حدده بحد أقصى وهو أربع.
المرأة هي المستفيدة الوحيدة من تعدد الزوجات، وخير لها أن تقترن بنصف، أو ربع، أو ثلث رجل من شبح العنوسة أو أن تبقى وحيدة وتحرم من العشير والأمومة، أيضًا الأفضل لكرامة المرأة وصيانتها أن تقترن بزوج متزوج من أن لا تقترن مطلقًا وبذلك نقضي على مشكلتي العنوسة والزواج العرفي، كذلك الزوجة المريضة والعاقر خير لها أن يتزوج زوجها من أخرى من أن يطلقها، لا شك أنه نوع من أنواع الضرر بالزوجة الأولى لكنها تألفه بمرور الوقت وتتعايش معه، فأنا أؤيد التعدد على إطلاقه لأن الشارع الحكيم لم يأتي بحكم إلا وفيه صلاح العباد، أما تغليب التقاليد البالية والثقافات المتردية المأخوذ بعضها عن سخافات الغرب على شرع الله فهذا محض انحطاط نربأ بالمجتمع المصري أن يزري في غياهبه ونرجو القائمين على الدين وأولى الأمر الذين نعتقد أنهم يريدون خيرًا لهذا البلد أن يسعون جاهدين إلى إشاعة ثقافة التعدد وترسيخها وتدريس أمور الدين منذ بدايات المراحل الدراسية الأولى بعمق واهتمام شديدين مع جعل مادة التربية الدينية مادة أساسية تعطى درجات مثل المواد التي لاتقل أهمية عنها، ماذا تفعل البشرية بالجيولوجيا وعلوم البيئة والكيمياء والفزياء الرياضية واللغات ونحوها بغير عقيدة تضع لها الضوابط وتوجهها الوجهه الصحيحة إلى ما فيه خير الناس ل إلى ما فيه دمارهم.
وتقول الدكتورة آمنة نصير (مركز قضايا المرأة): كلفت من مركز قضايا المرأة بإجراء دراسة منصفة مقارنة ببنود وثيقة السيداو مع الشريعة الاسلامية فأخذت مني وقت طويل لأنني كنت أقابل كل بند بالنص الديني فوجدت أن 75% من بنود الوثيقة لا تتعارض مع الشريعة الاسلامية، أما الأحوال الشخصية للمرأة المسلمة ، البنوه، التبني ، الأمية واللقيط تحفظت عليها ورفضتها رفضًا تامًاً، فلهم خصوصيتهم في الغرب ونحن كأسرة مسلمة نندرج تحت شريعة سامية عادلة منصفة للمرأة وتحفظ لها كافة حقوقها.
قدمت لهذا الأمر برغم ما في نفوسنا تجاه الغرب من حروب صليبية، وعد بلفور، غزو العراق وما يحدث في فلسطين من انتهاك للمقدسات، لاشك أن ذلك أوجد خصومة كبيرة بين الغرب الأوروبي والشرق الاسلامي لكني لست مع المقاطعة، فيقول المولى عز وجل " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس" كيف أكون شهيدة وأنا مقاطعة؟ كيف يكون لي وجه أبيض وأتحمل هذه الرسالة وأنا بعيد عن هذه المسئولية؟
تضيف الدكتورة آمنة نصير حول الثقافة السائدة في المجتمع من عدم ثقة المرأة في المرأة..... من الذي يربي؟ لا ألوم فيها إلا المرأة لأن الرجل ماهو إلا تربية إمرأة، والذي ربى المرأة إمراة،. أتمنى العدالة بين الرجل والمرأة وليس المساواة.
وتقول في تعدد الزوجات..الاسلام جاء بوسطية، وآية التعدد جاءت لإصلاح حال اليتامى والأرامل، بعد أن كان رؤساء العرب يأخذون اليتيمة وأمها ليأكلوا أموالهن وميراثهن، أي نزلت الآية للإصلاح الاجتماعي .
أقول جملة واحدة أخي الرجل أنت تظلم نفسك بتعدد الزوجات قبل أن تظلم المرأة، لأنك ستنجب أولاد أعداء بعضهم لبعض، وستتفنن كل أم من أمهاتهم في كيف تسلط عليك أولادك وكيف تحقق أعلى استفادة بدلاً من أن يسود الحب والمودة، ولا يمكن أن تستقيم الأمور في ميدان معارك وتنافس ولن تأمن لك لا الزوجة الأولى ولا الثانية ولن تعطيك صدق قلبها، فارفق بنفسك لأنك أنت الضحية، نحن أساءنا التعدد.
يري د. محمد مطر أستاذ القانون بجامعة جونز هوبكنز: أن المرأة كفئة في المجتمع لا تتمتع بذات الحقوق التي يتمتع بها الرجل، وأتصور أن المطالبة بهذه الحقوق ظاهرة صحية تفرضها اعتبارات الزمن والواقع.
الواقع الاجتماعي أن المرأة هي محل لممارسات ضارة غير صحية كالعنف ، الظلم، التحرش الجنسي، ختان الاناث ،الاتجار بالنساء والزواج المبكر، كلها ظواهر موجودة ويتعين التصدي إليها وهذا لايعني أننا خرجنا عن المألوف في المطالبة بحقوق المرأة.
أما عن تشريعات حقوق الانسان فيما يتعلق بقضايا المرأة...نحن لنا تجربة حديثة تتعلق في الاتجار بالبشر واصدار قانون 64 لسنة 2010، وليس لنا تجربة مماثلة في قضية العنف ضد الظلم، والتحرش الجنسي، نحن بحاجة إلى تدخل تشريعي، أدعو البرلمان الجديد تناول هاتين المسألتين كما تناول قضية الاتجار بالبشر بنجاح، أحي رئيس مجلس الشعب الاستاذ الدكتور/ فتحي سرور الذي كان وراء إصدار قانون مكافحة الاتجار بالبشر.
وعن تمثيل المرأة في المجالس النيابية بنظام (الكوتة): أرى أن نقطة تخصيص مقاعد للمرأة في المجالس النيابية نظام ناجح خاصة وأنه يتفق مع أحكام اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة_ هو يعد تمييز إيجابي مؤقت بطبيعة الحال سيستمر لمدة أخرى عندها يمكن أن تنافس في المرأة الرجل دون الحاجة إلى نظام التخصيص هذا.
يضيف الدكتور محمد مطر في أن تولي المرأة مناصب عليا ولا سيما القضاء يتطلب إصلاح شامل يبدأ بالتعليم، والاهتمام بإبراز دور المرأة والقيادات النسائية عبر العصور، وما سبق إلى جانب التشريع، علاوة على دور المؤسسات الدينية، وربط قضايا المرأة بالشريعة الاسلامية ولا أرى أي تعارض بين الشريعة الاسلامية وحقوق المرأة، علينا أن نجري حوار مع المؤسسات الدينية، بالنسبة لتولي المرأة منصب القضاء هي بالفعل تولته وهي مسألة خلافية بين الفقهاء قيل فيها رأيان أحدهما رافض والآخر مؤيد وكل له أسانيده، أنا في تقديري أن الرأي الأصوب هو الذي يسمح للمرأة بتولي القضاء وأؤيده.
أما عن عدم ثقة المرأة في بني جنسها يحتاج إلى تغيير مفهوم وثقافة المجتمع فيما يتعلق بدور وكفاءة المرأة وقدرتها على المنافسة، وللإعلام دور هام في التركيز على النماذج النسائية المشرفة والذي من شأنه تغيير ثقافة ونظرة المجتمع للمرأة.
الاستاذ الدكتور. عماد ملوخية_دكتوراه في الشريعة الاسلامية: المرأة لاتصلح كقاضية لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "لايفلح قوم ولوا أنفسهم إمرأة".
أما موضوع ختان الاناث، فالشيخ جاد الحق على جاد الحق أباح ختان الإناث وأنا لا أرى فيه جريمة على الاطلاق في ظل السائد من إنحلال أخلاقي، تهذيب بعض الأشياء عند المرأة أمر ضروري في ظل ظروف المجتمع الراهنة، أوصى أن لا يعد الختان في حد ذاته جريمة في القانون المصري بل يترك للحرية الشخصية عن طريق استشارة الطبيب.
ويضيف..بالنسبة لكوتة المراة أصبحت مطلب ضروري، نحن متأخرين عن كثير من الدول، ستستمر كوتة المرأة وسيزداد عددها في مجلس النواب.
أما عن تعدد الزوجات، أرى أن الأصل هو الزوجة الواحدة، حينما أراد على(كرم الله وجهه) أن يتزوج بأخرى غير السيدة فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم غضب.
فالزواج الثاني له قيود بأن قد تكون الزوجة الأولى مريضة أو عاقر، لكن أن يترك الأمر على إطلاقه شئ مرفوض تماماً.
يسرية سلامة