زواج المسيار.. بحث عن المتعة.. وتنازل عن حقوق شرعية..!
أحمد كمال
يعتبر زواج المسيار ظاهرة اجتماعية، برزت في السنوات الأخيرة في المجتمعات الخليجية بصفة خاصة، فهذا النوع من الزواج لم يظهر الا منذ سنوات معدودة، ولكن الذي يبدو ان له صورا مشابهة في الماضي القريب والبعيد، فقد كان التجار قديما في منطقة الخليج العربي يتزوجون زواجا قريبا من هذا الزواج خلال أسفارهم، وجاءت تسمية هذا الزواج بـ"المسيار"من باب كلام العامة وتميزا له عما تعارف عليه الناس في الزواج العادي او التقليدي، وذلك لان الرجل في هذا النوع من الزواج يسير إلى زوجته في أوقات متفرقة ولا يستقر عندها طويلا...!
ويرى جمهور الفقهاء في هذا الزواج بأنه مستكمل للأركان والشروط من تراضي الزوجين وحضور الولي والشهود، ولكنه يتضمن هذا الزواج تنازل الزوجة عن بعض حقوقها الشرعية باختيارها ورضاها مثل النفقة والعقد فيه صحيح، ولكن هذا الزواج مخالف لكثير من الحكم والمقاصد التي أرادها الشارع من الزواج، ولذلك يجب عدم التشجيع على هذا الزواج، وإيجاد الوسائل اللازمة لمنعه، وعدم انتشاره في المجتمعات العربية والتوقف عن القول بإباحته بشكل عام.
وهناك أسباب كثيرة أدت إلى ظهور هذا الشكل من الزواج منها ما يعود إلى النساء، وفي مقدمتها كثرة عدد العوانس والمطلقات والأرامل وأصحاب الظروف الخاصة، وكذلك رفض الكثير من الزوجات لفكرة التعدد في الزوجات، ومنها ايضا ما يعود للرجال وفي مقدمتها رغبة بعض الرجال في الاعفاف والحصول على المتعة الحلال مع ما يتوافق وظروفهم الشخصية، ومنها ما يعود للمجتمع مثل الاعراف السائدة في بعض المجتمعات الخليجية من مغالاة في المهور وارتفاع تكاليف الزواج والنظر بشيء من الازدراء لمن يرغب في تعدد الزوجات، حيث ان نظرة المجتمع توجه اللوم للرجل الذي يرغب في التعدد، وهي نظرة غير عادلة للزواج من المرآة العاملة.
ان أهم ما في زواج المسيار من الناحية الدينية والاجتماعية هو ان يكون هذا الزواج مبنيا على طاعة وتقوى الله ليحقق لطرفيه أهدافه الخلقية والسلوكية النبيلة، وان يكون أيضا مبنيا على مخافة الله والصراحة والنية الحسنة والتفاهم والثقة المتبادلة بين الرجل والزوجة بعيدا عن الأهداف المادية البحتة والاستغلال من اجل تحقيق المصالح الذاتية النفعية الانتهازية على حساب قيمة وكرامة الطرف الآخر، نقول ذلك، لان كثيرا ما نسمع ان هناك بعض الشباب صغيري السن ممن يرضين بدفن زهرة شبابه بزواجه من امرأة بسن والدته، فثمة كثيرون يلجاون الى الزواج من بعض المطلقات او الأرامل الكبيرات في السن خصوصا اذا كان يوجد لدى هذه المرأة المال والعقارات والأملاك العينية، ولم يكن هذا الزواج موفقا لأنه بني على أهداف وغايات مادية، وبالتالي يحصل الطلاق بين الطرفين خلال فترة وجيزة جدا في حالة امتناع المرآة عن تسليم هذا الزوج الشاب حقوقها الشرعية المالية منها او العينية(الأراضي، العقارات)والتي تكون قد تنازلت عن الكثير منها أملا في الارتباط برجل يحترم ويقدر العشرة الزوجية فتكون النتيجة النهائية الطلاق، وذلك لعدم تحقيق هذا الزواج المادي أهدافه الانتهازية.
ولكن مع ذلك يرى البعض ان لزواج المسيار بعض الفوائد والمزايا الايجابية والتي تتمثل في اعفاف قدر كبير من النساء والرجال في المجتمع ممن اضطرتهم ظروفهم الشخصية او الظروف المجتمعية إلى اللجوء الى الزواج بهذه الطريقة، بدلا من سلوك مسالك غير شرعية تلبسهم ثوب الخطايا.
وكذلك في مقابل هذه الرؤية، ثمة رؤية أخرى تقول ان لزواج المسيار مساوئ ومفاسد كثيرة، فقد يتحول الزواج بهذه الصورة الى سوق للمتعة وينتقل فيه الرجل من امرأة إلى أخرى، وكذلك المرآة تنتقل من رجل لاخر، كما يترتب عليه تهدم مفهوم الأسرة الاجتماعي من حيث السكن الكامل والرحمة والود بين الزوجين، وقد تشعر المرآة في هذا النوع من الزواج بالمهانة وعدم قوامة الرجل عليها مما يؤدي الى سلوكها سلوكيات سيئة تضر بنفسها وبالمجتمع.
كذلك قد يترتب عليه عدم إحكام تربية الأولاد وتنشئتهم تنشئة سوية متكاملة، كما ان من مساوئ وتأثيرات هذا الزواج، ان الإناث اللاتي يفشلن في هذا الزواج بعد التخلي عن حقوقهن الشرعية، تتوالد لديهن الكثير من الاحباطات النفسية وحالات القلق والاكتئاب النفسي الناجم عن الإخفاق في هذه التجارب المريرة من هذا الزواج، بالإضافة الى شعورهن بخيبة الأمل وفقدان الثقة بأنفسهن وفي الأزواج او الرجال، وخاصة بعد ان استبشرن ببوادر من الأمل في الارتباط بمن يحفظهن ويعوضهن عن ما تعرضن له من ظروف اجتماعية وأسرية صعبة نتيجة الترمل او الطلاق.
موسوعة دهشة
http://www.alraafidmag.com/picbox/detail_kat.php?id=3