موسوعة الدكتور العلامة محمد راتب النابلسى للعلوم الاسلامية
فضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي
الموضـوع : : التحريم ـ الآية : 5 - صفات المرأة الصالحة . .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين :
اللهم .. لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم .
الآية الخامسة من سورة التحريم وهي قوله تعالى :
أولاً :
هذه الآيات تشير إليها آية كريمة وهي قوله تعالى :
" وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم " .
( سورة محمد : 38 ) .
" يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان " .
( سورة الحجرات : 17 ) .
لمجرد أن تتأفف ، أو أن تستعلي ، يستبدل الله إنسان آخر بك غيرك ، ثم لا يكون هذا مثلك ، هي قاعدة .
فالإنسان يجب أن يشعر إن الله سبحان وتعالى متفضل عليه بهذا الدين ، متفضل عليه بهذه الطاعة ، متفضل عليه بهذا الهدى ، أما إذا منى على الله أنه مسلم ، أو أنه مؤمن ، عندئذ يستبدل الله إنسان غيره ثم لا يكون مثله .
نساء النبي عليه الصلاة والسلام ورضوان الله عليهم أجمعين .
الآن ، صفات المرأة الصالحة ، في آية تقول :
" ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين " .
( سورة الأحزاب : 59 ) .
يعني أدنى شيء يشير في المرأة إلى أنها مسلمة حجابها ، أدنى شيء ، كما لو رأيت طالباً يرتدي بدلة الفتوة، تقول هذا طالب ، قد يكون مطرود من كل المدارس ، قد يكون نال الأصفار كلها في كل المواد ، لكن يرتدي هذه البدلة ، إذاً هو طالب ، فالمرأة التي تتحجب لا يكفي حجابها ، ليعبر عن تدينها ، قال :
والمسلمة هي التي خضعت لأمر الله ، الله عز وجل له منهج أمرٌ ونهيٌ فالمسلم الذي انصاع لأمر الله ، انصاعت جوارحه لأوامر الله ، أما المؤمن هو الذي أقبل على الله ، صدق كتابه وأقبل عليه الإيمان تصديق وإقبال ، والكفر إعراض ومعصية ، تكذيب وإعراض فالإسلام طابعه عملي ، والإيمان طابعه نفسي ، الإسلام طاعة والإيمان إقبال ، اتصال بالله .
يعني في أمر الله ونهيه ، في الحلال والحرام ، هذه المرأة منصاعة لأمر الله ، إذاً هي مسلمة ، طبعاً نشأ الآن مفهوم جديد للإسلام ، أن إنسان مكتوب بالهوية مسلم ، يعني ولدان في بيئة مسلمة ولدان ببلاد مسلمين ، وليس فيه من الإسلام شيء ، هذا تقيم جديد ، إذا ما في شيء من الإسلام إطلاقاً ليس مسلماً ، أما بالمفهوم المعاصر كل من ولد من أبويين مسلمين فهو مسلم ، وقد يكون ملحداً ، أما الإسلام في القرآن ، يعني الانصياع لأمر الله عز وجل .
الإسلام انصياع ظاهري ، انصياع الجوارح والأعضاء لأمر الله ونيهه فغض البصر من الإسلام ، النطق بالحق من الإسلام الصدق من الإسلام ، الأمانة من الإسلام ، حفظ الفرج من الإسلام تحرير الدخل من المال الحرام من الإسلام ، النظر في ملكوت السماوات و الأرض من الإسلام ، قل انظروا ، في أمر لأنه ، فأي أمراً في القرآن يقتضي الوجوب ، فالذي انصاع لأمر الله هو عند الله مسلم ، أما الذي أقبل عليه ، وأتصل به ، وسعد بقربه ، هذا مؤمن فالإيمان طابعه نفسي ، والإسلام طابعه مادي ، الإسلام انصياع الجوارح والأعضاء ، والإيمان إقبال القلب على الله .
القنوت هو الطاعة المستمرة ، يعني في أشخاص لهم فورات يعني قد يسير في طريق الإيمان أسبوع أسبوعين شهر ثم يعود إلى ما كان عليه ، ليس هذا هو القنوت ، القنوت الخضوع المستمر لله ، هي قضية مصير ، هو عاهد الله على ألا يعصيه إطلاقاً ، هي قضية مصير ، والإنسان أحياناً يذهب إلى بيت الله الحرام ويقبل الحجر الأسود ، ويقول له عهداً يا ربي على طاعتك ، اللهم إيماناً بكتابك وتصديقاً لنبيك ، وعهداً على طاعتك ، والله عز وجل قال :
" وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين " .
( سورة الأعراف : 102 ) .
فالإنسان إذا عاهد الله عز وجل ينبغي أن يكون عند عهده ، أخ كريم مقيم ببلد غربي يعمل طبيب ، متفوق جداً في جراحة العظام أمض ستة وعشرين سنة في هذا البلد الغربي ، وهو من أعلى مستوى في الجراحة ، وله ثروة طائلة وله مكانة حميدة ، وله وله ، قال لي أجريت عملية تركيب مفصل ، شعرت بتعب قليل ، أجرى عملية ثانية لامرأة تبديل مفصل شعر بتعب أشد ، أجرى الثالثة شعر بتعب شديد ذهب إلى البيت شعر أن مركبته تميل نحو اليمين ، ظن أن في مركبته خللاً ، وصل إلى البيت ، سألته زوجته ما لك ، قال مالي ، ليس بي شيء قالت أنظر إلى وجهك ، نظر إلى وجهه فإذا هو متورم ، فعلم أنها خثره بالدماغ ، جلط بالدماغ ، أستدع أحد أقاربه طبيب قلب فعرف أنها خثره بالدماغ ، قال لي أخذوني إلى المستشفى ، في المستشفى ساءت حالتي ، شلت يدي ورجلي ، وذهب صوتي ، قال لي والله أصابني من الألم ما لا يوصف ، شعرت بالإحباط وأنا في قمة نجاحي ، وأنا في قمة عطائي ، وأنا بهذه الحالة الراقية ، مكانة ، وعلم وثروة ، وكل شيء ، قال لي أصابني ألم لا يوصف ، ضيق ، هكذا حالتي أصبحت ، طريح الفراش ، على كرسي ، قال لي في الليل هكذا قال لي ، نظرت إلى النافذة فإذا في السماء القمر ، قال أقسم بالله وهو صادق ، وكأنني أرى الله ، ألم يقل النبي الكريم ، اعبدوا الله كأنك تراه ، قال كأنني أرى الله ، ناجيته ، قلت يا رب ، إن أردت أن ابقى هكذا ، فأمتني ، وإن أردت أن أعيش فداوني ، عالجني ، وبكى ، الذي أذكره من قصته ، أن ما من خلية في جسمه ، إلا ناجت ربها ، قال لي بعد ساعة أو ساعتين منتصف الليل ، قمت من فراشي ، كأنني شفيت أمسك الدرابزين بالمستشفى فاندفعت ممرضة وقالت له مجنون يا دكتور أنت ، أنت مشلول ، قال لها ما بي شيء ، أقسم بالله من هذا التاريخ إلى الآن هو في أتم الصحة ، أما عاهد الله ، قال له والله يا رب لن أعصيك حتى الموت ، وسأكون في خدمة عبادك ، عاهد الله ، إذا واحد منا عاهد الله عهد موثق ، الله عز وجل لن يضيعه ، يعني مرض خطير ، قد يجعل الإنسان مشلول قعيد الفراش ، على كرسي طوال حياته ، يتنهى دوره المهني ، يصبح عاجز ، عبئ على الناس ، في ساعة إخلاص ، صدق ، وتوجه وعهد ، قال لي والله شفيت تماماً وإلى الآن، أما الآن يسعى جهده إلى خدمة الخلق إكراماً لله عز وجل على هذا العهد ، لو كل واحد منا عاهد الله عز وجل ألا يعصيه ، ألا يأكل مالاً حرام ، ألا يسئ لخلقه يعني هذا الشيء يبعث بالنفس التفاؤل .
يعني طاعة دائمة ، مو طاعة نوبية ، تحت الفرش يا كريم نفق .. ما عاد له علاقة مع الله عز وجل ، هي مشهوره عند العوام يذكر الله والفرش فوق رأسه والبضاعة كاسدة ، فإذا نفقت ، ينسى الله عز وجل ، كل إنسان عند الشدة يسأل الله لكن بطولتك أن تسأله وأنت صحيح ، وأنت معافى ، وأنت غني ، وأنت قوي وأنت في أوجه نجاحك، وأنت في أوجه عطائك .
التوبة النصوح ، التوبة التي لا تجرح بمعصية ، يعني عقد العزم للمستقبل واصلح الماضي ، وأقلع من توه، الحاضر إقلاع عن الذنب ، والمستقبل عزيمة والماضي ندم وتوبة وإصلاح .
خاضعات لأمر الله ، مع المحبة ، لا يسمى عابداً من أطاع الله ولم يحبه ، كم أنه تحب ولا تطعه هذا مستحيل .
تعصي الله وأنت تظهر حبه ذاك في المقال شــــــــــنيع
لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب يطيع
سياحة يعني ؟ قال العلماء :
مهاجرات ، يعني تركن بلدهن إلى الله ورسوله .
إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمري ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه .
يعني مهاجرات كما قال بعض العلماء .
فهذا ، هي صفات المرأة المؤمنة .
والإنسان لا يسعد بزوجته إلا إذا كانت هكذا ، والأزواج مقصرون كثيراً في توجيه زوجاتهم إلى الله ، بل إنك لن تسعد بزوجتك إلا إذا عرفت الله ، لأنها إذا عرفت الله عز وجل عرفت حقك عليها ، إن عرفت الله ربت أولادها ، إن عرفت الله عز وجل قامت بحقك الذي عليها ، ثم يقول الله عز وجل :
هذه إلى الدرس القادم إن شاء الله تعالى .
والحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، وأكرمن ولا تهنا وآثرنا ولا تؤثر علينا ، وأرضنا وأرض عنا ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم ..