|
هو الدهر والأقدار يجري بها الدهـر فما لامرئ نهي على الدهر أو أمـر
|
فصبرا ولا تجزع لمـا فعـل القضـا وإن جل خطب الدهر واستفظع الأمر
|
إذا حـل عسـر فاصبـرن لزوالـه فإن جميـل الصبـر يتبعـه اليسـر
|
وإن لم تطق صبـرا بـأول صدمـة تصبر فإن الصبر يأتي بـه الصبـر
|
تصبر ولو أن الـذي عـال صبـره مصابك هذا قـد يكـون لـه عـذر
|
مصـاب بـه هالـت مصائـب أمـة على عتبات الكفـر ينحرهـا الكفـر
|
مصاب بمن من فقدهم تذرف السمـا وتنتحب الأرضـون والبـر والبحـر
|
كـأن المنايـا إن تغيـر وتنتـقـي لهـا دليـل بيننـا ولـهـا وتــر
|
فسبحان من أغـرى المنايـا بأهلـه كأن لهـا ثـأرا وليـس لهـا ثـأر
|
ليختار من يختار منهـم ويصطفـي له الحكمة العليا لـه الأمـر والنهـي
|
توخى الردى فاختار في الناس وانتقى خيارا كرامـا مثلمـا ينتقـى التبـر
|
عصائب نـزاع مـن الأرض كلهـا يوحدهـم ديـن ويجمعـهـم فـكـر
|
توحدهـم فـي الله أقـوى عقـيـدة ولا نسب غيـر العقيـدة أو صهـر
|
فما جمعتهـم فـي الأصـول قبيلـة وما ضمهم حي ولـم يحويهـم قطـر
|
دعتهم ثغور العز مـن كـل موطـن فطاروا سراعا ما لهم دونهـا صبـر
|
ثبات ووحـدان مـن الأرض كلهـا يوحدهـم هـم وأوطانـهـم كـثـر
|
نفـى عنهـم هـم التنعـم همـهـم فأبدانهـم شعـث وأثوابهـم غـبـر
|
نحافـا وسمـرا كالرمـاح تـراهـم وتحمد عند الطعن شعث القنى السمر
|
ويحمد في العظم البلى وهـو قاطـع ويحسن في الخيل المسومة الضمـر
|
مضوا يشربون الموت كأسـا شهيـة ولو أن طعم المـوت مستثقـل مـر
|
ولكـن فـي ذات الإلــه وديـنـه لمن أشرب الإيمان يستعذب الصبـر
|
أبـوا أن يعشـوا كالعبيـد بعـالـم تحكم فيـه الظلـم واستحكـم الكفـر
|
فليست تطيـق الضيـم نفـس أبيـة ولا يقبـل الإذلال فـي دينـه حــر
|
ففي الأرض منأى للكريم عـن الأذى وفي الموت منأى عنه إن لزم الأمـر
|
فما عاش من عـاش الحيـاة بذلـة ولو طال ذاك العيش ما بقـي الدهـر
|
ومـا مـات مـن فـي الله مـاتـوا فمبتدا حياتهم من حيث ينتهي العمـر
|
أولئـك إخوانـي علـى كـل جبهـة بها منهم ذكـر وفـي ثغرهـا قبـر
|
قبورهـم بيـن الثـغـور غريـبـة يباعد منها السهل والجبـل الوعـر
|
وكم من غريـب فـي بـلاد غريبـة وفي الملأ الأعلى له الشـأن والذكـر
|
تقـل هنـاك الباكـيـات عليـهـم وفي أرضهم باكون لو علمـوا كثـر
|
تعمـر آفـاق الثـغـور قبـورهـم وأوطانهـم منهـا مرابعهـا قـفـر
|
سقاهم إله العرش من بحـر جـوده حيـا مستمـرا لا بطـيء ولا نـذر
|
أولئك إخوانـي فمـن لـي بمثلهـم بمثلهـم يستنـزل النصـر والقطـر
|
رفاق بدرب العـز والمجـد والعـلا فصحبتهم فخـر لمـن همـه الفخـر
|
وعز به يثنى على المرء فـي الدنـا ودين بـه فـي الله يلتمـس الأجـر
|
وكانت بها الأيام أحلـى مـن المنـى فطابت بها الدنيا وطاب بهـا العمـر
|
لئن كان أفلاك مـن الدهـر صرفـه فإن لكم ذكرى سيفنـى بـه الدهـر
|
لدى ذكركم تحيـا المحامـد والعـلا وما مات من في ذكـره للعـلا ذكـر
|
فإن سترت تلـك القبـور جسومكـم فثـم خصـال ليـس يسترهـا قبـر
|
فثم التقى والجـود والحلـم والنقـى وصدق اللقا يوم الكريهـة والطهـر
|
مغاوير في الهيجا مصابيح في الدجى بكم في ليالي الكرب يستطلع الفجـر
|
تجودون بالأرواح إن ضـن غيركـم وما تستوي الأرواح في البذل والوفر
|
من المجد نلتـم غايـة بعـد غايـة يقودكـم عـزم ويدفعـكـم صـبـر
|
ونلتـم خصـالا لا يغـيـر أهلـهـا إذا حل عسر بينهـم أو أتـى يسـر
|
وثـم خصـال دونهـا فـي علوهـا وإشراقها في ليلنـا الأنجـم الزهـر
|
ولو رام شعر حصـر كـل خصالكـم لأحصر ثم الحصر وانقطـع الشعـر
|
لو أن امرءا أنجاه بر مـن الـردى لأنجاكـم مـمـا أصابـكـم الـبـر
|
ولكنهـا الآجـال إن حـان حينـهـا فما لامـريء بـر يقيـه ولا بحـر
|
شربتم بكـأس قـد سقيتـم بمثلهـا مرارا وما فـي ذاك عـار ولا نكـر
|
ففتكتكم في الكفـر لـم يـر مثلهـا وما فاق حتى الآن من هولها الكفـر
|
ولا زال مصعوقـا بـهـا مترنـحـا كأن بـه سكـرا وليـس بـه سكـر
|
من السكر ما تأتي به الخمـر غالبـا ومنه الذي يأتي به الذعر لا الخمـر
|
فلله عزم من أولـى العـزم صـادق ولله صبـر مـا رأى مثلـه الصبـر
|
ولله درب لـم تـرى البيـض مثلـه ولا سمعت عنـه الردينيـة السمـر
|
ولا فعلة فـي الكفـر كانـت كفعلـه ولا فتكـة فيـه عـوان ولا بـكـر
|
نطحتم بعـزم هامـة الكفـر نطحـة تهشم منها الرأس وانقصـم الظهـر
|
فخرت قلاع الكفـر لـلأرض بعدمـا تبخر منه الشطـر واشتعـل الشطـر
|
فقامت من الهـول الرهيـب قيامـة تحير في أوصافهـا الفكـر والشعـر
|
وأضحى حمى الأعداء للنـار مرتعـا وكان حمى حظرا وما نفـع الحظـر
|
ففـروا فـرارا يجمحـون كأنـهـم من الذعـر فئرانـا تملكهـا الذعـر
|
فأدركتم ثـأرا مـن الكفـر ضائعـا بثـأر كهـذا الثـأر فليـدرك الثـأر
|
فأنهلتم منـه الـردى ثـم فارتـوى وعل ولم يعجنه مـن علـه الصـدر
|
شفيتم صدورا ملؤهـا الغيـظ قبلكـم ألا بعد طول الغيظ قد شفـي الصـدر
|
وأيقظتـم التاريـخ بـعـد ثبـاتـه فقد نهضت حطين واستيقظـت بـدر
|
كتبتـم نشيـدا خـالـدا بصنيعـكـم تغنـي بـه الدنيـا وينشـده الدهـر
|
سنبقى كما كنا علـى العهـد بيننـا غزاة بنا يشقى وقـد شقـي الكفـر
|
نذلل سبـل المجـد بالبـذل والعطـا وبالصبر للاعـدا إذا جـزع الصبـر
|
عن الدرب ما حدنا على العهد لم نزل إلى أن يحين الحين أو يسعف النصر
|
إذا ما نزلنا ساحة الكفر في الوغـى تفشى هناك الموت وانتشـر الذعـر
|
فإن نحن نلنـا مـا نريـد ونبتغـي فذاك وإلا كـان فـي موتنـا عـذر
|
يذكرنيكـم كـل حــزن يصيبـنـي وكل سرور لـي بكـم عنـده ذكـر
|
ولا عجب إن الشجى يبعث الشجـى وكل سرور منـه فـي جنسـه ذكـر
|
إذا طلعـت شمـس النهـار ذكرتكـم وأذكركـم ذكـرا إذا طلـع الـبـدر
|
وإن جن جنـح الليـل جـدد ذكركـم وجـدده فجـري إذا طلـع الفـجـر
|
ففيكم ولـو سطـرت كـل قصائـدي لما بلغت في القدر ما أوجـب القـدر
|
يعـزي أخاكـم أنـه لاحـق بـكـم وإن مد في الآجال وانفسـح العمـر
|
|