الدراما... جوهرة ثقافية ذات قيمة كبيرة...فهل نعمل على صونها لتزداد ألقاً

أن تكون الدراما التلفزيونية محط اهتمام ورعاية السيد الرئيس بشار الأسد صناعة وخطاباً فهذا يعني أنها تعيش عصرها الذهبي وأن يكون الدراميون في قلب المشهد الإعلامي والثقافي السوري فهذا يعني مسؤولية أكبر وهموماً أعمق وتوجهات واضحة وغايات سامية وخاصة أن آمالاً قد عُقدت عليهم وطموحات عريضة تُرسم وأحلاماً كبرى تتحفز. لم تكن رحلة سهلة ومسيرة يسيرة تلك التي مرت بها هذه الدراما على مدى عقود حيث لم تصل إلى ما وصلت إليه من مكانة وحضور إلا بعد مشقة وتعب واجتهاد كان أبطالها كتاباً شرحوا أرواحهم بالأقلام ومخرجين أعطوا للدراما التلفزيونية هوية جديدة وشرعية إبداعية وممثلين أثبتوا أن الموهبة ليست حكراً على أحد وإعلاميين أشعلوا شموعاً في الطريق الطويل ومشاهداً يترقب ويدعم ويصفق وشركات إنتاج آمنت بالفن فبذلت من أجله وفضائيات عربية أيقنت أن السوريين هم سادة الإبداع العربي فمنحتهم الفرصة فكانوا على قدر المسؤولية والطموح.

ليس بالأمر الهيّن أن تلحظ وسائل إعلام عالمية كبرى هذا الإنجاز الكبير وأن تعطيه اهتمامها.
لقد تحولت الدراما التلفزيونية اليوم إلى خطاب سياسي وثقافي واجتماعي وغدت صناعة تدر ملايين الدولارات.
لقد تحولت إلى أداة تنوير وتغيير وتحريك لمسلمات اجتماعية طال عليها الزمان وهي بنفس الوقت أداة تخريب وتغريب وخاصة إذا ساد الجهلة وتقدم الأميون وتخلّف المبدعون وتواروا وراء أستار من التعتيم واللامبالاة.
لم تعد الدراما السورية ملك مجموعة من الشركات بل هي أصبحت ملك السوريين جميعهم ومن ثم لا يجوز التلاعب والاسترخاء واستسهال الصعب ومن غير المسموح أن يطغى الغرور الفارغ على المشهد فالغرور مقتل المبدعين ومنفى الأميين وسجن الواهمين.
لم نعد وحدنا والدرامات الأجنبية تترى وتتدافع وتتزاحم على أبواب الفضاء العربي وكلها تحمل بريقاً من نوع ما إما بريق المظهر أو بريق الجوهر. يجب ألا يتحول الفضاء العربي إلى مناطق نفوذ لهذه (الدرامات) التي تحاول تقليص مساحة حضورنا وخطف المبادرة من أيدينا وسرقة أوراقنا الرابحة يجب ألا تتحول الدراما السورية إلى مطية للآخرين فيسرقوا أجمل ما فيها.
نحن الآن على مفترق طرق والتحدي جاء أصعب بل هو لم يعد تحدياً واحداً فنحن أمام عدة تحديات لعل أهمها تحدي التغلب على المعوقات وتحدي الانتقال إلى مراحل ومطارح جديدة على صعد عدة وتحدي الدرامات الأجنبية (الإيرانية والتركية على وجه الخصوص) ويجب ألا ننسى أن الدراما المصرية تجاوزت بعض أزماتها وهي تحاول الآن استعادة زمام المبادرة وقد لاحت مؤشرات ذلك في رمضان الفائت ويجب أن نضع في اهتمامنا أن هناك دراما خليجية تتلمسن طريقها للنجاح والانتشار والتجذر أكثر كصناعة كبيرة وفي حال تحقق ذلك فإن تفكيراً آخر يجب أن يسود استراتيجيات جديدة يجب أن توضع وخاصة أن الدراما السورية تعتمد اعتماداً رئيساً على السوق الخليجية ويجب أن نلحظ أن البلدان العربية الكبرى بدأت تولي الدراما التلفزيونية أهمية خاصة ومع توالي السنوات سيصبح لكل دولة دراماها فقد تنبهت الدول العربية للدور الذي تلعبه الدراما التلفزيونية من خلال تجربة الدراما السورية والتي أسهمت إلى حد بعيد في تصدير الصورة الحقيقة لسورية على الصعد كافة.
نحن نملك جوهرة ثقافية ذات قيمة كبيرة لذلك سيكون خسراناً كبيراً في حال لم نقدر هذه الجوهرة ونعمل على حمايتها وصونها لكي تزداد بريقاً وألقاً.
لقد شاب موسم 2010 الكثير من الاستسهال والعجلة والتخبط وقد ظهر ذلك واضحاً في العديد من المسلسلات حيث لم يكن يتوقع الكثيرون أن ينحدر مستوى الخطاب الدرامي السوري إلى هذا الحد وخاصة تخلي في الأعمال المعاصرة التي مازالت في مقدمة الاهتمام. كما تراجعت الدراما التاريخية وهنا يخشى الكثيرون أن تخلي هذه الدراما مواقعها لمصلحة الدراما الإيرانية التي قدمت أعمالاً تاريخية ذات مستوى عال من حيث المضمون والصورة كما لم تكن الكوميديا على مستوى الطموح فتحولت أعمال كاملة إلى ساحات تهريج ساذج ومفتعل.
آن الأوان لتغيير كل الآليات من حيث الكتابة والإخراج والأداء. وآن الأوان للتعليق بشكل جدي ومجد في تأسيس معاهد تعلّم الفنون الدرامية فالشطارة وحدها لم تعد كافية.
لقد صرفت ملايين الليرات السورية على أعمال لا تحمل أي قيمة سواء في القطاع العام أو الخاص وقد ذهبت هذه الملايين سدى.
آن الأوان لإزاحة أنصاف الموهوبين لأن تحديات المستقبل أكبر من هؤلاء.
وآن الأوان لخطوات أوسع للوصول إلى جوهرة أكثر ألقاً ألا وهي السينما.

محمد امين
الوطن

الدراما... جوهرة ثقافية ذات قيمة كبيرة...فهل نعمل على صونها لتزداد ألقاً

الدراما... جوهرة ثقافية ذات قيمة كبيرة...فهل نعمل على صونها لتزداد ألقاً :: تعاليق

الدراما... جوهرة ثقافية ذات قيمة كبيرة...فهل نعمل على صونها لتزداد ألقاً

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة