كيف يرى المشاهد الدراما السورية لهذا الموسم

لابد من النزول إلى الشارع لرصد واستطلاع آراء المشاهد السوري حول الرقم الصعب في المشهد الإعلامي السوري وهو الدراما السورية الرمضانية

ومن اللافت تركيز بعضهم على توتر علاقاتهم الاجتماعية نتيجة ما قدمته الدراما السورية هذا العام إذ مثلت مواضيع الخيانة الزوجية والعلاقات غير الشرعية الجزء الأكبر من موضوعات سنة الدراما الحالية ليس ذلك فحسب بل طرقت تلك المواضيع في قالبها الإنساني الحقيقي الذي يبرر أحياناً لصاحبها سلوكه ويترك للمشاهد فرصة التقاط جماليات هذا السلوك ومبرراته الاجتماعية وبعدما تحاشت الدراما لفترة طويلة الخوض في هذه المسائل أو لم تكن جرأة طرحها مشابهة لما يحصل اليوم، فبدت مسلسلات الموسم الرمضاني الأخير كأنها خارج عباءة هذه الرقابة لتطرح معظمها موضوعاً واحداً كان القاسم المشترك الأكبر للمسلسلات السورية وهو الخيانة الزوجية والعلاقات غير الشرعية وبذلك لم يبق أمام المشاهد السوري في ساحة التنافس الدرامي سوى الدراما الاجتماعية التي ضربت رقماً قياسياً هذا العام ولكن ورقة المنافسة هذه سرعان ما سقطت مع تتالي أيام العرض بعدما كشفت عن حالات تشابه وتكرار وصلت إلى حد الاعتقاد بأن حالة استنساخ غير مقصودة عصفت بالدراما السورية فقد تقاطعت عدة مسلسلات وتشابهت في موضوعاتها لجهة حالات الحمل دون زواج والخيانة الزوجية والاستغلال العاطفي، عصابات سرقة وقتل وجاء تكرار الوجوه التمثيلية ليزيد الطين بلة حتى وصلت مشاركات بعض النجوم إلى ستة أعمال هذا العام وبينما عرجت أعمال أخرى على هذه المواضيع في إطار معالجتها لمحاور إضافية مثلاً كيفية التعامل مع ذوي الإعاقة الذهنية في مسلسل ورا الشمس وتطرق مسلسل «خبز الحرام» إلى مجموعة من العلاقات غير الشرعية ولم يكن حال «تخت شرقي» و«ما ملكت أيمانكم» أقل من باقي الأعمال السورية إذ ركز على استغلال رجل الأعمال الثري لموظفيه وكذلك طرح الخيانة الزوجية بأشبع صورها.
وعن رأي معتز (مهندس 36 عاماً) في الدراما السورية لهذا العام قال: أحببت مسلسلات هذا العام لأنها تطرح مشكلات عديدة ولكن أنتقدها بطريقة طرحها للمشكلات وأعجبني مسلسل ورا الشمس لفكرته الجديدة وأبعدنا بعض الشيء عن التكرار.
على حين رأت روان (طالبة جامعية 23 عاماً) أن مسلسل باب الحارة يتحدث عن عاداتنا الشرقية الجميلة ويقوم بالترويج للأعمال الشامية ويخلق حالة صداقة رامية بين أعمال البيئة الشامية والجمهور العربي فما من أحد ينكر أن شاشات مرئية انتشرت في المطاعم والساحات من أجل متابعة مسلسل باب الحارة ولا نستطيع أن ننكر أن الأطفال والشباب لم يقلدوا أبطال أي عمل درامي كما قلدوا نجوم باب الحارة ولكني أرى أن باب الحارة يفقد بريق الجماهيرية التي حظي بها في جزأيه الأول والثاني ونبقى بانتظار الجزء السادس على أمل أن يستعيد نجاحه السابق.
ويقول فادي (27 عاماً موظف) ضاحكاً: تشعر بسعادة غامرة وأنت ترى تطور الأحداث والشخصيات فالأحداث تصلح لمسلسل كرتون والعقل البشري يستوعب كيف يتغير أهل حارة بأكملها تغيراً جذرياً من ثرثارين وأميين بامتياز إلى ثوار عالميين وأصحاب فلسفة عميقة وأراه أنه يكرس الرجعية ولا يلامس واقعنا اليوم.
هنادي (طالبة 17 عاماً) تقول: ببداية رمضان تفاءلنا بمشاهدة مسلسلات عديدة اجتماعية كتخت شرقي وخبز الحرام ولكن نرى هناك تشابهاً كبيراً وتكراراً من حيث تناولها المواضيع نفسها كالحمل دون زواج والخيانة الزوجية والاستغلال العاطفي والمادي إلا أن مسلسل ورا الشمس طرح فكرة جديدة وهي كيفية التعامل مع طفل ذوي الاحتياجات الخاصة وكيفية التعامل مع ذوي الإعاقة الذهنية وطريقة استغلال المجتمع لهم.
