تعدد الزوجات في الإسلام

الإدارة المشاركات : 3446 . :

تعدد الزوجات في الإسلام
تأليف : محمد السويسي
دواعي التعدد:
أباح الإسلام تعدد الزوجات وفقاً لظروف تقتضيها حالات الضرورة تحصيناً للرجل والمرأة معاً ولمنعة الإسرة ولامجتمع .
فربما كانت الزوجة مريضة بمرض عضال يمنعها من القيام بواجباتها المنزلية والزوجية ، فهل يطلقها زوجها وما يعني ذلك من شقاء لها ، خاصة إذا كانت وأهلها فقراء غير قادرين على إعالتها أو متوفين .
وقد تكون عقيماً لاتلد ، فبما تقضي العدالة والفطرة ؟ وهل يبقى بدون ذرية وهو في شوق لولد يبهج حياته أم يطلقها؟ أم من الأفضل أن يتزوج إمرأة أخرى ؟ أوليس ذلك أخف ضرراً عليها وأحفظ لها ؟ إلا أنه كيفما كانت النتيجة فإنه شقاء عليه وعليها .
وقد أباح الإسلام التعدد وفقاً للآية الكريمة: " فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع "/سورة النساء 3/ .
تعدد مشروط ومقيد:
راعى الإسلام أن التعداد قد يكون ضرورة لامناص من الخضوع لها فأباحه ، لكنه قيده بقيد شديد هو العدل بين الزوجات ، قال تعالى :"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ماملكت أيمانكم ، ذلك أدنى ألا تعولوا"/سورة النساء/ فهو يبيح التعدد مشروطاً بالعدل بين الزوجات .
وفي الحديث الشريف : " من كانت له إمرأتان يميل لأحدهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل". ثم صرح القرآن الكريم بأن العدل المطلق الكامل بين الزوجات عسير وفق قوله تعالى : " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ، فلا تميلوا كل الميل ، فتذروها كالمعلقة " /سورة النساء 129 / . ومعنى هذا أن الإسلام يوجب على الزوج أن يعدل بين زوجتيه أو زوجاته فيما يملك ، كالنفقة والمبيت حتى لاتصير إحداهن مضطهدة ، لاهي زوجة متمتعة بحقوقها ولا هي زوجة فعلية . فالعدل بين الزوجات في المحبة والميل القلبي فإن الزوج لايملكه .
على أن الشريعة لاتمنع من الإشراف على تنظيم تعدد الزوجات بالوسيلة لان الناجعة التي يراها أولي الأمر ، لأن أكثر الناس لايعددون لسبب ذي قيمة ، وبعضهم يعدد ويعدد وهو عاجز عن الإنفاق على وزوجة واحدة ، وآخرون يعددون وفي عزمهم الإساءة ؛ وكثيراً مايسبب مثل هذا التعدد مشكلات إجتماعية لايقتصر ضررها على الزوج والزوجة فقط بل إلى بعض المجتمع أيضاً . فمن حق الحكومة الإسلامية بل من واجبها التصدي لهذه المشكلة ، وهي بهذا لاتحرم حلالاً ولا تحل حراماً بل تشرف على ماأحل الله فلا تبيح التعدد إلا بشرطين :
- داع يقره الشرع
- الإطمئنان إلى العدل بين الزوجتين أو الزوجات .
ولكن مادام الأمر كذلك فلماذا لم يفرض الإسلام وحدة الزوجة فرضاً ؟ ولو فعل ذلك لناقض الضرورات التي تحدثنا عنها في مسوغات التعدد ولجر على أتباعه من العسر والفساد ماجر تحديد الزوجة في أمم أخرى .
ولا نشك في أن وحدة الزوجة كمال منشود ، ولكن لانشك أيضاً في أن طبائع البشر وظروفهم وضروراتهم لاتتفق دائماً مع هذا الكمال المنشود . فالإسلام جاء ليهذب الواقع إن كان فيه صلاح وليشرع نظماً لاتناقض طبائع البشر وحاجتهم المتجددة ، ولم يكن من صفاته أن يجاري الأوهام والأحلام فيسن قانوناً يحظر فيه تعدد الزوجات وهو يعلم أن الناس سيتحللون من هذا القانون ويتحايلون على التمرد عليه ماأمكنهم الفرص وساعدتهم الحيلة ، أما بتعدد يستحلونه وأما بالمخادنة أو تشريع الدعارة وارتكاب المحظور كما هو جار في العالم الغربي حالياً .
وقد حدث هذا في عهد شارلمان إذ حظر تعدد الزوجات فكثرت المخادنة وكثر الأولاد غير الشرعيين ، وهم في أي مكان وزمان معرّة في المجتمع ومباءة شرور وبلاء . ولهذا يقول غوستاف لوبون : إن تعدد الزوجات المشروع عند الشرقيين خير من التعدد المستور المرائي عند الغربيين وما نتج عنه من كثرة كثيرة في نسل غير شرعي .
أما الإسلام فقد حبب إلى المسلم المؤمن أن يقتصر على زوجة واحدة ولو كان قادراً على أن يعدد زوجاته ليكون امتناعه عن التعدد إمتناع مقدرة وعزيمة وإيثار لشريكة الحياة لا إمتناع خضوع لقانون يحس في نفسه أنه يبغضه كما بغض الله له .
ولو أن الإسلام حرم التعدد لأحجم المسلمون عن الزواج بغير واحدة لافضيلة لهم فيه إلا مظهر الطاعة لأمر إلهي يجب أن يطاع .
وبعد ، فإذا كان بعض المسلمين يعددون زوجاتهم بغير مسوغ سوى تلبية لنزواتهم واستجابة لشهواتهم ، ةفإن الجناية ليست جناية الإسلام وإنما هي جناية بعض أتباعه من الجهلة والعامة ، لأن الإسلام أباح التعدد في دائرة ضيقة محصورة بشرط لامساغ فيه للتأويل .
ولكن بعض المسلمين إتبعوا خطوات الشيطان في أهواءهم فعمدوا للمتعة والإستطراف وللبذخ والإسراف ، وليس عملهم دليل على إستهانة الأسلام بالمرأة وباستقرار الحياة الزوجية وإنما هو دليل على الضعف البشري الذي يدفع بعض الناس إلى التحلل من قيود دينهم أياً كان هذا الدين .
ونحن نعلم أن رجال الكنيسة حرموا التعدد وحظروا الطلاق ، إلا أنه أضحى في الغرب عملية سهلة وسريعة تصدرها لامحاكم بواسطة الإنترنت ، وهي في تزايد مستمر في الولايات المتحدة الأمريكية . كما نعلم ان الأديان الرئيسية الثلاث تنهي عن الكثير من المنكرات ولكن أتباعها لايكترثون ، خاصة مع تقاعس رجال الدين عن القيام بواجباتهم في التوعية ولأمية بعضهم في التفسير والفقه ، لذا فليس من العدل أن نحمل كل دين أخطاء ورذائل ومخالفات معتنقيه