حوار خاص مع المناضلة ليلى خالد
حملتها النكبة مع من حملت من حيفا إلى بلاد الشتات وكانت طفلة، وعلى أرض الجنوب اللبناني كانت نشأتها وملعب صباها، حملت همّ القضية المركزية منذ بداية الوعي كعقيدة دافعت عنها، تتلخّص في حق الشعب الفلسطيني بالأرض والحرية وتقرير مصيره كشعب له وطن وجذور وتاريخ على أرضه وفي محيطه.
كثيرات من النساء العربيات عايشن مرحلة المدّ الوطني والقومي العربي، ومرحلة نضال ليلى خالد، واعتبرنها مثلهن الأعلى في منهج النضال.
وإنني هنا أنتقل من إجراء حوارات تسلط الضوء على وسائل النضال ثقافياً وفكرياً، إلى حوار مع الذاكرة ومع مناضلة فلسطينية عروبية حملت السلاح كوسيلة لاسترجاع حقوقها، وأعلنته صريحاً مقاوماً في وجه من اغتصبوا أحلامها وأحلام الأجيال.
أجرت الحوار سوسن البرغوتي
ـ ليلى خالد.. اسم ما فارق ذاكرتنا، كانت وما زالت تمثّل أمام المخلصين والمناضلين نموذجاً فريداً في الشدّة والصمود والتصميم، ولعلّ أول ما يخطر في بالي الآن وأنا أستعيد تلك الصور المجيدة التي أذكت فينا مشاعل الأمل بالرجوع إلى مرابعنا، وتحقيق ثوابتنا الوطنية، وما نتابع الآن المجريات على الساحة العالمية وبما يخصّ قضيتنا.
ليلى خالد.. هل تعتقدين بأن وسائل النضال يمكن أن تتبدّل.؟ وأن المسعى النضالي الحق يمكن أن يخضع إلى نظريات الممكن والمتاح من المنظور السياسي..؟
* تعتمد وسائل النضال على الوضع الذي يعيشه أي شعب ، وهناك أسلوبان :
الأول – ويتمثل بالثورة المسلحة والإنتفاضة الشعبية .
الثاني – ويتمثل بالطريق السلمي الديمقراطي .
في الحالة الفلسطينية ، فالصراع تناحري مع العدو الصهيوني ، وعليه الأسلوب الأول هو المجرب تاريخياً، وهو حق طبيعي للشعوب التي تخضع تحت الاحتلال . وقد كلفت القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة هذا الحق للشعوب .
والمعادله الطبيعية هي : حيث يوجد احتلال توجد المقاومة .
ربما تتبدل الأساليب التكتيكية فـي النضال لكن الأساس هـو أن العنف الرجعي ( الإحتلال) لا يواجه إلا بالعنف الثوري
( المقاومة المسلحة ) وقد أثبتت تجارب الشعوب عبر التاريخ هذه النظرية .
وإذا كان المقصود بالسؤال تبرير التغير الجذري باستبدال وسائل النضال بما يضرب الثوابث الوطنية والأهداف فإنني ضد هذا المنطق جملة وتفصيلاً .
وكما أسلفت هناك ثوابت في النضال لا تتغير لكن الأساليب لممارسة هذا النضال يمكن تغييرها حسب الظروف الذاتية والموضوعية للصراع نفسه .
ولمزيد من الوضوح ، لا يمكن للإحتلال أياً كان نوعه أن ينتهي من خلال المناشدات والمطالبات والمفاوضات التي تؤدي إلا تنازلات عن الأهداف بل عندما يشعر المحتل أن كلفة احتلاله أصبحت عالية لدرجة لا يمكن تحملها .
إن أقرب مثال على ذلك ما حصل في الجنوب اللبناني ، فالمحتل الإسرائيلي لم يرحل إلا تحت ضربات المقاومة المسلحة .
إن تجربة فيتنام هي دليل ساطع آخر على أن أن الكفاح المسلح كأسلوب لحل الصارع بين المحتل والشعب الواقع تحت الإحتلال هو السلوب الناجع والذي يحقق أهداف الشعب بالحرية والسيادة .
ـ لا بد لي أن أعود إلى المفصل الأهم في حياة المناضلة ليلى خالد وأسأل بعد أن مضى ما يقرب من الثلاثين عاما على آخر عملية خطف للطائرات قمت بها، هل لك أن تستحضري بعض المشاعر الإنسانية التي صاحبت تلك العمليات، بمعنى آخر، كيف كان شعورك وأنت تساهمين في صياغة مرحلة جديدة من تاريخ النضال الفلسطيني، شعورك كمناضلة فلسطينية، وشعورك كإنسان تحمل صبوات العودة والتحرير مع أن التسليم بأن الفصل بين المشاعر في تلك اللحظة هو عملية تكاد تكون مستحيلة؟
* من الصعب إيجاز وصف المشاعر في مرحلة معينة كمرحلة الكفاح المسلح0 لكن يمكنني القول أن هذه المشاعر هي إنعكاس لحالة الوعي للظلم والمعاناة التي نعيشها والتي عشناها0
ولكن هناك لحظات ما زلت أذكرها وأنا في طريقي الى طائرة TWA المنوي اختطافها في مطار روما0إذ عندما كنا بانتظار الخروج لركوب الباص إلى الطائره رأيت طفلة في العاشرة من عمرها وقد كتب على قميصها Be Friends أي ” لنكن اصدقاء “ استوقفتني العبارة والطفلة في آن معا . وددت لحظتها أن أقول لا : كم أتمنى لو نكون اصدقاء فنحن نحب الشعوب ، وأنا شخصيا أحب الأطفال 0 واسترجعت بذاكرتي في تلك اللحظة شريط المعاناة التي عانيتها شخصيا في طفولتي ومعها ذكريات مريره لأطفال شعبنا الفلسطيني في مخيمات البؤس بعد نكبة1948. تمنيت تلك اللحظة أن أنقل لهذة الطفلة هذه الذكريات لأقول لا إنني مضطرة للقيام لعمل لتسمع العالم صوتنا : صوت أطفال الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وصوت اطفال الشعب الفلسطيني في مخيمات اللجوء 0
بطبيعة الحال كان مـن الصعب أن اقول ذلك لتلك الطفلة في تلك اللحظة 0 لحظة أخرى انحفرت في ذاكرتي عندما حلقت الطائرة فوق فلسطين لحظتها رأيت وجة أبي المتوفى متبسما وكأنه يقول لي: الله معك ويحميك إنك تحققين حلما لم أشهده. فاستذكرت كيف أن أبي انتظر ثلاثة أيام بلياليها على بوابة مندلبوم في القدس1964 ليلتقي والدته التي بقيت في فلسطين 0 ولم يراها علما أنه قد حصل على تصريح للقائها، وتوفي والدي ولم يلتق أمه التى لم تعرف بموته 0أما في العملية الثانية 1970 عندما كنت على طائرة العال والرفيق الشهيد باتريك اورغويللو وقبل المباشرة في محاولة اختطاف الطائرة أبلغني باتريك بأنه جائع 0 فقلت له بعد قليل ستكون الطائره على حسابنا وستأكل ما تشاء ولكن استشهد على الطائره . وهذا قد سبب لي ألماً شديداً فيما بعد ، إذ بقيت مدة أسبوع لا يمكنني تناول أي طعام ، وكنت محتجزة في لندن 0 وعندما أُحضر لي الطعام أجهشت بالبكاء ألماً وحزنا على الرفيق باتريك الذي مات وهو جائع 0هـذه بعض اللحظات التـي صاحبت تلك العمليات0
- عندما أعلنت غضبك بطريقة ابتدعتها الجبهة الشعبية، هل كنت ستستمرين بالاتجاه ذاته في عمليات اختطاف الطائرات، ولماذا؟
* إن اختطاف الطائرات كان أسلوبا تكتيكياً استخدمته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بداية الثورة المسلحة 0وكان هذا الأسلوب يستهدف طرق إسماع العالم عن القضية الفلسطينية، بمعنى أن يتساءل العالم : من هم الفلسطينيون ؟؟ ذلك أنه العالم تعامل مع الفلسطينيين كلاجئين بحاجة لمساعدات إنسانية، ولم يتم التعامل معنا كقضية شعب وأرض . كما استهدفت هذا الأسلوب محاولة إطلاق سراح المعتقليين من السجون الإسرائيلية. ولكوني عضواً ملتزمة بالجبهة الشعبية فقد كنت أنفذ أية مهمات تطلبها مني قيادتي وليست المسألة خاضعة لمزاج أي واحد منا .
والجبهة الشعبية قد توقفت عن هذا الأسلوب 1970 بقرار من اللجنة المركزية للجبهة وبالتالي فإن المهام التي أوكلت لي بعد ذلك قد تنوعت : العمل التنظمي والعمل الجماهيري والإعلامي وغيره .
- في زمن التردي والنكوص تبرز دعوات للاتجاه بالنضال الفلسطيني نحو الواقعية والتعايش مع الزمن الكوني الذي نعيش . ومع التسليم بأن النضال الوطني في أحد أوجهه هو استيعاب لحقائق تاريخية وشروط موضوعية لا غنى عنها لكن تنتصر إرادة المقاومة، وفي كل الأحوال تبقى مهمة تحرير الوطن قضية مركزية، وواحدة من الثوابت التي ينبغي عدم التفريط بها. أمام هذا الواقع الصعب، ما هي إمكانيات مواصلة النضال الفلسطيني نحو التحرير، وكيف يمكن قلب المعادلة وخلق الإستراتيجية الكفاحية البديل؟
* برهن الشعب الفلسطيني عبر تاريخ النضال الذي ما زال يخوض منذ قرن من الزمن أن أية محاولات لجعله يتنازل عن حقوقه قد باءت بالفشل . فالثورة المسلحة التــي واجهت كافة المحاولات العسكرية والسياسية لتصفيتها قد راكمت خبرة إضافة للشعب الفلسطيني في الصــراع ضد معسكر الأعـداء . وما الإنتفاضة الأولى 1987، والثانية 2001 إلا أدلة واضحه على تصميم الشعب الفلسطيني على نيل حقوقه .
وعلى الرغم من توقيع إتفاقات أوسلو 1993 إلا أن الصراع اتخذ شكلاً دموياً بعد عشر سنوات على هذه الاتفاقيات. وتجري محاولات محمومة لجر الشعب الفلسطيني الى الإستسلام للمخطط الصهيوني – الأمريكي والمتمثل بإنهاء المقاومة والتسليم بهذا المخطط الذي يعطي العدو الإستمرار في مخططه الهادف الى السيطرة التامة على الأرض ومنع تحقيق عودة اللاجئين إلى ديارهم في ضوء القرار الدولي 194 .
إذن فإن هذا الصراع سيستمر بأشكال وأساليب مختلفه من أجل تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس على ترابه الوطني .
لكن الأساس هو الصمود في وجه السياسات الإرهابية التي تنتهجها قوات الإحتلال ضد شعبنا ، ثم المقاومة التي ترفدها أشكال أخرى جماهيرية ودبلوماسية .
إن البعد العربي لهذا الصراع يستدعي تفعيل دور الجماهير العربية وقواها الحية في إسناد نضال الشعب الفلسطيني ، ومواجهة النظام العربي الرسمي الذي يلعب دوراً متواطئاً مع القوى المعادية .
إن قلب المعادلة لصالح شعبنا يحتاج الى تعزيز الدور الدولي بإنشاء شبكة علاقات مع قوى التقدم والديمقراطية في العالم لتشكل بدورها عاملاً ضاغطاً على حكوماتها لتغيير موقفها بما يخدم نضالنا. وتلخيصاً أقول : إن العامل الذاتي هو المحرك الأساسي للتغيير في العامل الموضوعي.
- اتفاقيات أوسلو كانت نتاج جملة من الظروف لعل أهمها النتائج التي تمخضت عنها حرب الخليج الثانية، وسقوط الاتحاد السوفيتي والكتلة الاشتراكية، وهيمنة الحقبة الأمريكية (القطب الأوحد) على الأوضاع في عموم المنطقة العربية والعالم والتي كرّست بوضوح قبول العرب مبادرة مدريد، والعجز العربي الرسمي بالدفاع عن الأمن القومي العربي. لكن هذه الاتفاقية، رغم تعثرها، بعد حوالي 12 عام على توقيعها، تكاد تصبح سقفاً بعيد المنال، بل إن ما تطرحه حكومة شارون الآن من مبادرات هي أقل بكثير مما ورد في نصوصها. فهل وصلنا إلى مرحلة يصبح فيها التمسك بأوسلو مطلبا وطنيا وقومياً؟ وإذا كان الأمر غير ذلك، فكيف نفسر حضور الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تمارسين فيها دورا قياديا نشطا، باجتماعات القاهرة، وهي مبادرة تستند على المشروع الأمريكي المعروف بخارطة الطريق. ألا ترين أن المشاركة في هذه الاجتماعات يحمل معه تناقضا واضحا للموقف المعروف للجبهة المستند إلى تحشيد الجماهير، والنأي عن القيادات العربية الرسمية، التي كان لها الدور المباشر في عملية التفريط بالحقوق الوطنية والقومية؟
* طرحت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين موقفاً واضحاً معارضاً لإتفاقات أوسلو وكل مالحقها من مبادرات مثل خطة تينت وميتشيل وآخرها خارطة الطريق .