وتقول لما (صحفية 23 عاماً): الدراما هذا العام تطرح أفكاراً جديدة مثل مسلسل ورا الشمس، فكرة محاولة دمج الطفل المعوق بالمجتمع وتقبله له ويركز على الأسرة وأهميتها في المجتمع فأسرة المعوقين تلعب دوراً وأهمية كبيرة في تربيتهم للمعوق ليصبح فعالاً في المجتمع ويطرح المسلسل الصعوبات الحقيقية التي يواجهها المعوق بإيجاد العمل واستغلال رب العمل له ونظرة المجتمع تجاه المعوق المبنية على أساس الشفقة.
أما مسلسل ما ملكت إيمانكم فيعتبر مسلسلاً جريئاً لطرحه موضوعات وقضايا جريئة إلى درجة الوقاحة وأرى أنه ليس من الضروري عرض هذه القضايا على شاشة التلفاز لأنها قضايا تشكل مشكلات أسر قليلة في المجتمع. أما من الناحية الدراما الكوميدية لهذا العام مسلسل أبو جانتي فيعتبر خفيفاً ومهضوماً ومادة خفيفة للضحك.
والمسلسل صبايا فسطحي ويعطي انطباعاً سيئاً عن الفتيات السوريات.
وتضيف لين طالبة 15 عاماً: أحببت مسلسل صبايا أرى أنه بسيط وممتع تتفاوت فيه الحلقات والمشاهد من حيث درجة إضحاكها وكذلك أبو جانتي ملك التكسي.
وترى إيمان (45 عاماً مديرة) أن من حق الفن والدراما أن يناقشا كل القضايا بمثل الطرق والوسائل وأن وظيفة الفن هي الحديث عن السلبيات وليس تقديم نشرة ترويج سياحي وتؤكد أن حياتنا بخير ومجتمعنا عال العال ويجب أن يلعب الفن دوراً تنويرياً في المجتمع ويسلط الضوء على حالات لن يكون بمقدور تلك الأعمال وسواها مناقشتها بإسهاب وهكذا تبقى هذه المشاهد معزولة عن أي خطاب تربوي أو توعوي يمكن أن يحذر منها. وأطلب من صناع هذه المسلسلات وسواها أن يفهموا أن هذه الموضوعات ليس مكانها دراما التلفزيون التي تخاطب شريحة مختلفة عن جمهور السينما والمسرح وإن جرأة دراما التلفزيون إن صح أن نسمي ذلك جرأة يجب ألا تأتي على حساب تقبل الناس للدراما السورية والثقة بأنها دراما يمكن أن يشاهدها أفراد العائلة دون أن يشعروا بالخجل أو الخوف من شطط بعض طروحها.
وتقول منى خلف باحثة اجتماعية: إن اختيار الأسلوب المناسب لطرح الموضوع يبقى أحياناً أكثر أهمية من الموضوع نفسه ولعل أجواء صناعة الدراما التلفزيونية اليوم بما تنطوي عليه من هواجس تجارية وفوضى إنتاجية وسيطرة لمنتجين شبه أميين أو نجوم مرضى بنرجسيتهم، تكشف أن عدم الوعي بالأسلوب سببه السعي نحو فبركة حدث مثير وعلاقات ساخنة أكثر مما هو تقديم دراما اجتماعية تنويرية كاشفة ومؤثرة كما أن ما يقال عن الاصطدام مع الرقابة والجرأة في الطرح عبر الاقتراب من هذه الموضوعات ليس أكثر من كلام للتسويق الإعلامي وصناعة بطولات زائفة. فالكثير من الأسر المحافظة تعبر عن غضبها واستيائها من هذه المسلسلات وكذلك المتنورون والمثقفون الذين يرون أن مسلسلات التلفزيون ليست مكان مناقشة هذه الحالات الشاذة.
وكذلك أن تصور العلاقات الجنسية المنحرفة على أنها تنطوي على جاذبية وإثارة في التشخيص الدرامي وبالتالي فهي تروج لمثل هذه الأشياء بدل أن تحاربها أو أنها على الأقل تلفت نظر المراهقين الذين لم يعرفوها من قبل وتثير فضولهم واهتمامهم المبكر بها.
وكأن المطلوب من الدراما اليوم أن تبيح الحديث في الجنس وفي العلاقات المحرمة والمنبوذة في العرف الاجتماعي لتوصف بأنها جريئة ومتحررة وقادرة على تجاوز ما وصل إليه الآخرون على صعيد الدراما التلفزيونية بما فيها المسلسلات المدبلجة.

ديما ديب
الوطن

كيف يرى المشاهد الدراما السورية لهذا الموسم

كيف يرى المشاهد الدراما السورية لهذا الموسم :: تعاليق

كيف يرى المشاهد الدراما السورية لهذا الموسم

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة