حلم
قصة حسين خلف موسى
عند السفح الجنوبي من المرتفع القريب من القرية عند نبع الماء كانت تنتظره، تقدم نحوها وبدون أن يشعر
وبكل حنان ولهفة ضمها بين ذراعيه، ثم ألقت رأسها فوق صدره.
قال لها:حياتي أنت، يا بقية العمر.
بدت على وجهها ابتسامة خجولة،
رفع رأسها بيديه، رأى عينيها دامعتين وأهدابها ذابلة.
همس لها:احبك بصمتٍ.
نظرت إلى طرفِ عينيه بصفاءٍ، رأت عينيه مثقلتين بالدموع تحكي وتدمع.
حنى رأسه بكبرياءٍ وكل شيء فيه يعاني انشطار ذاته.
وقال :معذبتي,
وضمها من جديد وشدها أكثر وغاب في الحنين.وبدون أن يدري اندفعت أنامله بين خصلات شعرها ثم غابا في قبلة طويلة وخُيّل إليه انه يطير بها إلى سابع سموات،
فجأة تراجع،
استجمع قواه وبعيدا ركض عنها تاركا إياها تلملم بعضها.
ثم قالت:سأبقى بعيدة عن الناس هنا عند النبع انتظرك.
كي يبقى حبنا كنقاء الماء وزرقة السماء.
مرت أيام وشهور وهي تنتظر عودته، بدون فائدة.
مَلّتْ الانتظار، وبعد
أن أعياها الضجر والفراغ والألم والحرمان،يئست نظراتها أوحت لكل من يشاهدها أنها ضائعة .
ذات مساء أصغت إلى حلمها الجميل
أتاها صوت صداه أقوى من صوت الرعد
يقول: أنا هنا أشاهد الأرض كغيمة بيضاء
أشاهدك حورية تزرعين أحلامك في حديقتي
وغدا ستكونين حيث أنا الآن أكون.
استفاقت من حلمها وأدركت أن سبب غيابه الموت،
ثم انزوت .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القراءة
أخي العزيز لقد ترجمت في قصتك آلية الحلم الذي يوقظ الميت هنا ببراعة، فكانت قصة جميلة إلا أن تقييمها الفني عند أهل التخصص يجد جدوى أكبر من كلامي بإذن الله؛ وننتظرهم.
وبخصوص "في سابع سموات" ففيها أمران:
- "سموات" نكرة، والتنكير يعطي معنى العموم والشمول، فكأنك تقول في سابع أي سموات. وأعتقد أن هذا ما لم يقصده لأنه لا يوجد في الواقع ولا دلالة له في الحلم إلا دلالة لها علاقة بالدين الآخر( !!! ).
- أخي بخصوص العلاقة المرسومة بين القبلة وبين التعبير الشعبي السائد من أنها تجعلنا طائرين في الهواء. فأنا أرى -من باب أن التعبير الأدبي تعبير ثقافي واعٍ لعلاقاته المطروحة- أن القبلة تحتوي على سعادة جسدية تؤثر على الحالة النفسية؛ فهي تدفق هرمونات من نوع ما في الجسم مما يشيع جوًا من السعادة لا تزيد عن كونها نشوة جنسية.
بينما السموات شيء مختلف تمامًا عن مثل تلك السعادات.
قد يكون هناك مخرجان:
- أن تقول: إنه ما دام حلمًا فإن العلاقات غير كاملة أو واجبة الاتساق مع الواقع.
- أو تقول إنك قصدت نوعًا من تلك الحياة الأخروية التي سيجتمع فيها الإنسان بمن أحبهم في الجنة فيفعل ما يشاء.
ولكن المخرج الأول لا يرحمنا من تأثير التصوير الشعبي غير العارف بحقيقة القبلة، واعتمادها في تعريفها على وصف السعادة بما يمكنه من تعبير حتى لو كان بغير علاقة صحيحة كما يقولون مثلا (هذا الرجل غبي كالبلغة/ البلغة حذاء يعرفونه في مصر).
في المخرج الثاني: فكنت أرى أن تتقى مواضع الشبهات، وأن هناك علاقات أسمى من القبلة وتأثير المزاج الجسدي.
أخي ربما أخطأتُ في الفهم.. ولكنك بالتأكيد تحسن القص..
بقلم أحمد حسن محمد
أديب و مدقق لغوي