إن البديل الذي طرحناه يتمثل في خطين :
الأول : إعادة ترتيب البيت الفلسطيني على قاعدة إحياء دور م.ت.ف بمؤسـساتها ودوائرها بحيث تشارك كافة القوى بها على قواعد ديمقراطية تضمن مشاركة الجميع بإتخاذ القرار , ومن هذا المنطلق شاركت الجبهة بالحوارات الفلسطينية في القاهرة
الثاني : اعتماد برنامج المقاومة في مواجهة الاحتلال، ولذلك لا نرى أي تناقض في موقفنا من المشاركة في حوارات فلسطينية – فلسطينية على قاعدة معارضتنا لكل الإتفاقات التي ثبت فشلها في تحقيق الحد الأدنى من حقوق شعبنا.
- هل لك أن تتحدثي لنا عن رؤيتك لمستقبل الصراع الفلسطيني الصهيوني، بما يعيد لنا شيئا من الأمل والتماسك والثقة في مستقبل الحركة النضالية الفلسطينية؟
إن رؤيتنا لهذا الصراع أنه تاريخي وشامل، فالعدد الذي نواجه ليس قوة عسكرية محتلة . بل هو عدد استيطاني – إجلائي يتنكر لحقوق شعبنا .
هذا العدو المتمثل بالحركة الصهيونية + الكيان الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة : سياسياً – عسكرياً واقتصادياً يحتاج إلى معسكر مقابل يمتلك عوامل قوة تمكنه من الإخلال بميزان القوى على كافة المستويات .
إن حسم الصراع لصالحنا لن يتم بالضربة القاضية بل بالنقاط ، ذلك أن هذا العدو يمتلك من أسباب القوة لا تضاهيه قوة مقابلة من الناحية العسكرية أو الأمنية أو التقنية .
لكن وحدة الإرادة والعمل المستندة الى برنامج مقاوم لقوى الشعب هي الأساس في هذا الصراع والمرتبط ببعديه العربي والدولي .فالعدد يعمل على عزل نضال الشعب الفلسطيني عن محيطه العربي واتهامه أمام العالم بأنه عمل إرهابي .
إننا بحاجة إلى التوقف لإجراء مراجعة شاملة لكافة السياسات التي تم انتهاجها للوصول إلى برنامج تلتف حوله الجماهير وتناضل على أساسه. فالداخل االفلسطيني يحتاج إلى التوحد من ناحية ومن ناحية أخرى تحشيد قواه لمقاومة المحتل ، والخارج الفلسطيني مدعو لتحشيد قواه لدعم المقاومة وإعلاء الصوت على مستوى العالم لموضوع حق العودة .
ولطالما هناك طفل يحمل حجراً يلقيه على الدبابة الإسرائيلية في أي من مخيماتنا وقرانا ومدننا الفلسطينية ، فإنما يدل ذلك على صراع الإيرادات بيننا وبين هذا العدو . وحتى الآن لم يعض الشعب الفلسطيني أصابعه، بل ما زال مؤمنا بقدراته على النصر. ما نحتاجه هو قيادة ثورية ترى في قوة الجماهير وطاقاتها إمكانية الإستمرار بالنضال حتى تحقيق الأهداف بالرغم من كل المعاناة والتضحيات التي ما بخل الشعب يوماً على تقديمها. وقوافل الشهداء ، والالاف المعتقلين في السجون والالاف الجرحى إنما دلالة كبيرة على قوة التحمل والقدرة على الاستمرار .
- كقيادية في تنظيم الجبهة الشعبية، ومتابعة لقضية المعتقلين الناشطين لدى السلطة الفلسطينية، وبعد اتفاق القاهرة، هل يمكن أن نتوقع بأن المعتقلين الذين يشكلون قلقاً من الجانب "الإسرائيلي" على خارطة الطريق، سيتم الإفراج عنهم؟
* ما زالت المحاولات جارية عبر قنوات متعددة وعبر أشكال مختلفة ، سواء بالحوار أو الضغط الجماهيري لإطلاق سراح المعتقليين في سجن أريحا وفي مقدمتهم الرفيق احمد سعدات ورفاقه والأخ فؤاد الشوبكي.هناك وعود من طرف السلطة بإطلاق سراحهم واعتقد أنه سيتم ذلك قريباً.
- الجدار العازل يرتفع يوماً بعد يوم، وهو أمر لا يمكن تجاهله، بالإضافة إلى خرق "إسرائيل" الدائم لهدنة التهدئة، مما يؤدي بالتالي إلى ردود فعل مقاوم، هل ترين أن التهدئة تناسب ما وصلنا إليه حد عنق زجاجة؟
* خلال حوارات القاهرة أعلنت الجبهة تحفظها على موضوع التهدئة بدون مقابل سياسي وفي مقدمة هذا المقابل إطلاق سراح المعتقلين من السجون الإسرائيلية والتوقف عن بناء الجدار وتوسيع المستوطنات .
وها هي الأحداث تبرهن كل يوم على أن التهدئة المجانية من الطرف الفلسطيني تعطي العدو فرصة أخرى لطلب المزيد من التنازلات يرافق ذلك الإستمرار بسياسة القتل للمقاومين ، والاستمرار بزج المئات في السجون ، والإستمرار في مصادرة الإراضي وبناء جدار الفصل العنصري وتوسيع المستوطنات .
إن أية تهدئة هي موقف سياسي في مجرى الصراع ومن الناحية المبدأيه فهي مشروعه إذا ارتبطت بموقف سياسي من الطرف المعادي ملتزم بشروط هذه التهدئة . أما أن تقدم التهدئة كهدية مجانية فهذا ما لايتناسب مع الوضع الذي نعيشه.
- مسجد الأقصى الشريف، فُرغ تماما من بنيته التحتية، والدولة العبرية تبني جسرا على باب المغاربة، والتهديد باقتحامه ما زال ساري المفعول. هل تعتقدين أن منظمة العالم الإسلامي، أو جمعية الدفاع عن المقدسات، بإمكانها إنهاء استمرار التهديد من جانب المتطرفين اليهود لاقتحام الأقصى؟
* إن إيقاف تهديد المتطرفين الصهاينة لاقتحام المسجد الأقصى لا يمكن من خلال بيانات الشجب والاستنكار ، بل لا بد من إتخاذ إجراءات عملية من قبل منظمة العالم الإسلامي وكافة الهيئات لحماية المقدسات .
إن أول هذه الإجراءات هي دعم الشعب الفلسطيني الذي ما زال حتى اللحظة يواجه كافة المحاولات لاقتحام المسجد الأقصى. وثاني هذه الإجراءات التحرك على مستوى العالم لفضح السياسات الإسرائيلية وحشد الدعم ضد هذه السياسات ، للوصول بهذه الحركة إلى الأمم المتحدة لإتخاذ قرار دولي بحماية المقدسات.
- ما الهاجس الذي يشغل بال المناضلة في خضم أحداث تسعى إلى تمزيق الوطن العربي بأسره؟
* الهاجس الكبير الذي يشغل بالي هو الكيفية التي نطور به نضالنا والاستمرار به حتى نهاياته، فهذا الأمر أمام الصعوبات والعقبات التي نواجه يحتاج إلى شحن العقل الجمعي الفلسطيني والعربي لاستنباط برنامج عمل يستند إلى المتغيرات العربية والدولية لمواجهة التحديات التي تنتصب أمام أمتنا. إننا في عصر العولمة نحتاج للسرعة في العمل ، وإلا فالتاريخ لا يرحم الأمم التي تتأخر عن مواصلة التقدم والتطور.
- أخيراً، ما رأيك بما يطرح الآن على الساحة بمسألة حوار الحضارات، وما مدى خطورة هذا الطرح على مجمل ثقافتنا. وهل تؤمنين بأهمية الحراك الثقافي كوسيلة لموصلة النضال تحريض الذاكرة الوطنية وتأريخ مسيرة النضال الفلسطيني.؟
* إن حضارات الشعوب قد تفاعلت عبر التاريخ بشكل ايجابي أكثر منه سلبي.
فعلى الرغم من كل الحروب التي شهدها التاريخ فإنما من أجل المصالح لهذه الدولة أو تلك . أما الحضارات فهي نتاج لتجربة الفكر والإبداع البشري . وعليه فحوار الحضارات لا يشكل خطورة على ثقافة اي شعب او على ثقافتنا بشكل خاص . فلكل شعب أو أمة خصائص اكتسبتها عبر تاريخ تشكلها وتفاعلها مع المحيط .
والحراك الثقافي أحد أشكال هذا الحوار فهو الوسيلة لحفظ الذاكرة الوطنية للشعوب وهو أحد عوامل النهوض للأمم بل أكثر من ذلك هو المحرك لاستمرار النضال . إذ بدون الحراك الثقافي المستند إلى تاريخ أمتنا والمستفيد من دروسه، فإن أي نضال معرض للسقوط او الإنتهاء دون تحقيق الأهداف .
ولا خوف على إختراق ثقافتنا ، فما زالت ثقافة المقاومة محركاً ودافعاً قوياً ، فمن لبنان إلى فلسطين إلى العراق بقيت هذه الثقافة هادياً للمقاومين والثوار، ونجد هذه الثقافة في أدبنا ، رواية وشعراً وفنون مختلفه .
19/5/2005